«تكتّل إحياء ليبيا» يقترح «خريطة طريق» يقودها أبو الغيط

وسط دعوات لتبني «حلول وطنية» عقب استقالة باتيلي

اجتماع سابق احتضنته الجامعة العربية وضم المنفي وصالح وتكالة (المجلس الأعلى للدولة)
اجتماع سابق احتضنته الجامعة العربية وضم المنفي وصالح وتكالة (المجلس الأعلى للدولة)
TT

«تكتّل إحياء ليبيا» يقترح «خريطة طريق» يقودها أبو الغيط

اجتماع سابق احتضنته الجامعة العربية وضم المنفي وصالح وتكالة (المجلس الأعلى للدولة)
اجتماع سابق احتضنته الجامعة العربية وضم المنفي وصالح وتكالة (المجلس الأعلى للدولة)

اقترح «تكتّل إحياء ليبيا»، برئاسة عارف النايض، «خريطة طريق» جديدة لمعالجة الأزمة السياسية المتردية في البلاد، تقودها جامعة الدول العربية، وذلك «لتجنيب ليبيا مزيداً من الانهيار الأمني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي».

ويأتي مقترح التكتل على خلفية استقالة عبد الله باتيلي، المبعوث الأممي السابق من منصبه، فيما ينتظر الليبيون قدوم الدبلوماسية الأميركية ستيفاني خوري، التي سبق أن عيّنها الأمين العام لـ«الأمم المتحدة» أنطونيو غوتيريش، نائبة لممثله الخاص في بعثة «الأمم المتحدة» بليبيا.

أبو الغيط في لقاء سابق بجامعة الدول العربية بعضو المجلس الرئاسي الليبي عبد الله اللافي (الجامعة العربية)

وقال النايض في مقترحه، الذي تقدم به للأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط، إن «منصب المبعوث الأممي إلى ليبيا صار شاغراً، وسيصعب إيجاد البديل بذات الصلاحيات سريعاً»، ورأى أن «الفرصة الآن مهيأة لأن تأخذ الجامعة بزمام المبادرة، وتصدر قراراً يلزم مجلسي النواب و(مجلس الدولة) بتشكيل حكومة مصغرة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة خلال 30 يوماً، كحدّ أقصى».

وعدّ النايض، الذي تدّرج في توضيح «خريطة الطريق» المقترحة، أن «هناك فرصة هامة لجامعة الدول العربية لاستعادة زمام المبادرة»، وقال إنها (الجامعة) «هي من أصدر القرار في عام 2011 الذي استطاع مجلس الأمن بموجبه فرض البند السابع على ليبيا، وهي من تستطيع إخراجها من هذا الوضع».

رئيس «تكتل إحياء ليبيا» عارف النايض (الشرق الأوسط)

ورأى النايض في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن الجمود السياسي الذي تعيشه ليبيا راهناً «جعلها عرضة للاقتسام والنهب الممنهج، وإلى التفتت والقابلية للاحتلال الأجنبي»، وتطرق إلى ما يعانيه بلده من فساد، قائلاً: «الوضع الفاسد راهناً لم يعد يطاق، والشعب يتم إفقاره بشكل يومي، وقد تندلع حرب أهلية جديدة في أي وقت».

وليس للجامعة العربية مبعوث في ليبيا منذ رحيل السفير صلاح الدين الجمالي في 13 سبتمبر (أيلول) عام 2019، لكنها تعمل من خلال عقد اللقاءات والاجتماعات بقادتها السياسيين على تقريب وجهات النظر.

وأوضح مقترح «خريطة الطريق» أنه بإمكان الجامعة خلال 10 أيام دعوة رؤساء مجالس «الرئاسي والنواب والدولة» لاجتماع «طارئ ونهائي لحسم جميع التفاصيل والآليات لتطبيق القوانين الانتخابية المنشورة فعلاً في الجريدة الرسميّة والملزمة للجميع، وألا يخرجوا من الاجتماع إلا باتفاق حاسم وملزم للجميع».

عبد الله باتيلي المستقيل من منصبه (البعثة)

وتلي هذه الخطوة، وفقاً للنايض، «إرسال الجامعة مخرجات الاجتماع إلى مجلس الأمن، بحيث تطبق تحت البند السابع بقرار من مجلس الأمن»، ثم «يختار مجلس النواب رئيس (الحكومة المصغرة)، بالتشاور مع (مجلس الدولة)، ويمنحه الثقة، ليشكل رئيس الحكومة فريقه دون تدخل، وتعترف الجامعة العربية بالحكومة الجديدة، وترفعها إلى مجلس الأمن للاعتراف الدولي بها».

وقال النايض إن مهمة هذه (الحكومة المصغرة) «التركيز على إنجاز الانتخابات بحسب الجدول الزمني المحدد قانوناً، وتقديم الخدمات الضرورية للمواطنين، ولا يحق لها توريط البلاد في أي التزامات نحو أي دولة أخرى، أو المماطلة في تسليم السّلطة فور إنجاز الانتخابات».

وللحديث عن شرعية الأجسام السياسية الراهنة، قال النايض في تصريحه: «ليس هناك من سبيل لتجديد الشرعية في ليبيا إلا من خلال انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة وعاجلة، ولا سبيل إلى الانتخابات إلا بتشكيل حكومة استحقاقات انتخابية مصغرة، توصل البلاد إلى الانتخابات حسب القوانين النافذة».

كما وجّه النايض حديثه للنخبة السياسية، التي تريد أن تحكم ليبيا بضرورة «تقديم برامجها، وعرض نفسها على الشعب الليبي، المصدر الوحيد للشرعية»، عادّاً أن «سياسة الاستحواذ الأنانية على السلطة، ومعاملة المال العام كغنيمة مكشوفة مرفوضة. وهناك 2.8 مليون ليبي وليبية سجلوا للانتخابات، ومن حقهم اختيار قياداتهم».

وكانت الجامعة العربية قد عيّنت الدبلوماسي التونسي الجمالي مبعوثاً للأمين العام للجامعة العربية لدى ليبيا، عام 2016، خلفاً للفلسطيني الدكتور ناصر القدوة.

كما تطرقت «خريطة الطريق» إلى سبل الإشراف على الاستحقاق المنتظر، وأوكلتها للمفوّضية الوطنية العليا للانتخابات، على أن تشكّل اللّجنة العسكرية «5+5» غرفة مشتركة تشرف على التأمين العسكري للانتخابات في أنحاء البلاد كافة، وذلك بإشراف من المجلس الأعلى للقضاء.

ومع انتهاء مراحل العملية الانتخابية، وفقاً للمقترح، «تحضر الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي، و(الأمم المتحدة) مراسم تنصيب الرئيس الليبي الجديد والمجلس التشريعي الجديد، وتضمن التسليم السلس والسلمي للسلطات».

وخلال السنوات الماضية، شهدت ليبيا عشرات المبادرات السياسية، التي طرحتها «الأمم المتحدة» وبعض الدول الإقليمية والغربية، بقصد حلحلة الأزمة المستعصية منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي.

وفي أعقاب إقالة باتيلي، عادت الأصوات المحلية المنادية بضرورة تبني «حلول وطنية، قبل فوات الأوان»، وهي الرؤية التي تمسك بها النائب الأول لرئيس مجلس النواب، فوزي النويري، الذي قال إنه «يتوجب على كل الليبيين بجميع أطيافهم الالتفات إلى بلادهم، وصنع الحل وطنياً بعيداً عن المجتمع الدولي، حتى لا يبكي الجميع على الأطلال بعد فوات الأوان، وذلك بعد استقالة المبعوثين الأمميين إلى ليبيا، التي تكررت أكثر من مرة».


مقالات ذات صلة

ليبيا: «مفوضية الانتخابات» لإعلان نتائج المرحلة الثالثة من استحقاق البلديات

شمال افريقيا صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)

ليبيا: «مفوضية الانتخابات» لإعلان نتائج المرحلة الثالثة من استحقاق البلديات

تنتظر المفوضية العليا للانتخابات الليبية أحكام المحاكم المختصة في 7 طعون بالبلديات التي أجريت بها عملية الاقتراع السبت الماضي؛ لإعلان النتائج الأولية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا حماد يتوسط قيادات عسكرية وشخصيات نيابية خلال افتتاح مشاريع في سبها الليبية (الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي)

حمّاد لا يرى حلاً للأزمة الليبية عبر «تدخلات الخارج»

دعا أسامة حمّاد رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب «أبناء الوطن كافة إلى الالتحاق بركب التنمية بعيداً عن أي تدخلات أو إملاءات خارجية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس يتفقون على «مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق» بشأن الأزمة الليبية (وزارة الخارجية المصرية)

مصر والجزائر وتونس تجدد دعمها لإجراء الانتخابات الليبية

اتفق وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس على «مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق في إطار الآلية الثلاثية» بما يسهم في دعم الشعب الليبي لتحقيق تطلعاته.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة خلال افتتاح «المتحف الوطني» في طرابلس الذي أثار انتقادات عدد كبير من الليبيين (رويترز)

ليبيا: أزمة السيولة واحتياجات المواطنين تفجّران جدلاً حول «مشاريع التنمية»

هيمنت أزمة نقص السيولة على المشهد الليبي؛ في ظل اصطفاف المواطنين أمام المصارف لساعات طويلة، إلى جانب نقاشات موسعة مع خبراء ومسؤولين حول سبل المعالجة.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا افتتاح «الحوار المهيكل» في ليبيا (أرشيفية - البعثة الأممية)

مصراتة تنتفض لـ«حل الأجسام المسيطرة» على المشهد الليبي

دافعت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، مجدداً، عن «الحوار المهيكل» الذي ترعاه في العاصمة طرابلس، رغم الجدل المثار حول إمكانية نجاحه.

خالد محمود (القاهرة )

مصرع سائحة إيطالية بحادث تصادم بين مركبين سياحيين في جنوب مصر

الفنادق العائمة سمة مميزة لمحافظة الأقصر التي تقع على مجرى نهر النيل
الفنادق العائمة سمة مميزة لمحافظة الأقصر التي تقع على مجرى نهر النيل
TT

مصرع سائحة إيطالية بحادث تصادم بين مركبين سياحيين في جنوب مصر

الفنادق العائمة سمة مميزة لمحافظة الأقصر التي تقع على مجرى نهر النيل
الفنادق العائمة سمة مميزة لمحافظة الأقصر التي تقع على مجرى نهر النيل

قضت سائحة إيطالية، الأحد، إثر حادث تصادم بين مركبين سياحيين في محافظة الأقصر بجنوب مصر، وفقاً لوزارة النقل المصرية ووسائل إعلام إيطالية.

وأكدت وزارة النقل المصرية في بيان تصادم فندقين عائمين بنهر النيل في محافظة الأقصر بجنوب مصر أثناء إبحارهما بين مدينتي الأقصر وأسوان السياحيتين و«وفاة إحدى النزيلات».

وأشار البيان إلى «تهشم 3 كبائن» في أحد الفندقين العائمين وتضرر الآخر، بينما تمت إحالة الواقعة إلى النيابة.

https://www.facebook.com/MinistryTransportation/posts/في المائةD8في المائةA8في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة86-في المائةD8في المائةA7في المائةD8في المائةB9في المائةD9في المائة84في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة85في المائةD9في المائة8A-في المائةD9في المائة85في المائةD9في المائة86-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة87في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA6في المائةD8في المائةA9-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD8في المائةB9في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة85في المائةD8في المائةA9-في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة82في المائةD9في المائة84-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة87في المائةD8في المائةB1في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA7في المائةD8في المائةB9في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD8في المائةAA-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة87في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA6في المائةD8في المائةA9-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD8في المائةB9في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة85في المائةD8في المائةA9-في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة82في المائةD9في المائة84-في المائةD8في المائةA7في المائةD9في المائة84في المائةD9في المائة86في المائةD9في المائة87في المائةD8في المائةB1في المائةD9في المائة8A-في المائةD9في المائة81في المائةD9في المائة8A-في المائةD8في المائةA8في المائةD9في المائة8Aفي المائةD8في المائةA7/1174605321503189/?locale=ar_AR

وأفادت وكالة «أنسا» الإيطالية للأنباء بمقتل سائحة إيطالية تبلغ 47 عاماً بعد نقلها للمستشفى عقب إصابتها في الحادث.

وتعتبر محافظتا الأقصر وأسوان (أكثر من 600 كيلومتر جنوب القاهرة) وجهتين سياحيتين بارزتين، بينما تحاول الحكومة المصرية تنشيط قطاع السياحة الذي عانى من الأزمات الاقتصادية والجائحة العالمية في السنوات الأخيرة.

وتساهم السياحة بـ10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي المصري ويعمل في هذا القطاع نحو مليوني شخص، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأعلنت الحكومة المصرية الشهر الماضي نمو نشاط الفنادق بنسبة 13 في المائة مقارنة بالعام السابق، بالتزامن مع افتتاح المتحف المصري الكبير في بداية نوفمبر (تشرين الثاني).

وأعلن وزير السياحة المصري شريف فتحي الأسبوع الماضي ارتفاع أعداد السائحين إلى نحو 19 مليون، مقارنة بنحو 15 مليون عام 2024.


توتر بين «الدعم السريع» وقوات جنوب السودان

صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

توتر بين «الدعم السريع» وقوات جنوب السودان

صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

بينما أكدت تقارير في جوبا حدوث توتر بين «قوات الدعم السريع» وقوات دفاع جنوب السودان، في منطقة هجليج النفطية بولاية جنوب كردفان، نفت «الدعم السريع» وقوع أي اشتباكات مسلحة بين الجانبين.

وأفادت صحيفة «جوبا بوست» بأن توتراً حادّاً حدث ليل السبت - الأحد بين القوات الجنوبية الموكَلة إليها حماية حقول النفط في هجليج - باتفاق ثلاثي بين جوبا وبورتسودان ونيالا - و«قوات الدعم السريع» التي سيطرت على المنطقة، بعد انسحاب الجيش السوداني منها إلى الدولة الجارة.

لكن الباشا طبيق، مستشار قائد «الدعم السريع»، قال في تغريدة على «فيسبوك» إن ما تناولته صحفٌ ووسائل إعلام سودانية موالية للجيش بشأن وقوع «اشتباكات في هجليج لا أساس له من الصحة». من جهة أخرى، تواصلت عمليات إجلاء العاملين في المنظمات الإنسانية والأممية من كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع» بالاشتراك مع حليفتها «قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان - تيار عبد العزيز الحلو».


تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو

جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
TT

تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو

جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)

جدد مجلس الأمن الدولي ولايةَ «بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية (مونوسكو)» حتى 20 ديسمبر (كانون الأول) 2026، وسط مسار سلام يراوح في مكانه رغم تعدد الاتفاقات، مع عودة العنف مجدداً إلى صدارة المشهد.

هذه الخطوة الدولية، التي تضمنت دعوات إلى انسحاب حركة «23 مارس (إم 23)» المتمردة من مناطق احتلتها، يراها خبير في الشؤون الأفريقية، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، دفعةً لجهود السلام في شرق الكونغو الذي يعاني صراعات على مدى عقود عدة، موضحاً أن «غيابها يعني مزيداً من الفوضى؛ لكن مع التمديد يمكن تقديم دعم إضافي لمسار السلام المتعثر حالياً، على الرغم من الاتفاقات؛ لأسباب مرتبطة بعدم وجود تفاهمات حقيقية على الأرض».

وتتصدر أزمة شرق الكونغو، الممتدة منذ 3 عقود، الاهتمامات الأفريقية. وبحث وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، ونظيره الرواندي، أوليفييه أندوهونجيريهي، في لقاء بالقاهرة، سبلَ إرساء الاستقرار والسلم والأمن في منطقة شرق الكونغو، مؤكداً دعمَ مصر الكامل الجهودَ كافة الرامية إلى تثبيت الأمن والاستقرار، وفق بيان من «الخارجية المصرية» الأحد.

وجاء اللقاء عقب قرار مجلس الأمن الدولي تمديد ولاية «بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية (مونوسكو)» حتى 20 ديسمبر 2026، مع الحفاظ على سقف القوات المصرح به عند 11 ألفاً و500 فرد عسكري، و600 مراقب عسكري وضابط أركان، و443 فرد شرطة، و1270 فرداً من وحدات الشرطة المشكّلة، ومطالبة رواندا بوقف دعمها حركة «إم 23» المتمردة.

ويرى المحلل السياسي التشادي الخبير في الشؤون الأفريقية، صالح إسحاق عيسى، أن تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» يمكن أن يشكل دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو، «إذا اقترن بتغييرات عملية في أسلوب عملها، وتعاون حقيقي مع السلطات المحلية والمجتمعات المتضررة... فالوجود الأممي يوفر غطاء دولياً لحماية المدنيين، ودعماً لوجيستياً ومؤسساتياً للجيش والشرطة، كما يساهم في مراقبة حقوق الإنسان، وتهيئة بيئة أفضل أمناً للعمل الإنساني والحوار السياسي. لكن نجاح التجديد لا يعتمد على الاستمرار الشكلي، إنما على معالجة أسباب الصراع المزمنة، مثل ضعف الدولة، وتعدد الجماعات المسلحة، والتنافس على الموارد، وانعدام الثقة بين السكان والبعثة»، وفق عيسى.

وإذا ركزت «مونوسكو» على «دعم حلول سياسية محلية، وتعزيز المصالحة، وبناء قدرات مؤسسات الدولة، والاستجابة لمطالب السكان بشأن الحماية والشفافية، فقد ينعكس التجديد إيجاباً على الاستقرار»؛ يضيف عيسى، موضحاً: «أما إذا استمر الشعور بعدم الفاعلية أو غياب التنسيق، فقد يحد ذلك من أثرها... لذلك؛ يكون التجديد فرصة حقيقية للسلام عندما يُستثمر لإصلاح الأداء وتوجيه الجهود نحو جذور الأزمة».

ويسلط القرار الدولي الضوء على «الأزمة الأمنية والإنسانية المتدهورة بسرعة» في شرق الكونغو الديمقراطية بسبب هجوم حركة «23 مارس» في شمال وجنوب كيفو «بدعم وبمشاركة مباشرة من قوات الدفاع الرواندية»، وفق بيان «المجلس».

وقالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، جنيفر لوسيتا، مساء الجمعة، إن «المفاوضات التي تقودها تعطلت مرة أخرى بسبب تقدم حركة (23 مارس) المدعومة من قوات الدفاع الرواندية».

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو 3 عقود، وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتَين في الإقليم. وشنّت «23 مارس»، بدعم من رواندا، هجوماً جديداً في بداية ديسمبر الحالي بإقليم جنوب كيفو شرق البلاد على طول الحدود مع بوروندي، وأحكمت سيطرتها على بلدة أوفيرا الاستراتيجية في 11 ديسمبر الحالي.

وجاء التقدم الأخير للحركة في شرق الكونغو الغني بالمعادن بعد أسبوع من لقاء الرئيسَين؛ الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي والرواندي بول كاغامي الرئيسَ الأميركي دونالد ترمب في واشنطن خلال وقت سابق من هذا الشهر، وأكدا التزامهما اتفاق سلام توسطت فيه الولايات المتحدة.

ووسط أنباء عن انسحاب الحركة من المنطقة المحتلة حديثاً، قال مسؤولون في «الصليب الأحمر»، الخميس الماضي، إن «شهر ديسمبر هو الأعلى حدة في النزاع».

ويعدّ الاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية بواشنطن في مطلع ديسمبر الحالي هو الأحدث ضمن سلسلة «تفاهماتٍ بإطار» أُبرمت خلال يونيو (حزيران) الماضي في واشنطن، إضافة إلى «إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة»، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في قطر، استكمالاً لاتفاقٍ يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية أن المطالب الدولية بانسحاب «23 مارس» من المناطق التي سيطرت عليها في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، تعبر عن ضغط سياسي ودبلوماسي متصاعد، «لكنها لا تعني بالضرورة أن الانسحاب يمكن تحقيقه قريباً». وأوضح أن «الحركة» ما زالت «تمتلك قوة عسكرية على الأرض، وتستفيد من تعقيدات المشهد الإقليمي، وضعف سلطة الدولة في بعض المناطق؛ مما يجعل استجابتها للضغوط وحدها أمراً غير مضمون».

وأضاف: «كما أن تجارب سابقة أظهرت أن بيانات الإدانة والمطالب الدولية لا تتحول سريعاً إلى واقع ميداني ما لم تُدعم بآليات تنفيذ واضحة، مثل عقوبات فعالة، أو ضغط إقليمي من الدول المؤثرة، أو تقدم حقيقي في المسارات التفاوضية».

في المقابل؛ قد يصبح الانسحاب ممكناً، وفق صالح إسحاق عيسى، «إذا ترافقت هذه المطالب مع تحرك منسق من (الاتحاد الأفريقي)، ومع ضمانات أمنية وسياسية تعالج دوافع الحركة، إضافة إلى تعزيز قدرات الدولة الكونغولية على بسط سيطرتها بعد أي انسحاب؛ لتفادي فراغ أمني». لذلك؛ «يبقى تحقيق الانسحاب القريب مرتبطاً بمدى جدية المجتمعَين الدولي والإقليمي في الانتقال من المطالبة إلى الفعل، وبإيجاد تسوية أوسع تعالج جذور الصراع»؛ وفق ما خلص إليه عيسى، وسط تفاقم الأزمة بشرق الكونغو.