الجمهوريون يخففون من توقعات «موجة حمراء» في انتخابات الكونغرس

رهان من الحزبين على الولايات المتأرجحة... والديمقراطيون يدفعون بقضية «الإجهاض»

رئيس مجلس النواب (يمين) وزعيم الأقلية الديمقراطية حكيم جيفريز في 25 أكتوبر (أ.ب)
رئيس مجلس النواب (يمين) وزعيم الأقلية الديمقراطية حكيم جيفريز في 25 أكتوبر (أ.ب)
TT

الجمهوريون يخففون من توقعات «موجة حمراء» في انتخابات الكونغرس

رئيس مجلس النواب (يمين) وزعيم الأقلية الديمقراطية حكيم جيفريز في 25 أكتوبر (أ.ب)
رئيس مجلس النواب (يمين) وزعيم الأقلية الديمقراطية حكيم جيفريز في 25 أكتوبر (أ.ب)

يستحوذ سباق الرئاسة الأميركية على اهتمام الناخبين والرأي العام الأميركي والدولي. غير أن انتخابات الكونغرس بمجلسيه، الشيوخ والنواب، التي ستجري في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، تحمل هي الأخرى تداعيات كبيرة على أجندة واشنطن السياسية والاقتصادية. فالدور الذي يلعبه الكونغرس، وخصوصاً مجلس الشيوخ الذي يُعدّ جزءاً من السلطة التنفيذية، قد يكون حاسماً في حسم مصير كثير من السياسات التي يرغب شاغل البيت الأبيض في تنفيذها. في حين أن مجلس النواب، كهيئة تشريعية، يستطيع تعطيل أو إلغاء كثير من السياسات ومشاريع القوانين، كما جرى أخيراً عبر عرقلة حزمة المساعدات الطارئة التي طلبها البيت الأبيض لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان، لأكثر من 8 أشهر.

فرصة للجمهوريين

وفيما يستعد الناخبون للتصويت على تجديد كل مقاعد مجلس النواب، التي تجري كل سنتين، سيصوتون أيضاً على تجديد ثلث أعضاء مجلس الشيوخ، غالبيتهم من الديمقراطيين. وتُعدّ انتخابات مجلس الشيوخ هذا العام فرصة كبيرة لم تتح للجمهوريين منذ 10 سنوات، لاستعادة سيطرتهم عليه، قبل حلول انتخابات 2026 التي سيكون التنافس فيها متوازناً بين الحزبين، على 10 مقاعد فقط.

ويحتاج الجمهوريون إلى قلب نتائج ولايتين فقط للسيطرة على مجلس الشيوخ، حيث يشغلون الآن 49 مقعداً مقابل 51 للديمقراطيين. غير أن المتاح أمامهم هو 6 ولايات على الأقل. هي نيفادا، وأريزونا، وويسكونسن، وبنسلفانيا، وميشيغان، وماريلاند، فضلاً عن ولايتين «حمراوين» اخترقهما الديمقراطيون سابقاً: ويست فيرجينيا، ومونتانا.

رئيس مجلس النواب وزعيما الأقلية في مجلسي الشيوخ والنواب خلال مناسبة بالكابيتول في 29 أبريل (أ.ف.ب)

ورغم ذلك، يُحاذر الجمهوريون من المبالغة في التقدير بإمكانية حصول «موجة حمراء»، بعد خيبة الأمل التي أصيبوا بها في انتخابات 2020 و2022 على التوالي، حين فشل غالبية المرشحين الجمهوريين الذين دعمهم رئيس الحزب، دونالد ترمب، في الفوز. وبدلاً من الفوز بـ55 مقعداً، كما توقع السيناتور الجمهوري ريك سكوت، الرئيس السابق لحملة الحزب في مجلس الشيوخ، أسفرت الانتخابات عن فوز الديمقراطيين بـ51 مقعداً. ومع استمرار الخلاف والتباينات بين الجمهوريين على القضايا نفسها التي سبّبت خسارتهم، معطوفة على النتائج «الصادمة» التي أظهرتها انتخابات جزئية واستفتاءات في ولايات «حمراء» على قضية الإجهاض، توقع زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، السيناتور ميتش ماكونيل، الذي قرّر التقاعد، عدم حصول هذه الموجة الحمراء في انتخابات هذا العام.

وفي مقابلة صحافية، أوضح ماكونيل أنّه يركز بشكل أساسي على 4 ولايات في الوقت الحالي، في تخفيف لتوقعات بعض الجمهوريين الطموحين. وقال إنه «من المهم ألا تكون متحمّساً للغاية، لأنه من الجدير بالذكر أنه في الدورة الأخيرة، لم يخسر أي شاغل للمنصب (في إشارة إلى أعضاء مجلس الشيوخ، الذين لم يدعمهم ترمب). إذا ما هي الرسالة؟»، وردّ قائلاً: «إنها جودة المرشح»، متوقعاً فوز حزبه بـ51 مقعداً.

مهمة صعبة للحزبين

ورغم ذلك، لا تبدو هذه المهمة سهلة، حيث إن شاغلي المقاعد من الديمقراطيين في هذه الولايات يتمتعون بأفضلية وبثبات توقعات استطلاعات الرأي، التي تتجاوز بفارق كبير نسبة تأييد الرئيس الديمقراطي جو بايدن نفسه. كما أن المرشّحين الجمهوريين للتنافس على هذه المقاعد، غالبيتهم من الوجوه الجديدة، ولم يشغلوا أي مناصب منتخبة، من أمثال بيرني مورينو في ولاية أوهايو، وتيم شيهي في مونتانا، وديف ماكورميك في بنسلفانيا، وإريك هوفد في ويسكنسن. فضلاً عن أن الجمهوريين، كاري ليك من أريزونا، وسام براون من نيفادا، المرشّحين هذا العام أيضاً، كانا قد خسرا في عام 2022.

تشاك شومر زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ في الكابيتول في الأول من مايو (أ.ف.ب)

في المقابل، يرى الديمقراطيون أن فرصهم في الاحتفاظ بالأغلبية في مجلس الشيوخ لا تزال كبيرة، بالاستناد إلى أرقام الاستطلاعات لمرشحيهم، بما فيها في الولايات «الحمراء»، ورهانهم على تحسّن أرقام الرئيس بايدن من الآن حتى موعد الانتخابات. وفيما يحاول الجمهوريون التركيز على ساحات المنافسة المعتادة في مجلس الشيوخ، فإن كلا الحزبين يسعيان إلى تأمين الفوز في ولايات يعتقدون أن تغييراً قد طرأ على مزاج ناخبيها في السنوات الأخيرة.

يركّز الحزب الجمهوري على ولاية ماريلاند، التي لم تنتخب جمهورياً في مجلس الشيوخ منذ عام 1980، في حين يتطلع الديمقراطيون إلى ولاية تكساس التي لم يفوزوا بها منذ عام 1988. وفيما يقول السيناتور الديمقراطي شومر إن الفوز في تكساس ممكن، أو على الأقل كما يراهن بعضهم، يعترف ماكونيل بأن الولاية لم تعد «حمراء» كما كانت في السابق، لكنه لا يزال يعتقد بصعوبة خسارة كروز وريك سكوت مقعديهما.

رهان على قضية الإجهاض

يراهن الديمقراطيون على الاستفادة من تراجع حقوق الإجهاض في عشرات الولايات، لإقناع الجمهوريين المعتدلين بالتصويت لصالحهم، فضلاً عن تشجيع الإقبال وسط الديمقراطيين المترددين في دعم بايدن. ونجح الديمقراطيون في طرح هذه القضية على الاستفتاء في كثير من الولايات، على بطاقة السباق الرئاسي والكونغرس.

يراهن الديمقراطيون على قضية الإجهاض في الانتخابات التشريعية (أ.ب)

وقالت رئيسة لجنة الحملة التشريعية الديمقراطية، هيذر ويليامز: «نحن بحاجة إلى الفوز على المستوى الفيدرالي، وفي الولايات، والفوز بإجراءات الاقتراع هذه، لبناء السلطة في مجالس الولايات، لأن هذه هي الطريقة التي يمكننا بها الردّ على أجندة الجمهوريين الضارة».

ونجح الديمقراطيون في ولايات مثل فلوريدا وميسوري، حيث يسيطر الجمهوريون على مناصب الحكام والمجالس التشريعية للولاية، في فرض الاستفتاء على الحق في الإجهاض، قائلين إنه قد يكون «أفضل حلّ قصير المدى لحماية الحقوق».


مقالات ذات صلة

الانتخابات الأميركية: تنافُس حزبي شرس لانتزاع الأغلبية في الكونغرس

الولايات المتحدة​ يشهد سباق انتخابات الكونغرس تنافساً حادّاً وسط مساعٍ جمهورية لانتزاع الأغلبية في «الشيوخ» (أ.ب) play-circle 07:37

الانتخابات الأميركية: تنافُس حزبي شرس لانتزاع الأغلبية في الكونغرس

يراهن الجمهوريون على 7 ولايات لانتزاع الأغلبية التشريعية في مجلسي الشيوخ والنواب.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مناصرون لترمب يتظاهرون في فلوريدا في 2 يونيو 2024 (أ.ف.ب)

أميركا: تنافس شرس على تسخير «منصات التواصل» في الحملات الانتخابية

يتزايد نفوذ وسائل التواصل الاجتماعي ويتصاعد تأثيرها في الانتخابات الأميركية، وسط تنافس شرس بين المرشحين الديمقراطي والجمهوري لاستمالة عقول الناخبين وقلوبهم.

رنا أبتر (واشنطن)
يوميات الشرق أكثر من مجرّد كتب (أ.ف.ب)

مكتبة الكونغرس الأكبر في العالم تكشف بعض كنوزها (صور)

تحتوي مكتبة الكونغرس الأميركية، وهي الأكبر في العالم، على ما هو أكثر من مجرّد كتب، إذ تضمّ ملايين القطع المتنوّعة البالغة الأهمية برمزيّتها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب في حدث انتخابي بولاية نيفادا 9 يونيو 2024 (أ.ف.ب)

ترمب في واشنطن للقاء الجمهوريين

لأول مرة منذ إدانته في نيويورك، يلتقي ترمب الجمهوريين في الكونغرس في اجتماع مغلق يوم الخميس بواشنطن.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ يسعى الجمهوريون لتوجيه اتهامات ضد وزير العدل بازدراء الكونغرس (أ.ف.ب)

«النواب الأميركي» لاتهام وزير العدل بـ«ازدراء» الكونغرس

يتأهب البيت الأبيض لمواجهة جديدة مرتقبة بينه وبين الكونغرس؛ إذ يستعد الجمهوريون لتوجيه اتهامات لوزير العدل بازدراء الكونغرس بعد رفضه تسليم تسجيلات صوتية لبايدن.

رنا أبتر (واشنطن)

بايدن يحض في رسالة بمناسبة عيد الأضحى على وقف النار في غزة

الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)
TT

بايدن يحض في رسالة بمناسبة عيد الأضحى على وقف النار في غزة

الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

استغل الرئيس الأميركي جو بايدن رسالته للمسلمين بمناسبة عيد الأضحى للحض على تبني اتفاق لوقف إطلاق النار تدعمه الولايات المتحدة في غزة، قائلاً (الأحد) إنه يمثل أفضل وسيلة لمساعدة المدنيين الذين يعانون «أهوال الحرب بين (حركة) حماس وإسرائيل».

وقال بايدن في بيان نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، «قُتل عدد كبير جداً من الأبرياء، بما في ذلك آلاف الأطفال. عائلات فرت من منازلها وشهدت مجتمعاتها تُدمَّر. انهم يعانون آلاماً هائلة».

وأضاف «أعتقد بقوة أن مقترح وقف إطلاق النار على ثلاث مراحل الذي قدمته إسرائيل لحماس وأقره مجلس الأمن الدولي هو أفضل وسيلة لإنهاء العنف في غزة وبالتالي إنهاء الحرب».

وتضغط الولايات المتحدة على إسرائيل و«حماس» للقبول رسمياً باتفاق وقف إطلاق النار الذي حصل على ضوء أخضر من أعضاء مجلس الأمن الأسبوع الماضي، ما قد يسمح بوقف مبدئي للقتال لمدة ستة أسابيع.

وشهد عيد الأضحى يوماً نادراً من الهدوء النسبي في قطاع غزة بعد أن أعلنت إسرائيل «وقفاً تكتيكياً» للقتال بالقرب من رفح لتسهيل توصيل المساعدات.

وسلّط الرئيس الأميركي الضوء على الجهود الأميركية «للدفاع عن حقوق مجتمعات إسلامية أخرى» تواجه الاضطهاد، بما في ذلك الروهينغا في بورما والأويغور في الصين.

وقال «إننا نعمل أيضاً على التوصل إلى حل سلمي للنزاع المروع في السودان» الذي يشهد حرباً بين جيش البلاد وقوات التدخل السريع منذ أبريل (نيسان) 2023.

على الجبهة الداخلية، تعهد بايدن في رسالته (الأحد) قمع الإسلاموفوبيا، في نداء مباشر إلى المسلمين الأميركيين، خصوصاً أنهم يشكلون حالياً ثقلاً في سعي بايدن لإعادة انتخابه في وجه منافسه الجمهوري دونالد ترمب.

وقال بايدن إن «إدارتي تعمل على وضع استراتيجية وطنية لمواجهة الإسلاموفوبيا وأشكال التحيز والتمييز المرتبطة بها، والتي لا تؤثر في المسلمين فحسب، بل أيضاً في الأميركيين العرب والسيخ وجنوب آسيا».