إردوغان يواجه «معضلة» الأحزاب الإسلامية والكتلة الكردية في الانتخابات المحلية

ضغوط بسبب التجارة مع إسرائيل... وصدامات بين الأكراد والأتراك في أوروبا

إردوغان أمام خريطة لحملته في الولايات التركية قبل الانتخابات المحلية (الرئاسة التركية)
إردوغان أمام خريطة لحملته في الولايات التركية قبل الانتخابات المحلية (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يواجه «معضلة» الأحزاب الإسلامية والكتلة الكردية في الانتخابات المحلية

إردوغان أمام خريطة لحملته في الولايات التركية قبل الانتخابات المحلية (الرئاسة التركية)
إردوغان أمام خريطة لحملته في الولايات التركية قبل الانتخابات المحلية (الرئاسة التركية)

يواجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان معضلة في الانتخابات المحلية، التي تتأهب البلاد لخوضها يوم الأحد، وسط تقارب خط حزبه السياسي مع أحزاب ذات جذور إسلامية ومحافظة. كما يواجه تحدّي الكتلة التصويتية الكردية التي يبدو أنها مشتتة، وتميل في المدن الكبرى، ولا سيما إسطنبول، لصالح حزب «الشعب الجمهوري»، ورئيس البلدية الحالي أكرم إمام أوغلو الذي يخوض الانتخابات للمرة الثانية.

وبرزت الأحزاب المحافظة والإسلامية، التي كان بعضها حليفاً لحزب «العدالة والتنمية» في الانتخابات البرلمانية والرئاسية في مايو (أيار) الماضي، عاملَ ضغط شديد في الانتخابات المحلية، ما تسبّب في توتر داخل حملة إردوغان في أمتارها الأخيرة.

البحث عن التحالفات

على الرغم من أن تفكك التحالفات الانتخابية عقب انتخابات مايو (أيار) قد يُضر بحزب «الشعب الجمهوري» في الانتخابات المحلية، فإن له تأثيراً كبيراً أيضاً على حزب «العدالة والتنمية».

إردوغان مخاطباً حشداً كبيراً من أنصاره في إسطنبول الأحد (الرئاسة التركية)

سعى إردوغان إلى الحفاظ على حزب «الرفاه من جديد» بزعامة فاتح أربكان، تحت مظلة «تحالف الشعب»، الذي يضم مع حزبه حزبي «الحركة القومية» و«الوحدة الكبرى». لكن 5 جولات من المفاوضات الشاقة والمطولة لم تكن كفيلة بإقناع «الرفاه من جديد» بمواصلة السير مع إردوغان، بسبب عدم استجابة الحزب الحاكم لطلبه بعدم تقديم مرشحين في بلديتين اثنتين.

كذلك، فإن أحزاب «السعادة» الذي يتزعمه كارامولا أوغلو، و«الديمقراطية والتقدم» بزعامة على باباجان، و«المستقبل» بزعامة أحمد داود أوغلو، تخوض الانتخابات المحلية منفردة بعد أن رفعت راية التحدي لـ«العدالة والتنمية».

ورقتا «غزة» والاقتصاد

التقطت هذه الأحزاب الورقة الانتخابية التي وظّفها إردوغان في حملته الانتخابية، وهي حرب غزة وهجومه الضاري على إسرائيل، لتعكس اتجاهه في الأسابيع الأخيرة قبل الانتخابات. ووجهت هذه الأحزاب انتقادات حادة لإردوغان، بسبب استمرار العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع إسرائيل، وعدم قطعها رغم المجازر التي ترتكبها حكومة بنيامين نتنياهو في غزة، والذي وصفه إردوغان بـ«الإرهابي الذي يجب محاسبته دولياً بوصفه مجرم حرب».

وخرج أنصار هذه الأحزاب في مظاهرات متعددة في الأسابيع الأخيرة، يرفعون شعارات: «التجارة مع إسرائيل خيانة لفلسطين»، و«لا تكن شريكاً في المجزرة».

رئيس حزب «المستقبل» أحمد داود أوغلو يمر من أمام لافتات تندد بالتجارة مع إسرائيل في دينزلي غرب تركيا (موقع الحزب)

وقدم نواب حزب «السعادة» بالبرلمان اقتراحاً يطالب الحكومة بالتدقيق في حجم صادرات تركيا إلى إسرائيل منذ بدء حرب غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعدما أظهرت إحصائيات رسمية أن التجارة مع إسرائيل لم تتأثر بالحرب، وأن من بين الصادرات بعض المواد التي تستخدم في تصنيع الأسلحة والمواد المتفجرة. وتوجهت 253 سفينة شحن من تركيا إلى الموانئ الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب، بحسب موقع «مارين ترافيك» الذي يراقب حركة السفن حول العالم.

ولم تكن قضية التجارة مع إسرائيل هي تركيز أحزاب المعارضة الوحيد، بل إنها سلطت الضوء كذلك على الوضع الاقتصادي للبلاد، وصمت إردوغان حيال قيام البنك المركزي برفع الفائدة إلى 50 في المائة في الوقت الذي يكاد فيه التضخم يلامس 70 في المائة، ويصرخ المواطنون من الغلاء ولا يجد المتقاعدون قوت يومهم

الصوت الكردي

وبينما يواجه إردوغان ضغوط هذه الأحزاب التي تتمتع بكتلة لا يستهان بها من أصوات المحافظين، يجد نفسه أمام تحدٍّ آخر، يتمثل في جذب أصوات الأكراد. ولذلك يمضي إردوغان الأيام الأخيرة من الفترة الانتخابية في المدن ذات الأغلبية الكردية. ونظم مؤتمرين جماهيريين، الأربعاء، في ديار بكر وبطمان، وهما من أكبر الولايات ذات الكثافة الكردية في جنوب شرقي البلاد.

وحرص على توجيه رسائل حول الحرب المستمرة على «حزب العمال الكردستاني» داخل وخارج البلاد، في شمالي العراق وسوريا. وكرر اتهاماته لحزب «الشعب الجمهوري» بالتعاون مع حزب «المساواة الشعبية والديمقراطية»، المؤيد للأكراد، وترويج الحزبين لـ«العمال الكردستاني» المصنف منظمة إرهابية.

مواجهات في أوروبا

في السياق ذاته، تصاعدت الصدامات بين الأكراد والأتراك في عدد من الدول الأوروبية التي ينتشر فيها أنصار «حزب العمال الكردستاني» وتقطنها جاليات تركية كبيرة.

صدامات خلال تجمع لناشطين موالين للأكراد في بروكسل في 25 مارس (أ.ف.ب)

ووجه رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو، الأربعاء دعوة للهدوء بعد سلسلة حوادث عنف بين الجاليتين التركية والكردية في بلجيكا، على خلفية الاستعداد للانتخابات المحلية، بعدما تحولت تظاهرة لناشطين موالين للأكراد يحملون أعلام «حزب العمال الكردستاني»، الاثنين، إلى مشادات في الحي الأوروبي في بروكسل. واضطرت الشرطة إلى استخدام خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين، الذين كانوا يعرقلون حركة المرور ويرددون شعارات مناهضة لإردوغان.

وكان الناشطون يعتزمون التظاهر بعد أعمال عنف وقعت، الأحد، في مقاطعة ليمبورغ (شرق بلجيكا)، حيث تعرضت عائلة من الأكراد السوريين لهجوم عنيف من قبل قوميين أتراك متطرفين ينتسبون إلى منظمة «الذئاب الرمادية». واستهدفت عمليات انتقام مناهضة للأتراك مقهى بالقرب من لييج ليل الاثنين - الثلاثاء، أصيب فيها أشخاص عدة.

وفي ألمانيا، نددت الحكومة، بشدة، بهجوم نفذه أنصار لـ«العمال الكردستاني» على مبنى القنصلية التركية في مدينة هانوفر الألمانية، ليل الثلاثاء - الأربعاء. وطالبت الخارجية التركية ألمانيا بتقديم مهاجمي مبنى قنصليتها في مدينة هانوفر إلى العدالة بأقرب وقت.


مقالات ذات صلة

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

شؤون إقليمية كليتشدار أوغلو أثناء مرافعته أمام المحكمة في أنقرة الجمعة (حزب الشعب الجمهوري)

كليتشدار أوغلو يهاجم إردوغان بشدة في أولى جلسات محاكمته بتهمة إهانته

قدم رئيس «الشعب الجمهوري» المرشح السابق لرئاسة تركيا كمال كليتشدار أوغلو دفاعه في قضية «إهانة رئيس الجمهورية» المرفوعة من الرئيس رجب طيب إردوغان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان وبهشلي خلال الاحتفال بذكرى تأسيس الجمهورية التركية في 29 أكتوبر الماضي (الرئاسة التركية)

تركيا: انقسام حول المشكلة الكردية... وإردوغان قد يختار الانتخابات المبكرة

تعمق الجدل والانقسام حول احتمالات انطلاق عملية جديدة لحل المشكلة الكردية في تركيا... وذهبت المعارضة إلى وجود أزمة داخل «تحالف الشعب» الحاكم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية يسود جدل واسع في تركيا حول خلافات غير معلنة بين إردوغان وحليفه دولت بهشلي (الرئاسة التركية)

بهشلي جدد دعوة أوجلان للبرلمان وأكد عدم وجود خلاف مع إردوغان

جدد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي تمسكه بدعوته لحضور زعيم حزب العمال الكردستاني السجين للحديث أمام البرلمان مشدداً على عدم وجود خلاف مع إردوغان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الشرطة تمنع أعضاء مجلس بلدية أسنيورت في إسطنبول من حزب «الشعب الجمهوري» من دخول مبناها بعد عزل رئيسها أحمد أوزرا (موقع الحزب)

خلاف مبطن بين إردوغان وبهشلي قد يقود لانتخابات مبكرة في تركيا

تصاعدت حدة الجدل في تركيا حول تصريحات رئيس حزب «الحركة القومية» بأن هدف الدستور الجديد الذي يجري إعداده هو ترشيح الرئيس رجب طيب إردوغان للرئاسة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان وبهشلي خلال احتفال تركيا بذكرى تأسيس الجمهورية في 29 أكتوبر الماضي (الرئاسة التركية)

بهشلي يشعل جدلاً جديداً: دستور تركيا الجديد هدفه إبقاء إردوغان رئيساً

فجر رئيس حزب "الحركة القومية" جدلا جديدا في تركيا بإعلانه أن هدف الدستور الجديد للبلاد سيكون تمكين الرئيس رجب طيب إردوغان من الترشح للرئاسة مجددا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

سيدة تغلق فمها وتربط يديها بحبل خلال مظاهرة في تل أبيب تطالب بإعادة المحتجزين في غزة (رويترز)
سيدة تغلق فمها وتربط يديها بحبل خلال مظاهرة في تل أبيب تطالب بإعادة المحتجزين في غزة (رويترز)
TT

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

سيدة تغلق فمها وتربط يديها بحبل خلال مظاهرة في تل أبيب تطالب بإعادة المحتجزين في غزة (رويترز)
سيدة تغلق فمها وتربط يديها بحبل خلال مظاهرة في تل أبيب تطالب بإعادة المحتجزين في غزة (رويترز)

بعد عام على إطلاق سراحهم خلال الهدنة الوحيدة بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية، دعا رهائن سابقون في غزة، الأحد، إلى تأمين الإفراج عمن لا يزالون محتجزين في أسرع وقت.

وقالت غابرييلا ليمبرغ، خلال مؤتمر صحافي في تل أبيب: «علينا أن نتحرك الآن، لم يعد لدينا وقت»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأضافت: «لمدة 53 يوماً، أمر واحد جعلني أستمر؛ نحن الشعب اليهودي الذي يقدس الحياة ولا يترك أحداً خلفه».

خلال هجوم «حماس» غير المسبوق في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، خُطف 251 شخصاً نُقلوا إلى غزة، لا يزال 97 منهم في غزة، أعلن الجيش أن 34 منهم ماتوا.

وأتاحت هدنة لأسبوع في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، هي الوحيدة منذ بداية الحرب، الإفراج عن أكثر من 100 رهينة مقابل الإفراج عن معتقلين فلسطينيين في سجون إسرائيل. ومنذ ذلك الحين، تمت إعادة 7 رهائن آخرين أحياء في عمليات للجيش الإسرائيلي.

وأضافت ليمبرغ: «قبل عام، عدت مع 104 رهائن آخرين، جميعهم على قيد الحياة، وهو أكثر مما يمكن لأي عملية إنقاذ أن تعيده. ويجب أن يكون هناك اتفاق قادر على إعادتهم جميعاً».

متظاهرون يستلقون على الأرض خلال مظاهرة في تل أبيب تطالب بإعادة المحتجزين في غزة (أ.ف.ب)

وتابعت: «لقد نجوت وعدت إلى عائلتي، وأطالب بالشيء نفسه من أجل جميع أسر الرهائن، وأطالب القادة بفعل الشيء نفسه لإعادتهم جميعاً».

وتحدثت دانيال ألوني، التي اختطفت مع طفلتها إميليا (البالغة 6 سنوات) وأُطلق سراحها بعد 49 يوماً، عن «الخطر الذي يتزايد كل يوم» بالنسبة للرهائن.

ولا يزال صهرها ديفيد كونيو في غزة وكذلك شقيقه أرييل كونيو وشريكته أربيل يهود.

أضافت ألوني: «يجب على كل رجل وامرأة أن يفكروا في مصيرهم كل ليلة. ونحن نعلم على وجه اليقين أنهم يتعرضون لانتهاكات وحشية (...) ويتعرضون لإصابات جسدية ونفسية، ويتم انتهاك هويتهم وشرفهم كل يوم».

وقالت راز بن عامي، التي لا يزال زوجها رهينة، إن «الوقت حان لإعادتهم وبأسرع وقت ممكن؛ لأن لا أحد يعرف من سينجو من الشتاء في الأنفاق». وأضافت متوجهة لزوجها أوهاد: «حبيبي كن قوياً، أنا آسفة لأنك ما زلت هناك».

وقال منتدى عائلات الرهائن: «اليوم، مر عام على تنفيذ الاتفاق الأول والوحيد لإطلاق سراح الرهائن (...) ولم يتم التوصل إلى اتفاق جديد منذ ذلك التبادل الأول».

والمنتدى الذي نظم المؤتمر الصحافي هو تجمع لمعظم عائلات الأشخاص الذين ما زالوا محتجزين في غزة.