دعوة أميركية للبنان لالتقاط الفرص لتنفيذ «الـ1701» وانتخاب الرئيس

لأن البديل دخوله في مرحلة يصعب استيعابها

السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون (من حساب قيادة الجيش اللبناني)
السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون (من حساب قيادة الجيش اللبناني)
TT

دعوة أميركية للبنان لالتقاط الفرص لتنفيذ «الـ1701» وانتخاب الرئيس

السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون (من حساب قيادة الجيش اللبناني)
السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون (من حساب قيادة الجيش اللبناني)

أحدث التهديد الذي أطلقه وزير الدفاع الإسرائيلي يواف غالانت بتوسيع الرقعة الجغرافية للمواجهة العسكرية مع «حزب الله»، واستهدافه خارج الحدود اللبنانية، قلقاً لدى الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي، ما اضطرهما لإسداء النصائح للبنان بعدم التفريط بالفرصة المتاحة لإعادة الهدوء إلى جنوبه، بتطبيق القرار 1701، ولو بالتدرُّج.

وهذا ما يسعى إليه الوسيط الأميركي آموس هوكستين لقطع الطريق على توسعة الحرب التي يُخشى أن تأخذ لبنان إلى مرحلة جديدة يصعب السيطرة عليها لاستيعاب تداعياتها على الوضع الداخلي برمته.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية بارزة أن تعليق تحرك سفراء «اللجنة الخماسية» إلى ما بعد انتهاء عطلة الأعياد، لم يمنع سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون من تكثيف لقاءاتها على خطين: الأول يتعلق بحثّ النواب على إخراج انتخاب رئيس الجمهورية من التأزُّم، فيما يتمحور الثاني حول ضرورة تهيئة الظروف السياسية لمنع توسعة الحرب لتشمل لبنان، وذلك بتطبيق القرار 1701 بشكل تدريجي، وهذا ما يعمل من أجله الوسيط الأميركي.

لقاءات على مائدة السفيرة

في هذا السياق، التقت السفيرة جونسون الأعضاء في تحالف «قوى التغيير» النواب ميشال الدويهي ومارك ضو ووضاح الصادق، وأعقبت اجتماعها بهم دعوتهم مع نواب في المعارضة لتناول العشاء إلى مائدتها، بحضور مساعد نائب وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط غولد ريتش، إضافة إلى النواب فؤاد مخزومي وغسان حاصباني وإلياس حنكش وفادي علامة، رئيس اللجنة النيابية للشؤون الخارجية، المنتمي إلى كتلة «التنمية والتحرير» برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري.

ويأتي تحرك السفيرة الأميركية مع استعداد وفد نيابي يمثل قوى المعارضة للسفر قريباً إلى واشنطن، ويضم ميشال معوض وجورج عقيص، إضافة إلى ضو وصادق وحنكش، ويُفترض أن يلتقي مسؤولين في الخارجية والبيت الأبيض والفريق الأميركي المكلف بالملف اللبناني.

ومع أن السفيرة الأميركية لم تتطرق بالتفصيل إلى المهمة الموكلة إلى هوكستين لتطبيق القرار 1701، واكتفت بالقول، حسب مصادر نيابية، إنه يتحرك بين لبنان وإسرائيل لإيجاد مساحة سياسية مشتركة لضمان تنفيذه بشكل تدريجي، بزيادة عديد وعتاد الجيش اللبناني الذي سيلقى كل الدعم على كافة المستويات، وبمؤازرة قوات الطوارئ الدولية (يونيفيل) لإعادة الهدوء إلى الحدود اللبنانية - الإسرائيلية.

بري وسيطاً

ولفتت جونسون، كما تقول المصادر نفسها، إلى أن هوكستين يتفاوض مع الرئيس بري لتهيئة الأجواء لتطبيق القرار 1701، فيما كشف مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط» أنه ينتظر عودة الوسيط الأميركي التي تتوقف على الجهود المبذولة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار على الجبهة الغزاوية، الذي يُفترض أن ينسحب على امتداد الجبهة الشمالية في جنوب لبنان.

وأكد المصدر أن الرئيس بري على تواصل دائم مع «حزب الله» لوضعه في تفاصيل ما يحمله هوكستين لتطبيق القرار 1701، وقال إن الأخير عرض عليه صيغة أولية لتطبيقه قوبلت بتسجيل عدد من الملاحظات والاستفسارات.

ولفت إلى أن هوكستين عاد وعرض على الرئيس بري صيغة معدّلة، آخذاً في الاعتبار عدداً من الملاحظات التي سجّلها على الصيغة الأولى، وقال إن الصيغة الثانية كانت أكثر واقعية من الأولى ويمكن التأسيس عليها، ليس لمنع إسرائيل من توسعة الحرب، وإنما لإعادة الهدوء والاستقرار إلى جنوب لبنان الذي لا يمكن أن يتحقق من دون إلزام إسرائيل بوقف خرقها للسيادة اللبنانية، براً وبحراً وجواً.

وشدد المصدر النيابي على أن الرئيس بري في تواصله مع حليفه «حزب الله» يشدّد على ضبط النفس وقطع الطريق على محاولة استدراجه من قبل إسرائيل التي تهدد بتوسعة الحرب.

وبرغم أن المصدر نفسه فضّل عدم الدخول في تفاصيل التعديلات التي أدخلها هوكستين بناء على طلب الرئيس بري، فإنه في المقابل يحمّل إسرائيل مسؤولية جنوحها نحو توسعة الحرب، ويدعو للتوازن في التطبيق التدريجي للقرار 1701، خصوصاً وأن إسرائيل لا تزال تحتل أراضي لبنانية، لا تقتصر على مزارع شبعا وتلال كفر شوبا، وإنما تتعداها إلى المناطق الواقعة على امتداد الخط الأزرق.

ترجيح الخيار الثالث

أما بالنسبة إلى إخراج الاستحقاق الرئاسي من التأزُّم بانتخاب رئيس للجمهورية، فإن السفيرة الأميركية، كما تقول المصادر ذات الصلة الوثيقة بها، تدعو إلى انتهاز الفرصة لتعبيد الطريق أمام انتخابه، وهذا يتوقف على مدى استعداد النواب لترجيح كفة الخيار الرئاسي الثالث من دون أن تدخل في الأسماء.

وتنظر السفيرة إلى الخيار الثالث، كما تقول مصادر نيابية، من زاوية أن هناك صعوبة أمام الكتل النيابية على اختلاف انتماءاتها في تأمين النصاب النيابي المطلوب لضمان فوز أحد المرشحين المعروفين: رئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، أو منافسه الوزير السابق جهاد أزعور، وإن كانت تنأى بنفسها عن التدخل وتترك للنواب الاتفاق على آلية، سواء بالتشاور أو الحوار، أو اللقاءات الثنائية لتسهيل انتخاب الرئيس.

فالسفيرة جونسون ليست في وارد التدخل في الأسماء، وما تقوله لا يعبّر عن رأيها الشخصي، وإنما يعكس واقع الحال في البرلمان المنقسم على نفسه، الذي لا يزال يعطل انتخاب الرئيس.

وعليه، فإن ترجيح كفة الخيار الثالث لا يزال يتقدم، خصوصاً وأن بري يتعاطى بمرونة وانفتاح على حد قول مصادر مقربة من لجنة السفراء، وإن كان لا يلزم نفسه حتى الساعة بهذا الخيار الذي يتطلب لإنجازه توسيع مروحة الاتصالات التي يُفترض أن تُستأنف مع عودة السفراء لاستكمال جولتهم على الكتل النيابية.


مقالات ذات صلة

تصاعُد في الخسائر المدنية بجنوب لبنان... و«حزب الله» يستهدف مستعمرات

المشرق العربي خلال تشييع الأطفال السوريين الثلاثة الذين قُتلوا بجنوب لبنان نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

تصاعُد في الخسائر المدنية بجنوب لبنان... و«حزب الله» يستهدف مستعمرات

يتزايد في اليومين الأخيرين عدد القتلى المدنيين جنوب لبنان نتيجة القصف الإسرائيلي، الذي نتج عنه يوم الثلاثاء مقتل 5 سوريين، بينهم 3 أطفال.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ملتقياً المبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان آموس هوكستين في زيارة سابقة له إلى بيروت (إ.ب.أ)

إسرائيل تتبع التدمير البطيء جنوباً لتطبيق الـ«1701» على طريقتها

يتخوف اللبنانيون من تراجع الاهتمام الدولي ببلدهم بخلاف ما يتوهمه البعض من أهل السياسة نظراً لانشغال الدول بمشاكلها الداخلية.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي أعضاء في «كشافة المهدي» يحملون صورة لنصرالله خلال الاحتفال بذكرى عاشوراء في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

نصرالله يعد مناصريه بإعمار القرى الجنوبية اللبنانية المدمرة

قال أمين عام «حزب الله» حسن نصرالله إن الجهة التي تفاوض باسم لبنان هي الدولة اللبنانية، نافياً وجود اتفاق جاهز للوضع في الجنوب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مواطنون من جنوب لبنان أمام المنازل المدمر نتيجة القصف الإسرائيلي (إ.ب.أ)

مقتل 5 أشخاص خلال ساعات في جنوب لبنان

قُتل شخصان في قصف إسرائيلي استهدف دراجة نارية كانا يستقلانها في النبطية، في جنوب لبنان بعد ساعات على مقتل 3 أشخاص هم عنصر في «حزب الله» وشقيقتاه.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم مستمعاً لكلمة نصر الله في الاحتفال التأبيني للقيادي محمد ناصر الذي اغتالته إسرائيل (رويترز)

تحليل إخباري «حزب الله» يعود إلى لغة التهديد: أزمة داخلية أم استثمار مسبق للحرب؟

عاد المسؤولون في «حزب الله» للغة التهديد والوعيد و«تخوين المعارضين» على خلفية مواقف عدة مرتبطة بالحرب الدائرة في الجنوب من جهة وبالاستحقاق الرئاسي من جهة أخرى.

كارولين عاكوم (بيروت)

تشكيلية فلسطينية ترسم من بين أنقاض خان يونس معاناة الحرب (صور)

ترسم الأسطل بدر دحلان البالغ من العمر 30 عاماً ويظهر مصدوماً ومشوشاً بعينين جاحظتين وجسد نحيل وبدت إصابات متعددة على وجهه ويديه تعكس تعرضه للتعذيب (إ.ب.أ)
ترسم الأسطل بدر دحلان البالغ من العمر 30 عاماً ويظهر مصدوماً ومشوشاً بعينين جاحظتين وجسد نحيل وبدت إصابات متعددة على وجهه ويديه تعكس تعرضه للتعذيب (إ.ب.أ)
TT

تشكيلية فلسطينية ترسم من بين أنقاض خان يونس معاناة الحرب (صور)

ترسم الأسطل بدر دحلان البالغ من العمر 30 عاماً ويظهر مصدوماً ومشوشاً بعينين جاحظتين وجسد نحيل وبدت إصابات متعددة على وجهه ويديه تعكس تعرضه للتعذيب (إ.ب.أ)
ترسم الأسطل بدر دحلان البالغ من العمر 30 عاماً ويظهر مصدوماً ومشوشاً بعينين جاحظتين وجسد نحيل وبدت إصابات متعددة على وجهه ويديه تعكس تعرضه للتعذيب (إ.ب.أ)

تقف الفنانة التشكيلية إلهام الأسطل ( 28 عاماً)، لترسم بالقرب من منزلها المُدمَّر في خان يونس، جنوب قطاع غزة.

درست الأسطل بكالوريوس فنون جميلة في جامعة الأقصى (إ.ب.أ)

وترصد الأسطل، عبر خطوطها وما تبقَّى من ألوانها، معاناة الحرب الدائرة في القطاع منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ترسم الأسطل الشاب الغزي بدر دحلان الذي انتشرت صورته عبر مواقع التواصل الاجتماعي وظهرت بوضوح آثار التعذيب الذي تعرض له بعد قضائه شهراً في السجون الإسرائيلية (إ.ب.أ)

وتسلط الضوء على الأحداث والمشاهد برفقة مجموعة من الأطفال النازحين في خان يونس.

تعدّ الأسطل الفن والرسم رسالة إنسانية لرصد معاناة الحرب التي دمرت أحلامها ومستقبلها (إ.ب.أ)

ونزح ما يصل إلى 1.7 مليون شخص، أو أكثر من 75 في المائة من السكان، في جميع أنحاء قطاع غزة.

طفل فلسطيني يجلس ليشاهد الفنانة الفلسطينية وهي ترسم في خان يونس (إ.ب.أ)

بعضهم أكثر من مرة؛ بحثاً عن الأمان، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

فقدت الفنانة التشكيلية معظم أدواتها ولوحاتها بعد قصف منزلها في خان يونس (إ.ب.أ)

وارتفعت حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 38 ألفاً و848 قتيلاً، إلى جانب 89 ألفاً و459 إصابة منذ السابع من أكتوبر الماضي، حسبما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، اليوم (الخميس).

تستخدم الأسطل ما تبقى لديها من أدوات ولم توقفها الحرب عن ممارسة رسالتها وشغفها بالرسم والفن (إ.ب.أ)

وقالت الوزارة، في بيان صحافي، اليوم: «ارتكب الجيش الإسرائيلي 3 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة، ووصل منها للمستشفيات 54 قتيلاً و95 مصاباً خلال الـ24 ساعة الماضية».

تحاول الأسطل رصد أشهر المشاهد والمواقف التي وقعت منذ بداية الحرب على قطاع غزة (إ.ب.أ)

وفي وقت سابق الأربعاء، أبلغ الدفاع المدني عن مقتل 15 شخصاً في أنحاء وسط وشمال غزة جراء العمليات الإسرائيلية.

الأسطل وأطفال خان يونس النازحون وسط أنقاض منازلهم (إ.ب.أ)

في حين سجّلت وزارة الصحة مقتل 3 أطفال وامرأة بالقرب من خان يونس.