أوكرانيا تقر بتدهور وضع قواتها على الجبهة الشرقية

الكرملين اقترح اعتماد محادثات 2022 كأساس لمفاوضات السلام مع كييف

جنود أوكرانيون يطلقون الصواريخ باتجاه القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)
جنود أوكرانيون يطلقون الصواريخ باتجاه القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)
TT

أوكرانيا تقر بتدهور وضع قواتها على الجبهة الشرقية

جنود أوكرانيون يطلقون الصواريخ باتجاه القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)
جنود أوكرانيون يطلقون الصواريخ باتجاه القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

أقرّ رئيس الأركان الأوكراني أولكسندر سيرسكي، السبت، بأن الوضع على الجبهة الشرقية «تدهور بشكل كبير في الأيام الأخيرة»، مشيراً إلى «تصعيد» في هجوم الجيش الروسي الذي يدفع خصوصاً باتجاه تشاسيف يار، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

منطقة استراتيجية

وتُعدّ تشاسيف يار منطقة استراتيجية، إذ تبعد أقل من ثلاثين كيلومتراً جنوب شرق كراماتورسك، المدينة الرئيسية في المنطقة الخاضعة للسيطرة الأوكرانية، والتي أصبحت محطة مهمة للسكك الحديد والخدمات اللوجستية للجيش الأوكراني.

وكتب سيرسكي عبر منصة «تلغرام» أن «الوضع على الجبهة الشرقية تدهور بشكل كبير في الأيام الأخيرة. وهذا عائد خصوصا إلى تصعيد كبير في هجوم العدو بعد الانتخابات الرئاسية في روسيا» التي جرت في منتصف مارس (آذار). وأضاف أن الجيش الروسي يهاجم المواقع الأوكرانية في قطاعي ليمان وباخموت «بمجموعات هجومية مدعومة بمركبات مدرعة»، وكذلك في قطاع بوكروفسك.

وأوضح أولكسندر سيرسكي أن ذلك «أصبح ممكناً بفضل الطقس الحار والجاف الذي جعل معظم المناطق المفتوحة متاحة للدبابات». وتابع بأنه رغم الخسائر، ينشر الجيش الروسي «وحدات مدرعة جديدة»، ما يسمح له بتحقيق «نجاحات تكتيكية».

وكثّف الروس ضغوطهم حول تشاسيف يار في الأيام الأخيرة، بينما تقول كييف إن هذه المدينة الأساسية في الشرق تتعرض «لنيران متواصلة».

جنود أوكرانيون يطلقون صاروخاً باتجاه القوات الروسية بالقرب من خط المواجهة في منطقة دونيتسك (رويترز)

وأكد أولكسندر سيرسكي أنه تم تعزيز المناطق المهددة بوسائل دفاع جوي. وقال إن «مسألة التفوق التقني على العدو في مجال الأسلحة عالية التقنية تطرح من جديد... بهذه الطريقة وحدها يمكننا التغلب على عدو أكبر»، عاداً أنه من الضروري أيضاً «تحسين جودة تدريب العسكريين».

وتطلب كييف من حلفائها الغربيين المزيد من الذخائر وأنظمة الدفاع الجوي منذ أشهر. لكن المساعدات آخذة في النفاد بسبب العقبات السياسية في واشنطن، ما يجبر الجنود الأوكرانيين على الاقتصاد في ذخيرتهم.

ويواجه الجيش الأوكراني أيضاً تحديات في التجنيد، في مواجهة قوات روسية أكبر حجماً وأفضل تجهيزاً.

انفتاح روسي على «السلام»

وبينما تصعد القوات الروسية الضغط العسكري شرق وجنوب أوكرانيا، لمّحت موسكو إلى انفتاحها على محادثات سلام محتملة.

وكشف المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، الجمعة، أن اتفاق سلام غير مكتمل في عام 2022 بين روسيا وأوكرانيا قد يكون الأساس لمفاوضات جديدة، معتبراً في الوقت ذاته أنه لا يوجد ما يشير إلى أن كييف مستعدة للمحادثات، وفقاً لوكالة «رويترز».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتفقد التحصينات الجديدة للجنود الأوكرانيين في منطقة خاركيف يوم 9 أبريل (رويترز)

وقال الرئيس فلاديمير بوتين مراراً وتكراراً إن روسيا وأوكرانيا كانتا على وشك الاتفاق على إنهاء الأعمال القتالية في محادثات إسطنبول في أبريل (نيسان) 2022، لكن أوكرانيا تراجعت عن الأمر بمجرد تراجع القوات الروسية بالقرب من كييف. وذكرت التقارير أن الاتفاق تضمن بنوداً تطالب أوكرانيا بتبني وضع محايد من الناحية الجيوسياسية، وعدم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، والحد من حجم قواتها المسلحة، ومنح وضع خاص لشرق أوكرانيا، وهي نقاط رفضها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

وفي تصريحات يوم الخميس، أثار بوتين مرة أخرى موضوع محادثات السلام المحتملة، وقال إنه منفتح على ما وصفها بـ«مفاوضات واقعية». لكنه يعارض المؤتمر رفيع المستوى الذي يستمر يومين، الذي ستستضيفه سويسرا في يونيو (حزيران) بناء على طلب أوكرانيا، الذي يسعى لتحقيق السلام، قائلاً إنه لا معنى له إذا لم تشارك روسيا.

ومن وجهة نظر بوتين، فإن الاجتماع لا يأخذ في الاعتبار الحقائق الحديثة، بما في ذلك ضم موسكو لأراضٍ جديدة في أوكرانيا.

محادثات 2022

في المقابل، بدا أن زيلينسكي، الذي التقى الطلاب في غرب أوكرانيا الجمعة، يستبعد استخدام محادثات 2022 أساساً لمزيد من المناقشات، قائلاً إن الاجتماعات في ذلك الوقت لم تكن محادثات بالمعنى الحقيقي. وقال الرئيس الأوكراني: «لا»، عندما سئل عما إذا كانت محادثات 2022 في روسيا البيضاء وتركيا لديها القدرة على وقف الحرب. وأوضح في مقطع مصور نشره على موقعه على الإنترنت: «تجري المفاوضات عندما يريد الجانبان التوصل إلى اتفاق. هناك جوانب مختلفة، ولكن عندما يكون هناك طرفان». وتابع: «لكن عندما يعطيك أحد الطرفين، بغض النظر عن البلد أو المدينة، إنذاراً نهائياً، فهذه ليست مفاوضات».

جندي أوكراني من استخبارات وزارة الدفاع الأوكرانية يتحكم في طائرة بحرية بدون طيار في أوكرانيا في 11 أبريل 2024 (أ.ف.ب)

واعترف مسؤول أوكراني كبير بأن الجانبين كانا على وشك التوصل إلى اتفاق في تركيا عام 2022، لكنه قال إن كييف لم تأخذ الاقتراح إلى أبعد من ذلك؛ لأنها لا تثق في الجانب الروسي لتنفيذ أي اتفاق.

من جانبه، قال بيسكوف إن الكثير تغير منذ عام 2022، بما في ذلك ما قال إنه إضافة أربع مناطق جديدة إلى الأراضي الروسية، في إشارة إلى أجزاء من أوكرانيا تطالب موسكو بسيادتها عليها. لكن بيسكوف أشار إلى أن اتفاق إسطنبول غير المكتمل قد يظل الأساس لمحادثات جديدة، وأن روسيا مستعدة لذلك. وعندما سئل عما إذا كانت موسكو شعرت بأي استعداد من الجانب الأوكراني لإجراء محادثات، قال: «لا، لا نشعر بذلك».

وتؤكد أوكرانيا أنها تريد استعادة كامل أراضيها، بما في ذلك شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في عام 2014، ومغادرة كل جندي روسي أراضيها.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بارتكاب جرائم حرب جديدة بعد الهجوم الصاروخي على مدينة دنيبرو بصاروخ جديد متوسط المدى.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (ا.ب)

أوستن: قوات كوريا الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك في الحرب «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، اليوم (السبت)، أن بلاده تتوقع أن الآلاف من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال ضد أوكرانيا

«الشرق الأوسط» (سيدني)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب) play-circle 01:12

أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي بعد استهدافها بصاروخ باليستي روسي

أعلن الرئيس الأوكراني، الجمعة، أن بلاده تطلب من حلفائها الغربيين تزويدها بأنظمة حديثة للدفاع الجوي، بعدما استهدفتها روسيا، هذا الأسبوع، بصاروخ باليستي فرط صوتي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يأمر بـ«اختبارات» في الوضع القتالي للصاروخ «أوريشنيك»

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإنتاج كمية كبيرة من الصاروخ الباليستي الجديد فرط الصوتي «أوريشنيك» ومواصلة اختباره في الأوضاع القتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)
TT

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يوم أمس (الجمعة)، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بارتكاب جرائم حرب جديدة في أعقاب الهجوم الصاروخي على مدينة دنيبرو بصاروخ جديد متوسط المدى.

وقال زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو: «عندما يبدأ شخص ما في استخدام دول أخرى ليس فقط للإرهاب، ولكن أيضاً لاختبار صواريخهم الجديدة من خلال الإرهاب، فإن هذه بالتأكيد جريمة دولية».

وقال زيلينسكي إن سلوك روسيا «يسخر» من مواقف الصين ودول الجنوب العالمي الداعية إلى الاعتدال. داعياً مرة أخرى إلى رد فعل قوي من المجتمع الدولي.

كما وجه زيلينسكي نداء إلى مواطنيه والدبلوماسيين الأجانب العاملين في كييف. وقال إن أوكرانيا تعمل على تعزيز دفاعها الجوي. ومع ذلك، يجب أن يؤخذ كل إنذار بغارة جوية بشكل جدي، ويجب الاحتماء في حالة الخطر.

وفي الوقت نفسه، قال إنه لا ينبغي استخدام التهديد المحتمل من هجوم صاروخي روسي كذريعة للتوقف عن العمل، في إشارة إلى السفارات المغلقة جزئياً في البلاد.

وأضاف: «عندما تنطلق صفارة الإنذار، نذهب للاحتماء. وعندما لا تكون هناك صفارة إنذار، نعمل ونخدم»، مشيراً إلى أن بوتين سيواصل ترويع أوكرانيا «لقد بنى قوته الكاملة على هذا».