تدور مواجهة، الأربعاء، في الانتخابات التشريعية الكرواتية مع ترشح الرئيس اليساري، ذي التوجه الشعبوي، زوران ميلانوفيتش، وبقائه في منصبه، لمنافسة رئيس وزرائه المحافظ أندريه بلينكوفيتش.
حتى مارس (آذار) بدا فوز بلينكوفيتش وحزبه «الاتحاد الديموقراطي الكرواتي» مؤكداً، على الرغم من أداء غير مرضٍ تماماً، والنقص المزمن في اليد العاملة ومعدل تضخم من الأعلى في منطقة اليورو، واستمرار الهجرة غير الشرعية، واتهامات بالفساد بالجملة.
هذا من دون المفاجأة التي شكَّلها الرئيس الكرواتي، زوران ميلانوفيتش، المرشح غير المتوقع لحزب المعارضة الرئيسي «الحزب الاشتراكي الديمقراطي».
ورغم أن المحكمة الدستورية قضت بأن هذا الترشح لم يحترم القانون، وأمرت الرئيس بالاستقالة قبل بدء حملته الانتخابية، فإنه بقي في منصبه، وواصل حملته.
وقال المحلل السياسي تيهومير شيبيك: «هذا وضع سياسي جديد أثار توترات وخلافات. اقتراع كان يُفترض ألا ينطوي على مفاجآت تَحَوَّلَ معركة غير محسومة النتائج».
ومنذ ذلك الحين تخلل الحملة تبادل للإهانات بين هذين الدبلوماسيين المعروفين بعدائهما السياسي والشخصي منذ زمن طويل.
وتبنى ميلانوفيتش البالغ 57 عاماً، خطاباً أكثر شعبوية في السنوات الأخيرة، وسعى إلى استقطاب اليمين علناً، وهاجم المهاجرين، واتهمهم بأنهم يأتون «فقط للاستفادة من المساعدات»، وانتقد موقف الاتحاد الأوروبي بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا.
يدين منتقدو الرئيس، الذي يشغل منصباً فخرياً في كرواتيا، غطرسته وهجماته على الصعيد الشخصي؛ فهو يصف المحكمة الدستورية بأنها مؤلفة من «رجال عصابات» و«فلاحين أميين». أما أندريه بلينكوفيتش فهو «كاذب ودجال سياسي».
وهذا يكفي لجذب بعض الناخبين.
وصرح بوركو وهو سائق سيارة أجرة فضل عدم كشف اسمه الكامل لوكالة الصحافة الفرنسية: «لدينا شخص يقول صراحة ما يفكر فيه معظم الناس. أحترم السيد الرئيس، وسأمنحه صوتي».
وكان تعيين قاضٍ يُشتبه في تواطئه مع مجرمين في منصب المدعي العام لدولة كرواتيا، السبب الذي أقنعه بالترشح - والقيام بحملة من خلال قطع وعود «ببلد أفضل وأكثر عدلاً» و«حكومة إنقاذ وطني».
ووعد بأنه إذا فاز «الاشتراكي الديمقراطي» وحلفاؤه بمقاعد كافية في البرلمان المؤلف من 151 مقعداً، فسيقدم استقالته ليجري اختياره رئيساً للحكومة.
أعطى الرئيس، الشخصية السياسية المفضلة لدى الكروات، زخماً للحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي وفقاً لآخر استطلاع للرأي لا يزال متأخراً بـ 10 نقاط عن «الاتحاد الديمقراطي» مع 20 في المائة من نيات التصويت.
وفي المركز الثالث الحركة الوطنية، «الحزب القومي» اليميني الذي أُسس عام 2020، ودخل البرلمان في عام 2020، ويعد مرتفع الحظوظ.
من بين 3.7 مليون ناخب مسجل، بإمكان 222 ألفاً التصويت في الخارج في 40 دولة نصفهم تقريباً في البوسنة المجاورة، وفقاً لأرقام رسمية.
ويجري انتخاب 3 من نواب البرلمان الكرواتي البالغ عددهم 151 من قبل المغتربين الذين غالباً ما يصوتون لـ«الاتحاد الديمقراطي الكرواتي».
في اقتراع يتوقع أن يكون متقارباً، تصبح هذه المقاعد الثلاثة أكثر أهمية، كما أن 8 مقاعد تخصص لممثلي الأقليات.
وقال زعيم «الاشتراكي الديمقراطي» بيديا غربين قبل الاقتراع: «لقد قيد الفساد كرواتيا إلى درجة أنه لا يمكن فعل أي شيء إذا كنت لا تعرف الشخص المناسب، إذا لم يكن لديك صلات أو بطاقة حزبية».
وفي هذا البلد الذي انضم إلى الاتحاد الأوروبي عام 2013، وحيث اضطُر كثير من الوزراء في حكومة بلينكوفيتش إلى الاستقالة، وسط اتهامات بالفساد، تتردد أصداء الرسالة.
وقال سيباستيان بويان (26 عاماً) إن «الفساد هو إحدى أكبر مشكلات كرواتيا». وأضاف: «لكن لا يمكن معالجة ذلك بملصقات وحملات. يجب تعليم مكافحة الفساد منذ الصغر».
وتواجه البلاد أيضاً انهياراً ديموغرافياً ونقصاً مزمناً في اليد العاملة، خصوصاً في صناعة السياحة الرئيسية على طول الساحل الأدرياتيكي. وترتفع سن السكان، وغادر نحو 300 ألف شخص بحثاً عن حياة أفضل في الخارج منذ انضمام كرواتيا إلى الاتحاد الأوروبي.
يطلق بلينكوفيتش حملته مذكراً باستمرار أن كرواتيا في ظل ولايته، انضمت إلى منطقة اليورو وفضاء شنغن. ويعني التصويت لـ«الاتحاد الديمقراطي» تأييداً «للاستقرار والأمن والتنمية»، كما يقول رئيس الوزراء البالغ 54 عاماً والذي يشغل منصبه منذ عام 2016.
لكن مع متوسط راتب شهري يبلغ 1240 يورو، وإجمالي ناتج محلي يمثل 76 في المائة من متوسط الاتحاد الأوروبي، تظل كرواتيا من الدول الأعضاء الأفقر في الاتحاد.