زيارة بوغدانوف إلى بورتسودان تخلط أوراق موسكو وكييف في السودان

روسيا عينها على البحر الأحمر... وأوكرانيا تلاحق نفوذها الأفريقي

الفريق البرهان مستقبلاً المبعوث الروسي ميخائيل بوغدانوف في بورتسودان الأحد الماضي (سونا)
الفريق البرهان مستقبلاً المبعوث الروسي ميخائيل بوغدانوف في بورتسودان الأحد الماضي (سونا)
TT
20

زيارة بوغدانوف إلى بورتسودان تخلط أوراق موسكو وكييف في السودان

الفريق البرهان مستقبلاً المبعوث الروسي ميخائيل بوغدانوف في بورتسودان الأحد الماضي (سونا)
الفريق البرهان مستقبلاً المبعوث الروسي ميخائيل بوغدانوف في بورتسودان الأحد الماضي (سونا)

أعادت زيارة المبعوث الروسي للشرق الأوسط وأفريقيا، ميخائيل بوغدانوف، إلى بورتسودان، السبت الماضي، خلط الأوراق على الساحة السودانية، خاصة بعد تصريحاته المؤيدة لمجلس السيادة السوداني الذي يرأسه قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، وإعلانه أن زيارته قد تؤدي إلى زيادة التعاون في عدد من المجالات. فالجيش السوداني المدعوم أيضاً من أوكرانيا، بات يحظى بدعم الدولتين المتحاربتين، روسيا وأوكرانيا، في تناقض مصالح مدهش.

وزار بوغدانوف بورتسودان ليومين متتاليين، التقى خلالهما معظم المسؤولين السودانيين، بمن فيهم رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، ونائبيه في الجيش، الفريق شمس الدين كباشي والمجلس السيادي، مالك عقار، ووزير الخارجية، فضلاً عن شخصيات اجتماعية وبعثات دبلوماسية عربية، حيث دارت مباحثاته معهم حول العلاقات بين البلدين في ظل الحرب.

اعتراف بشرعية «مجلس السيادة»

واقتصرت تصريحات بوغدانوف على القول إن بلاده «تعترف» بشرعية مجلس السيادة وتدعم الحكومة، وإن زيارته جاءت «للتعبير عن الموقف الرافض للتدخلات الأجنبية وتحكم القوى الغربية بمصائر الشعوب». ونقلت عنه وزارة الخارجية السودانية تعهده للبرهان بأن تكون لزيارته «ما بعدها»، ومساندة موسكو للسودان في المحافل الدولية، وتطوير الشراكة السودانية الروسية إلى شراكة استراتيجية.

الخارجية الروسية أكدت من جانبها، أن موسكو تولي اهتماماً كبيراً لتطوير العلاقات مع السودان في كل المجالات، وشددت على ضرورة التوصل إلى تسوية للأزمة العسكرية عبر الحوار بين السودانيين، ومن دون تدخل خارجي.

ورأت وسائل إعلام أن زيارة نائب الوزير الروسي إلى بورتسودان واللقاءات التي أجراها مع المسؤولين السودانيين هدفت إلى إعادة ترتيب العلاقات التي شابها نوع من الغموض على خلفية تقارير حول الدعم الروسي لأحد طرفي الصراع القائم في السودان، وكذلك ما يتعلق بالدور الذي قامت به مجموعات «فاغنر» في هذا البلد.

الفريق البرهان لدى لقائه الوفد الروسي برئاسة بوغدانوف في بورتسودان (سونا)
الفريق البرهان لدى لقائه الوفد الروسي برئاسة بوغدانوف في بورتسودان (سونا)

ونقلت وسائل إعلام تفاصيل حول مجريات الزيارة، ورأى معلقون أن زيارة بوغدانوف عكست محاولة لاستعادة النفوذ الروسي في السودان من خلال عرض المزيد من التعاون مع السلطات الشرعية.

ووفقاً لتحليلات، فقد عكست تصريحات بوغدانوف، مسعى من جانب موسكو لتبديد الالتباس في العلاقة مع السودان، على خلفية تقارير حول تقديم موسكو دعماً عسكرياً إلى قوات الدعم السريع، الذي زار موسكو في وقت سابق. كما أشارت تقارير، إلى أن نشاط مجموعة «فاغنر» في السودان، وخصوصاً في قطاع تعدين الذهب كان عنصر توتر في وقت سابق.

يشار إلى أن هناك حالة من عدم اليقين إزاء مواقف روسيا في السودان، بسبب علاقاتها مع قائد «قوات الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو، المعروف بـ«حميدتي»، الذي زار موسكو عشية الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022.

ومعروف بشكل واسع أن مجموعة «فاغنر» العسكرية الروسية الخاصة، تدعم «قوات الدعم السريع»، ومتورطة في تعدين الذهب بشكل غير قانوني في السودان، حسب تصريحات لدبلوماسيين غربيين في الخرطوم. وقالت «فاغنر» العام الماضي إنها لم تعد تعمل في السودان.

وبدأت روسيا تسليم وقود الديزل إلى السودان هذا الشهر، وفقاً لبيانات مجموعة بورصات لندن.

سر الغزل الروسي

وكانت موسكو قد أبدت اهتماماً بقاعدة بحرية على ساحل السودان على البحر الأحمر. ورست سفن حربية روسية في بورتسودان في فبراير (شباط) 2021، وشرعت الفرقاطة الروسية «أدميرال غريغورفيتش» في إنزال معدات لإقامة منشأة عسكرية في قاعدة «فلامنغو» البحرية السودانية شمال بورتسودان، كما رست المدمرة الأميركية «يو إس إس ونستون تشرشل»، في بورتسودان في توقيت قريب من وصول الفرقاطة الروسية.

ونتيجة للتوتر الذي صاحب عملية «فلامنغو»، أبلغت الحكومة السودانية قائد القوة الروسية أنها علقت الاتفاق الذي تم في عام 2017 بين الرئيس السابق عمر البشير، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، بشأن القاعدة العسكرية، لحين مصادقة البرلمان المنتخب عليها، فانسحبت القوة الروسية، لكن موسكو ما تزال متمسكة بالاتفاقية من جهتها.

الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في الخرطوم فبراير 2023 (أ.ف.ب)
الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في الخرطوم فبراير 2023 (أ.ف.ب)

وفي مواصلة «الغزل الروسي»، أعلن بوغدانوف دعمه للجيش السوداني، في الوقت الذي تدعم فيه مجموعة «فاغنر» الروسية قوات «الدعم السريع» قبل مقتل زعيمها يفغيني بريغوجين.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن قوات خاصة أوكرانية تقاتل مع الجيش ضد «الدعم السريع»، استجابة لطلب وجههه البرهان إلى الرئيس الأوكراني زيلينسكي لمساعدته في حربه مع «الدعم السريع».

وذكرت الصحيفة أن الدافع الفعلي لقتال القوات الأوكرانية إلى جانب الجيش، هو استهداف مصالح روسيا في السودان، لذلك أرسلت 100 من قواتها الخاصة لاستهداف «فاغنر» في الخرطوم، شاركت في القتال وساعدت على إخراج البرهان من حصار فرضته «قوات الدعم السريع» على القيادة العامة، كما ساهمت لاحقاً في استرداد مباني هيئة الإذاعة والتلفزيون في أم درمان.

طمع روسي في البحر الأحمر

وإزاء تنافس الدولتين المتحاربتين، فإن المحللين يذهبون إلى أنهما نقلتا حربهما إلى السودان بالفعل. إذ إن «فاغنر» ما تزال متهمة بمساندة «الدعم السريع»، وأوكرانيا متهمة بدعم الجيش.

لكن تصريحات بوغدانوف أربكت المشهد. فموسكو الرسمية أعلنت دعمها للجيش، بينما ظلت مجموعة «فاغنر» مع «الدعم السريع»، مع أنها صارت من أدوات الجيش الروسي بعد مقتل زعيمها.

يقول المحامي والمحلل السياسي حاتم إلياس لـ«الشرق الأوسط»، إن إشهار روسيا دعمها للجيش السوداني ينطلق من طمعها في البحر الأحمر، وإنفاذ وعد الرئيس السابق عمر البشير، ومن خلفه الإسلاميون السودانيون، مرجحاً وجود تفاهمات بين الإسلاميين والروس.

ويشير إلياس إلى التقارب الآيديولوجي بين الإسلاميين السودانيين وإيران، الذي يجعلهم يتوجهون نحو حلف «إيران روسيا»، وينظرون إليه من خلال مصالحهم المشتركة في الدعم مقابل النفوذ في البحر الأحمر. ويتابع: «يبدو أنهم يريدون تنفيذ وعدهم للحليفين الروسي والإيراني الذي أُبرم في عهد البشير، بقواعد عسكرية على البحر الأحمر».

خشية من قاعدة روسية

ويصف الصحافي المتخصص في الشؤون الدولية، الفاتح وديدي، تصريحات بوغدانوف بأنها إشارات روسية بتوفير الدعم للجيش مقابل قاعدة بحرية على الساحل السوداني. ويقول: «لقاءات بوغدانوف لها أهمية خاصة لموسكو، لأنها تبدي اهتماماً بإنشاء قاعدة على ساحل البحر الأحمر».

ووفقاً لوديدي، تقوم السياسات السودانية بشأن الوجود الدولي على البحر الأحمر على «مناورة» مع موسكو. فهي لا ترفض الوجود الروسي من حيث المبدأ، لكنها لا تستطيع قبوله ضمن التقاطعات الحالية، فتلجأ لتأجيله والإبقاء على العلاقة بحجة أن قيام قاعدة روسية في البحر الأحمر يتطلب مصادقة «برلمان منتخب». ويتابع: «السياسات السودانية، برغم المغانم التي قد تحصل عليها، لكنها في الوقت ذاته تخشى خطورة وعواقب الأمر».

ويرى وديدي أن «جيوسياسات السودان» وارتباطاتها بالأمن الإقليمي والدولي ما زالت تحمل وصمة نظام الإسلاميين. ويقول: «المجلس العسكري، لا يزال يستلهم الكاتالوغ القديم ودفاتر الرئيس السابق عمر البشير، الذي كان يجيد لعبة الرقص على كل الحبال».

لقاء البرهان وزيلينسكي في مطار «شانون» الآيرلندي 23 سبتمبر (أ.ف.ب)
لقاء البرهان وزيلينسكي في مطار «شانون» الآيرلندي 23 سبتمبر (أ.ف.ب)

ويرى وديدي أن تصريحات بوغدانوف في بورتسودان امتداد لـ«غزل سياسي روسي» ابتدأه بوتين في العقد الأخير، ضمن بحثه عن شراكة تفتح له مجاهل أفريقيا، وتضخ دماء جديدة في شرايين اقتصاد بلاده، مقابل الوعد بغطاء دبلوماسي للدول الأفريقية في المحافل الأممية.

ويشير إلى القمم الأفريقية الروسية العديدة التي نظمتها روسيا بوصفها شريكاً تجارياً، بقوله: «موسكو تغازل القادة الأفارقة بحمايتهم من التدخلات في شؤون دول ذات سيادة»، ويتابع: «شراكات روسيا الأفريقية تواجه انتقادات غربية مباشرة، بجانب إضرارها بمواطني البلدان المعنية، ويعدُّها الغرب شراكات فوقية عبَّد الطريق لها (طباخ بوتين) زعيم (فاغنر) السابق».

الشراكات الروسية في أفريقيا

ويقطع وديدي بأن الشراكات الروسية الأفريقية أضرت بأمن واقتصاديات بلدان العالم الثالث، وجرفت مواردها، سيما المعادن والذهب، وفاقمت انتهاكات حقوق الإنسان وتفشي الفساد وتآكل دمقرطة تلك المجتمعات.

ويرى وديدي أن السودان تحول لشريك لروسيا في مواجهة عزلتها، وإنه صوت وحيداً من بين 17 دولة أفريقية ضد قرار أممي يطالب روسيا بوقف عملياتها العسكرية في أوكرانيا، ومقابله حصل على دعم سياسي كبير من الكرملين، خاصة في معركة خروج بعثة الأمم المتحدة (يونيتامس) وطرد رئيسها فولكر بيرتيس.

وحسب وديدي، فإن أوكرانيا تنطلق في مساندتها للجيش السوداني من تكتيكات حربها ضد المرتزقة الروس، مستخدمة تكتيك «عمليات الذراع الطويلة»، في مطاردة المصالح الروسية الأفريقية، لذلك استجابت لطلب البرهان من زيلينسكي، فهدفها الرئيسي محاربة الجماعات الممولة روسياً.

ويقول محلل سياسي، طلب عدم كشف اسمه: «هذه أغرب زيارة يقوم بها مسؤول أجنبي، فهو التقى بعدد من القادة السودانيين كل على حدة، كأنه يعلم أن هناك رؤى متصارعة بينهم، وإن ما أخفي من الزيارة أكثر بكثير من المعلن».


مقالات ذات صلة

الهادي إدريس لـ«الشرق الأوسط»: «الحكومة الموازية» لتفادي الانقسام في السودان

خاص الهادي إدريس عضو مجلس السيادة السوداني السابق (الشرق الأوسط)

الهادي إدريس لـ«الشرق الأوسط»: «الحكومة الموازية» لتفادي الانقسام في السودان

يقول عضو مجلس السيادة السوداني السابق الدكتور الهادي إدريس في حوار مع «الشرق الأوسط» إن الحكومة الموازية المزمع إنشاؤها هدفها الرئيسي تقديم الخدمات للمحرومين.

عيدروس عبد العزيز (لندن)
شمال افريقيا النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: حرب السودان أسوأ أزمة إنسانية في العالم

قالت كاثرين راسل المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) اليوم (الخميس) إن الحرب الدائرة في السودان تسببت في أكبر أزمة إنسانية في العالم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
شمال افريقيا وزير الخارجية السوداني علي يوسف (متداولة)

السودان يعلن بدء مشاورات لعملية سياسية شاملة

أعلن وزير الخارجية السوداني علي يوسف محمد، الخميس، أن مشاورات بدأت لإطلاق عملية سياسية شاملة، لا تستثني أحداً، لتشكيل حكومة كفاءات وطنية خلال الفترة الانتقالية.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا نازحون سودانيون بمخيم زمزم شمال دارفور بالسودان 1 أغسطس (آب) 2024 (رويترز) play-circle

مقتل 5 أطفال بقصف من «قوات الدعم السريع» في دارفور

قُتل خمسة أطفال جراء قصف «قوات الدعم السريع» مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، في غرب السودان، وفق ما أفاد مصدر طبي.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
شمال افريقيا من اجتماع سابق للاتحاد الأفريقي (موقع الاتحاد)

«مجلس السلم والأمن الأفريقي» يرفض حكومة موازية في السودان

رحبت وزارة الخارجية السودانية بالبيان الصادر عن «مجلس السلم والأمن الأفريقي» الذي أعلن فيه عدم الاعتراف بأي حكومة موازية في البلاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

أسرة المتهم بتفجير «لوكربي» تدعو إلى الضغط لإطلاق سراحه

أبو عجيلة المريمي (أرشيفية ـ رويترز)
أبو عجيلة المريمي (أرشيفية ـ رويترز)
TT
20

أسرة المتهم بتفجير «لوكربي» تدعو إلى الضغط لإطلاق سراحه

أبو عجيلة المريمي (أرشيفية ـ رويترز)
أبو عجيلة المريمي (أرشيفية ـ رويترز)

جددت أسرة أبو عجيلة المريمي، ضابط الاستخبارات الليبي السابق، الموقوف بأميركا مطالبتها بإطلاق سراحه، داعية على لسان نجله هشام إلى «تحرك رسمي وضغط شعبي» للإفراج عن والده.

جاءت مناشدة أسرة المريمي، بعدما وافق قاضٍ أميركي، الجمعة – بطلب من الادعاء والدفاع - على تأجيل محاكمته في قضية اتهامه بصنع القنبلة، التي استخدمت في تفجير طائرة «بان أميركان» فوق بلدة لوكربي الأسكوتلندية عام 1988، ما تسبب في مقتل 270 شخصاً.

وقال هشام، نجل أبو عجيلة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إنه يأمل في «تحرك ليبي لإنقاذ والده من محنته»، علماً بأن المحاكمة كان من المقرر أن تبدأ في واشنطن في 12 مايو (أيار) المقبل قبل أن يتم تأجيلها.

حطام طائرة «بان أميركان» التي انفجرت فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية عام 1988 (أ.ف.ب)
حطام طائرة «بان أميركان» التي انفجرت فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية عام 1988 (أ.ف.ب)

وبعد أن أبدى هشام قلقه على صحة والده بسبب معاناته الصحية، تحدث عن «عدم وجود تواصل مباشر مع والده، أو حتى مع المحامية الأميركية الموكلة من جانب المحكمة منذ بداية الشهر الحالي».

وليست هذه الدعوة الأولى التي تطلقها عائلة المريمي لإطلاق سراحه، إذ سبق لها أن دعت في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2024 «الشعب الليبي بكل أطيافه، بالإضافة إلى المؤسسات التشريعية والتنفيذية، والمنظمات الإنسانية والمحلية والدولية» للعمل على إطلاق سراحه.

أما عبد المنعم المريمي، ابن شقيق أبو عجيلة والمتحدث باسم عائلته، فقد أشار في تسجيل مصور سابق هذا الشهر إلى أن تأجيل المحاكمة يصب في صالحهم؛ خصوصاً مع وجود بعض الصعوبات والمشاكل، بحسب تعبيره.

وأبو عجيلة (76 عاماً) ضابط سابق في جهاز الأمن الخارجي (الاستخبارات)، خطفه مسلّحون من منزله منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2022؛ لكن عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة المؤقتة، أقرّ فيما بعد بتسليمه إلى أميركا، وقال إنه «إرهابي متهم بتصنيع متفجرات أودت بحياة أكثر من 200 شخص بريء».

ومثُل أبو عجيلة منذ أن سلّمته حكومة «الوحدة»، بداية ديسمبر (كانون الأول) عام 2022، أمام محكمة اتحادية في واشنطن، للاشتباه بتورطه في تفجير طائرة «بان أميركان 103»، علماً بأن وزارة العدل الأميركية وجّهت اتهاماً رسمياً إليه في نهاية 2021.

وفي أحدث تطور لمداولات القضية، برر الادعاء الأميركي، الجمعة، طلب تأجيل محاكمة أبو عجيلة، بحسب أسرته إلى «الحاجة لوقت كافٍ للتحضير لجلسات ما قبل المحاكمة»، في ضوء ما عدّه «تعقيداً» في القضية، فضلاً عن «وجود أدلة في دول أخرى»، وهو ما حظي بموافقة قاضي المحكمة الجزئية الأميركية دابني فريدريش.

عائلة أبو عجيلة اتهمت الدبيبة بتسليمه إلى أميركا «دون وجه حق» (الوحدة)
عائلة أبو عجيلة اتهمت الدبيبة بتسليمه إلى أميركا «دون وجه حق» (الوحدة)

ورغم انقطاع التواصل بين عائلة المريمي والمحامية الأميركية، فإن المحامي الليبي محمد بن دردف، أحد أعضاء لجنة للدفاع عن أبو عجيلة، يشير إلى «مساعٍ قانونية للإفراج عن المريمي، وحماية ليبيا من تعويضات قد تتجاوز مليار دولار»، وفق قوله.

وذهب المحامي الليبي إلى الحديث عن مساندة من جانب مجلس النواب، برئاسة عقيلة صالح، ورئيس لجنة الأمن القومي، النائب ميلود الأسود، وقيادة «الجيش الوطني» و«دعمهم اللامحدود»، دون توضيح طبيعة هذا الدعم.

وتنظر عائلة أبو عجيلة إليه بصفته «رهينة سياسياً مخطوفاً»، وقالت في بيان سابق إن حكومة الدبيبة «سلّمته إلى السلطات الأميركية دون وجه حق، وعبر طرق غير قانونية»، وهو الأمر الذي أكدته في شكواها إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وأخيراً، انضم المرشح لمنصب رئيس الحكومة «الموحدة» محمد المزوغي إلى لائحة المطالبين بالإفراج عن أبو عجيلة، وقد توجه الأسبوع الماضي بنداء إنساني إلى الإدارة الأميركية بالإفراج عنه وإعادته إلى أهله، أو محاكمته في ليبيا بمراقبة دولية إذا تطلب الأمر.

سدّدت السلطات الليبية قبل الإطاحة بنظام الرئيس معمر القذافي تعويضات بقيمة 2.7 مليار دولار إلى عائلات ضحايا لوكربي (أ.ف.ب)
سدّدت السلطات الليبية قبل الإطاحة بنظام الرئيس معمر القذافي تعويضات بقيمة 2.7 مليار دولار إلى عائلات ضحايا لوكربي (أ.ف.ب)

وقبل الإطاحة بنظام الرئيس معمر القذافي في عام 2011، سدّدت السلطات الليبية تعويضات بقيمة 2.7 مليار دولار إلى عائلات ضحايا لوكربي. وقد أُطلق سراح عبد الباسط المقرحي، المتهم الوحيد في القضية، الذي حُكم عليه بـ27 عاماً، لأسباب صحية عام 2009، وقد توفي عام 2012 عن 60 عاماً في ليبيا.