الجيش السوداني يتكتم على تحركاته لاستعادة «الجزيرة»

متحدث باسم «الدعم السريع»: لا وجود لأي تحركات عسكرية

الصراع السوداني أجبر الآلاف على الفرار من ولاية الجزيرة إلى ولايات مجاورة (أ.ف.ب)
الصراع السوداني أجبر الآلاف على الفرار من ولاية الجزيرة إلى ولايات مجاورة (أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يتكتم على تحركاته لاستعادة «الجزيرة»

الصراع السوداني أجبر الآلاف على الفرار من ولاية الجزيرة إلى ولايات مجاورة (أ.ف.ب)
الصراع السوداني أجبر الآلاف على الفرار من ولاية الجزيرة إلى ولايات مجاورة (أ.ف.ب)

يحاول الجيش السوداني وضع ستار من السرية على تحرك وانتشار قواته في ولاية الجزيرة، استعداداً للمرحلة الأولى من الهجوم المضاد الذي يشنه على «قوات الدعم السريع» في الولاية الواقعة وسط السودان. لكن مصادر في «الدعم السريع» تنفي وجود أي تحركات للجيش، معلنة استعدادها للتصدي لأي هجوم مضاد.

ويجري التخطيط لهذا الهجوم المضاد منذ أشهر، بحشد أعداد كبيرة من القوات والعتاد العسكري. ووفق ما يتداول من أنباء، دخل الجيش السوداني بلدة صغيرة تبعد عشرات الكيلومترات عن العاصمة «ود مدني» دون قتال، وهي المنطقة الأولى التي يتوغل فيها إلى عمق الولاية منذ بدء هجومه، الخميس الماضي.

وقال المتحدث الرسمي باسم «الدعم السريع»، الفاتح قرشي: «لا يوجد أي تحرك للعدو في تلك المناطق»، مضيفاً: «نسمعهم يتحدثون عن تحركات قواتهم، لكنهم غير قادرين، ولا يملكون الإرادة لذلك، ويخشون مواجهتنا».

وقال قرشي لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا معلومات كاملة عن حشودهم وترتيباتهم العسكرية في كل المناطق حول الجزيرة، وقواتنا جاهزة للتصدي بعزيمة الأشاوس». وأشار قرشي إلى أن قوات الجيش لا تستطيع فعل شيء، «وأن أكثر ما يرغب فيه أشاوس (الدعم السريع) خوض معركة الجزيرة في (النقعة)» وهو اسم يطلق على الأرض المكشوفة.

من احتفال تخريج قوات لـ«حركة تحرير السودان» في 28 مارس الماضي (أ.ف.ب)

وتقع المناطق التي يتحدث السكان عن وجود قوات الجيش فيها في خط الدفاع الأول لــ«الدعم السريع»، واجتيازها يفتح الطريق أمامه صوب العاصمة ود مدني. وقالت مصادر محلية، ليل الخميس - الجمعة، إن اشتباكات عنيفة تجري بين الجيش و«الدعم السريع» في بلدة صغيرة، بالتزامن مع قيام الطيران الحربي للجيش بتنفيذ غارات جوية على المواقع المتقدمة لقوات «الدعم السريع».

وحاولت «الشرق الأوسط» الحصول على تعليق من المتحدث الرسمي للقوات المسلحة السودانية، نبيل عبد الله، لكنه لم يستجب للاتصالات الكثيرة.

ويشن الجيش السوداني هجومه المضاد على ولاية الجزيرة من 3 محاور لتطويق «قوات الدعم السريع» التي تنتشر بكثافة، وتسيطر على كامل محافظات الإقليم الثماني.

وأظهرت لقطات مصورة نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي قوات الجيش في قرية صغيرة، من دون أن يتبين ما إذا دارت هناك معارك مع «الدعم السريع». وتقول قوات «الدعم السريع» إنها تؤمّن حدود ولاية الجزيرة مع الولايات الأخرى التي تقع تحت سيطرة الجيش، حيث توجد قواتها بشكل ثابت ومتحرك لصد أي قوات تحاول أن تدخل مناطقها.

مصادر الجيش: الهجوم لن يتوقف

ويسعى الجيش السوداني من خلال شن الهجوم المضاد لتحريك الوضع العسكري لصالحه وتحقيق مكاسب باستعادة ولاية الجزيرة، ما يتيح له تأمين ظهره في تحركاته خلال المرحلة الثانية لمحاصرة «قوات الدعم السريع» في مدن العاصمة الخرطوم. ووفق تصريحات سابقة لكبار قادة الجيش السوداني، فإن التوغل البري لاستعادة ولاية الجزيرة، التي يقطنها أكثر من 6 ملايين شخص، من أيدي «الدعم السريع»، جرى الاستعداد له بخطوات محسوبة، تشارك فيها قوات من الفصائل المسلحة الموالية للجيش.

ولم يكشف الجيش عن إعداد القوات والأسلحة المشاركة لتنفيذ الهجوم، الذي سبق أن وصف بأنه سيكون واسعاً، ولن يتوقف إلا بعد تحرير كل الولايات التي استولت عليها «الدعم السريع».

قادة عسكريون خلال تجمع مؤيد للجيش في القضارف بشرق السودان في 16 يناير الماضي (أ.ف.ب)

ومن جهة ثانية، قالت «لجان مقاومة ود مدني» (تنظيمات شعبية محلية) في بيان على موقع «فيسبوك»: «دخل انقطاع شبكات الاتصالات الهاتفية والإنترنت في ولاية الجزيرة شهره الثالث، مع عدم استقرار الإمداد المائي والكهربائي».

وأضاف البيان أن «ميليشيا الدعم السريع» تواصل ارتكاب جرائمها ضد المواطنين والاقتحامات المتكررة للقرى. وفي 19 ديسمبر (كانون الأول) سيطرت «قوات الدعم السريع» على كامل ولاية الجزيرة، بعد انسحاب الفرقة «الأولى - مشاة» التابعة للجيش السوداني.

وتواجه «قوات الدعم السريع»، بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) اتهامات بارتكاب انتهاكات فظيعة من أعمال قتل ونهب وسرقة ممتلكات المواطنين في بلدات وقرى الجزيرة.


مقالات ذات صلة

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

توعدت «الدعم السريع» بمواصلة «العمليات الخاصة النوعية»، لتشمل «جميع المواقع العسكرية لميليشيات البرهان والحركة الإسلامية الإرهابية»، واعتبارها أهدافاً بمتناولها

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

تكثف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار... وناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي، لتقليل تأثيرات وخسائر الحرب.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجيش السوداني يعلن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من «قوات الدعم السريع»

أعلن الجيش السوداني، اليوم السبت، «تحرير» مدينة سنجة، عاصمة ولاية سنار، من عناصر «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)

البرهان: لا تفاوض ولا تسوية مع «قوات الدعم السريع»

قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يخاطب مؤتمراً اقتصادياً في بورتسودان (الجيش السوداني)
قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يخاطب مؤتمراً اقتصادياً في بورتسودان (الجيش السوداني)
TT

البرهان: لا تفاوض ولا تسوية مع «قوات الدعم السريع»

قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يخاطب مؤتمراً اقتصادياً في بورتسودان (الجيش السوداني)
قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يخاطب مؤتمراً اقتصادياً في بورتسودان (الجيش السوداني)

أكد رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، الاثنين، رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع «قوات الدعم السريع»، وقال إن «التسوية التي طرحناها أن تضع تلك القوات السلاح، وتتجمع في أماكن معينة»، بعد ذلك ينظر الشعب في شأنها».

ولدى مخاطبته مؤتمر حول قضايا المرأة في شرق السودان، بمدينة بورتسودان العاصمة الإدارية المؤقتة للبلاد، تعهد البرهان بالقضاء على «الميليشيا المتمردة طال الزمن أو قصر». وأضاف أن ما يتردد في وسائل التواصل الاجتماعي عن تسوية مع «قوات الدعم السريع» غير صحيح، مشيراً إلى أنها ارتكبت انتهاكات في حق المواطنين، ولا تزال تحاصر مدينة الفاشر عاصمة شمال ولاية دارفور في غرب البلاد.

وأضاف أن الحديث عن تقدم مجلس السيادة بدعوة للقوى السياسية لعقد مؤتمر للتفاوض بمدينة أركويت في شرق السودان، «ليس صحيحاً»، مضيفاً أن «باب التوبة مفتوح، ونرحب بأي سوداني مخلص، لكن التوبة لها شروط».

وقال إن القوات المسلحة (الجيش) والقوات النظامية الأخرى و«المستنفرين» (المدنيين الذين سلحهم الجيش) يمضون «بكل عزيمة وإصرار نحو القضاء على ميليشيا آل دقلو الإرهابية المجرمة»، في إشارة إلى عائلة قائد «قوات الدعم السريع» الفريق محمد حمدان دقلو، المعروف باسم «حميدتي».

وشدد البرهان على ضرورة الاهتمام بالمرأة لتسهم في بناء السودان، مشيراً إلى أن المرأة في شرق البلاد لم تنل حظها في التعليم، بسبب عادات وتقاليد كانت سائدة في المجتمع.

نازحون سودانيون من ولاية سنار لدى وصولهم إلى مدينة القضارف في يوليو الماضي (أ.ف.ب)

ميدانياً، واصل الجيش تقدمه في ولاية سنار، حيث استعاد عدداً من البلدات بعد سيطرته مؤخراً على مدينة سنجة عاصمة الولاية التي تقع في الجزء الجنوبي الشرقي للبلاد. وأفادت مصادر محلية «الشرق الأوسط» بأن قوات الجيش مسنودة بعدد من كتائب الإسلاميين «المستنفرين» تمكنوا منذ يوم الأحد من استعادة السيطرة الكاملة على بلدات ريفية مجاورة للعاصمة سنجة، وهي «ود النيل» و«أبوحجار» و«دونتاي»، دون خوض معارك مع «قوات الدعم السريع» التي انسحبت، وبدأت في التوغل نحو ولاية النيل الأزرق جنوب شرقي البلاد. ووفق المصادر نفسها، أصبحت كل مدن وبلدات الولاية تحت سيطرة الجيش الذي يحاصر ما تبقى من «قوات الدعم السريع» في بلدتي «الدالي» و«المزمزم».

وكان الجيش قد أعلن، يوم السبت، استعادته رئاسة «الفرقة 17» مشاة في مدينة سنجة. وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي خاض الجيش معارك ضارية ضد «قوات الدعم السريع»، نجح من خلالها في استعادة السيطرة على منطقة «جبل موية» ذات الموقع الاستراتيجي التي تربط ولاية سنار بولايتي الجزيرة والنيل الأبيض.

ولا تزال «قوات الدعم السريع» تسيطر على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد ومنطقة غرب دارفور الشاسعة، إضافة إلى جزء كبير من ولايات كردفان إلى الجنوب. ووفقاً لحصر الأمم المتحدة وشركاء العمل الإنساني في السودان، قتل أكثر من 188 ألف شخص، وأصيب أكثر من 33 ألفاً منذ اندلاع الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في أبريل (نيسان) 2023.