توقعات بتزايد حضور المرأة في تنويع الاقتصاد السعودي خلال 6 أعوام

مختصون لـ«الشرق الأوسط»: الأخضر وتكنولوجيا البيئة والمناخ أكثر القطاعات المستهدفة

سياسة تمكين المرأة السعودية تزيد فرص حضورها في قطاعات جديدة (الشرق الأوسط)
سياسة تمكين المرأة السعودية تزيد فرص حضورها في قطاعات جديدة (الشرق الأوسط)
TT

توقعات بتزايد حضور المرأة في تنويع الاقتصاد السعودي خلال 6 أعوام

سياسة تمكين المرأة السعودية تزيد فرص حضورها في قطاعات جديدة (الشرق الأوسط)
سياسة تمكين المرأة السعودية تزيد فرص حضورها في قطاعات جديدة (الشرق الأوسط)

بينما تتسارع مختلف القطاعات لتجاوز المتوقَّع من حصتها الاقتصادية ضمن البرامج المعلنة وفق «رؤية المملكة 2030»، يتوقع مختصون ازدياداً ملحوظاً في الحضور النسائي بسوق العمل السعودية خلال الستة أعوام المقبلة. وسيركز هذا الازدياد على القطاعات الجديدة مثل الترفيه والاقتصاد الأخضر والمناخ، تماشياً مع الجهود الرامية إلى رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى 40 في المائة بحلول عام 2030.

وقال عضو مجلس الشورى السعودي، فضل بن سعد البوعينين، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن المرأة أصبحت تنشط بشكل رئيسي في الاقتصاد على محورين أساسيين؛ الأول مساهمتها الفعالة في سوق العمل وتوليها الوظائف القيادية والنوعية التي لم تكن متاحة لها من قبل.

ولفت إلى أن ذلك، ساهم في انخفاض معدل بطالة المرأة من 33 في المائة قبل إطلاق «رؤية 2030» لتصل وفق بيانات هيئة الإحصاء الأخيرة إلى 13.7 في المائة تقريباً، وهذا يشير إلى تحسن كبير لم يكن ليتحقق لولا الدعم الحكومي وتمكين المرأة والكفاءة التي تتمتع بها المرأة السعودية.

ويرتبط المحور الاقتصادي الثاني، بحسب البوعينين، بالجانب الاستثماري؛ إذ أصبحت المرأة السعودية قادرة على اغتنام الفرص المتاحة في القطاعات الاقتصادية المناسبة لطبيعتها، ومن بينها قطاع الترفيه الذي يشهد نمواً كبيراً في استثمارات المرأة، مشيراً إلى أن هناك قطاعات قد تشغل المرأة نسبة كبيرة منها، مثل قطاع المعارض، وهو أحد القطاعات الواعدة التي تستهدفها الرؤية.

ويلاحظ، بحسب البوعينين، أن المرأة تهيمن على منظومة المعارض من حيث الإدارة والتشغيل، معتقداً أن الفترة المقبلة ستكشف عن استثمارها في تكوين الشركات والمنشآت المتعلقة بالمعارض والمؤتمرات، مبيناً أن من بين القطاعات الأخرى قطاع السياحة الذي سيشهد استثمارات متنوعة من قِبَل المرأة، خاصة مع وجود الدعم الحكومي، وفي مقدمه صناديق التمويل الحكومية.

وأضاف: «قد يكون التعليم الخاص من القطاعات التي من المتوقَّع أن تدخلها المرأة بقوة، بل أعتقد أن هناك مؤشرات مهمة تؤكد ذلك في الوقت الحاضر، حيث أصبحت مشاركة المرأة في القوى العاملة متاحة في جميع القطاعات دون استثناء».

وتابع البوعينين: «بشكل عام تشكل المرأة قوة اقتصادية مهمة، والفضل بعد الله يعود إلى القيادة الحكيمة و(رؤية 2030) التي توفر للمرأة فرص الاستثمار والعمل والمساهمة الفعالة في الاقتصاد جنباً إلى جنب مع إخوانهم الرجال».

مقوّمات التمكين

من جهته، أكد رجل الأعمال رئيس «شركة التميز التكنولوجي السعودية القابضة»، لـ«الشرق الأوسط»، عبد الله بن زيد المليحي، أن «رؤية 2030» خلقت مقومات تمكين المرأة في سوق الأعمال في مختلف المجالات، مما زاد حصتها من مساهماتها الاقتصادية، متوقعاً أن تشهد السنوات القليلة المقبلة زيادة الوجود النسائي في القطاعات الجديدة كقطاعات الاقتصاد الأخضر والمناخ والطاقة المتجددة والصناعات التكنولوجية.

وأشار المليحي إلى أن المبادرة السعودية الخضراء أتاحت فرصاً كبيرة لدخول بعض سيدات الأعمال الموهوبات والرائدات، مما يعزز بشكل كبير وجودهن في الاستثمار في مفاهيم جديدة لتطوير القطاعات الخضراء، في ظل توقعات بجذب استثمارات أجنبية كبيرة في المملكة وتقديرات بقيمة 186 مليار دولار لتنفيذ مبادرة السعودية الخضراء، المتسقة مع توقعات نمو الاقتصاد الأخضر العالمي بنحو 12 تريليون دولار بحلول عام 2030.

وشدد المليحي على أن التقديرات تشير إلى ارتفاع متوقَّع في حصة المرأة في فرص العمل وقطاع الأعمال المرتبط بالاقتصاد الأخضر، وهو مساهم رئيسي في تغيير مستقبل الوظائف حول العالم، حيث سيصل بحلول عام 2030 إلى نحو 14 مليون وظيفة، وسيتم خلق نحو 14 مليون فرصة عمل خضراء في آسيا وحدها، وما بين 15 إلى 60 مليون وظيفة إضافية على مستوى العالم خلال العقدين المقبلين. وسيكون للمرأة السعودية نصيب الأسد في هذا النوع من العمل على المستوى المحلي.

من جانبه، أوضح رئيس «مركز الشروق للدراسات الاقتصادية»، لـ«الشرق الأوسط»، الدكتور عبد الرحمن باعشن، أن كل المؤشرات تشير إلى نمو كبير في الحضور النسائي في قطاعي الأعمال والتوظيف خلال الستة أعوام المقبلة، في ظل الدعم الكبير المقدم للمرأة السعودية وتمكينها في «رؤية 2030»، وتحسين بيئة عملها في جميع القطاعات.

وتوقع باعشن زيادة وتيرة دخول المرأة إلى قطاعات جديدة مثل الصناعات والأعمال المرتبطة بالمناخ، في ظل المبادرات السعودية المعززة للحفاظ على البيئة، بينما زادت فرص العمل للإناث، مع زيادة معدلات النمو التي تشهدها القطاعات الاقتصادية المرتبطة بـ«رؤية السعودية 2030»، في ظل سرعة توظيف القيادات الوطنية النسائية في القطاع العام ومؤسسات القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، مما ينعكس إيجاباً على جودة الحياة.

وبحسب باعشن، تستهدف «رؤية السعودية 2030» تعظيم مشاركة المرأة في سوق العمل إلى 40 في المائة بحلول عام 2030، بعد أن ارتفعت النسبة الفعلية من 17 في المائة إلى 35.3 في المائة، متجاوزة الهدف الذي حددته الرؤية بـ30 في المائة، كأحد أهم أهداف «رؤية المملكة 2030».

من جهته، أكد المستشار وأستاذ القانون التجاري، الدكتور أسامة بن غانم العبيدي أن مقومات تمكين المرأة السعودية ساهمت في نمو قطاع الأعمال والمؤسسات الحكومية خلال الستة أعوام الماضية، في خلق نقلة نوعية في تعزيز دورها وتحقيق نجاحات غير مسبوقة في القطاعات التي دخلتها المرأة بقوة لأول مرة في مسيرة عملها في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وصولاً إلى ارتقائها إلى مواقع اتخاذ القرار في كثير من الأحيان.

وتابع العبيدي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «الدعم الكبير المقدم للمرأة السعودية وتمكينها في (رؤية 2030)، وتحسين بيئة عملها في جميع القطاعات والأنشطة، وتمكينها في التعليم والتدريب، وفتح مجالات العمل لها في المملكة في جميع المجالات والقطاعات دعمها اجتماعياً وعزز مشاركتها في التنمية الاقتصادية».

ولذلك تحظى المرأة السعودية بحضور بارز في مجال الأعمال في المشاريع الكبيرة والصغيرة، في مجالات مثل الترفيه والسياحة والتعدين والصناعة وكذلك الخدمات. ومع هذه الرؤية، من المتوقَّع أن تزداد مشاركة المرأة السعودية في الأنشطة الاقتصادية بشكل كبير وغير مسبوق، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى زيادة الإيرادات وزيادة الناتج المحلي الإجمالي للمملكة.


مقالات ذات صلة

هتان السيف... فتاة «الركلة الحديدية» وأيقونة القتال السعودية

رياضة سعودية نزال السيف مع المصرية ندى فهيم كان بمثابة ميلادها الرسمي في أقفاص القتال (الشرق الأوسط)

هتان السيف... فتاة «الركلة الحديدية» وأيقونة القتال السعودية

في فترة وجيزة، استطاعت لاعبة فنون القتال السعودية هتان السيف، وضع بصمتها على أقفاص البطولات الدولية، لتخطف إعجاب الملايين من عشاق اللعبة داخل المملكة وخارجها،

فهد العيسى (الرياض)
رياضة سعودية هتان لحظة دخولها القفص في نزالها مع المصرية إيمان (الشرق الأوسط)

هتان تفي بوعدها وتهدي السعودية فوزاً جديداً في «الفنون القتالية»  

أوفت اللاعبة السعودية هتان السيف بوعدها، وأهدت بلادها فوزاً جديداً، على صعيد مشاركاتها الدولية، وذلك على حساب منافستها المصرية إيمان بركة.

لولوة العنقري (الرياض )
رياضة سعودية مشاعل العايد ستمثل السباحة السعودية في الألعاب الأولمبية (الاتحاد السعودي للسباحة)

مشاعل العايد... أول سباحة سعودية تقتحم مياه «الألعاب الأولمبية»

سيشهد أولمبياد باريس المقبل حدثاً تاريخياً، هو الأول من نوعه على مستوى الرياضة السعودية، وذلك عندما تشارك السباحة مشاعل العايد ممثلة للبعثة الخضراء ضمن 10 لاعبي

بشاير الخالدي (الرياض)
رياضة سعودية نجلاء خلال إدارتها إحدى المواجهات في البطولة الآسيوية بالرياض (الشرق الأوسط)

نجلاء النعيمي: إدارتي نهائي «السنوكر» الآسيوي أشعرني بالفخر

سطّرت الحكمة السعودية «الدولية» نجلاء النعيمي اسمها بأحرف من ذهب في تاريخ لعبة السنوكر، كونها أول سيدة عربية وخليجية تُدير نهائياً قارياً، وذلك من خلال البطولة

لولوة العنقري (الرياض)
رياضة سعودية دنيا أبو طالب وضعت بصمتها في ساحة رياضة التايكوندو (الشرق الأوسط)

السعودية دنيا أبو طالب رابعة العالم لوزن «-53» في التايكوندو

واصلت البطلة السعودية في رياضة التايكوندو دنيا أبو طالب، تألقها بعد وصولها إلى المركز الرابع ضمن قائمة أفضل 5 لاعبات في العالم لوزن «-53».


الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)

في فصل جديد من المواجهة بين شبكة التواصل الاجتماعي الصينية «تيك توك» والحكومة الأميركية، قدمت وزارة العدل الأميركية الجمعة حججها إلى المحكمة الفيدرالية التي ستقرر ما إذا كان القانون الهادف إلى البيع القسري للتطبيق يتماشى مع الدستور أم لا.

واعتمد الكونغرس الأميركي في أبريل (نيسان)، قانوناً يجبر «بايتدانس»؛ الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك»، على بيعه لمستثمرين غير صينيين خلال 9 أشهر، وإلا تواجه خطر حظرها في الولايات المتحدة.

ويرى التطبيق أن هذا القانون ينتهك حرية التعبير التي يكفلها الدستور الأميركي في التعديل الأول منه.

لكن الحكومة الأميركية تؤكد أن القانون يهدف إلى الاستجابة لمخاوف تتعلق بالأمن القومي، وليس إلى الحد من حرية التعبير، عادّة أن ليس بإمكان «بايتدانس» الاستفادة في هذه الحالة من الحماية التي ينص عليها التعديل الأول من الدستور.

ووفقاً للحجج التي قدمتها وزارة العدل الأميركية، تتعلق المخاوف بأن «بايتدانس» ملزمة على الاستجابة لطلبات السلطات الصينية في الوصول إلى بيانات المستخدمين الأميركيين، كما يمكن للتطبيق أيضاً فرض رقابة على محتوى معين على منصته أو تسليط الضوء على آخر.

وكتبت وزارة العدل في ملف حججها، أنه «نظراً لانتشار (تيك توك) الواسع في الولايات المتحدة، فإن قدرة الصين على استخدام ميزات (تيك توك) لتحقيق هدفها الأساسي المتمثل في الإضرار بالمصالح الأميركية يخلق تهديداً عميقاً وواسع النطاق للأمن القومي».

وذكر الملف أيضاً أن «تيك توك» يمنح بكين «الوسائل لتقويض الأمن القومي الأميركي» من خلال جمع كميات كبيرة من البيانات الحساسة من المستخدمين الأميركيين واستخدام خوارزمية خاصة للتحكم في مقاطع الفيديو التي يشاهدها المستخدمون.

وأضافت وزارة العدل الأميركية «يمكن التحكم بهذه الخوارزمية يدوياً». وتابعت: «موقعها في الصين من شأنه أن يسمح للحكومة الصينية بالتحكم سراً في الخوارزمية - وبالتالي تشكيل المحتوى الذي يتلقاه المستخدمون الأميركيون سراً».

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)

وردت الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك» السبت بالقول إن «الدستور إلى جانبنا».

وعدّت الشركة أن «حظر تيك توك من شأنه إسكات أصوات 170 مليون أميركي، في انتهاك للتعديل الأول للدستور»، في إشارة إلى مستخدميه بالولايات المتحدة.

وأضاف التطبيق: «كما قلنا في السابق، لم تقدم الحكومة أبداً دليلاً على تأكيداتها»، بما في ذلك أثناء اعتماد القانون.

ولكن أوضح مسؤول أميركي أن أجهزة الاستخبارات الأميركية تشعر بالقلق بشأن إمكانية قيام بكين «باستخدام تطبيقات الهاتف الجوال سلاحاً».

وشدّد المسؤول على أن «الهدف من القانون هو ضمان أنه يمكن للصغار والمسنين على حد سواء، وكل (الفئات العمرية) بينهم، استخدام التطبيق بكل أمان، مع الثقة في أن بياناتهم ليست في متناول الحكومة الصينية أو أن ما يشاهدونه لم تقرره الحكومة الصينية».

ورأى مسؤول في وزارة العدل الأميركية أن «من الواضح أن الحكومة الصينية تسعى منذ سنوات إلى وضع يدها على كميات كبيرة من البيانات الأميركية بأي طرق ممكنة، بينها هجمات سيبرانية أو شراء بيانات عبر الإنترنت، وتدرِّب نماذج من الذكاء الاصطناعي لاستخدام هذه البيانات».

ويرى «تيك توك» أن طلب بيع التطبيق «مستحيل ببساطة»، خصوصاً خلال فترة زمنية محدد.

وجاء في الشكوى المقدمة من «تيك توك» و«بايتدانس»، أنه «لأول مرة في التاريخ، اعتمد الكونغرس تشريعاً يستهدف منصة واحدة لفرض حظره على مستوى البلاد ومنع كل أميركي من المشاركة في مجتمع عالمي واحد يضم أكثر من مليار شخص».

وأكدت «بايتدانس» أنها لا تنوي بيع «تيك توك»، معتمدة المسار القضائي وصولاً إلى المحكمة العليا الأميركية، باعتباره الرد الوحيد لمنع الحظر في 19 يناير (كانون الثاني) 2025.

وظل «تيك توك» لسنوات في مرمى السلطات الأميركية لوضع حد لاستخدامه في البلاد.

وفي عام 2020، نجح «تيك توك» في تعليق قرار بحظره أصدرته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من خلال طلب استئناف. وعلّق قاضٍ القرار مؤقتاً، عادّاً أن الأسباب المقدمة للحظر مبالغ فيها، وأن حرية التعبير مهددة.

لكن يهدف القانون الأميركي الجديد إلى التغلب على الصعوبات التي تمت مواجهتها سابقاً.

ويرى خبراء أن المحكمة العليا قد تأخذ في الحسبان حججاً تشير إلى إمكانية تهديد التطبيق للأمن القومي يقدمها مسؤولون في الولايات المتحدة.

ولكن من الصعب حالياً تصور إمكانية استحواذ طرف آخر على «تيك توك»، حتى لو كانت «بايتدانس» منفتحة على إمكانية بيعه، إذ لم يتقدم أحد بالفعل لشرائه.

وليس من السهل توفر طرف لديه أموال كافية للاستحواذ على تطبيق يضم 170 مليون مستخدم في الولايات المتحدة، وأكثر من مليار مستخدم في كل أنحاء العالم، في حين أن الشركات الرقمية العملاقة هي بلا شك الوحيدة التي تمتلك الإمكانات اللازمة للاستحواذ على التطبيق.