هل العرب مستعدون لمواجهة آثار التحوّل المناخي؟

جفاف نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وانعدام هطول الأمطار في سد العروسية بولاية منوبة التونسية في 21 مارس الجاري (إ.ب.أ)
جفاف نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وانعدام هطول الأمطار في سد العروسية بولاية منوبة التونسية في 21 مارس الجاري (إ.ب.أ)
TT

هل العرب مستعدون لمواجهة آثار التحوّل المناخي؟

جفاف نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وانعدام هطول الأمطار في سد العروسية بولاية منوبة التونسية في 21 مارس الجاري (إ.ب.أ)
جفاف نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وانعدام هطول الأمطار في سد العروسية بولاية منوبة التونسية في 21 مارس الجاري (إ.ب.أ)

تواجِه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحديات بيئية متزايدة، بما في ذلك ندرة المياه، وارتفاع درجات الحرارة، والتصحر. وتُعدّ التغيُّرات المناخية من العوامل الرئيسية التي تُفاقم هذه التحديات، إذ تؤثر على أنماط هطول الأمطار، ودرجات الحرارة، ومستويات سطح البحر.

ومع استمرار ارتفاع درجة حرارة الكوكب، تتعرض العديد من مكوّنات النظام البيئي لتغيرات كبيرة. وتُعدّ «نقاط التحوّل المناخي» من أخطر هذه التغيُّرات، إذ تُشير إلى عتبات حرجة في النظام البيئي يمكن أن تؤدي عند تجاوزها إلى عواقب وخيمة يصعب عكسها.

نقاط التحوّل المناخي تهدّد الكوكب

تُعرِّف الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ نقاط التحوّل بأنها «العتبات الحرجة، التي يمكن أن تؤدي عند تجاوزها إلى تغيير كبير في حالة النظام، وغالباً ما يكون هذا التغيير غير قابل للعكس». وبعبارة أخرى، فإنّ نقاط التحوّل المناخي هي عناصر في النظام البيئي لكوكب الأرض، يمكن أن تؤدي فيها تغيُّرات صغيرة إلى سلسلة من ردود الفعل المتتالية التي تحوّل النظام من حالة مستقرة إلى حالة مختلفة تماماً.

فعلى سبيل المثال، يمكن أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى تحوّل الغابات المطيرة إلى سهول جافة. ويستمر هذا التغيير مدفوعاً بحلقات من ردود الفعل الذاتية، حتى لو توقّف السبب الذي أدّى إلى تغيير النظام. وقد يظلّ النظام في حالة «تحوّل» حتى لو انخفضت درجة الحرارة إلى ما دون العتبة الحرجة مرةً أخرى. وقد يستغرق هذا التحوّل من حالة إلى أخرى عقوداً أو حتى قروناً للوصول إلى حالة جديدة مستقرة. ولكن إذا تمّ تجاوز نقاط التحوّل الآن، أو في غضون العقد المقبل، فقد لا تظهر آثارها الكاملة لمئات أو آلاف السنين.

وتُعدّ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أكثر المناطق عرضةً لتأثيرات التغيُّرات المناخية، وهي تُعد من بين البلدان الأكثر عرضةً لانعدام الأمن الغذائي في العالم نتيجة عوامل مختلفة، منها مناخ المنطقة الجاف وشبه الجاف، وندرة المياه، وتدهور الأراضي والتصحر، والنمو السكاني السريع، وضعف الممارسات الزراعية، وتركُّز الزراعة في المناطق الساحلية المهددة بارتفاع منسوب مياه البحر. ويمكن أن تؤدي التغيُّرات المناخية إلى تفاقم هذه المشاكل.

كما يمكن للتغيُّرات المناخية أن تؤثر على الصحة في البلدان العربية بطرق عدّة، كأن تؤدي موجات الحرّ إلى الإصابة بضربات الشمس، والجفاف، وأمراض القلب والأوعية الدموية. كما يمكن أن تؤدي الفيضانات إلى انتشار الأمراض المنقولة بالمياه، مثل الكوليرا والتيفوئيد. ويمكن أن تؤثّر التغيُّرات المناخية أيضاً على الصحة النفسية.

ومن المتوقع أن يكون للتغيُّرات المناخية تأثير كبير على اقتصاد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر إلى إلحاق أضرار بالبنية التحتية الساحلية، وتعطيل السياحة، وتشريد السكان. كما يمكن أن تؤدي موجات الحرّ والجفاف إلى انخفاض الإنتاجية الزراعية، وزيادة تكاليف الطاقة، والإضرار بالصحة. وقد تترك آثارها أيضاً على الاستقرار السياسي، حيث يؤدي الجفاف والفيضانات مثلاً إلى تفاقم الصراعات القائمة على الموارد.

المخاطر على الدول العربية

مع الأخذ في الاعتبار تداخل عناصر النظام البيئي لكوكب الأرض وتكاملها، فإن حصول عتبات حرجة في هذا النظام سيطول بتأثيره جميع مناطق الكوكب بعواقب متباينة ومختلفة. فعلى سبيل المثال، ستؤدي نقاط التحوّل المناخي المرتبطة بذوبان الصفائح الجليدية في غرينلاند والقطب الجنوبي إلى ارتفاع كبير في مستوى سطح البحر، ما يُهدّد المناطق الساحلية في الدول العربية. وتُشير التقديرات إلى أنّ ذوبان الصفيحة الجليدية في غرينلاند وحده سيؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار 27 سنتيمتراً على الأقل.

وفيما يخصّ تغيُّر الدورة المحيطية في شمال الأطلسي، التي تُعد نظاماً مهماً لنقل الحرارة في المحيطات يجلب المياه الدافئة من المناطق الاستوائية إلى شمال الأطلسي ويُعيد المياه الباردة إلى الجنوب، فإن الدراسات تُشير إلى أنّ هذه الدورة في أضعف حالاتها الآن، وأنّ التغيُّرات المناخية هي السبب المُرجّح لذلك. وإذا استمرّ ضعف الدورة المحيطية، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة العواصف، واشتداد موجات الحرّ والشتاء في أوروبا، وقد يكون لهذا تأثير كبير على الدول العربية أيضاً. ومن ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي ذوبان التربة الصقيعية في القطب الشمالي إلى إطلاق كميات كبيرة من الغازات، مما يُسرّع وتيرة الاحتباس الحراري العالمي. وهذا بدوره سيؤدي إلى تفاقم مشاكل ندرة المياه، وارتفاع درجات الحرارة، والتصحر في المنطقة العربية.

وتُعدّ الشعاب المرجانية من النظم البيئية المهمة التي تدعم مجموعة واسعة من الحياة البحرية، بما في ذلك مصائد الأسماك التي يعتمد عليها الكثيرون في بلدان المنطقة. وقد يؤدي موت الشعاب المرجانية إلى تعطيل النظم البيئية البحرية، وتقليل توافر الغذاء، والإضرار بالسياحة.

وبينما تؤثّر الرياح الموسمية في غرب أفريقيا على هطول الأمطار في منطقة الساحل، وهي منطقة شبه قاحلة تمتدّ عبر أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، فإن التغيُّرات في الرياح الموسمية ستؤدي إلى تغيّرات في أنماط هطول الأمطار، ما يؤثّر على الغطاء النباتي في العديد من الدول العربية، وصولاً إلى الأمن الغذائي.

يستدعي ازدياد تأثيرات التغيُّر المناخي على المنطقة العربية تبنّي مبادرات تساعد في التكيُّف مع التحوّلات الحاصلة. فتحسين إدارة المياه يساعد في زيادة كفاءة استخدام الموارد، وتقليل الهدر، والتكيُّف مع ندرة المياه. وتسهم زراعة المحاصيل المقاوِمة للجفاف في التكيُّف مع انخفاض هطول الأمطار وزيادة الجفاف. وتخفّف تدابير حماية المناطق الساحلية، مثل بناء السدود وحواجز الأمواج، مخاطر ارتفاع مستوى سطح البحر. كما تحسِّن أنظمة الإنذار المبكر الاستعداد للكوارث الطبيعية، مثل الفيضانات وموجات الحرّ.

يقف العالم حالياً على مفترق طرق مناخي حرج، تزداد فيه مخاطر حصول تغييرات بيئية كبرى يمكنها تشكيل مصير الكوكب لمئات السنين. وهذه المخاطر، المتمثّلة بنقاط التحوّل المناخي، هي أشبه بتحريك القطعة الأولى في سلسلة حجارة الدومينو، بمجرّد أن تبدأ سيكون من الصعب التراجع عنها وإيقافها والتعافي من عواقبها.


مقالات ذات صلة

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

بيئة عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، في تقرير، إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سجّلت أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق في عام 2024

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق نفايات القهوة تعزز قوة الخرسانة وتقلل البصمة الكربونية (معهد ملبورن الملكي للتكنولوجيا)

نفايات القهوة تصنع خرسانة أقل انبعاثاً للكربون

تكشف الدراسة عن إمكانية تحويل مخلفات القهوة إلى مادة بناء مستدامة تعزز صلابة الخرسانة وتخفض بصمتها الكربونية، مما يدعم التوجه نحو اقتصاد دائري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
ثقافة وفنون عالمة الرئيسيات والناشطة البيئية جين غودال

جين غودال وإرث البشرية المضطرب

غيابها ليس مجرد فقدانٍ لعالمةِ رئيسياتٍ أو ناشطةِ بيئةٍ، بل هو إغلاق للنافذة التي فتحتها بنفسها بقوةٍ وصبرٍ في غابات غومبي التنزانية قبل أكثر من ستة عقود.

ندى حطيط (لندن)
آسيا فيضانات في تايلاند (أ.ب)

ارتفاع عدد الوفيات جراء الفيضانات في تايلاند وسريلانكا

ذكر بيان حكومي أن حصيلة الوفيات جراء الفيضانات في جنوب تايلاند ارتفعت إلى 87 اليوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
يوميات الشرق يعكس ظهور النسر ضمن المحمية أهميتها المتزايدة بوصفها ملاذاً للطيور المهاجرة (واس)

رصد أول ظهور للنسر أبيض الذيل في السعودية منذ 20 عاماً

رصدت محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية ظهوراً نادراً للنسر أبيض الذيل، أحد الطيور المهاجرة، وهو الرصد المؤكد الأول لهذا النوع في السعودية منذ أكثر من 20 عاماً.

«الشرق الأوسط» (تبوك)

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
TT

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، في تقرير، إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سجّلت أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق في عام 2024، حيث ارتفعت درجات الحرارة بوتيرة تزيد بمقدار المثلين عن المتوسط العالمي في العقود الأخيرة.

وأصبحت الموجات الحارة في المنطقة أطول وأكثر حدة، وفقاً لأول تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، يركز على المنطقة.

وقالت سيليست ساولو الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية: «ترتفع درجات الحرارة بمعدل مثلي المتوسط العالمي، مع موجات حرّ شديدة ومرهقة للمجتمع إلى أقصى الحدود».

وخلص التقرير إلى أن متوسط درجات الحرارة في عام 2024 تجاوز متوسط الفترة من 1991 إلى 2020، بمقدار 1.08 درجة مئوية، فيما سجّلت الجزائر أعلى زيادة بلغت 1.64 درجة مئوية فوق متوسط الثلاثين عاماً الماضية.

وحذّرت ساولو من أن الفترات الطويلة التي زادت فيها الحرارة عن 50 درجة مئوية في عدد من الدول العربية كانت «حارة للغاية» بالنسبة لصحة الإنسان والنظم البيئية والاقتصاد.

درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية (أرشيفية - رويترز)

وأشار التقرير إلى أن موجات الجفاف في المنطقة، التي تضم 15 بلداً من أكثر بلدان العالم ندرة في المياه، أصبحت أكثر تواتراً وشدة، مع اتجاه نحو تسجيل موجات حرّ أكثر وأطول في شمال أفريقيا منذ عام 1981.

وخلص التقرير إلى أن مواسم الأمطار المتتالية، التي لم يسقط فيها المطر، تسببت في جفاف في المغرب والجزائر وتونس.

وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن أكثر من 300 شخص في المنطقة لقوا حتفهم العام الماضي بسبب الظواهر الجوية القاسية، ولا سيما موجات الحر والفيضانات، في حين تضرر ما يقرب من 3.8 مليون شخص.

وأكّد التقرير الحاجة الماسة للاستثمار في الأمن المائي، عبر مشروعات مثل تحلية المياه وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، إلى جانب تطوير أنظمة الإنذار المبكر للحدّ من مخاطر الظواهر الجوية. ويمتلك نحو 60 في المائة من دول المنطقة هذه الأنظمة حالياً.

ومن المتوقع أن يرتفع متوسط درجات الحرارة في المنطقة بمقدار 5 درجات مئوية، بحلول نهاية القرن الحالي، في ظل مستويات الانبعاثات الحالية، استناداً إلى التوقعات الإقليمية الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.


دراسة جينية تكشف مرحلة فارقة في تاريخ استئناس القطط

قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
TT

دراسة جينية تكشف مرحلة فارقة في تاريخ استئناس القطط

قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)

تعيش مع البشر مئات الملايين من القطط في جميع أنحاء العالم، سواء أكانت سيامية أو فارسية أو من سلالة ماين كون أو غيرها. لكن على الرغم من شعبيتها كحيوانات أليفة، ظلّ تاريخ استئناسها وتربيتها بالمنازل سرّاً صعباً يستعصي على العلماء.

وتقدم دراسة جينية جديدة نظرة في هذه المسألة، من خلال تحديد التوقيت الزمني لمرحلة رئيسية في تدجين القطط، عندما استُقدمت القطط المنزلية إلى أوروبا من شمال أفريقيا.

ووجد الباحثون أن القطط الأليفة وصلت إلى أوروبا منذ ما يقرب من ألفي عام، في أوائل عصر الإمبراطورية الرومانية، ربما من خلال التجارة البحرية.

ويحتمل أن يكون البحارة قد جلبوا بعض هذه القطط لاصطياد الفئران على متن السفن التي كانت تجوب البحر المتوسط حاملة الحبوب من حقول مصر الخصبة إلى الموانئ التي تخدم روما والمدن الأخرى في الإمبراطورية الرومانية مترامية الأطراف.

تتناقض هذه النتائج مع الفكرة السائدة منذ فترة طويلة بأن الاستئناس حدث في عصور ما قبل التاريخ، ربما قبل 6 إلى 7 آلاف سنة، حينما انتقل المزارعون من الشرق الأدنى والشرق الأوسط القديم إلى أوروبا لأول مرة، حاملين القطط معهم.

قطة (أ.ف.ب)

وقال عالم الجينات كلاوديو أوتوني، من جامعة روما تور فيرجاتا، المؤلف الرئيسي للدراسة التي نُشرت اليوم (الخميس)، في مجلة «ساينس»: «أظهرنا أن أقدم جينومات للقطط المنزلية في أوروبا تعود إلى فترة الإمبراطورية الرومانية وما بعدها»، بداية من القرن الأول الميلادي.

استخدمت الدراسة بيانات جينية من بقايا القطط من 97 موقعاً أثرياً في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأدنى، وكذلك من قطط تعيش في الوقت الحاضر. قام الباحثون بتحليل 225 عظمة من عظام القطط، الأليفة والبرية، التي ترجع إلى نحو 10 آلاف سنة مضت إلى القرن التاسع عشر الميلادي، وأنتجوا 70 جينوماً قديماً للقطط.

ووجد الباحثون أن بقايا القطط من مواقع ما قبل التاريخ في أوروبا تنتمي إلى القطط البرية، وليس القطط الأليفة القديمة.

كانت الكلاب هي أول حيوان مستأنس من قبل البشر، إذ انحدرت من فصيلة ذئاب قديمة مختلفة عن الذئاب الحديثة. وجاءت القطط الأليفة في وقت لاحق، منحدرة من القط البري الأفريقي.

قال ماركو دي مارتينو، عالم الحفريات بجامعة روما تور فيرجاتا، والمؤلف المشارك في الدراسة: «دخول القطط الأليفة إلى أوروبا مهم لأنه يمثل لحظة مهمة في علاقتها طويلة الأمد مع البشر. فالقطط ليست مجرد نوع آخر وصل إلى قارة جديدة. إنها حيوان أصبح مندمجاً بعمق في المجتمعات البشرية والاقتصادات حتى المعتقدات».

وحدّدت البيانات الجينية مرحلتين لدخول القطط إلى أوروبا من شمال أفريقيا. فمنذ ما يقرب من 2200 سنة، جلب البشر القطط البرية من شمال غربي أفريقيا إلى جزيرة سردينيا، التي تنحدر قططها البرية الحالية من تلك القطط المهاجرة.

لكن هذه القطط لم تكن أليفة. فهناك هجرة منفصلة من شمال أفريقيا بعد نحو قرنين من الزمان، شكّلت الأساس الجيني للقطط المنزلية الحديثة في أوروبا.

تشير نتائج الدراسة إلى أنه لم تكن هناك منطقة أساسية واحدة لترويض القطط، بل لعبت عدة مناطق وثقافات في شمال أفريقيا دوراً في ذلك، وفقاً لعالمة الآثار الحيوانية والمؤلفة المشاركة في الدراسة، بيا دي كوبير، من المعهد الملكي البلجيكي للعلوم الطبيعية.

وقالت دي كوبير: «يتزامن توقيت الموجات الوراثية لإدخال القطط من شمال أفريقيا مع الفترات التي تكثفت فيها التجارة حول البحر المتوسط بقوة. ومن المرجح أن القطط كانت تسافر لصيد فئران على متن سفن الحبوب، لكن ربما أيضاً كحيوانات ذات قيمة دينية ورمزية».

كانت القطط مهمة في مصر القديمة، وكان ملوك مصر يحتفظون بقطط أليفة، وأحياناً يحنطونها لدفنها في توابيت أنيقة.

ولعب الجيش الروماني القديم، الذي انتشرت مواقعه العسكرية في جميع أنحاء أوروبا، وحاشيته، دوراً أساسياً في انتشار القطط الأليفة في جميع أنحاء القارة، وتشهد على ذلك بقايا القطط التي اكتشفت في مواقع المعسكرات الرومانية.

ويرجع تاريخ أقدم قط مستأنس في أوروبا تم تحديده في الدراسة، وهو قط مشابه وراثياً للقطط المنزلية الحالية، إلى ما بين 50 قبل الميلاد و80 ميلادية من بلدة ماوترن النمساوية، وهي موقع حصن روماني على طول نهر الدانوب.

ومع ذلك، لم تكشف الدراسة عن توقيت ومكان التدجين الأولي للقطط.

قال أوتوني: «تدجين القطط أمر معقد، وما يمكننا قوله حالياً هو توقيت دخول القطط المنزلية إلى أوروبا من شمال أفريقيا. لا يمكننا أن نقول الكثير عما حدث قبل ذلك، وأين حدث».


إسطنبول تتجه لحظر الكلاب الضالة في الأماكن العامة

رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
TT

إسطنبول تتجه لحظر الكلاب الضالة في الأماكن العامة

رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)

أصدرت السلطات المحلية في إسطنبول، اليوم (الاثنين)، مرسوماً يقضي بحظر إطعام الكلاب الضالة داخل المدينة في المستقبل، وكذلك منع وجودها في الأماكن العامة بالمدينة.

وقالت السلطات إنه سيتم منع الكلاب الضالة من الوجود على الأرصفة، والمرافق الصحية والتعليمية، والمطارات، ودور العبادة، والمتنزهات، وذلك بهدف منع انتشار الآفات والتلوث البيئي.

ولم يتم تقديم أي تفاصيل حول العقوبات المحتملة، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

وتهدف الإجراءات الجديدة أيضاً إلى تسريع عملية الإمساك بالكلاب التي لا مالك لها وتعقيمها، وإيوائها في ملاجئ الحيوانات. وستكون البلديات مسؤولة عن تنفيذ القواعد الجديدة.

وأصبحت هذه القضية محل جدل كبيراً منذ صدور قانون العام الماضي، يسمح في حالات معينة بإعدام الكلاب الضالة. ويمكن الآن إلزام البلديات بإمساك الحيوانات الضالة وإيوائها في ملاجئ خاصة.

وتقوم هذه الملاجئ بالبحث عن مالكين جدد للاعتناء بهذه الحيوانات.