الاتحاد الأوروبي والصين يسعيان لتخطي خلافاتهما الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية

بروكسل تطالب الرئيس الصيني بالضغط على بوتين ومنع وصول السلع مزدوجة الاستعمال إلى روسيا

الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والصيني شي جينبينغ مع زوجتيهما في «الإليزيه» الاثنين (إ.ب.أ)
الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والصيني شي جينبينغ مع زوجتيهما في «الإليزيه» الاثنين (إ.ب.أ)
TT

الاتحاد الأوروبي والصين يسعيان لتخطي خلافاتهما الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية

الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والصيني شي جينبينغ مع زوجتيهما في «الإليزيه» الاثنين (إ.ب.أ)
الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والصيني شي جينبينغ مع زوجتيهما في «الإليزيه» الاثنين (إ.ب.أ)

سارع الرئيس الصيني، شي جينبينغ، منذ أن حطّت طائرته في مطار أورلي الواقع جنوب العاصمة الفرنسية، إلى توجيه رسالة للدولة المضيفة شدد فيها على رغبته في توثيق العلاقات الصينية - الفرنسية التي عدّها «نموذجاً يحتذى به للمجتمع الدولي في التعايش السلمي والتعاون المثمر بين الدول ذات الأنظمة الاجتماعية المختلفة». وأكملت صحيفة «الشعب» الناطقة باسم الحزب الشيوعي الصيني رسالته، وفق ما نقلت عنها وكالة «الصحافة الفرنسية»، بتأكيدها أن الصين «ترغب في تعزيز التواصل والتنسيق مع الاتحاد الأوروبي وتكثيف التعاون وحل الخلافات من خلال الحوار».

ومنذ أول اجتماع استضافه قصر الإليزيه للرئيسين؛ الفرنسي إيمانويل ماكرون، والصيني، بمشاركة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، حرص الثلاثة على تأكيد الرغبة بالتعاون بين الاتحاد الأوروبي والصين، مع التركيز على الجوانب الإيجابية؛ ولكن من غير التغطية على الصعوبات التي تعترضهما؛ إن على المستوى السياسي - الاستراتيجي أو على المستوى الاقتصادي - التجاري.

الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والصيني شي جينبينغ في «الإليزيه» الاثنين (رويترز)

وفي مستهل الاجتماع الذي نقل مباشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لقصر الإليزيه، حرص الرئيس ماكرون على تأكيد جو «الصداقة والثقة» المخيم على المحادثات، بالنسبة «لأوجه التقارب بيننا، وأيضاً بالنسبة لمخاوفنا» السياسية أو الاقتصادية.

وقال ماكرون، إن الوضع الدولي «يتطلب أكثر من أي وقت مضى الحوار الصيني - الأوروبي بسبب الوضع الدولي»، خصوصاً أن العالم موجود اليوم «في نقطة تحول بتاريخنا، مما يعني أنه علينا أن نواجه الصعوبات الهيكلية ونتغلب عليها». ودعا ماكرون، الرئيس الصيني، إلى «التنسيق» بين الطرفين، الذي وصفه بـ«الحاسم بشكل مطلق»، بخصوص «الأزمات الكبرى» التي يواجهها العالم، وأولاها الحربان في أوكرانيا وغزة، عادّاً هذا التنسيق «سيكون حاسماً بشكل مطلق». وبخصوص الخلافات التجارية التي كانت الطبق الرئيسي في الاجتماع الثلاثي، فقد رسم الرئيس الفرنسي الطريق لحلها وعنوانها «العمل بقواعد منصفة بالنسبة للجميع».

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين تصافح الرئيس الصيني شي جينبينغ وبجانبهما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبيل محادثاتهم في «الإليزيه» الاثنين (د.ب.أ)

بيد أن وزير الاقتصاد والمال برونو لومير، نبه، بمناسبة مشاركته في اجتماع مجلس الأعمال الفرنسي - الصيني الذي التأم الاثنين، على هامش زيارة شي، إلى أن العلاقة الاقتصادية والتجارية الفرنسية - الصينية «غير متوازنة»، حيث إن باريس تعاني من عجز تجاري بلغ 46 مليار يورو لصالح الصين.

وأشاد ماكرون بالتقارب بين فرنسا والصين، «كما برز في السنوات الأخيرة، وهو قادر على التوصل إلى نتائج ملموسة للغاية». وعدد ما يريد بحثه بحيث يتناول «قضايا التجارة والوصول إلى الأسواق وشروط المنافسة العادلة والاستثمار والتنمية المتناغمة، وفي مرحلة ثانية، سنناقش أوكرانيا والشرق الأوسط، وهما أزمتان كبيرتان حيث التنسيق بيننا أمر بالغ الأهمية». وذهب في خلاصته إلى اعتبار أن «مستقبل قارتنا (الأوروبية) سيعتمد بشكل واضح جداً على قدرتنا على مواصلة تطوير العلاقات مع الصين بشكل متوازن، وهذه هي إرادتنا».

شي: تعزيز التنسيق الاستراتيجي مع أوروبا

كان من الطبيعي أن يرد شي جينبينغ التحية بأحسن منها، وأن يشيد بالتعاون بين بلاده وأوروبا التي تنظر إليها الصين «نظرة استراتيجية بعيدة المدى وكوجهة مهمة لدبلوماسيتنا». وقال: «يجب على الصين والاتحاد الأوروبي، وهما قوتان رئيسيتان في العالم، التمسك بشراكتهما ومواصلة الحوار والتعاون وتعميق التواصل الاستراتيجي وتعزيز الثقة الاستراتيجية المتبادلة وبناء التقارب الاستراتيجي وتطوير التنسيق الاستراتيجي، وذلك بهدف تعزيز التنمية المستقرة والصحية للعلاقات الصينية - الأوروبية وتقديم مزيد من المساهمة في السلام والتنمية بالعالم». وإذ رأى أن «عامنا ولج مرحلة جديدة من الاضطراب والتحول»، شدد مرة أخرى على ضرورة التحادث والحوار سبيلاً لارتقاء العلاقات بين الجانبين.

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الصيني شي جينبينغ خلال محادثاتهم في «الإليزيه» الاثنين (أ.ف.ب)

وكعادتها، لم تتوانَ فون دير لاين عن توجيه انتقادات حادة للصين. ففي مرحلة أولى من كلمتها، أكدت على إرادة الطرفين (الأوروبي والصيني) «إقامة علاقات جيدة»، وذلك بالنظر إلى «وزن الصين العالمي»، مضيفة أن الحوار «ضروري لضمان الاحترام المتبادل، ومنع سوء الفهم وإيجاد حلول مشتركة للتحديات العالمية». ونوهت المسؤولة الأوروبية بأن «للصين والاتحاد الأوروبي مصلحة مشتركة في تعزيز السلام والأمن ووجود نظام دولي قائم على القواعد ويعمل بشكل جيد».

وإذ أبدت دير لاين تخوفها من «الاضطراب الكبير في أوروبا والشرق الأوسط وشرق آسيا»، فإنها عبرت عن «تصميم أوروبا على وضع حد للحرب العدوانية الروسية ضد أوكرانيا ولإيجاد سلام عادل ودائم». وفي السياق الاقتصادي - التجاري، عدّت أيضاً أن الصين «مهمة بالنسبة للاتحاد الأوروبي لمواجهة التحديات العالمية الكبرى، مثل مكافحتنا المشتركة للتغير المناخي أو تصميمنا على حماية التنوع البيولوجي وتنفيذ حوكمة المحيطات».

ولم تتردد فون دير لاين، المتشددة إزاء الصين بالمسائل التجارية، في تحذير شي من «الاختلالات» التي تهدد العلاقات التجارية بين الطرفين؛ مثل «الطاقة الإنتاجية الزائدة التي تتحكم فيها الدولة والوصول غير العادل (للأوروبيين) إلى الأسواق...».

وخلاصة فون دير لاين أن أوروبا «لا يمكن أن تقبل مثل هذه الممارسات المشوهة للسوق التي يمكن أن تؤدي إلى إلغاء التصنيع في أوروبا، ولذا علينا العمل على التأكد من أن المنافسة عادلة وغير مشوهة». ويجد الأوروبيون أنفسهم «محشورين» بين حمائيتين: صينية وأميركية، ولذا عمدت المفوضية الأوروبية إلى إطلاق عدة تحقيقات حول المساعدات الكبيرة التي تقدمها بكين لصناعة السيارات الكهربائية التي تضر بنظيرتها الأوروبية.

الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والصيني شي جينبينغ يستعرضان حرس الشرف في باحة قصر «الإنفاليد» الاثنين (أ.ف.ب)

وبعد انتهاء الاجتماع، كررت فون دير لاين مخاوفها. لكنها بالمقابل، أكدت أن الاتحاد الأوروبي «لن يتردد في اتخاذ قرارات حازمة» لحماية اقتصاده وأمنه بالاستفادة من «أدوات الدفاع التجاري المتاحة لنا، إذا كان ذلك ضرورياً».

ويمكن فهم كلام المسؤولة الأوروبية بأن الرئيس الصيني لم يبدِ مرونة في التجاوب مع مطالب الأوروبيين، لا بل إن مصدراً أوروبياً وصف المحادثات بأنها «كانت متوترة في بعض مراحلها».

حرب أوكرانيا

وقالت فون دير لاين إن باريس وبروكسل تعولان على الصين «لاستخدام كل تأثيرها على روسيا» لوقف حرب أوكرانيا، منوهة بالدور المهم الذي أداه شي «للحد من التهديدات النووية غير المسؤولة لروسيا، وأنا واثقة من أنه سيواصل القيام بذلك».

وقالت المسؤولة الأوروبية إنها والرئيس ماكرون طلبا من الرئيس الصيني بذل «مزيد من الجهود للحد من تسليم السلع ذات الاستخدام المزدوج لروسيا»، وهي سلع يمكن استخدامها لأغراض مدنية وعسكرية «والتي ينتهي بها الأمر في ساحة المعركة» بأوكرانيا.

وتريد باريس تشجيع الصين على «استخدام الأوراق التي في حوزتها» للضغط على الرئيس الروسي والمساهمة في إيجاد مخارج لهذا النزاع. وتعد باريس أن الصين هي الجهة الوحيدة القادرة على التأثير على بوتين لحمله على إعادة النظر في حربه على أوكرانيا. بالمقابل، تؤكد بكين أنها «محايدة» وتسعى لحل سلمي طرحت خطته قبل أكثر من عام، وهو ما رفضه الغربيون وكذلك كييف. غير أن الكثيرين يشكون في قدرة ماكرون أو الأوروبيين على حمل شي على التخلي عن بوتين الذي من المرتقب أن يزور العاصمة الصينية قبيل نهاية الشهر الحالي.

وبعد ظهر أمس، كرمت فرنسا الرئيس الصيني باحتفال رسمي في باحة قصر «الإنفاليد»، حيث وصل إليه الرئيسان معاً، وقد عُزف نشيدا البلدين وحيّا الرئيسان الرسميين والدبلوماسيين الذين دعوا إلى الاحتفال. بعدها عاد ماكرون إلى قصر الإليزيه ليلحق به الرئيس الصيني مصحوباً بخيالة الحرس الجمهوري وبكوكبة من الدراجين. وفي قصر الإليزيه، بدأت سلسلة جديدة من الاجتماعات التي خصصت للعلاقات الثنائية وللمسائل الدولية بما فيها ملف الحرب في غزة وملف تايوان والمخاوف من التوسع الصيني في بحر الصين الجنوبي والمحيط الهادي والخلافات مع عدد من البلدان المشاطئة. كذلك كان من المنتظر أن يثير ماكرون 3 ملفات تزعج بكين؛ وهي ملف الإيغور المسلمين وملف التبت وملف هونغ كونغ وحقوق الإنسان.


مقالات ذات صلة

تقرير: الصين تستغل أبحاثاً ممولة أميركياً في التكنولوجيا النووية

الولايات المتحدة​ العلم الأميركي (أ.ف.ب)

تقرير: الصين تستغل أبحاثاً ممولة أميركياً في التكنولوجيا النووية

كشف تقرير صادر عن الكونغرس الأميركي استغلال الصين لشراكاتها مع باحثين أميركيين لتزويد الجيش الصيني بقدرات الوصول إلى تكنولوجيا نووية حساسة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم وزير الخارجية الصيني وانغ يي (رويترز - أرشيفية)

الصين تعرب عن دعمها لفنزويلا... وتعارض أساليب «الترهيب»

قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي، لنظيره الفنزويلي، الأربعاء، إن الصين تعارض أسلوب «الترهيب بشكل أحادي» وتدعم الدول في حماية سيادتها.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد عمال صينيون على جسر فوق نهر يارلونغ تسانغبو أثناء عملهم في مشروع سابق (رويترز)

الصين تبني أقوى نظام للطاقة الكهرومائية بالعالم... ومخاوف من مخاطره المحتملة

على بُعد مئات الأميال من سواحل الصين المكتظة بالسكان، من المتوقع أن يولّد نظامٌ للطاقة الكهرومائية تبلغ تكلفته 168 مليار دولار كهرباء أكثر من أي نظام بالعالم.

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا أطفال بمرحلة ما قبل المدرسة في بكين (بيكساباي)

الصين تقدِّم حوافز مالية لمواجهة انخفاض معدل المواليد

تستعد الصين لإطلاق سياسة شاملة لتغطية جميع نفقات الولادة التي يتحملها الفرد مباشرة. وتُعدُّ هذه الخطوة الأحدث ضمن سلسلة من الإجراءات لزيادة معدل المواليد.

«الشرق الأوسط» (بكين)
تحليل إخباري تشكيل بحري من سفن أميركية وأسترالية خلال مناورة في بحر الصين الجنوبي (أرشيفية - رويترز)

تحليل إخباري الصين في استراتيجية الأمن القومي الأميركية: استبعاد فوريّ وصراع مؤجّل

تضع الولايات المتحدة في رأس سلّم أولوياتها تقييد نفوذ الصين على مستوى العالم.

أنطوان الحاج

القمة الأوروبية أمام قرار حاسم بشأن استخدام الأصول الروسية لدعم أوكرانيا

أعلام الاتحاد الأوروبي خارج المقر الرئيسي في بروكسل (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي خارج المقر الرئيسي في بروكسل (رويترز)
TT

القمة الأوروبية أمام قرار حاسم بشأن استخدام الأصول الروسية لدعم أوكرانيا

أعلام الاتحاد الأوروبي خارج المقر الرئيسي في بروكسل (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي خارج المقر الرئيسي في بروكسل (رويترز)

أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن قادة الاتحاد الأوروبي لن يغادروا القمة التي تُعقد، الخميس، في بروكسل من دون التوصل إلى اتفاق في شأن تمويل أوكرانيا.

وقالت رئيسة السلطة التنفيذية الأوروبية في تصريح للإعلاميين: «علينا أن نجد حلاً اليوم»، لكنها أعربت عن دعم «تام للمطالب البلجيكية بأن تتشارك» كل دول الاتحاد «المخاطر المرتبطة بقرض إعادة الإعمار» الذي يقتضي تمويله استخدام الأصول الروسية المجمّدة.

ومن المتوقع أن تمتد المفاوضات لوقت إضافي، حيث من المرجح أن يبقى قادة الاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية حتى الجمعة.

مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس خلال جلسة لمجلس الشؤون الخارجية بالاتحاد في بروكسل الاثنين (رويترز)

واقترحت المفوضية الأوروبية استخدام أصول البنك المركزي الروسي المجمدة، والموجودة في معظمها في غرفة مقاصة بلجيكية، لتقديم قرض ضخم لكييف، إلا أن بلجيكا تشعر بقلق بالغ إزاء المخاطر القانونية والمالية، وعبرت دول أخرى، من بينها إيطاليا، عن قلقها أيضاً، وقالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إن «هذه قرارات معقدة ولا يمكن فرضها».

ووصف رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، الخميس، فكرة استخدام الاتحاد الأوروبي للأصول الروسية بأنها محكوم عليها بالفشل؛ لأن هناك أقلية مانعة تعارضها.

وقال أوربان للصحافيين لدى وصوله إلى القمة، إن تمويل أوكرانيا من قرض مشترك للتكتل غير مقبول بالنسبة للمجر.

«المال اليوم أو الدم غداً»

وقال رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك: «أمامنا الآن خيار بسيط؛ إما المال اليوم وإما الدماء غداً. ولا أتحدث هنا عن أوكرانيا فقط، بل عن أوروبا بأكملها... يتعين على جميع القادة الأوروبيين أن يرتقوا إلى مستوى هذا التحدي».

وأضاف: «هذا قرارنا لنتخذه، وهو قرارنا نحن فقط». ويتمثل نموذج التمويل الأكثر إثارة للجدل في إتاحة أصول الدولة الروسية المجمدة بموجب عقوبات الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا في شكل «قرض»، لن يتعين على كييف سداده إلا إذا قدمت روسيا تعويضات بعد الحرب. وقال توسك: «أعتقد أنه يتعين على جميع القادة الأوروبيين أن ينهضوا أخيراً لهذه المناسبة»"

رئيسة المفوضية مع المستشار الألماني في قمة الاتحاد (أ.ف.ب)

ويشارك الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي شخصياً في القمة، بعدما كان متوقعاً، في وقت سابق، أن يشارك عن طريق مكالمة فيديو، في خطوة تعكس مدى إلحاح الوضع من وجهة نظر كييف.

ونبّه زيلينسكي، الخميس، إلى أن كييف ستواجه «مشكلة كبيرة» في حال أخفق قادة الاتحاد الأوروبي في التوصل إلى اتفاق لتمويل المساعدات لأوكرانيا. وقال: «من دون ذلك (القرار)، ستكون لدى أوكرانيا مشكلة كبيرة».

وقال مسؤول أوكراني رفيع المستوى لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن الإدارة الأميركية تمارس ضغطاً على الدول الأوروبية لكي تُثنيها عن فكرة استخدام الأصول الروسية.

وأضاف أن زيلينسكي «سيتوجه إلى بروكسل لحض الدول الأوروبية على تبني قرار» استخدام تلك الأرصدة، علماً بأن هناك «سبع دول ما زالت لم تعلن دعمها لهذه الفكرة».

الرئيس الأوكراني خلال مؤتمر صحافي في بروكسل الخميس (أ.ف.ب)

وقال مسؤول أميركي، طالباً عدم كشف هويته، في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الأربعاء، إن الأوروبيين «يطلبون منا في الخفاء التدخل في هذه المسألة لأنهم لا يريدون أن يكونوا علناً ضدها». وأضاف: «إنهم يخشون الضرر الطويل الأمد الذي سيلحق بالاستثمارات الطويلة الأجل في نظامهم ومصداقية مؤسساتهم».

ونصّت نسخة سابقة من خطة ترمب لإنهاء الحرب على أن تستخدم واشنطن بعض الأصول الروسية المجمّدة في عملية تقودها الولايات المتحدة لإعادة إعمار أوكرانيا التي دمّرتها الحرب.

وقالت نائبة المتحدثة باسم البيت الأبيض آنا كيلي: «لدى الأوكرانيين والروس مواقف معلنة بوضوح بشأن الأصول المجمّدة، ودورنا الوحيد هو تسهيل الأخذ والرد الذي يمكن أن يفضي في نهاية المطاف إلى اتفاق».

رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان يتوقع فشل القمة (أ.ف.ب)

وتؤيّد غالبية واسعة من الدول السبع والعشرين الأعضاء في الاتحاد هذا الخيار، لكن بلجيكا تعارضه، خشية تعرضها لإجراءات انتقامية روسية، وتقول إنها لا تريد أن تكون الدولة الوحيدة التي تتحمّل العواقب في حال حدوث مشكلة.

وتخشى بلجيكا اتخاذ روسيا إجراءات انتقامية اقتصادية وقانونية في حقها؛ إذ إن مؤسسة «يوروكلير» المالية التي تتخذ من بروكسل مقراً لها، تملك إدارة الجزء الأكبر من أصول البنك المركزي الروسي المجمّدة في أوروبا.

وتواجه أوكرانيا في حال عدم اتخاذ القرار خطر نفاد الأموال بحلول الربع الأول من عام 2026. وتعهّد الأوروبيون تقديم الجزء الأكبر من الدعم المالي والعسكري لكييف خلال العامين المقبلين، بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب وقف دعم الولايات المتحدة.

رئيس وزراء بلجيكا مع نظيريه البولندي والدنماركي في بروكسل لحضور القمة (رويترز)

وبحسب دبلوماسي في بروكسل، يمكن تطبيق حل انتقالي في حال عدم التوصل إلى اتفاق؛ لأن «أوكرانيا لا تستطيع الانتظار». لكنّ لم يعرف أحد بعد ما سيكون عليه هذا الحل بالضبط، بحسب دبلوماسي آخر؛ لذا يُرجَّح أن تطول المفاوضات.

ويُبدي رئيس المجلس الأوروبي أنتونيو كوستا الذي سيرأس المحادثات، استعداده لتمديدها ما دام الأمر لازماً، لتجنّب فشل القمة. وهذا احتمال لا يرغب أحد في النظر فيه بعد انتقاد ترمب «لضعف» القادة الأوروبيين.

الرئيس الفرنسي ماكرون (إ.ب.أ)

روسيا تهدد وبلجيكا تطالب القفز بمظلة واحدة

وتحتفظ بلجيكا بنحو 185 مليار يورو من إجمالي 210 مليارات يورو من الأصول الروسية المجمدة.

وتخشى الحكومة البلجيكية بشكل خاص من أن تقوم موسكو بالانتقام من الأفراد والشركات الأوروبية الخاصة، على سبيل المثال من خلال مصادرة ممتلكاتهم في روسيا، وتطالب بضمانات وقائية.

ويتطلب إقرار القرض ما يسمى بـ«الأغلبية المؤهلة»، أي موافقة 15 دولة على الأقل من أصل 27 دولة عضواً في الاتحاد، تمثل 65 في المائة من الكتلة، ولكن من المستبعد أن ترغب دول الاتحاد الأخرى في تجاوز بلجيكا بالتصويت.

ويقول البنك المركزي الروسي إن خطط استخدام الاتحاد الأوروبي لأصوله غير قانونية، وإنه يحتفظ بحقه في استخدام جميع الوسائل المتاحة لحماية مصالحه.

ورفع البنك دعوى قضائية في موسكو، هذا الأسبوع، يطالب فيها بتعويض قدره 230 مليار دولار من شركة المقاصة «يوروكلير».

وهذا ما جعل مساعي المفوضية الأوروبية إلى استخدام الأصول الروسية لمساعدة أوكرانيا بواسطة ما يُعرف بـ«قرض تعويضات»، تصطدم منذ أسابيع بمعارضة بلجيكا.

وقال قادة الاتحاد الأوروبي إن من الضروري أن يتوصلوا إلى حل. وهم حريصون أيضاً على إظهار قوة الدول الأوروبية وعزيمتها بعد أن وصفها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأسبوع الماضي، «بالضعف».

وشدّد رئيس الوزراء البلجيكي بارت دي ويفر مجدداً، الخميس، على أن بروكسل لا يمكن أن تتحمل «وحدها» مخاطر استخدام الأصول الروسية المجمدة على أراضيها.

وقال: «نحتاج إلى مظلة قبل أن نقفز. إذا قفزنا، نقفز جميعاً معاً»، مطالباً بضمانات من كل الدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي لتقاسم المخاطر في حال حصول مشكلات.

وأشار بارت دي ويفر، الخميس، إلى أن «بلجيكا تواصل المطالبة بأن يتولى الاتحاد الأوروبي، لا بلجيكا وحدها، المسؤولية المالية الكاملة عن مجمل المخاطر التي لا تزال مجهولة إلى اليوم».

جورجيا ميلوني في القمة (رويترز)

وأدلى دي ويفر بتصريحاته في البرلمان الفيدرالي البلجيكي، كما نقلت عنه كالة الأنباء البلجيكية (بيلجا)، قبل أن يتوجه إلى القمة. وأضاف دي ويفر: «إذا شئت أن أكون واضحاً، لم أرَ حتى الآن نصاً يمكن أن يرضيني ويجعل بلجيكا تعطي موافقتها». وتابع قائلاً: «آمل أن أراه اليوم ربما، لكنني لم أره بعد».

وينظر الاتحاد الأوروبي إلى حرب روسيا على أنها تهديد لأمنه، ويريد إبقاء أوكرانيا ممولة وقادرة على القتال. وقالت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي: «لا يمكننا تحمل الفشل. علينا أن نظهر أننا أقوياء»، مضيفة أن القادة سيواصلون مباحثاتهم في بروكسل قدر ما يتطلبه إيجاد حل.

وذكر المستشار الألماني فريدريش ميرتس أن هناك سبيلاً للمضي قدماً والتوصل إلى اتفاق لتمويل احتياجات أوكرانيا، مضيفاً: «انطباعي هو أنه يمكننا التوصل إلى اتفاق. أتفهم مخاوف بعض الدول الأعضاء، وخاصة الحكومة البلجيكية، لكنني آمل أن نتمكن من معالجتها معاً».


لوكاشنكو: صاروخ «أوريشنيك» الروسي القادر على حمل رؤوس نووية نُشر في بيلاروسيا

الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو خلال اجتماع مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في الكرملين بموسكو يوم 26 سبتمبر 2025 (رويترز)
الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو خلال اجتماع مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في الكرملين بموسكو يوم 26 سبتمبر 2025 (رويترز)
TT

لوكاشنكو: صاروخ «أوريشنيك» الروسي القادر على حمل رؤوس نووية نُشر في بيلاروسيا

الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو خلال اجتماع مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في الكرملين بموسكو يوم 26 سبتمبر 2025 (رويترز)
الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو خلال اجتماع مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في الكرملين بموسكو يوم 26 سبتمبر 2025 (رويترز)

أعلن الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو في مؤتمره الصحافي السنوي، الخميس، أن صاروخ أوريشنيك الروسي الفرط صوتي، القادر على حمل رؤوس نووية، نُشر في بيلاروسيا منذ الأربعاء.

وقال لوكاشنكو إن «أوريشنيك موجود في بيلاروسيا منذ أمس» الأربعاء، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وفي أغسطس (آب)، أعلن نظيره الروسي فلاديمير بوتين أن موسكو بدأت بإنتاج هذا الصاروخ من الجيل الأحدث وذي القدرة النووية، لافتاً إلى أن موسكو قد تنشره في بيلاروسيا عام 2025.


زيلينسكي: أوكرانيا بحاجة إلى قرار بشأن استخدام الأصول الروسية قبل نهاية السنة

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)
TT

زيلينسكي: أوكرانيا بحاجة إلى قرار بشأن استخدام الأصول الروسية قبل نهاية السنة

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الخميس، إن بلده بحاجة إلى قرار أوروبي بشأن استخدام الأصول الروسية المجمَّدة قبل نهاية العام، وذلك خلال مؤتمر صحافي في بروكسل على هامش قمّة لقادة الاتحاد الأوروبي في هذا الخصوص.

وصرّح زيلينسكي: «أُبلغ شركاؤنا بضرورة اتخاذ القرار بحلول نهاية العام». وهو كان قد عدَّ سابقاً أن كييف ستواجه «مشكلات كبيرة» إذا ما تعذّر على القادة الأوروبيين التوصُّل إلى اتفاق حول استخدام هذه الأصول لتمويل أوكرانيا. وفي حال عدم التوصُّل إلى اتفاق، ستفتقر كييف إلى السيولة اعتباراً من الرُّبع الأول من 2026.

وسيقرر قادة الاتحاد الأوروبي ما إذا كانوا سيستخدمون الأصول الروسية المجمَّدة لإقراض مليارات اليوروات لأوكرانيا للحفاظ على استمرار مجهودها الحربي، وذلك في قمة تُعقد، اليوم (الخميس) وتمثل اختباراً حاسماً لقوة التكتل.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي محاطاً بقادة أوروبيين ومفاوضين أميركيين في برلين يوم 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)

وينظر الاتحاد الأوروبي إلى حرب روسيا على أنها تهديد لأمنه، ويريد إبقاء أوكرانيا مموَّلةً وقادرةً على القتال. وقالت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي: «لا يمكننا تحمل الفشل. علينا أن نظهر أننا أقوياء»، مضيفة أن القادة سيواصلون محادثاتهم في بروكسل حتى إيجاد حل.

المال اليوم... أو الدم غداً

واقترحت المفوضية الأوروبية استخدام أصول البنك المركزي الروسي المجمَّدة، والموجود معظمها في غرفة مقاصة بلجيكية، لتقديم قرض ضخم لكييف. إلا أن بلجيكا تشعر بقلق بالغ إزاء المخاطر القانونية والمالية. وعبَّرت دول أخرى من بينها إيطاليا، عن قلقها أيضاً. وقال قادة الاتحاد الأوروبي لدى وصولهم إلى القمة إن من الضروري أن يتوصَّلوا إلى حل. وهم حريصون أيضاً على إظهار قوة الدول الأوروبية وعزيمتها بعد أن وصفها الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأسبوع الماضي «بالضعف». وذكر رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك: «أمامنا الآن خيار بسيط، إما المال اليوم أو الدماء غداً. ولا أتحدث هنا عن أوكرانيا فقط، بل عن أوروبا بأكملها... يتعين على جميع القادة الأوروبيين أن يرتقوا إلى مستوى هذا التحدي». وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أنها لن تغادر القمة دون الاتفاق على كيفية تمويل أوكرانيا خلال العامين المقبلين. ومن المقرر أن يشارك الرئيس الأوكراني شخصياً في القمة بعدما كان متوقعاً في وقت سابق أن يشارك عن طريق مكالمة فيديو، في خطوة تعكس مدى إلحاح الوضع من وجهة نظر كييف. ويقول البنك المركزي الروسي إن خطط استخدام الاتحاد الأوروبي لأصوله غير قانونية، وإنه يحتفظ بحقه في استخدام جميع الوسائل المتاحة لحماية مصالحه. ورفع البنك دعوى قضائية في موسكو، هذا الأسبوع، يطالب فيها بتعويض قدره 230 مليار دولار من شركة المقاصة «يوروكلير».