ماذا يمكن أن تقدم القاهرة وأنقرة لحل الأزمة الليبية بعد استقالة باتيلي؟

وسط أحاديث عن تفاهمات تمهد فعلياً لإجراء الانتخابات المؤجلة

الرئيس التركي إردوغان يتوسط فيدان وشكري في اجتماع بأنقرة 20 أبريل الحالي (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي إردوغان يتوسط فيدان وشكري في اجتماع بأنقرة 20 أبريل الحالي (الرئاسة التركية)
TT

ماذا يمكن أن تقدم القاهرة وأنقرة لحل الأزمة الليبية بعد استقالة باتيلي؟

الرئيس التركي إردوغان يتوسط فيدان وشكري في اجتماع بأنقرة 20 أبريل الحالي (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي إردوغان يتوسط فيدان وشكري في اجتماع بأنقرة 20 أبريل الحالي (الرئاسة التركية)

شغل الملف الليبي حيزاً مهماً من مباحثات وزير الخارجية المصري سامح شكري، ونظيره التركي هاكان فيدان، خلال لقائهما في مدينة إسطنبول، بداية الأسبوع الحالي، حيث تطرقا إلى دعم واستقرار وحدة ليبيا.

المباحثات التي جرت بعد أيام قليلة من إعلان المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، استقالته من منصبه، فتحت الباب أمام تساؤل كبير حول إمكانية أن تضطلع القاهرة وأنقرة بصياغة اتفاق، أو تفاهمات تؤدي لانفراجة في المشهد السياسي المتعثر، وتمهد فعلياً لإجراء الانتخابات الليبية.

الدبيبة في لقاء سابق مع وزير الخارجية التركي والوفد المرافق له في مكتبه بطرابلس (الخارجية التركية)

عضو مجلس النواب الليبي، عمار الأبلق، ورغم تأكيده على ثقل دور القاهرة وأنقرة في الساحة الليبية بفضل علاقاتهما بأفرقاء الأزمة الرئيسيين في شرق البلاد وغربها، فإنه قلل من فرص «انفرادهما بطرح خريطة، أو تسوية سياسية لحل الأزمة، رغم خلو الساحة من المبادرات الأممية في الوقت الحالي مع استقالة باتيلي».

وقال الأبلق لـ«الشرق الأوسط» إنه «في ظل تزايد انخراط الولايات المتحدة الأميركية في الساحة الليبية سياسياً وأمنياً، فإنه من المستبعد تمرير أي مشروع للحل السياسي دون موافقتها، وموافقة حلفائها في القارة العجوز أيضاً»، مشيراً لما يتردد من كون تعيين الدبلوماسية الأميركية، ستيفاني خوري، نائبة للمبعوث الأممي إلى ليبيا في مارس (آذار) الماضي، قبيل استقالة باتيلي، «يعد تهيئة لقيام واشنطن بدور أكبر في ليبيا خلال الفترة المقبلة».

الرئيس إردوغان في لقاء سابق مع رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي محمد تكالة بحضور رئيس البرلمان التركي (الرئاسة التركية)

ورأى الأبلق أن القاهرة وأنقرة قد تلعبان دوراً فاعلاً في إطار «خطة أميركية - أوروبية تشرف البعثة الأممية على تطبيقها، حيث يمكنهما حينذاك المشاركة مع الأخيرة فيما سيبذل من جهود للضغط على الأفرقاء المحليين لقبول تلك الخطة والإسراع بتنفيذها، وهذا في حال إذا ما رغبت واشنطن في إيجاد حل سياسي، وعدم ترك البلاد في حالة فوضى وصراع».

وكان وزير الخارجية التركي قد أكد، في مؤتمر صحافي مع شكري، دعم استقرار ووحدة ليبيا، وقال إنه ناقش مع نظيره المصري العمل معاً بشكل منتظم من أجل هذا الغرض.

أما أستاذ العلاقات الدولية، إبراهيم هيبة، فتوقع اصطدام العاصمتين بمعضلة التوافق حول القوانين الانتخابية الليبية، وتحديداً المواد الخلافية المتعلقة بترشح رئيس الدولة.

وقال هيبة لـ«الشرق الأوسط» موضحاً: «لو تمكنا من تحقيق اختراق في هذا الملف البالغ الأهمية، فسيكفل لهما ذلك قبولاً مبدئياً لمقاربتهما المشتركة للحل السياسي من قبل بقية الدول الإقليمية والغربية المتحركة في المشهد الليبي».

الرئيس إردوغان في لقاء سابق مع عقيلة صالح بحضور رئيس البرلمان التركي (الرئاسة التركية)

غير أن هيبة تطرق في هذا السياق «للتخوفات التي تعتري قوى عديدة في ليبيا وخارجها من نتائج السباق الرئاسي الليبي، في ظل ما يتمتع به منصب رئيس الدولة من صلاحيات كبيرة»، مبرزاً أن «هناك قلقاً واسعاً من قيام أي مرشح حال فوزه بالرئاسة بتوظيف تلك الصلاحيات ليستأثر هو وحلفاؤه المحليون أو الدوليون بالسلطة والثروة، وهو ما يعني تهميش دور بقية المرشحين المتنافسين وحلفائهم بالمشهد السياسي والاقتصادي، وعلى الصعيد الاجتماعي أيضاً».

ولا يستبعد هيبة أن «تلجأ القاهرة وأنقرة لعقد لقاءات ثنائية بين الفاعلين الرئيسين في ليبيا، ولو بشكل غير معلن في البداية، في محاولة لتقريب وجهات النظر حول القوانين الانتخابية، والعمل على إعادة النظر بها إن أمكن، وهو ما قد يمهد لإجراء الانتخابات»، حسبه.

في المقابل، توسط الخبير بالشأن التركي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، كرم سعيد، الآراء السابقة بتأكيد أن مستقبل التعاون بين القاهرة وأنقرة في ليبيا، وتشكيلهما رؤيةً استراتيجية براغماتية تستهدف حلحلة الأزمة الليبية، وتحقق مصالحهما بالوقت ذاته، «يرتبط بعدة عوامل ومتغيرات محلية ودولية».

وقال سعيد لـ«الشرق الأوسط» إن «الفراغ في البعثة الأممية، وإن كان يتيح فرصة لطرح مبادرات ورؤى جديدة للحل السياسي في ليبيا، لكنه جاء بعد أن صار المشهد الداخلي أكثر احتقاناً، وهذا هو التحدي الأول أمام القاهرة وأنقرة، والذي قد يبطئ بدرجة ما جهودهما في عملية تقريب وجهات النظر بين الأطراف والقوى الليبية»، لافتاً إلى أن الصراع السياسي لم يعد محصوراً بين معسكري الشرق والغرب، «بل صارت هناك توترات وصراعات فرعية أيضاً داخل كل معسكر منهما».

وأكد سعيد أن التقارب المصري - التركي «سيكون له في كل الأحوال تأثير واضح ووازن بالمشهد السياسي الليبي»، متوقعاً أن «تتفق الدولتان حول أهداف محددة، سيتم الدفع لتحقيقها خلال الفترة المقبلة؛ أولها السعي لإيجاد حكومة موحدة لعموم ليبيا، والعمل بذات التوقيت للتوصل لتسوية سياسية لا تُقصي أياً من أطراف الأزمة، ومن ثم إجراء الانتخابات، مع استكمال مسار توحيد المؤسسة العسكرية».

وانتهى سعيد إلى أن تعزيز وضعية التوافق والاستقرار بين القوى الليبية «سوف يسهم في تسريع وتيرة التنمية، وإعادة الإعمار التي تتطلع أنقرة والعديد من دول المنطقة لفوز شركاتها بحصة كبيرة منها».

وكان الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والتركي رجب طيب إردوغان، قد أكدا خلال لقاء بالقاهرة في فبراير (شباط) الماضي، «ضرورة تعزيز التشاور بين البلدين حول الملف الليبي، بما يساعد في عقد الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وتوحيد المؤسسة العسكرية بالبلاد».


مقالات ذات صلة

هل يؤثر تقارب سلطات بنغازي مع أنقرة على حكومة «الوحدة» الليبية؟

شمال افريقيا وزير الخارجية التركي مستقبلاً بلقاسم نجل حفتر في أنقرة (صندوق تنمية وإعادة إعمار ليبيا)

هل يؤثر تقارب سلطات بنغازي مع أنقرة على حكومة «الوحدة» الليبية؟

خلَّفت زيارة بلقاسم، نجل المشير خليفة حفتر، إلى تركيا، نهاية الأسبوع الماضي، التي التقى خلالها وزير الخارجية، هاكان فيدان، قدراً من التساؤلات.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا صورة نشرتها سلطات جنوب أفريقيا لعدد من الليبيين الذين اعتقلتهم (أ.ب)

تباين بين «الوحدة» و«الاستقرار» حول الليبيين المعتقلين في جنوب أفريقيا

أكدت حكومة الوحدة، في بيان مساء الجمعة، أنه «لا صلة لها بإجراءات إرسال 95 شخصاً من حملة الجنسية الليبية»

خالد محمود (القاهرة )
المشرق العربي 
من مخلفات اشتباكات عنيفة بين ميليشيات مسلحة وسط طرابلس (أ.ف.ب)

ليبيا: انفجارات ضخمة تهز مدينة زليتن

هزّت انفجارات ضخمة مدينة زليتن الساحلية، الواقعة غرب ليبيا، إثر انفجار مخزن للذخيرة، تملكه ميليشيا «كتيبة العيان»، وسط تضارب الروايات حول أسباب الحادث، الذي.

شمال افريقيا عملية ترحيل مهاجرين أفارقة من ليبيا إلى النيجر (جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية)

ما حقيقة طرد ليبيا مئات المهاجرين النيجريين إلى الصحراء؟

اشتكى مصدر ليبي مسؤول من أن «منطقة أغاديز بوسط النيجر أصبحت نقطة انطلاق ومحطة عبور لتهريب المهاجرين الراغبين في الوصول إلى الشواطئ الأوروبية عبر بلده».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا انفجارات زليتن أعادت مطالبة الليبيين بإخلاء المناطق السكنية من التشكيلات المسلحة (أ.ف.ب)

انفجارات ضخمة تهز مدينة زليتن الساحلية الليبية

هزّت انفجارات ضخمة متتالية مدينة زليتن الساحلية بغرب ليبيا إثر انفجار مخزن للذخيرة تمتلكه ميليشيا «كتيبة العيان» بمنطقة كادوش، وسط تضارب الروايات.

جمال جوهر (القاهرة)

تركيا: تحييد 4 «إرهابيين» مطلوبين جنوب شرقي البلاد

عناصر من قوات الجيش التركي (أ.ف.ب)
عناصر من قوات الجيش التركي (أ.ف.ب)
TT

تركيا: تحييد 4 «إرهابيين» مطلوبين جنوب شرقي البلاد

عناصر من قوات الجيش التركي (أ.ف.ب)
عناصر من قوات الجيش التركي (أ.ف.ب)

أعلن وزير الداخلية التركي، علي يرلي قايا، السبت، تحييد 4 «إرهابيين» مطلوبين في عملية ضد تنظيم حزب العمال الكردستاني (بي كيه كيه) «الإرهابي» في ريف ولاية سيرت، جنوب شرقي البلاد، حسب ما أوردته وكالة الأنباء الألمانية.

وذكر يرلي قايا في بيان أن «الإرهابيين الأربعة شاركوا في 9 عمليات إرهابية» استشهد فيها 6 حراس أمن و5 مواطنين مدنيين، وأصيب 6 حراس أمن، و11 مواطناً مدنياً بجروح، حسب وكالة «الأناضول» التركية للأنباء.

وتستخدم تركيا كلمة تحييد للإشارة إلى المسلحين، الذين يتم قتلهم أو أسرهم أو إصابتهم من جانب القوات التركية.

ويشن الجيش التركي أيضاً عمليات عسكرية في شمال سوريا والعراق ضد حزب العمال الكردستاني «بي كيه كيه». ووفقاً لبيانات تركية، فقد تسبب «بي كيه كيه» في مقتل حوالي 40 ألف شخص (مدنيون وعسكريون) خلال أنشطته الانفصالية المستمرة منذ ثمانينات القرن الماضي.

وقالت وزارة الدفاع التركية في بيان: «بموجب حقنا في الدفاع عن النفس (...)، تم تنفيذ عمليات جوية ضد أهداف إرهابية في شمال العراق في مناطق كارا وقنديل وأسوس». وأوضح الجيش التركي، الذي ينفذ غارات في المنطقة بانتظام، أنه ضرب 25 هدفاً، «من بينها كهوف ومخابئ وملاجئ ومستودعات ومنشآت» لحزب العمال الكردستاني، الذي يشن حرب عصابات ضد السلطات التركية منذ عام 1984، وتصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون منظمة «إرهابية».

ووصف مصدر أمني في شمال العراق هذه الضربات بأنها «مكثفة». ووفق كمران عثمان، عضو منظمة فرق صناع السلام المجتمعية ومقرها في كردستان العراق، فقد استمرت الغارات نحو 45 دقيقة، ولم يتم تسجيل أي إصابات بين المدنيين، حسب المصدر الذي تحدث عن أضرار في الأراضي الزراعية.