فرنسا متخوفة من استهداف رعاياها في الجزائر

سفارتها دعتهم إلى تفادي الأماكن التي لا يتوفر فيها الأمن

فرنسا متخوفة من استهداف رعاياها في الجزائر
TT

فرنسا متخوفة من استهداف رعاياها في الجزائر

فرنسا متخوفة من استهداف رعاياها في الجزائر

تلقت الحكومة الجزائرية مراسلة من السفير الفرنسي لدى الجزائر، يعبر فيها عن مخاوفه من استهداف محتمل لرعايا بلده على أيدي جماعات إرهابية. وطلب رسميا التشديد في الإجراءات الأمنية في محيط مبنى السفارة والقنصليات المنتشرة في ثلاث مدن كبرى، وكل المعاهد والمدارس والشركات الفرنسية العاملة في الجزائر.
وقال مصدر حكومي جزائري، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط» إن سفير فرنسا برنارد إيمييه «أكد حاجة الرعايا الفرنسيين المقيمين في الجزائر إلى مزيد من الأمن بحجة أنهم كانوا دائما هدفا للإرهابيين». ونقل المصدر عن مسؤولي السفارة الفرنسية أنهم يخشون من تفاعل محتمل من جانب المتطرفين في الجزائر، مع الاعتداءات التي تعرضت لها باريس الجمعة الماضي. وأشار إيمييه في مراسلته، حسب المصدر، إلى وجود عناصر إرهابية محسوبة على «داعش» في الجزائر. وعدها «تهديدا مباشرا» للمصالح الفرنسية في الجزائر، وخصوصا الممثلية الدبلوماسية والعاملين بها.
وأضاف المصدر أن السفارة دعت كل الفرنسيين إلى تفادي كل الأماكن التي لا تتوفر فيها شروط أمن صارمة، ما عدا بعض الفنادق التي تقع بالقرب من المنشآت التي تتبع لرئاسة الجمهورية، أو فضاءات الترفيه والرياضة التي توجد في الضاحية الغربية للعاصمة، بالقرب من منشآت عسكرية. وحذرت من مغبة التنقل خارج العاصمة، مخافة تعرضهم للخطر.
وأطلق مسلحون منشقون عن «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، في صيف 2014، تنظيما سموه «جند الخلافة في الجزائر». وأعلنوا أنهم وضعوه تحت تصرف قائد تنظيم داعش. وأول عمل قام به التنظيم، خطف رعية فرنسي (هيرفيه غوردال) كان بصدد تسلق جبل شرق العاصمة. واشترطوا مقابل إطلاق سراحه أن تتوقف فرنسا عن قصف مواقع التنظيم الإرهابي في العراق. وبعد أن جاء الرفض قاطعا من الحكومة الفرنسية، قتل الخاطفون الرهينة بفصل رأسه عن جسده، في مشهد مرعب روع الرعايا الغربيين في الجزائر، وخصوصا الفرنسيين، الذين غادر بعضهم البلاد بدافع الخوف. وأعلن الجيش الجزائري قتل كل عناصر «الجند» نهاية نفس العام.
ولوحظ أمس بشارع قادوش بحي حيدرة الراقي في العاصمة وجود مكثف لرجال الأمن في محيط السفارة الفرنسية التي تتربع على مساحة كبيرة. ويوجد داخل هذه المساحة قنصلية تهتم بشؤون رعايا فرنسا بوسط البلاد. أما قنصلية شؤون الرعايا في الشرق فتوجد في عنابة (تبعد 600 كلم عن العاصمة)، في حين توجد القنصلية التي تتكفل بمشكلات الفرنسيين في الغرب، بوهران (450 كلم).
وكتب إيميه في موقع السفارة الإلكتروني، أول من أمس، أن فرنسيي الجزائر «مطالبون بالتزام الحذر يوميا واحترام تعليمات السلامة الأمنية بصرامة». ودعاهم إلى «الهدوء والتحلي برباطة الجأش، من دون الاستسلام إلى الذعر وهو الهدف الذي يسعى إليه الإرهابيون». وقال أيضًا إن «التدابير الأمنية التي اتخذت في فرنسا، عقب الهجمات الإرهابية، تشمل أيضًا الفرنسيين المقيمين في الخارج. فنحن لا نستبعد أن يتعرض مواطنونا خارج فرنسا للأذى، من طرف أولئك الذين ارتكبوا جريمة باريس».
وتبدي الجزائر حساسية شديدة لأي خطاب يشير إلى أن جماعات إرهابية تنشط على أرضها. وقال وزير الشؤون الأفريقية والمغاربية عبد القادر مساهل، للإذاعة الحكومية أمس إن بلاده «حاربت الإرهاب وقهرته من دون أن تستفيد من دعم المجموعة الدولية، إذ عندما حذرنا من الطابع الدولي العابر للأوطان للإرهاب، في تسعينات القرن الماضي، لم تكترث الدول العظمى لتحذيراتنا، واليوم تكتشف صحة ما قلناه عن همجية الإرهاب».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».