قيادات ديمقراطية تسحب اعتراضاتها على صفقة أسلحة لإسرائيل

طائرات «إف - 15» ضمن صفقة جديدة بقيمة 18 مليار دولار

وافقت القيادات الديمقراطية على المضي قدماً بصفقة الأسلحة لإسرائيل (رويترز)
وافقت القيادات الديمقراطية على المضي قدماً بصفقة الأسلحة لإسرائيل (رويترز)
TT

قيادات ديمقراطية تسحب اعتراضاتها على صفقة أسلحة لإسرائيل

وافقت القيادات الديمقراطية على المضي قدماً بصفقة الأسلحة لإسرائيل (رويترز)
وافقت القيادات الديمقراطية على المضي قدماً بصفقة الأسلحة لإسرائيل (رويترز)

بعد موجة من الاعتراضات التشريعية على تسليح إسرائيل جرّاء ممارساتها في حرب غزة، يبدو أن غضب المشرعين الأميركيين بدأ يتلاشى تدريجياً مع موافقة القيادات الديمقراطية مبدئياً على صفقة أسلحة جديدة لتل أبيب.

ففي معرض تشاور الإدارة الأميركية مع قيادات لجنتي العلاقات الخارجية في مجلسي الشيوخ والنواب منذ شهرين تقريباً لإبلاغهم بصفقة أسلحة جديدة لإسرائيل بقيمة 18 مليار دولار، أعرب كل من رئيس اللجنة في مجلس الشيوخ بنجامين كاردن، وكبير الديمقراطيين في اللجنة بمجلس النواب غريغوري ميكس، عن تحفظاتهما على الموافقة على الصفقة بسبب قلقهما من ممارسات إسرائيل وسقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين في الصراع، الأمر الذي أدى إلى تجميد مسار البيت الأبيض في إبلاغ الكونغرس رسمياً بالصفقة بحسب متطلبات القانون الأميركي.

لكن كاردن وميكس تراجعا مؤخراً عن اعتراضاتهما ووافقا على المضي قدماً بالصفقة، بحسب ما أفادت صحيفة «واشنطن بوست» التي نقلت عن المشرعين البارزين تأكيدهما أنهما حصلا على ضمانات كافية من الإدارة بشأن الصفقة المذكورة، التي تشمل 50 مقاتلة «إف - 15» وصواريخ «جو - جو» وغيرها من أسلحة تصل قيمتها إلى 18 مليار دولار.

طائرة «إف - 15» إسرائيلية تحلّق قرب قطاع غزة في 13 يونيو الحالي (إ.ب.أ)

وأكد مصدر في الكونغرس لـ«الشرق الأوسط»، أن القيادات الديمقراطية في لجنتي العلاقات الخارجية سحبت بالفعل اعتراضاتها على صفقة الأسلحة لإسرائيل.

وقال اريك هاريس، المتحدث باسم رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور بنجامين كاردن، لـ «الشرق الأوسط» إن «هذه الصفقة خضعت لمسار المراجعة الطبيعي»، مضيفاً: «أي تحفظات من قبل السيناتور كاردن تم التطرق إليها من خلال مشاورات مستمرة مع الإدارة. ولهذا شعرنا أنه من المناسب السماح لهذه الصفقة بالمضي قدماً».

وكان النائب ميكس قال لـ«واشنطن بوست»، إنه على تواصل مستمر مع البيت الأبيض بشأن الصفقة، مشيراً إلى أنه دعا إدارة الرئيس بايدن إلى الاستمرار بدفع إسرائيل لاتخاذ خطوات ملموسة وواضحة لتسليم المساعدات الإنسانية والحد من الضحايا المدنيين. كما أشار إلى أنه سيتم تسليم المقاتلات «بعد أعوام من الآن»، مؤكداً دعمه لحق إسرائيل بالدفاع عن نفسها من التهديدات الناجمة عن إيران و«حزب الله».

إلى ذلك، أكد مكتب السيناتور كاردن أن مسار الصفقة هو المسار التقليدي المعتمد في الكونغرس فيما يتعلق بصفقات الأسلحة، والذي يشمل إبلاغاً أولياً من الإدارة لقيادات الكونغرس ورؤساء اللجان المختصة كلجنة العلاقات الخارجية، للحصول على موافقتهم قبل إبلاغ الكونغرس بمجلسيه رسمياً.

وبعد هذه الموافقة التي سبق وأن وقعت عليها القيادات الجمهورية الداعمة لإسرائيل، على الإدارة إبلاغ الكونغرس رسمياً بنيتها المضي قدماً بها، وسيكون أمام المشرعين فترة 15 يوماً للاعتراض عليها من خلال طرحها على التصويت في المجلسين، وفي حال لم تواجه أي اعتراضات تُذكر، يتم إقرارها من دون التصويت عليها.

متظاهرون داعمون لفلسطين أمام الكونغرس في 18 مايو 2024 (أ.ف.ب)

صفقات ضخمة

وفي حال الموافقة عليها، ستكون هذه صفقة الأسلحة الأكبر التي تقدمها أميركا لإسرائيل منذ بداية الحرب، وسوف يسلط إقرارها الضوء على الدعم الكبير لتل أبيب في الكونغرس، رغم وجود اعتراضات متفرقة على ممارستها من قبل التقدميين في الحزب الديمقراطي، والتي انعكست على رأي الناخبين الشباب والأميركيين من أصول عربية والمسلمين في بعض الولايات.

وتتمتع إسرائيل بدعم تاريخي واسع النطاق من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الكونغرس، الذي خصص مبلغاً يتراوح بين 3 مليارات و4 مليارات دولار سنوياً لإسرائيل منذ عام 1970 ضمن المخصصات المالية العسكرية التي يقرها المجلس التشريعي، ليصل المبلغ إلى ذروته في أبريل (نيسان) مع إقرار مبلغ 15 مليار في إطار الدعم الأميركي لإسرائيل في حرب غزة، وهو مبلغ، بحسب مجلس العلاقات الخارجية، يتخطى أي تمويل فردي لتل أبيب منذ 50 عاماً.

وتتصدر تل أبيب لائحة المساعدات الخارجية الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية، فبحسب أرقام لمجلس العلاقات الخارجية، حصلت إسرائيل على أكثر من 300 مليار دولار من الولايات المتحدة منذ عام 1946، منها أكثر من 220 مليار دولار من المساعدات العسكرية، يسددها دافع الضرائب الأميركي.

نتنياهو يتحدث أمام الكونغرس في 3 مارس 2015 (أ.ف.ب)

مجموعات ضغط نشيطة

ويعود أحد أسباب هذا الدعم إلى النفوذ القوي الذي يتمتع به اللوبي الإسرائيلي (ايباك) ومجموعات أخرى داعمة لإسرائيل في واشنطن، وتصرف هذه المجموعات ملايين الدولارات في هذا الموسم الانتخابي لضمان خسارة الديمقراطيين الذين لا يدعمون إسرائيل بالشكل الكافي.

لكن هذه المجموعات ليست الوحيدة في مساعيها للضغط على أعضاء الكونغرس للموافقة على المساعدات وصفقات الأسلحة لتل أبيب، إذ ظهرت مؤخراً مجموعة بارزة من رجال الأعمال في مجالات الدفاع والتكنولوجيا تدفع باتجاه دعم صفقات الأسلحة المذكورة.

وقد عقد هؤلاء، وأغلبيتهم من المانحين الكبار للحزب الجمهوري، اجتماعاً مغلقاً يوم الثلاثاء، بأعضاء مجلس الشيوخ بعنوان «تعزيز الشراكة في دعم أمن إسرائيل والسلام والاستقرار الإقليميين»، وقد استضاف الاجتماع السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، والديمقراطي كوري بوكر.

يأتي هذا بينما ينتظر المشرعون خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المرتقب أمام الكونغرس في 25 الشهر المقبل، وبينما أعلن عدد من الديمقراطيين عن نيتهم عدم حضور الخطاب احتجاجاً على سياسات نتنياهو، يستعد البعض الآخر المعارض إلى الحضور بهدف مقاطعة رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال إلقائه للخطاب، الأمر الذي من شأنه أن يثير البلبلة في المجلس التشريعي ويسلط الضوء على الانقسامات الديمقراطية في هذا الملف.


مقالات ذات صلة

قبة أميركا الذهبية... مشروع طموح يواجه تحديات سياسية ومادية

الولايات المتحدة​ ترمب لدى الإعلان عن مشروع القبة الذهبية في 20 مايو 2025 (رويترز)

قبة أميركا الذهبية... مشروع طموح يواجه تحديات سياسية ومادية

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن نظام دفاع جوي متقدّم، قادر على صدّ الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والصواريخ الأسرع من الصوت والمسيرات.

رنا أبتر (واشنطن)
الاقتصاد امرأة تسير بالقرب من مبنى «الكابيتول»... (رويترز)

ماذا يعني مشروع «القانون الكبير والجميل» للاقتصاد الأميركي؟

ما أبرز بنود مشروع «القانون الكبير والجميل» الذي أقره مجلس النواب الأميركي يوم الخميس، وكيف يمكن أن يؤثر في الاقتصاد الأميركي؟

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتفاعل في أثناء الإدلاء بشهادته في جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ في مبنى الكابيتول بالعاصمة واشنطن 20 مايو 2025 (رويترز)

روبيو يواجه أسئلة صعبة بشأن سياسات ترمب في الكونغرس الأميركي

يواجه وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أسئلة صعبة بشأن سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال أول جلسة استماع له في الكونغرس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (رويترز)

روبيو يدعو مجلس الشيوخ الأميركي إلى إلغاء «قانون قيصر»

دعا وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الكونغرس إلى إلغاء «قانون قيصر» الذي يفرض عقوبات صارمة على سوريا.

إيلي يوسف (واشنطن)
خاص رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جيم ريش

خاص السيناتور الأميركي جيم ريش لـ«الشرق الأوسط»: على اللبنانيين التخلص من «حزب الله» نهائياً

دعا رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جيم ريش اللبنانيين عبر «الشرق الأوسط» إلى «إضعاف قبضة (حزب الله)»، والعمل على «التخلص منه».

علي بردى (واشنطن)

«البراغي الصغيرة»... واحدة من عقبات كثيرة تعترض تصنيع «آيفون» في أميركا

فني إصلاح يربط برغي صغير في جوّال (بيكسلز)
فني إصلاح يربط برغي صغير في جوّال (بيكسلز)
TT

«البراغي الصغيرة»... واحدة من عقبات كثيرة تعترض تصنيع «آيفون» في أميركا

فني إصلاح يربط برغي صغير في جوّال (بيكسلز)
فني إصلاح يربط برغي صغير في جوّال (بيكسلز)

قال خبراء إن مسعى الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتصنيع هواتف «آيفون» التي تنتجها شركة «أبل» داخل الولايات المتحدة يواجه الكثير من التحديات القانونية والاقتصادية، أقلها تثبيت «البراغي الصغيرة» بطرق آلية.

كان ترمب هدد، يوم الجمعة، بفرض رسوم جمركية تبلغ 25 في المائة على «أبل» في حال بيعها هواتف «آيفون» مصنعة في الخارج داخل الولايات المتحدة، وذلك في إطار سعي إدارته لدعم سوق العمل، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقال ترمب، للصحافيين، يوم الجمعة، إن الرسوم الجمركية البالغة 25 في المائة ستطبق أيضاً على شركة «سامسونغ» وغيرها من صانعي الهواتف الذكية. ويتوقع أن تدخل الرسوم حيز التنفيذ في نهاية يونيو (حزيران).

وأوضح ترمب أنه «لن يكون من العدل» عدم تطبيق الرسوم على جميع الهواتف الذكية المستوردة.

وأضاف قائلاً: «كان لديَّ تفاهم مع الرئيس التنفيذي لشركة (أبل)، تيم (كوك)، بأنه لن يفعل ذلك. قال إنه سيذهب إلى الهند لبناء مصانع. قلت له لا بأس أن يذهب إلى الهند، لكنك لن تبيع هنا من دون رسوم جمركية».

كان وزير التجارة الأميركي، هوارد لوتنيك، قد قال لشبكة «سي بي إس»، الشهر الماضي، إن عمل «الملايين والملايين من البشر الذين يثبتون البراغي الصغيرة جداً لصنع أجهزة آيفون» سيأتي إلى الولايات المتحدة وسيصبح آلياً، مما سيوفر وظائف للعمال المهرة مثل الميكانيكيين والكهربائيين.

لكنه قال لاحقاً لقناة «سي إن بي سي» إن كوك أخبره بأن القيام بذلك يتطلب تكنولوجيا غير متوفرة بعد.

وأوضح قائلاً: «لقد قال أحتاج إلى أذرع روبوتية، وأن أقوم بذلك على نطاق ودقة يمكنني بهما جلبها (الصناعة) إلى هنا. وفي اليوم الذي أرى ذلك متاحاً، ستأتي إلى هنا».

وقال محامون وأساتذة بقطاع التجارة إن أسرع طريقة لإدارة ترمب للضغط على شركة «أبل» من خلال الرسوم الجمركية هي استخدام الآلية القانونية نفسها التي تفرض الرسوم على شريحة واسعة من الواردات.

وقال دان إيفز، المحلل في «ويدبوش»، إن عملية نقل الإنتاج إلى الولايات المتحدة قد تستغرق ما يصل إلى 10 سنوات، وقد تؤدي إلى أن يصل سعر جهاز «آيفون» الواحد إلى 3500 دولار. ويُباع أحدث إصدار من هواتف آيفون حالياً في حدود 1200 دولار.

وأضاف إيفز: «نعتقد أن مفهوم إنتاج (أبل) لأجهزة آيفون في الولايات المتحدة هو قصة خيالية غير ممكنة».

وقال بريت هاوس، أستاذ الاقتصاد في جامعة كولومبيا، إن فرض رسوم جمركية على أجهزة «آيفون» سيزيد من تكاليف المستهلكين من خلال تعقيد سلسلة التوريد والتمويل الخاصة بشركة «أبل». مضيفاً: «لا شيء من هذا إيجابي بالنسبة للمستهلكين الأميركيين».