ما دلالة نشاط السفن الحربية الروسية بالبحر الأحمر؟

موسكو تجري مناورات مشتركة مع أسمرة لأول مرة منذ 30 عاماً

استقبال مسؤولين بالبحرية والجيش الإريتريَّين لنظرائهم في البحرية الروسية (حساب وزير الإعلام الإريتري على «إكس»)
استقبال مسؤولين بالبحرية والجيش الإريتريَّين لنظرائهم في البحرية الروسية (حساب وزير الإعلام الإريتري على «إكس»)
TT

ما دلالة نشاط السفن الحربية الروسية بالبحر الأحمر؟

استقبال مسؤولين بالبحرية والجيش الإريتريَّين لنظرائهم في البحرية الروسية (حساب وزير الإعلام الإريتري على «إكس»)
استقبال مسؤولين بالبحرية والجيش الإريتريَّين لنظرائهم في البحرية الروسية (حساب وزير الإعلام الإريتري على «إكس»)

تنفّذ قطعٌ من البحرية الروسية مناورات مشتركة من القوات البحرية الإريترية في مدخل البحر الأحمر، في وقت تزداد فيه حدة التوتر بالمنطقة التي تشهد عمليات بحرية أميركية وأوروبية لـ«حماية الملاحة الدولية»، إضافة إلى عمليات استهداف لسفن تجارية من جانب «الحوثيين» في منطقة باب المندب، فضلاً عن تصاعد التوتر بين روسيا والغرب على خلفية الحرب في أوكرانيا.

ورأى مراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن المناورات «لا تخلو من رسائل روسية واضحة إلى الغرب»، فضلاً عن تحرك من جانب موسكو للوجود في منطقة باتت تمثل ساحة لـ«تنافس استراتيجي» بين عديد من القوى حول العالم، وسط مساعٍ من جانب روسيا لإيجاد موطئ قدم في تلك المنطقة الحيوية استراتيجياً واقتصادياً.

وأعلن السفير الروسي لدى إريتريا، إيجور موزغو، الخميس الماضي، أن روسيا أرسلت سفينة عسكرية للمشاركة في مناورات مشتركة مع إريتريا لأول مرة منذ 30 عاماً من العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

وقال موزغو إن عدداً من القطع البحرية الروسية العاملة ضمن «أسطول المحيط الهادئ» الروسي، وصلت إلى ميناء «مصوع» في إريتريا، ومن المتوقع أن تبقى هناك حتى 5 أبريل (نيسان)، بحسب ما نقله موقع «روسيا اليوم».

وفي 14 مارس (آذار)، اختتمت البحرية الروسية مناورات مشتركة مع نظيرتيها الصينية والإيرانية في خليج عُمان، شاركت فيها قطع بحرية روسية.

وتأتي المناورات في توقيت يشهد توترا أمنياً وسياسياً بين روسيا والدول الغربية، على خلفية استمرار الحرب الروسية - الأوكرانية منذ عامين، إضافة إلى تفاقم التوتر في أعقاب هجوم على أحد المسارح بضواحي موسكو، الذي اتهم بعض المسؤولين الروس كييف وواشنطن بالوقوف خلفه، وتقديم الدعم لمنفذيه، رغم إعلان ما يُسمى تنظيم «داعش -خراسان» تبنيه للهجوم.

منطقة لتوازن القوى

ورأى خبير الشؤون الأفريقية المقيم في الولايات المتحدة، إبراهيم إدريس، أن المناورات البحرية الروسية تأتي تجسيداً لتطور العلاقات الروسية - الإريترية، خصوصاً في أعقاب الزيارات المتكررة التي قام بها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى المنطقة، خصوصاً إلى شرق أفريقيا، التي تضمنت اتفاقات تنموية، إضافة إلى «تنسيق سياسي في ظل إعادة بناء النظام الدولي الجديد، وتراجع النفوذ الغربي في أفريقيا».

وأشار إدريس لـ«الشرق الأوسط» إلى أن منطقة البحر الأحمر باتت منطقة تستقطب عديداً من القوى الدولية المؤثرة، إذ صارت المنطقة في ظل التطورات الراهنة «منطقة لتوازن القوى»، وبدأت تشهد تصاعداً للوجود الصيني والآن الروسي، إضافة إلى كثافة الوجود العسكري للقوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة.

وتعج منطقة البحر الأحمر حالياً بالسفن الحربية، لا سيما الأميركية، المشارِكة في عملية «حارس الازدهار» التي شكّلتها الولايات المتحدة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي في أعقاب تصاعد الهجمات الحوثية على سفن الشحن منذ تفجُّر الحرب في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

كما بدأت دول بالاتحاد الأوروبي منذ منتصف فبراير (شباط) الماضي مهمّةً للمساعدة في حماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر، الذي تعدّه الدول الغربية ممراً استراتيجياً، إذ تمر عبره 12 في المائة من التجارة العالمية.

وعدّ الخبير في الشؤون الأفريقية المناورات التي تشارك فيها البحرية الروسية «مؤشراً على دور روسي يحتمل أن يتصاعد في المرحلة المقبلة» في تأمين الملاحة بالبحر الأحمر، لافتاً إلى أن روسيا «ليست غريبة عن المنطقة» ولديها علاقات وطيدة مع دول محورية في المنطقة مثل السعودية ومصر وإثيوبيا وإريتريا والسودان.

ومن ثم لا يستبعد إدريس وجود «قبول» لدور روسي في ظل التحالفات الإقليمية الراهنة الساعية إلى موازنة القوى في المنطقة، لكنه يشير في الوقت ذاته إلى أن ذلك الدور «لن يكون محل ترحيب غربي»، في ظل تصاعد التوتر بين الجانبين، وهو ما يمكن اعتباره دليلاً على دخول العلاقة بين الجانبين مرحلة «بدايات الصدام، وليس الصدام بحد ذاته».

يُشار إلى أن حجم الصادرات الروسية النفطية يبلغ نحو 24 في المائة من إجمالي حركة النفط المتجهة جنوباً إلى البحر الأحمر مروراً بقناة السويس ومضيق باب المندب، وتعد روسيا كذلك المورد الأهم للأسلحة لعديد من الدول الأفريقية إذ يتم بيع 13 في المائة من الأسلحة الروسية لدول القارة، وفق تقرير «معهد استوكهولم لأبحاث التسليح» لعام 2023.

رسائل روسية إلى الغرب

من جانبه، يرى المدير التنفيذي لـ«المجلس المصري للشؤون الخارجية»، سفير مصر لدى روسيا سابقاً، عزت سعد، أن المناورات البحرية الروسية تأتي في سياق بث عدد من الرسائل الروسية إلى دول الغرب، ومن بينها تأكيد أن روسيا ليست في عزلة، وأن لديها عديداً من الحلفاء حول العالم، إضافة إلى أنها تتصرف بوصفها قوة عظمى، ولديها من حرية الحركة والمشاركة في أنشطة ومناورات حول العالم ما يؤكد ذلك.

وأضاف سعد لـ«الشرق الأوسط» أن لدى روسيا حضوراً وعلاقات عسكرية قديمة مع دول منطقة القرن الأفريقي، خصوصاً مع إثيوبيا وإريتريا، التي وقّعت معها اتفاقاً عسكرياً العام الماضي، ومن ثم فإن روسيا تتحرك في منطقة تشعر بأن لديها فيها «نفوذاً تقليديّاً».

واستبعد سفير مصر السابق لدى روسيا أن تكون لدى موسكو نية لتصعيد الصدام مع الغرب، في ظل الوجود البحري لعديد من الدول الغربية في المنطقة، لكنها في الوقت ذاته تريد إيصال رسالة بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تصاعد حضور الولايات المتحدة والصين في منطقة البحر الأحمر الاستراتيجية، التي تحولت إلى منطقة «تنافس استراتيجي محكوم إلى الآن»، وبالتالي من الصعب أن تبقى روسيا بعيدة عن منطقة بهذه الأهمية.

يذكر أن إريتريا وقّعت، في 10 يناير (كانون الثاني) عام 2023، مذكرة تفاهم مع روسيا تنص على ربط مدينة مصوع الإريترية الساحلية مع قاعدة البحر الأسود البحرية «سيفاستوبول»، ويتيح الاتفاق لموسكو استغلال ميناء «مصوع» الإريتري تمهيداً لإقامة قاعدة عسكرية روسية جديدة في البحر الأحمر بالقرب من مضيق باب المندب، وهي خطوة لطالما سعت إليها الحكومة الروسية بشكل حثيث خلال السنوات الأخيرة بهدف إيجاد موطئ قدم لها في المنطقة؛ لتحقيق أهدافها الجيوسياسية هناك.

في المقابل، تمتلك دول عدة، من بينها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والصين واليابان، قواعد عسكرية في جيبوتي المجاورة لإريتريا، في حين تمتلك قوى إقليمية مثل تركيا وإسرائيل وجوداً بحرياً بالمنطقة، وتسعى إثيوبيا إلى امتلاك قاعدة بحرية وميناء في إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، الأمر الذي يفاقم من التوتر في منطقة القرن الأفريقي، التي تعاني وضعاً أمنياً واقتصادياً هشّاً.


مقالات ذات صلة

«ميرسك» تُكمل أول رحلة لها في البحر الأحمر منذ عامين تقريباً

الاقتصاد سفينة الحاويات «ميرسك هانغتشو» تبحر في قناة وييلينغن بويسترسشيلد (رويترز)

«ميرسك» تُكمل أول رحلة لها في البحر الأحمر منذ عامين تقريباً

أعلنت شركة الشحن الدنماركية «ميرسك» يوم الجمعة أن إحدى سفنها نجحت في عبور البحر الأحمر ومضيق باب المندب لأول مرة منذ نحو عامين.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن )
تحليل إخباري صدرت بيانات منسوبة للحوثيين تهدد بضرب كابلات الإنترنت في البحر الأحمر (رويترز)

تحليل إخباري هل تضررت مصر بوصفها ممراً دولياً للإنترنت من هجمات الحوثيين؟

تسببت الأحداث التي شهدتها المنطقة خصوصاً بالبحر الأحمر خلال العامين الماضيين وحدوث انقطاعات في كابلات الإنترنت التي تمر عبر مصر، في أضرار دفعت للتفكير في بدائل

هشام المياني (القاهرة)
يوميات الشرق السجادة الحمراء في الدورة الخامسة لمهرجان البحر الأحمر - جدة 2025 (أ.ف.ب)

جوائز «البحر الأحمر السينمائي» ذهبت لمن استحق

جوائز مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» الخامسة وزعت على أفلام «أرض مفقودة» و«اللي باقي منك» و«هجرة»، مع تكريم أعمال عربية أخرى مميزة.

محمد رُضا (جدّة)
يوميات الشرق تكريم الأسطورة أنتوني هوبكنز (المهرجان)

«البحر الأحمر»... ليلة تتويج ترسّخ مكانته عالمياً

اختُتمت في جدة مساء الخميس الدورة الخامسة لمهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» في ليلة تتويج عكست اتّساع تأثيره العالمي، وأبرزت الحضور المتنامي للسينما.

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق المخرجة السعودية شهد أمين تتسلَّم جائزة فيلم «هجرة» (المهرجان)

«البحر الأحمر»... ليلة تتويج تؤكد مكانته جسراً عالمياً للسينما

تميَّزت الدورة الخامسة بارتفاع مستوى الاختيارات الفنّية، واتّساع رقعة المشاركة الدولية، وازدياد حضور السينما السعودية في قلب المشهد...

إيمان الخطاف (جدة)

«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
TT

«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)

زاد الاعتراف الإسرائيلي الأخير بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة» من مخاوف تهجير الفلسطينيين إلى الإقليم الانفصالي وإقامة قواعد عسكرية لإسرائيل بالمنطقة المطلة على ساحل البحر الأحمر.

وحذر رئيس وزراء الصومال، حمزة عبدي بري، من «إشعال الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي، بسبب خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أرض الصومال»، وقال إن هذه الخطوة «ستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة من السودان والصومال وباقي البلدان».

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، الاعتراف بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة ذات سيادة»، في اعتراف رسمي هو الأول بـ«الإقليم الانفصالي» داخل الصومال، في خطوة اعتبر رئيس إقليم أرض الصومال، عبد الرحمن محمد عبد الله عرو، أنها «لحظة تاريخية».

ولاقى الاعتراف الإسرائيلي إدانات عربية وإسلامية وأفريقية، وأصدرت دول عربية وإسلامية، والجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي، ومفوضية الاتحاد الأفريقي، بيانات أكدوا فيها رفضهم التام للخطوة الإسرائيلية.

وربط رئيس الوزراء الصومالي بين الاعتراف الإسرائيلي وتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وقال في تصريحات متلفزة لقناة «القاهرة الإخبارية»، الأحد، إن «كل المؤشرات تؤكد أن نتنياهو يريد تهجير الغزيين إلى أرض الصومال»، وأكد أن «بلاده لن تقبل بهذا الأمر»، مشيراً إلى أن «الشعب الفلسطيني من حقه أن يعيش على أرضه، وأن تكون له دولته المستقلة».

ويرى بري أن الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» هو «جزء من خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي لإقامة ما يسمى بـ(إسرائيل الكبرى)»، وأشار إلى أن «إسرائيل تسعى لاستغلال الظروف السياسية والإقليمية الراهنة، معتبرة أن وجودها في شمال الصومال قد يتيح لها التحكم في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مع إمكانية إنشاء قواعد عسكرية في المنطقة».

وشددت الحكومة الصومالية، في بيان لها الجمعة، على «الرفض القاطع للاحتلال والتهجير القسري للفلسطينيين»، وأكدت أنها «لن تقبل أبداً بجعل الشعب الفلسطيني بلا جنسية»، كما أكدت «عدم السماح بإنشاء أي قواعد عسكرية أجنبية أو ترتيبات على أراضيها من شأنها جرّ الصومال إلى صراعات بالوكالة، أو استيراد العداوات الإقليمية والدولية».

اجتماع الحكومة الصومالية الجمعة بعد الخطوة الإسرائيلية (وكالة أنباء الصومال)

ويعتقد الباحث والمحلل السياسي من إقليم أرض الصومال، نعمان حسن، أن «حكومة الإقليم لن تقبل بتهجير الفلسطينيين إليه»، وقال إن «السلطة في (أرض الصومال) أعلنت بوضوح رفضها التهجير، باعتبار أنه سيعرقل أي حلول سياسية أمام استكمال الاعتراف بالإقليم كدولة مستقلة»، منوهاً بأن «هناك رفضاً شعبياً أيضاً لهذا الطرح».

وفي الوقت ذاته، فإن حسن يرى، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «حكومة (أرض الصومال) لن تمانع إقامة قواعد عسكرية إسرائيلية على أرض الإقليم، شريطة ألا تضر بدول الجوار»، وقال إن «الإقليم يحتاج أن يكون جاهزاً لأي تدخل من الخارج، على وقع التطورات الأخيرة، خصوصاً مع الرفض العربي والإسلامي للاعتراف الإسرائيلي».

ويظل الاعتراف بالاستقلال «الهدف الأساسي الذي تسعى إليه حكومة (أرض الصومال)»، وفق نعمان حسن، الذي عدّ أن «هذه الخطوة لن تضر بمصالح أي دولة أخرى».

في حين يرى المحلل السياسي الصومالي، حسن محمد حاج، أن الاعتراف الإسرائيلي «يثير مخاوف من تأثيره على إعادة تشكيل الخريطة الديمغرافية للإقليم، من خلال فتح الباب أمام التهجير للسكان المحليين أو للفلسطينيين إلى أرض الإقليم، بذرائع مثل التنمية أو إقامة مناطق أمنية ومرافق سيادية».

وأشار حاج، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المخاوف تتزايد من تحول الاعتراف إلى مدخل لإقامة قواعد عسكرية أو مرافق استخباراتية إسرائيلية على ساحل البحر الأحمر ومنطقة باب المندب»، عاداً أن ذلك «سيضع الإقليم في قلب صراع المحاور الدولية، ويحوله من قضية داخل الصومال إلى ساحة لتنافس إقليمي ودولي»، وأشار إلى أن «مخاطر سيناريوهات (التهجير والعسكرة) ستمتد أثرها للمحيط الإقليمي والأفريقي بتأجيج التوترات القبلية وإضعاف فرص الحلول السياسية الشاملة».

وينظر عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، والمستشار بـ«الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية»، اللواء عادل العمدة، إلى تأثير ما يحدث في «أرض الصومال» باعتبار أنه «يرسخ لمفاهيم سلبية عن الانفصال لدى الحركات التي تشجع على ذلك، ما يعزز من مسألة التفتيت والتقسيم بين الدول الأفريقية»، وقال إن «تقسيم الصومال سيؤثر على الاستقرار الإقليمي والدولي؛ لارتباط هذه المنطقة بمصالح استراتيجية لغالبية دول العالم».

ويعتقد العمدة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «إسرائيل تريد من خطوة الاعتراف بـ(أرض الصومال)، فتح جبهة جديدة من الصراع في المنطقة، للفت أنظار المجتمع الدولي عما يحدث في قطاع غزة»، وقال إن «الحفاظ على وحدة الصومال وسيادته جزء من الحفاظ على الأمن القومي العربي والمصري في منطقة البحر الأحمر».

ويعوّل الصومال على الدعم الإقليمي والعالمي لسيادته في مواجهة التحركات الإسرائيلية، وفق بري الذي قال في تصريحاته إن بلاده «تستخدم القنوات الدبلوماسية كخيار لمواجهة قرار نتنياهو»، إلى جانب «استخدام الإجراءات القانونية للدفاع عن وحدة» بلاده، لافتاً إلى أن «الدستور لا يسمح لـ(أرض الصومال) بالقيام بهذا الفعل».

ويعلن إقليم أرض الصومال انفصاله من جانب واحد عن جمهورية الصومال الفيدرالية منذ عام 1991، ولم يحظَ باعتراف دولي طوال هذه الفترة.


الرئيس الصومالي يزور تركيا الثلاثاء تلبية لدعوة إردوغان

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)
TT

الرئيس الصومالي يزور تركيا الثلاثاء تلبية لدعوة إردوغان

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)

قال برهان الدين دوران، مدير الاتصالات في مكتب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم (الاثنين)، إن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود سيزور تركيا غداً (الثلاثاء) تلبيةً لدعوة إردوغان.

وأضاف دوران، على منصة «إكس»، أنه سيتم خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية بين تركيا والصومال وتقييم الخطوات التي يمكن اتخاذها لتعزيز التعاون.

وتابع قائلاً: «سيناقش الزعيمان جهود الصومال في مكافحة الإرهاب، وخطواته لضمان الوحدة الوطنية، والتطورات الإقليمية».

كانت تركيا قد أدانت، يوم الجمعة، اعتراف إسرائيل بإقليم «أرض الصومال» الانفصالي، ووصفته بأنه عمل غير قانوني يستهدف زعزعة الاستقرار الإقليمي والدولي.

وأكدت «الخارجية التركية»، في بيان، أن الاعتراف الإسرائيلي بالإقليم هو تدخل سافر في الشؤون الداخلية للصومال، مؤكدة استمرار تركيا في دعمها لوحدة أراضي الصومال.


اتهامات لقوات «الانتقالي» بارتكاب مئات الانتهاكات في حضرموت

عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)
عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)
TT

اتهامات لقوات «الانتقالي» بارتكاب مئات الانتهاكات في حضرموت

عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)
عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)

انضم وزير الدفاع في الحكومة اليمنية الشرعية محسن الداعري إلى الإجماع اليمني الواسع المرحب برسالة وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان إلى الشعب اليمني، التي تدعو «المجلس الانتقالي الجنوبي» إلى إخراج قواته من حضرموت وشبوة، بالتوازي مع تقارير حقوقية تتهم هذه القوات بارتكاب مئات الانتهاكات.

وفي هذا السياق، عبّر الوزير الداعري عن تقديره العميق لرسالة نظيره وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، «وما حملته من تأكيد على موقف السعودية الثابت في دعم ومساندة اليمن وشرعيته، وحرصها الدائم على وحدة الصف، وتضافر جهود الجميع لاستعادة مؤسسات الدولة، وتحرير كامل التراب الوطني، وتحقيق أهداف (عاصفة الحزم) و(إعادة الأمل)، بما يعزز الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة».

وأكد الوزير الداعري، في منشور له على صفحته في «فيسبوك»، ثقته المطلقة «بحكمة القيادة السعودية، وقدرتها على تجاوز وحل أي خلافات أو تباينات لإخراج اليمن إلى بر الأمان شمالاً وجنوباً».

وزير الدفاع في الحكومة اليمنية الشرعية محسن الداعري (سبأ)

وثمّن وزير الدفاع اليمني، عالياً، «التضحيات السعودية والدعم السخي والإسناد المتواصل في مختلف الجوانب وعلى الصعد كافة»، مؤكداً اعتزازه «بهذه الشراكة الاستراتيجية التي ستظل ركيزة أساسية لاستكمال التحرير وبناء مستقبل آمن ومزدهر».

وقال الداعري: «أكرر الشكر والتقدير للأشقاء في المملكة العربية السعودية، قائدة التحالف، على مساعيهم الحكيمة وجهودهم الصادقة ليتحقق لنا الأمن والاستقرار والتنمية».

مئات الانتهاكات

وفي ظل استمرار التصعيد العسكري الأحادي الذي يقوده «المجلس الانتقالي الجنوبي»، كشفت «الشبكة اليمنية للحقوق والحريات»، عن توثيق 614 واقعة انتهاك ارتكبتها قواته في محافظة حضرموت، خلال الفترة من 2 ديسمبر (كانون الأول) إلى 25 من الشهر نفسه، في تصعيد وصفته بـ«المنظم والممنهج» استهدف المدنيين والبنية المجتمعية، وأسفر عن تهجير وتشريد ما يقارب 5000 أسرة من مناطق متفرقة في المحافظة.

وقالت الشبكة، في تقرير، الاثنين، إن «طبيعة وحجم الانتهاكات المسجلة يعكسان نمطاً متكرراً من الممارسات الجسيمة التي لا يمكن توصيفها بأنها حوادث فردية أو عرضية، بل تأتي في سياق سياسة ممنهجة تهدد السلم الاجتماعي، وتقوّض سيادة القانون في واحدة من أكثر المحافظات اليمنية استقراراً نسبياً».

موالون لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» يرفعون في عدن صورة زعيمهم عيدروس الزبيدي (إ.ب.أ)

ووفقاً للتقرير، شملت الانتهاكات جرائم قتل وإصابة، وتصفيات ميدانية خارج إطار القانون، واعتقالات تعسفية، وإخفاءً قسرياً، ونهباً لممتلكات عامة وخاصة، وتهجيراً قسرياً واسع النطاق. وأشار إلى توثيق مقتل 35 عسكرياً من أفراد الجيش و12 مدنياً من أبناء حضرموت، إلى جانب إصابة 56 شخصاً بجروح متفاوتة.

كما سجل التقرير 7 حالات تصفية ميدانية لأسرى دون أي إجراءات قضائية، و316 حالة اعتقال تعسفي طالت مدنيين، في خرق واضح للضمانات القانونية الأساسية. وفيما يتعلق بملف الإخفاء القسري، وثقت الشبكة 216 حالة توزعت على محافظات عدة، من بينها حضرموت (53 حالة)، وريمة (41)، وحجة (31)، وتعز (28)، وذمار (26)، وأبين (19)، وإب (18)، إضافة إلى حالات من محافظات أخرى.

وأشار التقرير كذلك إلى نهب 112 منزلاً سكنياً و56 منشأة تجارية، والاستيلاء على 20 مركبة خاصة، فضلاً عن التهجير القسري وتشريد آلاف الأسر، ما فاقم الأوضاع الإنسانية والمعيشية في المحافظة.

إخفاء قسري

وأكدت الشبكة الحقوقية تلقيها عشرات البلاغات الموثقة من أسر مدنية، أفادت باختفاء أبنائها قسراً، دون أي معلومات عن أماكن احتجازهم أو مصيرهم حتى لحظة إعداد التقرير، إضافة إلى مئات العسكريين التابعين للمنطقة العسكرية الأولى الذين لا يزال مصيرهم مجهولاً، في انتهاك جسيم للقانون الوطني والمعايير الدولية.

وشدد التقرير على أن هذه الممارسات «تشكل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، وخرقاً لالتزامات اليمن بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بما في ذلك الحق في الحياة، وحظر الاعتقال التعسفي، وحظر الإخفاء القسري».

وذهبت الشبكة إلى أن «بعض هذه الأفعال قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، لا سيما إذا ثبت طابعها واسع النطاق أو المنهجي، وهي جرائم لا تسقط بالتقادم وتستوجب المساءلة الجنائية الفردية والمؤسسية».

«المجلس الانتقالي الجنوبي» يسعى إلى الانفصال عن شمال اليمن وإخضاع حضرموت والمهرة بالقوة (أ.ب)

وحذرت الشبكة الحقوقية من «تداعيات إنسانية كارثية، تشمل تفكك النسيج الاجتماعي، وتفاقم النزوح الداخلي، والانهيار الاقتصادي المحلي، وتعاظم الصدمات النفسية لدى النساء والأطفال، في ظل غياب آليات حماية فعالة للمدنيين».

وطالبت بـ«إدانة دولية واضحة وصريحة للانتهاكات المرتكبة في حضرموت، والوقف الفوري وغير المشروط لها، والإفراج العاجل عن جميع المحتجزين تعسفياً، والكشف عن مصير المخفيين قسراً، وإعادة الممتلكات المنهوبة إلى أصحابها». كما دعت إلى محاسبة المسؤولين «وفق مبدأ عدم الإفلات من العقاب».

وأكدت الشبكة أن ما يجري في حضرموت «ليس وقائع معزولة، بل هو نمط ممنهج يهدد فرص الاستقرار والسلام في اليمن»، مجددة استعدادها للتعاون مع آليات الأمم المتحدة والجهات الدولية المختصة، وتزويدها بالتقارير التفصيلية والأدلة الموثقة وقوائم الضحايا.