وحدات «مستعربين» تعدم فلسطينيًا وتعتقل آخر داخل مستشفى في الخليل

الشارع ينتقد بقوة.. وحماس تطالب بالتحقيق في تغيب أجهزة الأمن الفلسطينية

مشهد مقتطع من شريط لكاميرا مراقبة يظهر «المستعربين» داخل مستشفى الأهلي بالخليل (أ.ف.ب)
مشهد مقتطع من شريط لكاميرا مراقبة يظهر «المستعربين» داخل مستشفى الأهلي بالخليل (أ.ف.ب)
TT

وحدات «مستعربين» تعدم فلسطينيًا وتعتقل آخر داخل مستشفى في الخليل

مشهد مقتطع من شريط لكاميرا مراقبة يظهر «المستعربين» داخل مستشفى الأهلي بالخليل (أ.ف.ب)
مشهد مقتطع من شريط لكاميرا مراقبة يظهر «المستعربين» داخل مستشفى الأهلي بالخليل (أ.ف.ب)

أعدمت قوات إسرائيلية خاصة معروفة باسم «المستعربين» فلسطينيا داخل مستشفى في مدينة الخليل في الضفة الغربية واعتقلت آخر، بعد أن اقتحمته متخفية في زي مواطنين عرب جاءوا بصحبة سيدة حامل، في جريمة أثارت جدلا وغضبا كبيرين في الأراضي الفلسطينية.
فقد قتل المستعربون، عبد الله الشلالدة (28 عاما) من بلدة سعير، داخل المستشفى الذي يقع في قلب الخليل في المنطقة الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية، في تحد كبير لهيبتها، واعتقلوا ابن عمه الجريح، عزام الشلالدة بتهمة طعنه إسرائيليين قرب مستوطنة «غوش عتصيون»، بين بيت بيت لحم والخليل، قبل أسبوعين.
ووثقت كاميرات المستشفى، كيف دخل نحو 21 من المستعربين يرتدون اللباس العربي، ويطلق بعضهم اللحى، ويعتمرون كوفيات وقبعات عربية، يصطحبون سيدة حامل إلى المستشفى مع ساعات الفجر الأولى، قبل أن يخرجوا أسلحتهم ويسيطرون على الطواقم الطبية، ويقتحمون غرفة الشلالدة.
وقال مدير مستشفى الأهلي، جهاد شاور: «أشهروا مسدسات وأسلحة أوتوماتيكية، وهددوا الأطقم الطبية بتوجيه المسدسات نحو أفرادها.. ومن ثم دخلوا إلى غرفة المصاب عزام الشلالدة».
وقالت وزارة الصحة في بيان: «إن 21 عنصرًا من هذه القوة اقتحموا، غرفة المصاب عزام الشلالدة في قسم الجراحة في المستشفى، وأطلقوا الرصاص على ابن عمه عبد الله، ما أدى إلى إصابته برصاصة عند الأذن، وأخرى في الصدر و3 في يديه، ليعلن عن (استشهاده)». وأشارت وزارة الصحة إلى أنه بـ«استشهاد» الشاب الشلالدة، ارتفع عدد «الشهداء»، منذ بداية الهبة الجماهيرية، إلى 83.
وأكدت الوزارة أن الجريح عزام الشلالدة من بلدة سعير (22 عاما) اختطف. وقالت إنه أصيب برصاص أحد المستوطنين في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، في منطقة وادي سعير، ووصل إلى المستشفى في وضع صحي خطير، حيث أجريت له أكثر من عملية، وجرى تركيب وصلة شريانية له في منطقة الرقبة.
وعد وزير الصحة جواد عواد، إعدام الشاب عبد الله عزام الشلالدة (27 عاما) برصاص قوة وحدة المستعربين الإسرائيلية، داخل المستشفى الأهلي بالخليل، دليلا واضحا على أن إسرائيل لا تقيم وزنًا لكل المواثيق الدولية والإنسانية. وأضاف عواد، في بيان صحافي: «إن على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته الكاملة لحماية شعبنا من آلة القتل الإسرائيلية». وأشار إلى أن الصمت الدولي على اقتحام المستشفيات الفلسطينية أدى إلى زيادة وتيرة هذه الاقتحامات، بل وإعدام مرافقي المرضى داخل المستشفيات. وناشد وزير الصحة العالم الحر ومنظمات حقوق الإنسان، التدخل الفوري لوقف الإرهاب الإسرائيلي، وحماية المرافق الصحية والمرضى من عدوان جيش الاحتلال.
وعادة ما تستخدم إسرائيل هؤلاء المستعربين للتسلل إلى مناطق يصعب على الجيش الإسرائيلي الوصول إليها، بهدف مباغتة الفلسطينيين. ونفذت هذه المجموعات عمليات اعتقال وقتل كذلك خلال الانتفاضة الحالية.
وعلق الأطباء في مستشفى الأهلي العمل لبعض الوقت، واعتصموا احتجاجا على اقتحام المستشفى وارتكاب جريمة إعدام بداخله. وأثارت العملية جدلا كبيرا في الأراضي الفلسطينية، حول دور السلطة الفلسطينية في حماية المستشفيات. واتهم ناشطون السلطة بالتقاعس عن حماية الناس، ودافع آخرون بأن السلطة لا حول لها ولا قوة أمام الآلة العسكرية الإسرائيلية.
وهتف آلاف من أهالي بلدة سعير أثناء تشييع جثمان الشلالدة، ضد جريمة الإعدام، وطالبوا بالرد على جرائم الاحتلال ومستوطنيه، وتوفير الحماية الدولية لهم. وهاجمت حماس بشدة السلطة الفلسطينية، واتهم الناطق باسمها فوزي برهوم بأن التنسيق الأمني مع غياب الأجهزة الأمنية يطرح أسئلة كثيرة حول دور السلطة.
وطالب سامي أبو زهري المسؤول في حماس، الحكومة الفلسطينية بتحمل مسؤولياتها لحماية المستشفيات، والتحقيق في تغيب أجهزة الأمن الفلسطينية عن المستشفى خلال القيام بالجريمة الإسرائيلية.
وأدان الناطق باسم الحركة في تصريح صحافي جريمة اقتحام الاحتلال للمستشفيات الفلسطينية والقيام بأعمال القتل والخطف، معتبرا ما حدث في المستشفى الأهلي في الخليل، دليلاً على العربدة الإسرائيلية. وتحول النقاش إلى صخب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حول وظيفة السلطة وقدرتها على حماية الناس.
وفورا، صرح أمين عام مجلس الوزراء، علي أبو دياك بأن رئيس الوزراء، وزير الداخلية رامي الحمد الله، أصدر تعليماته للأجهزة الأمنية كافة بتشكيل قوة مشتركة لتكثيف الحراسة لحماية المستشفيات في الأراضي الفلسطينية.
ووصف أبو دياك، في بيان صحافي ما قامت به وحدة المستعربين بـ«انتهاك خطير وجريمة بشعة تضاف إلى سلسلة الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني والاتفاقيات الدولية، وإلى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق أبناء شعبنا وانتهاك حرمة مستشفياتنا».
وأكد أن قوات الاحتلال وعصابات المستعربين في جيش الاحتلال قامت قبل ذلك باقتحام المستشفى العربي التخصصي في نابلس الشهر الماضي، ومستشفى المقاصد في القدس أكثر من مرة، وهذا يؤكد أن دولة الاحتلال ماضية في جرائمها مع سبق الإصرار وأمام أعين كل العالم، دون أدنى اعتبار للقانون والاتفاقيات الدولية ولا للمنظمات الدولية بكل مكوناتها. وأضاف أن الحكومة تطالب منظمة الصحة العالمية بالتحرك العاجل لتطبيق المواثيق الدولية لحماية المستشفيات.
ورد جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشين بيت)، بتأكيده أنه اقتحم مستشفى الأهلي في الخليل لاعتقال فلسطيني متهم بطعن إسرائيلي، وأصابته بجراح خطرة قرب مستوطنة متساد. وقال مسؤولون في الشاباك، إنهم لن يسمحوا بتحول المستشفيات الفلسطينية إلى مكان لجوء للإرهابيين على حد وصفهم.
ولاحقا، تفجرت مواجهات عنيفة في الخليل بعد تشييع الشلالدة، وأصابت إسرائيل شابا بجراح خطيرة للغاية، فيما اقتحمت مدينة بيت لحم واعتقلت شابا، قالت إنه حاول تنفيذ عملية طعن على أحد الحواجز العسكرية المؤدية إلى القدس.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.