إسرائيل تئد محاولات جديدة لعودة سكان شمال غزة

نازحون بالآلاف واجهوا الرصاص والقذائف

نازحون يمرون وسط غزة يوم الأحد قبل أن تفتح القوات الإسرائيلية النار عليهم (د.ب.أ)
نازحون يمرون وسط غزة يوم الأحد قبل أن تفتح القوات الإسرائيلية النار عليهم (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تئد محاولات جديدة لعودة سكان شمال غزة

نازحون يمرون وسط غزة يوم الأحد قبل أن تفتح القوات الإسرائيلية النار عليهم (د.ب.أ)
نازحون يمرون وسط غزة يوم الأحد قبل أن تفتح القوات الإسرائيلية النار عليهم (د.ب.أ)

بعدما نجح عدد محدود من العائلات الغزية النازحة في جنوب قطاع غزة في العودة إلى شماله، وأدت إسرائيل بالرصاص وقذائف المدفعية محاولات الآلاف من العائلات ممن وصلت لنقطة التفتيش التي تفصل المنطقتين، عند ما يعرف بمحور نتساريم مع امتداد شارع الرشيد، وواجهت الرصاص الإسرائيلي بدلاً من ذلك.

وأعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، الأحد، أن «الإشاعات عن سماح قوات الجيش بعودة السكان إلى شمال قطاع غزة هي إشاعات كاذبة وعارية عن الصحة تماماً».

وأضاف أن «الجيش لا يسمح بعودة السكان، لا عن طريق شارع صلاح الدين، ولا عن طريق شارع الرشيد (البحر)». وزاد: «من أجل سلامتكم لا تقتربوا من القوات العاملة هناك. منطقة شمال القطاع لا تزال منطقة حرب ولن نسمح بالعودة إليها».

وجاء بيان الجيش الإسرائيلي، بعدما حاول آلاف الفلسطينيين العودة من مناطق وسط غزة إلى الشمال، وواجههم الجيش الإسرائيلي بالرصاص وقذائف المدفعية.

وذكر تلفزيون «الأقصى» أن «5 نازحين قتلوا، وأصيب آخرون أثناء محاولتهم العودة لشمال قطاع غزة عبر شارع الرشيد».

وتشجع الغزيون بعدما نجحت عائلات، صباح الأحد وخلال اليومين الماضيين، في العودة إلى منطقة الشمال. ورصد مراسل «الشرق الأوسط» عودة مئات من النساء والأطفال وبعض الرجال إلى منطقة الشمال في الأيام الثلاثة الماضية، وهو أمر شجع البقية على محاولة العودة.

وخلال الأيام الثلاثة الماضية، عادت بضع العائلات المكونة من نساء وأطفال فقط، ولا يتعدى عددها الـ15، إلى مناطق الشمال بعد أن وصلت بشكل ارتجالي إلى نقطة تمركز القوات الإسرائيلية، وخلال ساعات صباح الأحد، «تمكنت نحو 30 إلى 40 عائلة بالوصول إلى المنطقة نفسها، وسمح للأطفال ما دون 14 عاماً، والنساء بالمرور، بينما سمح لبعض الرجال ما فوق 50 عاماً بالدخول بعد أن تم تفتيشهم».

فلسطينيون نازحون يسيرون على طريق الرشيد يوم الأحد (إ.ب.أ)

ومع انتشار نبأ من حالفهم الحظ بالعودة، توافد الآلاف من السكان النازحين في الجنوب، إلى نقطة التفتيش الإسرائيلية التي تفصل مناطق شمال القطاع عن جنوبه، بهدف محاولة العودة إلى مناطق سكنهم التي هجروا منها بأوامر من الجيش الإسرائيلي تارة، وبفعل القصف والدمار الذي لحق بمناطق سكنهم تارة أخرى.

وقالت مصادر ميدانية في قطاع غزة إن «الجيش سمح لبعض العائلات الصغيرة بالعودة، وعندما بدأ المئات بالتدفق منع الأمر، وأطلق عليهم النار».

واستهدفت القوات الإسرائيلية المواطنين بقنابل الغاز والقنابل الدخانية بهدف تفريقهم، إلا أن أعدادهم كانت تتزايد، وقدروا بالآلاف، فاستخدمت تلك القوات الطائرات المروحية «الأباتشي» لتطلق النار في محيط وجود المواطنين، قبل أن تطلق دبابة إسرائيلية عدة قذائف، ما أدى إلى مقتل 5 على الأقل في حصيلة أوردها «مستشفى العودة» في مخيم النصيرات القريب من مكان الحدث.

وترفض إسرائيل عودة النازحين إلى الشمال، وهي نقطة شائكة في المفاوضات مع «حماس» حول هدنة في قطاع غزة.

ووافقت إسرائيل على «عودة مشروطة ومتدرجة للنازحين» ضمن اتفاق مع «حماس»، على أن «يخضع العائدون لتدقيق أمني»، ورفضت «حماس» التي تريد «عودة غير مشروطة» لسكان الشمال. ويعيش النازحون في مناطق جنوب قطاع غزة، وخاصة في رفح، في ظروف مأساوية.

وتزعم مصادر أمنية إسرائيلية أنهم يخشون من عودة مقاتلي «حماس» إلى مناطق الشمال التي سيطرت عليها إسرائيل.

وتستمر الحرب في قطاع غزة لليوم 191، وأعلنت وزارة الصحة التابعة لـ«حماس»، الأحد، ارتفاع الحصيلة في قطاع غزة إلى 33729 قتيلاً منذ بدء الحرب بين إسرائيل والحركة في 7 أكتوبر (تشرين الأول). وأفاد بيان للوزارة بأنه خلال 24 ساعة حتى صباح الأحد، قتل 43 شخصاً، فيما ارتفع عدد المصابين إلى 76371 جريحاً.


مقالات ذات صلة

تحليل إخباري رد فعل سيدة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية جنوب قطاع غزة (رويترز)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: الوسطاء في انتظار «أسبوع حاسم» لـ«سد الثغرات»

تتجه الأنظار إلى جولة جديدة يقودها الوسطاء، الأسبوع المقبل، بهدف «وقف إطلاق النار في غزة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ اتساع المظاهرات المؤيدة لغزة في الجامعات الأميركية

مظاهرات ضد برنامج تلفزيوني نظم احتجاجاً مزيفاً بجامعة أميركية

اجتمعت مجموعة من المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في حرم كلية «كوينز»، احتجاجاً على تصوير مشهد درامي وهمي نظمته دراما بوليسية تُبث على قناة «CBS».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي أشخاص يسيرون في شارع بجوار المباني التي دُمرت خلال القصف الإسرائيلي على مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين في شمال قطاع غزة في 23 يوليو 2024 وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة «حماس» (أ.ف.ب)

دراسة: عدد القتلى في غزة كان دقيقاً إلى حد كبير في الأيام الأولى للحرب

وجدت دراسة جديدة تحلل الأيام الـ17 الأولى من القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، أن أرقام وزارة الصحة بغزة بشأن القتلى في الأيام الأولى للحرب كانت ذات مصداقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي دورية راجلة للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة (أ.ف.ب)

«صحة غزة»: ارتفاع ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 39 ألفاً و175 قتيلاً

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، (الخميس)، ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 39 ألفاً و175 قتيلاً.

«الشرق الأوسط» (غزة  )

تطلّع يمني لإنهاء الانقسام المصرفي ومخاوف من تعنت الحوثيين

مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)
مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)
TT

تطلّع يمني لإنهاء الانقسام المصرفي ومخاوف من تعنت الحوثيين

مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)
مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

بعيداً عن تعثر مسار التسوية في اليمن بسبب هجمات الحوثيين البحرية، أشاع الإعلان الأممي اتفاقاً بين الحكومة والحوثيين حول المصارف والطيران أجواءً من الأمل لدى قطاع عريض من اليمنيين، مثلما زرع حالة من الإحباط لدى مناهضي الجماعة المدعومة من إيران.

ومع إعلان غروندبرغ اتفاق خفض التصعيد بين الحكومة والحوثيين بشأن التعامل مع البنوك التجارية وشركة «الخطوط الجوية اليمنية»، فإن المبعوث لم يحدد موعداً لبدء هذه المحادثات ولا مكان انعقادها، واكتفى بالقول إن الطرفين اتفقا على البدء في عقد اجتماعات لمناقشة كافة القضايا الاقتصادية والإنسانية بناء على خريطة الطريق.

غروندبرغ يسعى إلى تحقيق أي اختراق في مسار السلام اليمني بعد إعاقة الحوثيين خريطة الطريق (الأمم المتحدة)

بدت

آراء يمنيين في الشارع ومواقع التواصل الاجتماعي متباينة في كل مضامين اتفاق التهدئة، باستثناء تمنياتهم بنجاح محادثات الملف الاقتصادي لأن من شأنها أن تعالج وفق تقديرهم جذور الأزمة الاقتصادية والانقسام المالي وانقطاع رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين منذ ثمانية أعوام.

في المقابل، ناقضت تقارير يمنية نفسها، مثل ما ورد في تقرير لمركز صنعاء للدراسات كتبه نيد والي، ففي حين حاول توجيه السبب الأساسي للاتفاق نحو ضغوطات من دول في التحالف على الحكومة لصالح الحوثيين، عاد واقتبس من المبعوث الأممي قوله في رسالة لمجلس القيادة: «الانقسام الاقتصادي والمالي الذي تشهده البلاد ستترتب عليه تبعات خطيرة وربما مدمرة، وعزل البنوك وشركات الصرافة عن النظام المالي العالمي سيؤثر سلباً على الأعمال التجارية وعلى تدفق التحويلات المالية».

وكتب الباحث في التقرير نفسه: «عانى الاقتصاد اليمني من الشلل نتيجة عقد من الصراع، وأي ضغوط إضافية لن تجلب سوى أوضاع إنسانية وخيمة، ليس أقلها تعطيل القدرة على تقديم المساعدات. يتم تداول عملتين في الأسواق المالية اليمنية بسعري صرف متباينين، ورغم أن الانقسام الدائم في النظام المصرفي ومؤسسات الدولة قد يصبح أمراً لا مفر منه في نهاية المطاف، لا ينبغي التشكيك بأن تداعيات ذلك على الاقتصاد ستكون وخيمة وأليمة بصورة استثنائية».

وقالت مصادر غربية لـ«الشرق الأوسط»: «إن السعودية دعمت خريطة الطريق ومشروع إنهاء الأزمة اليمنية، والخلافات والعراقيل ليست طريقة للوصول إلى السلام في كل الأحوال».

ومن خلال تعليقات حصلت عليها «الشرق الأوسط» عبر استمزاج يمنيين في قطاعات تجارية وتربوية، تتجنب المعلمة نجاة التي اكتفت بذكر اسمها الأول الخوض في الجدال المتواصل بين المؤيدين والمعارضين لاتفاق التهدئة وتعتقد أن الذهاب للمحادثات الاقتصادية بنيات صادقة ونجاحها هو البشرى الحقيقية لمئات الآلاف من الموظفين في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون الذين حرموا من رواتبهم منذ نهاية العام 2016، ولكل سكان البلاد الذين يدفعون ثمن الانقسام المالي والمواجهة الاقتصادية.

وتتمنى المعلمة على ممثلي الجانبين الحكومي والحوثيين استشعار المعاناة الكبيرة للملايين من اليمنيين الذين يقاسون نتيجة الظروف الاقتصادية وتوقف المرتبات ووجود عملتين محليتين، والحرص على التوافق والخروج باتفاق على استئناف تصدير النفط والغاز ووضع آلية مرضية لصرف المرتبات، وإنهاء الانقسام المالي لأن ذلك في تقديرها سيكون المنفذ الحقيقي للسلام.

الرواتب وتوحيد العملة

يقول الموظف الحكومي رضوان عبد الله إن الأهم لديه، ومعه كثيرون، هو صرف الرواتب وإنهاء انقسام العملة، لأنهم فقدوا مصدر دخلهم الوحيد ويعيشون على المساعدات والتي توقفت منذ ستة أشهر وأصبحوا يواجهون المجاعة وغير قادرين على إلحاق بناتهم وأبنائهم في المدارس لأنهم لا يمتلكون الرسوم التي فرضها الحوثيون ولا قيمة الكتب الدراسية ومستلزمات المدارس ولا المصروف اليومي.

تعنّت الحوثيين أفشل جولات متعددة من أجل السلام في اليمن (إعلام محلي)

ويؤيده في ذلك الموظف المتقاعد عبد الحميد أحمد، إذ يقول إن الناس تريد السلام ولم يعد أحد يريد الحرب وإن السكان في مناطق سيطرة الحوثيين يواجهون مجاعة فعلية. ويزيد بالقول إن صرف المرتبات وتوحيد العملة أهم من أي اتفاق سياسي ويطلب من الحكومة والحوثيين ترحيل خلافاتهم السياسية إلى ما بعد الاتفاق الاقتصادي.

ولا يختلف الأمر لدى السكان في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية والذين يعبر أغلبيتهم عن سخطهم من الموافقة على إلغاء الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي في حق البنوك التجارية في مناطق سيطرة الحوثيين، إذ يرى عادل محمد أن إنهاء انقسام العملة واستئناف تصدير النفط سيؤدي إلى وقف تراجع سعر الريال مقابل الدولار الأميركي وسيوقف الارتفاع الكبير في أسعار السلع لأن ذلك أضر بالكثير من السكان لأن المرتبات بسبب التضخم لم تعد تكفي لشيء.

ويتفق مع هذه الرؤية الموظف في القطاع التجاري سامي محمود ويقول إن توحيد العملة واستئناف تصدير النفط سيكون له مردود إيجابي على الناس وموازنة الدولة، لأنه سيحد من انهيار الريال اليمني (حالياً الدولار بنحو 1990 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة) كما أن الموظفين والعمال الذين تعيش أسرهم في مناطق سيطرة الحوثيين سيكونون قادرين على إرسال مساعدات شهرية، لكن في ظل الانقسام وفرض الحوثيين سعراً مختلفاً فإن ما يرسلونه يساوي نصف رواتبهم.

مصلحة مشتركة

يرى الصحافي رشيد الحداد المقيم في مناطق سيطرة الحوثيين أن التوصل إلى اتفاق في هذا الملف فيه مصلحة مشتركة وإعادة تصدير النفط والغاز سيسهم في عودة أحد مصادر الدخل الوطني من العملات الصعبة، كما أن استئناف صرف مرتبات الموظفين سوف يسهم في الحد من معاناة مئات الآلاف من الموظفين.

ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين تتهددهم المجاعة (الأمم المتحدة)

ويشدد الحداد على ضرورة أن يتوجه ممثلو الجانبين إلى هذه المحادثات بصدق ومسؤولية لمفاوضات تحسم هذا الملف، ورأى أن أي اختراق يحدث في هذا الجانب سيعزز بناء الثقة وسيقود نحو تفاهمات أخرى، و سيكون له انعكاسات إيجابية على حياة كل اليمنيين.

لكن الجانب الحكومي لا يظهر الكثير من التفاؤل ويعتقد اثنان من المسؤولين سألتهم «الشرق الأوسط» أن الحوثيين غير جادين ويريدون تحقيق مكاسب اقتصادية فقط من خلال هذه الجولة، لأنهم يريدون الحصول على رواتب الموظفين في مناطق سيطرتهم لامتصاص النقمة الشعبية الواسعة، ويرغبون في الحصول على حصة من عائدات تصدير النفط، دون أن يكون هناك مقابل أو تقديم تنازلات فعليه تخدم مسار السلام، فيما يتعلق بتوحيد العملة والبنك المركزي.

ووفق ما أكده المسؤولان فإن الجانب الحكومي الذي قدم الكثير من التنازلات من أجل السكان في مناطق سيطرة الحوثيين بحكم مسؤوليته عن الجميع، سيشارك بإيجابية في المحادثات الاقتصادية وسيكون حريصاً على إنجاحها والتوصل إلى اتفاقات بشأنها استناداً إلى مضامين خريطة طريق السلام التي كانت حصيلة جهود وساطة قادتها السعودية وعُمان طوال العام الماضي وحتى الآن.