لا يبدو أن إيران قد حسمت موقفها بشأن المشاركة في الجولة الثانية من «اجتماعات فيينا» بعدما كانت قد حذرت أنها ستنسحب من المحادثات «إذا تبين لها أنها غير بناءة». وقال أمس، حسين أمير عبد اللهيان مساعد وزير الخارجية الإيراني، بأن مشاركة طهران رهن بإجابة واشنطن عن «تصرّفات أحادية من قبل أطراف مشاركة دون التشاور مع البقية»، وذلك بعد أيام على إعلان مستشار الرئيس الإيراني علي خامنئي أن بلاده ستشارك في المحادثات مع المحافظة على خطوطها الحمراء، وهو الذي سبق له أنّ نبّه من الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد معتبرا أنّ مصيره «خط أحمر» بالنسبة إلى إيران.
وأمس، أكد وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والإيراني محمد جواد ظريف في بيان نشرته الخارجية الروسية أن المحادثات المقررة السبت في فيينا حول سوريا ينبغي «ألا تحل محل» المفاوضات بين المعارضة وممثلي النظام السوري. واعتبر الوزيران في ختام محادثة هاتفية أن «المشاركين في مجموعة دعم سوريا عليهم مساعدة (نظام دمشق والمعارضة) على التوصل إلى اتفاق»، داعيين إلى حوار سياسي بنّاء بين السوريين. وهذا، مع العلم، أنّ موقف عبد اللهيان جاء بعد ساعات على تسريب مسودّة وثيقة روسية لإنهاء الحرب في سوريا ترتكز على اتفاق الحكومة السورية والمعارضة على بدء عملية إصلاح دستوري تستغرق 18 شهرا تتبعها انتخابات رئاسية، لتعود موسكو بعدها وتنفي إعدادها. ولم تستبعد مسودة الوثيقة مشاركة الأسد في انتخابات رئاسية مبكرة، وهو الأمر الذي تقول قوى المعارضة الرئيسية بأنه مستحيل إذا كان للسلام أن يسود.
من ناحية ثانية، نقلت وكالة «تسنيم» الإيرانية عن عبد اللهيان قوله خلال زيارته للبنان: «إذا شاركت إيران في اجتماعات فيينا، فإنها بالتأكيد ستكون في غياب ظريف، إذ أنه سيرافق رئيس الجمهورية حسن روحاني في جولته الأوروبية». في حين رأى المحلّل وأستاذ العلوم السياسية الدكتور خطار بو دياب، أنّه «إذا قرّرت إيران التغيب عن المباحثات فذلك سيكون متعلقًا بما كانت تنتظره من الولايات المتحدة الأميركية لجهة رفع العقوبات الشامل، في وقت أشارت فيه معلومات أنّ الرئيس الأميركي باراك أوباما يتّجه لتمديد العقوبات ضدّ طهران».
ومما قاله بو دياب في حديث لـ«الشرق الأوسط» بأنّ «ما سرّب عن الوثيقة الروسية أبقى الغموض غير البناء بشأن مصير الأسد»، واعتبر أن المشكلة الكبرى هي في محاولة إغراق الملف السوري وتحويل الأنظار عن مصير الأسد والالتفاف على مقررات جنيف من خلال التركيز على موضوع تحديد «المنظمات الإرهابية»، وهو الأمر الذي لا يزال مصدر خلاف بين الدول المشاركة.
وأشار بو دياب إلى «خلاف بين الموقفين الروسي والإيراني، إذ في حين تريد إيران التركيز على المنظمات التي تصفها بـ(الإرهابية)، تطرح روسيا موضوع الانتخابات الشاملة في سوريا»، مذكرا بما سبق أن أعلنه قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال محمد علي جعفري، لجهة تشكيكه بموقف موسكو تجاه مستقبل الأسد، ومتهمًا روسيا التي وصفها بـ«الرفيق الشمالي»، بالبحث عن مصالحها في سوريا.
هذا، ورفضت شخصيات بارزة من المعارضة السورية مسودة الوثيقة الروسية، معتبرة أن هدف موسكو الحقيقي هو إبقاء الأسد في السلطة وتهميش الأصوات المعارضة. وقال منذر أقبيق، عضو «الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة» بأن «الشعب السوري لم يقبل قط ديكتاتورية الأسد ولن يقبل إعادة إنتاجها أو صياغتها بأي شكل آخر».
ومن جهته، رأى عضو «الائتلاف» ميشيل كيلو أن «الهدف الحقيقي لموسكو هو الحفاظ على الأسد ونظامه بالضغط من أجل عملية انتخابية غير نزيهة»، وأردف «لسنا ضد الانتخابات فنحن ديمقراطيون. لكن ليس بإجبارنا على القبول برئيس مجرم دمر البلد، ما المنطق وراء هذه الفكرة؟».
إيران تربط مشاركتها في المشاورات بـ«إجابة واشنطن عن تصرفات أحادية من أطراف مشاركة»
«الائتلاف» يرى في «الوثيقة الروسية» المسربة محاولة لإبقاء الأسد في السلطة وتهميش المعارضة
إيران تربط مشاركتها في المشاورات بـ«إجابة واشنطن عن تصرفات أحادية من أطراف مشاركة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة