ليبيا: مرتزقة وراء خطف صربيين في صبراتة

مجلس الأمن يهدد بمعاقبة المعطلين لحكومة الوفاق الوطني

ليبيا: مرتزقة وراء خطف صربيين في صبراتة
TT

ليبيا: مرتزقة وراء خطف صربيين في صبراتة

ليبيا: مرتزقة وراء خطف صربيين في صبراتة

شرعت الأجهزة الأمنية في مدينة صبراتة الليبية، أمس، في عمليات بحث مكثفة عن الصربيين المخطوفين، بينما كشفت غرفة عمليات فجر ليبيا النقاب عمن وصفتهم بميليشيات مرتزقة تقف وراء الخطف.
وقالت الغرفة في بيان مقتضب لها، إن «ميليشيات مرتزقة مؤجرة للضغط على الحكومة الصربية لإطلاق سراح محتجزين ليبيين في صربيا على خلفية حيازتهم لمبالغ مالية كبيرة تقدر بخمسين مليون دولار دون مستندات أو إقرار عملة».
من جانبه، قال مسؤول في المجلس العسكري لصبراتة إن «التحقيقات تتواصل والاستنفار الأمني لا يزال مطبقا منذ أول من أمس.. هناك عمليات بحث مستمرة ومكثفة عن الصربيين المخطوفين».
وتقع صبراتة على بعد 70 كيلومترا غرب العاصمة طرابلس، تحت سيطرة تحالف فجر ليبيا الذي يتنازع السلطة مع قوات الحكومة المعترف بها دوليا.
وأوضح المسؤول الذي رفض كشف اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية أنه «تم رصد سيارة قد تكون تابعة للخاطفين، كما أنه يجري حاليا التحقيق مع السائق الليبي الذي كان يقود سيارة المخطوفين»، مشيرة إلى أن «الخاطفين لا يزالون مجهولي الهوية».
وكانت وزارة الخارجية الصربية أعلنت أن اثنين من موظفي السفارة الصربية العاملة في طرابلس، خطفا أثناء مرور السيارة التي كانت تقلهما في مدينة صبراتة، بينما أوضح وزير الخارجية الصربي اإيفيسا داسيتش لقناة «آر تي إس» العامة أن موكبا لسيارات البعثة الدبلوماسية الصربية كان متجها إلى تونس، وأن السفير الصربي كان يستقل سيارة بينما كان المخطوفان في أخرى، وقال: «حصل إطلاق نار، أصيب مواطن ليبي في ساقه».
لكن المجلس البلدي في صبراتة حمل مسؤولية وقوع حادثة الاختطاف «للسفير الصربي والوفد المرافق له والجهات ذات الاختصاص بالدولة الليبية بعدم التواصل والتنسيق مع الجهات الأمنية والمختصة في بلدية صبراتة لاتخاذ الإجراءات اللازمة وتأمين الوفد الدبلوماسي وضمان سلامة وصولهم إلى معبر رأس جدير (بين ليبيا وتونس)».
وأضاف المجلس في بيان له أن السفير الصربي عبر المدينة «دون علم مسبق لدى الجهات المختصة في صبراتة؛ مما أدى لتعرضهم لحادث سير في الطريق العام واختطاف موظفين اثنين هما رجل وامرأة يعملان في السفارة الصربية من قبل مجهولين ولا تتوفر لدينا أي معلومات عن حالتهم الصحية ومكان احتجازهم».
وأشار إلى أنه «بعد علم الجهات المسؤولة في بلدية صبراتة توجه المجلس البلدي والأجهزة الأمنية نحو مكان الحادث وتم تأمين السفير الصربي والوفد المرافق له وتكليف دورية أمنية لإيصالهم إلى معبر رأس جدير وهم الآن في عهدة الدولة التونسية».
ويعمل مواطنون صرب، أطباء وممرضون ومهندسون وعمال بناء منذ عشرات الأعوام في ليبيا، حين كانت تربط علاقات وثيقة بين بلغراد ونظام الزعيم الراحل معمر القذافي، علما بأن كثيرا من هؤلاء، وخصوصا من يعملون في المستشفيات، رفضوا مغادرة ليبيا قبل نزاع 2011 وبعده.
ولا تزال أبواب السفارة الصربية في طرابلس مفتوحة، رغم أن الغالبية العظمى من السفارات الأجنبية أغلقت أبوابها في العاصمة منذ أكثر من عام.
إلى ذلك، حث مجلس الأمن الدولي المشاركين في الحوار الليبي على اعتماد وتوقيع الاتفاق السياسي لتشكيل حكومة وفاق وطني.
وأعرب أعضاء المجلس في بيان وزعته بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، عن قلقهم إزاء الأزمات السياسية والأمنية والمؤسسية الحالية وتصاعد تهديد الإرهاب في ليبيا.
وأكد الأعضاء أن الاتفاق السياسي اللازم لتشكيل حكومة الوفاق الوطني الذي أنجزته الأطراف الليبية، يقدم إمكانية حقيقية لتسوية الوضع، وذلك بعد المشاورات المسهبة والواسعة النطاق التي تمت في إطار عملية الحوار التي كانت بقيادة وملكية ليبيتيْن وبتيسير من الأمم المتحدة.
ورحب الأعضاء بالدعم الذي أعربت عنه الأطراف الليبية وطائفة واسعة من المجموعات الليبية للاتفاق السياسي ولتشكيل حكومة وفاق وطني، وناشدوا جميع الأطراف الليبية الفاعلة العمل بشكل سريع على تشكيل حكومة وفاق وطني تعمل لصالح جميع الليبيين.
وأدان الأعضاء استمرار الهجمات وأعمال القمع التي يقوم بها تنظيم داعش في ليبيا وأنصار الشريعة وجميع الأفراد والجماعات والبيعات والكيانات المرتبطة بالقاعدة التي تعمل في ليبيا، خصوصا في سرت، وأكدوا على الحاجة الملحة للتصدي لهذا التهديد بشكل فعال.
وهدد البيان بأن لجنة العقوبات المعنية بليبيا مستعدة لتحديد أولئك الذين يهددون السلام والاستقرار والأمن في ليبيا أو أولئك الذين يعملون على تقويض إتمام عملية الانتقال السياسي فيها بنجاح.
وتعيش ليبيا منذ سقوط نظام القذافي في 2011 على وقع فوضى أمنية ونزاع على السلطة تسببا في انقسام البلاد قبل أكثر من عام بين سلطتين، حكومة وبرلمان معترف بهما دوليا في الشرق، وحكومة وبرلمان يديران العاصمة بمساندة مجموعات مسلحة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.