«مسار بدر» رحلة بين التاريخ والثقافة على خطى النبي‏

استغرقت أولى رحلات مسار بدر قرابة 4 أيام سيرا على الأقدام وباستخدام الجِمال ومشاركة أكثر من 25 رحالاً (روح المدينة)
استغرقت أولى رحلات مسار بدر قرابة 4 أيام سيرا على الأقدام وباستخدام الجِمال ومشاركة أكثر من 25 رحالاً (روح المدينة)
TT

«مسار بدر» رحلة بين التاريخ والثقافة على خطى النبي‏

استغرقت أولى رحلات مسار بدر قرابة 4 أيام سيرا على الأقدام وباستخدام الجِمال ومشاركة أكثر من 25 رحالاً (روح المدينة)
استغرقت أولى رحلات مسار بدر قرابة 4 أيام سيرا على الأقدام وباستخدام الجِمال ومشاركة أكثر من 25 رحالاً (روح المدينة)

مسار تاريخي يقتفي أثر النبي في واحدة من رحلاته داخل المدينة المنورة، أضحى الآن مزاراً متاحاً ونافذة تطلّ عبرها على تاريخ بواكير الإسلام حيث بدأت الحكاية، وبنيت هذه القصة لبنة تلو أخرى على ثرى مدينة الرسول الكريم –صلى الله عليه وسلم- في مسار مليء بالآثار الثمينة، وجولة تاريخية رصينة.

وفي رمضان من هذا العام، أطلق الأمير سلمان بن سلطان أمير منطقة المدينة المنورة أولى رحلات المسار بمشاركة ضيوف من مختلف دول العالم، اقتفوا أثر الرسول، وتحروا رؤية وتتبع وتأمل التفاصيل الجغرافية للمكان، وكابدوا مشاق الطريق، ومعاناة العبور إلى مرافئ السكينة النفسية وطمأنينة الإيمان، في تجربة فريدة تعيد إحياء المسار العريق بين المدينة المنورة وبدر، واستكشاف جمال المسارات التي سار عليها النبي الكريم، تجمع بين الإرث الديني والثقافي، وصممت لهواة المغامرات ومتتبعي التراث الغنيّ.

في رمضان من هذا العام أطلق الأمير سلمان بن سلطان أمير منطقة المدينة المنورة أولى رحلات المسار بمشاركة دولية (إمارة المدينة)

وتنطلق الجولة التاريخية الثرية من ميدان الملك عبد العزيز في المدينة المنورة إلى منطقة بدر التاريخية، عبر مسار يتضمن 40 موقعاً ومعلماً تاريخياً مرتبطة كلها بقصة بدر والأميال الحجرية الموجودة، بالإضافة إلى أكثر من 25 قرية وتجمعاً سكنياً على امتداد 175 كيلومتراً، يكتشف المشارك فيها عمق التاريخ، وأطلال المكان الذي ذرعه الرسول في رحلته، ومكان مباته، ومشارف وصوله حيث موقع الغزوة التي انطبع أثرها في تاريخ المسلمين، وبقيت تفاصيلها شاهدة على صدق الإيمان، والتوكل، والصبر لنيل المراد.

المسار يسلط الضوء على جمال المسارات التي سار عليها النبي الكريم وتجمع بين الإرث الديني والثقافي وصممت لهواة المغامرات ومتتبعي التراث (روح المدينة)

مسار زاخر بالملاحم والقصص

تبدأ الرحلة من ميدان الملك عبد العزيز في المدينة المنورة الشاهد على سلسلة زيارات الملك المؤسس وهو يرعى شؤون المواطنين وضيوف الرحمن، ويتتبع أحوالهم، قبل أن تتجه إلى أولى المحطات بين سفوح وادي ملل، وهو أحد أودية المدينة المنورة، والمكان الذي استراح فيه النبي وهو متجه في طريقه إلى المعركة، واكتسب ملل اسمه من طبيعته، حيث تقلّ فيه الرمال، ويكثر الحصى والصخور، ولهذا كانت الإبل تجلس في الوادي وتتململ أي تميل‏ في وضعية جلوسها من جهة إلى أخرى.‏ ثم تواصل الرحلة في مسار بدر، ليكتشف المشاركون عمق التاريخ عند شرف روحاء، وفيها صلّى النبي -عليه الصلاة والسلام- وبات ليلته أثناء رحلته إلى بدر، وقد ارتبطت تاريخياً بكثير من الأحداث، وكانت محطة تاريخية للقوافل في عهد النبوة، وبها بئر مشهورة باسمها.‏

يتضمن المسار 40 موقعا ومعلما تاريخيا يرتبط بقصة بدر وأكثر من 25 قرية وتجمعا سكنيا على امتداد 175 كيلومترا (روح المدينة)

و‏يواصل المسار طريقه إلى خيف الحزامي، وهي قرية في وادي الصفراء شهدت أطلالها مرور النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو في طريقه إلى بدر، وهي مجموعة من المزارع وأحواض النخيل تمر عبرها قنوات العيون وسواقيها التي تنعم بمياهها العذبة الوفيرة. وتمتد المسيرة إلى وادي ذفران حيث بات فيه النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل آخر ليلة من وصوله إلى موقع الغزوة، وفيه حفرت بئر في موضع صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- أثناء ذهابه إلى المعركة، حيث تنتهي الرحلة عند موقع غزوة بدر التي شهدت أرضها أولى معارك المسلمين في السنة الثانية للهجرة، ويستحضر الزائر على ثراها المشاعر التي ملأت أجواء المعركة حتى لحظة انتصار جيش النبي محمد -عليه الصلاة والسلام. وتضم مدينة بدر مواقع إسلامية مهمة ارتبطت بالغزوة، من بينها العدوة الدنيا، وهي جبل رملي نزل به الرسول -عليه الصلاة والسلام- في بداية الأمر، ويبعد كيلومترا واحدا شمال غربي بدر، والعدوة القصوى تبعد نحو 3 كيلومترات عن بدر، وتشير إلى الجبل الذي اتخذه الأعداء منزلًا لهم، ومسجد العريش، الذي منح اسمه من استعمال المسلمين لعريش النخل، ليستظلوا به من حرارة الشمس، كما أنه مكان صلى فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ومقبرة لشهداء المعركة.

يُعنى المسار بتوثيق معالم السيرة النبوية ويعكس الأهمية التاريخية التي تتمتع بها منطقة المدينة المنورة (روح المدينة)

يكتشف المشارك عمق التاريخ وأطلال المكان الذي ذرعه الرسول في رحلته ومكان مباته ومشارف وصوله إلى بدر (روح المدينة)

أولى رحلات المسار بمشاركة دولية

واختتمت في رمضان من هذا العام أولى رحلات «مسار بدر» التي استغرقت نحو 4 أيام سيراً على الأقدام، وباستخدام الجِمال، ومشاركة أكثر من 25 رحالاً من السعودية، وأميركا، وبريطانيا، وكندا، وألمانيا، وماليزيا، وإندونيسيا، وعدد من الدول العربية، حيث توقفت الرحلة في أول أيامها بوادي ملل، في حين كان المبيت ثاني أيام الرحلة عند بئر الروحاء، وفي اليوم الثالث وقفت الرحلة في خيف الحزامي من وادي الصفراء، وفي اليوم الرابع توقفت الرحلة في وادي ذفران، ووصلت مع ختام اليوم إلى منطقة بدر التاريخية. ويُعنى مسار بدر من خلال الرحلات التي بدأ إطلاقها بتوثيق معالم السيرة النبوية، ويعكس الأهمية التاريخية التي تتمتع بها منطقة المدينة المنورة، ويسهم في تحقيق الأثر الاقتصادي والتنموي المستدام، في حين تعتزم الهيئة طرح فرصة المشاركة في رحلات «مسار بدر» خلال الفترة المقبلة عبر منصة «روح المدينة» بالشراكة مع القطاعين الخاص وغير الربحي، وذلك ضمن مشاريع تأهيل وتفعيل مواقع التاريخ الإسلامي والوجهات الإثرائية التي تسهم في إثراء التجربة الدينية والثقافية لزوار المدينة المنورة وقاصدي المدينتين المقدستين.


مقالات ذات صلة

جوان خضر: لا تجوز المنافسة ضمن المسلسل الواحد

يوميات الشرق أتقن جوان رَسْم ملامح «فجر» وقدَّم مشهديات صامتة (مشهد من «تحت سابع أرض»)

جوان خضر: لا تجوز المنافسة ضمن المسلسل الواحد

أتقن الممثل السوري جوان خضر رَسْم ملامح «فجر» في مسلسل «تحت سابع أرض» الرمضاني وقدَّم مشهديات صامتة أغنت الحوار. نطق بعينيه. شخصية مُركَّبة حملت أكثر من تفسير.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق في فيلم «نهاد الشامي» تُجسّد جوليا قصّار شخصية الحماة المتسلّطة (إنستغرام)

جوليا قصّار لـ«الشرق الأوسط»: الكيمياء بين ممثل وآخر منبعُها سخاء العطاء

ترى جوليا قصّار أنّ مشاركة باقة من الممثلين في المسلسل أغنت القصّة، ونجحت نادين جابر في إعطاء كل شخصية خطّاً يميّزها عن غيرها، مما ضاعف حماسة فريق العمل.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق حسن عسيري خلال استضافته المطرب إيهاب توفيق (الشرق الأوسط)

حسن عسيري يستحضر حسَّه الكوميدي في برنامجه «بروود كاست»

في حواره مع «الشرق الأوسط» تحدّث الفنان والمنتج السعودي حسن عسيري عن كواليس برنامجه «بروود كاست».

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق انتهت مسلسلات رمضان وبقيت تتراتها عالقة في الأذهان

انتهت مسلسلات رمضان وبقيت تتراتها عالقة في الأذهان

من مصر إلى لبنان وسوريا مروراً بالخليج، جولة على أكثر أغاني المسلسلات جماهيريةً واستماعاً.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق العمل أهلٌ بتصنيفه بين الأفضل (البوستر الرسمي)

«بالدم»... مخاطرةٌ رابحة مع ملاحظات ضرورية

العمل لم ينل التنويه لمجرّد عواطف وطنية، فذلك مُعرَّض لأنْ تفضحه ثغر ويدحضه افتعال. أهليته للإشادة به مردُّها أنه أقنع بكثير من أحداثه، ومنح شخصيات قدرة تأثير.

فاطمة عبد الله (بيروت)

«لون لا يموت»... معرض يستحضر الأساطير الشعبية في الريف المصري

إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«لون لا يموت»... معرض يستحضر الأساطير الشعبية في الريف المصري

إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

عبر أكثر من 100 لوحة في فن الجرافيك والرسم بالأبيض والأسود، وكذلك الأعمال الملونة التي ترصد تفاصيل الحياة الشعبية بالشارع المصري، استضاف متحف محمود مختار بالجزيرة (وسط القاهرة)، معرضاً استعاديّاً للفنان الراحل وحيد البلقاسي، الملقب بـ«شيخ الحفارين»، تضمن رصداً لأعماله وجانباً كبيراً من مسيرته الفنية.

المعرض الذي انطلق 18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي ويستمر حتى 28 من الشهر نفسه في قاعتي «نهضة مصر» و«إيزيس» رصد مراحل فنية متنوعة للفنان الراحل، وبرزت خلاله فكرة الأسطورة الشعبية من خلال رموز بعينها رسمها ضمن اللوحات، مثل: العين الحارسة، والأجواء الأسطورية، للحكايات التي تتضمنها القرية المصرية.

وبينما تضمنت إحدى القاعات الأعمال الملونة والغرافيك المميز الذي قدمه الفنان وحيد البلقاسي، والتي تعبر عن الأسرة المصرية بكل ما تمثله من دفء وحميمية، كذلك ما يبدو فيها من ملامح غرائبية مثل القصص والحكايات الأسطورية التي يتغذى عليها الخيال الشعبي.

البورتريه الملون من أعمال الفنان وحيد البلقاسي (الشرق الأوسط)

ولد وحيد البلقاسي في محافظة كفر الشيخ (دلتا مصر) عام 1962، وتخرج في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، قسم الغرافيك عام 1986، واشتهر بأعماله في فن الغرافيك، وله عشرات المعارض الفردية والجماعية، كما أسس جماعة فنية باسم «بصمات»، وكان لها دور فاعل في الحياة الفنية عبر معارض وفعاليات متنوعة.

يقول عمار وحيد البلقاسي، منسق المعرض، نجل الفنان الراحل، إن المعرض يمثل تجربة مهمة لشيخ الحفارين وحيد البلقاسي، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «اختيار اسم المعرض للتأكيد على أن أعمال الفنان لا تموت وتظل خالدة للأبد، تحمل اسمه وتحيي أعماله الفنية»، وتابع: «قبل وفاة الفنان عام 2022 كان يتمنى أن يعرض هذه المجموعة المتنوعة من أعماله الفنية، بما فيها الحفر على الخشب في دار الأوبرا المصرية، واستطعنا أن نعرض من مجموعته 100 عمل فني تصوير، من بينها 30 عملاً فنياً بطول مترين وعرض 170 سنتمتراً، بالإضافة إلى مجموعة من الأعمال الصغيرة».

وأشار إلى أن الأعمال في مجملها ترصد القرية والحياة الريفية بمصر، وتتضمن موتيفات ورموزاً شعبية كثيرة تدل على الأصالة وعشقه للقرية والحياة الشعبية بكل ما تتضمنه من سحر وجمال.

ويصف الإعلامي المصري والفنان طارق عبد الفتاح معرض «لون لا يموت» بأنه «يعبر عن مسيرة الفنان وحيد البلقاسي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «أعدُّ الفنان الراحل فناناً عالمياً؛ لأنه جمع بين الإغراق في المحلية ومفردات التراث في لوحاته، واللوحات التي تنطق بالتعبيرية وتمثل الروح المصرية الأصيلة، واستخدم الأبيض والأسود في أغلب أعماله، لكن له مجموعة أعمال بالألوان مبهرة، ويظهر في أعماله مدى اهتمامه بالجمال والاحتفاء بالمرأة وبالمفردات الشعبية وتفاصيل القرية المصرية».

الفنان الراحل وحيد البلقاسي (الشرق الأوسط)

وتابع عبد الفتاح: «لوحات المعرض سواء الكبيرة، التي يصل ارتفاعها إلى مترين، أو الصغيرة، فيها طاقة تعبيرية تبهر المتلقي الذي ينجذب فوراً للتفاصيل الموجودة بها».

وإلى جانب أعماله الفنية المتميزة، فقد شارك وحيد البلقاسي في الحركة التشكيلية عبر أنشطة عدّة، وأُنتج فيلم تسجيلي عن مسيرته الفنية بعنوان «شيخ الحفارين»، من تأليف علي عفيفي، وإخراج علاء منصور، سجل رحلته الفنية وعلاقته بالقرية والمفردات التي استقى منها فنه.


«روح ومحبة»... احتفالات مصرية بأعياد الميلاد في «متحف الحضارة»

أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)
أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)
TT

«روح ومحبة»... احتفالات مصرية بأعياد الميلاد في «متحف الحضارة»

أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)
أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)

تحت عنوان «روح ومحبة» أطلق المتحف القومي للحضارة المصرية احتفالية بمناسبة رأس السنة الميلادية وأعياد الميلاد المجيد، تضمّنت معرضاً أثرياً مؤقتاً يستمر لمدة شهرَين بالتعاون مع المتحف القبطي في القاهرة.

ورأى الرئيس التنفيذي للمتحف القومي للحضارة المصرية، الدكتور الطيب عباس، أن تنظيم هذا المعرض يأتي في إطار الدور الثقافي والمجتمعي الذي يضطلع به المتحف، مشيراً في بيان للمتحف، الجمعة، إلى أن رسالة المتحف لا تقتصر على عرض القطع الأثرية فحسب، بل تمتد إلى إبراز القيم الإنسانية والروحية التي أسهمت في تشكيل الهوية الحضارية لمصر عبر العصور. وأكد أن المعرض يعكس رسالة مصر التاريخية بوصفها حاضنة للتنوع الديني والثقافي، ومركزاً للتسامح والتعايش.

وافتُتح المتحف القومي للحضارة المصرية عام 2021 بالتزامن مع احتفالية «موكب المومياوات»، حيث نُقلت «المومياوات الملكية» من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف القومي للحضارة بالفسطاط، ويضم المتحف 1600 قطعة أثرية تحكي تاريخ مصر عبر العصور.

ويضم المعرض الأثري المؤقت مجموعة متميزة ونادرة من روائع الفن القبطي تُعرض لأول مرة، تشمل أيقونات ومخطوطات قبطية ومشغولات فنية كانت تُستخدم في الأديرة والكنائس، من أبرزها أيقونة لميلاد السيدة العذراء، ومنظر حجري يُجسّدها وهي تُرضع السيد المسيح، بما يعكس ثراء هذا التراث وقيمته الفنية والرمزية، وفق تصريحات للدكتورة نشوى جابر، نائبة الرئيس التنفيذي للمتحف القومي للحضارة المصرية.

وقالت، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «المعرض الأثري جاء بالتعاون مع المتحف القبطي، وهي المرة الثانية التي يتعاون فيها المتحف مع آخر، حيث تم التعاون من قبل مع المتحف الإسلامي خلال احتفالات المولد النبوي الشريف».

جانب من معرض أثري مؤقت بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)

وأكدت أن «القطع المعروضة فريدة من نوعها فلم تُعرض من قبل، ومن بينها 15 قطعة من المتحف القبطي، و8 قطع من متحف الحضارة، تعود إلى القرون الميلادية الأولى»، وأهم القطع التي تضمنها المعرض وفق نائب الرئيس التنفيذي للمتحف «أيقونة ميلاد السيدة العذراء نفسها، فالشائع والمنتشر هي أيقونات ميلاد السيد المسيح عليه السلام، ولكن من النادر وجود لوحة أيقونية تصور ميلاد السيدة العذراء. كما توجد قطعة حجرية منقوش عليها رسم للسيدة العذراء والسيد المسيح، وتُعدّ امتداداً للفن المصري القديم الذي كان يجسّد في لوحات مشابهة لإيزيس وهي تُرضع الطفل حورس».

من جانبه، أكد رئيس قطاع المتاحف في وزارة الآثار المصرية، الدكتور أحمد حميدة، أن «المعرض يُجسّد نموذجاً للتعاون المثمر بين المؤسسات الثقافية»، مشيراً إلى أن «اختيار السيدة العذراء مريم محوراً للمعرض يحمل دلالات إنسانية وروحية عميقة».

بينما أشارت مديرة المتحف القبطي، جيهان عاطف، إلى أن المعرض يُبرز تكامل الجهود بين المؤسسات الثقافية، لإظهار ثراء الموروث الحضاري المصري وتعدد روافده عبر مختلف الحقب التاريخية.

وحسب بيان للمتحف القومي للحضارة، تضمّنت الفعاليات الاحتفالية الكثير من الأنشطة، من بينها معرض للتصوير الفوتوغرافي، تضمن 22 صورة فوتوغرافية لاحتفالات عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية في مصر، وهو ما عدّته نائبة رئيس المتحف «ضمن خطة للربط بين الاحتفالات والأعياد الكبرى من جهة عرض القطع الأثرية التي تعبّر عنها، وكذلك توثيق مظاهرها الحديثة والمعاصرة وحضور هذه الأعياد ومظاهرها في الشارع المصري المعاصر للربط بين التاريخ والحاضر».

وشهدت الاحتفالية فعاليات فنية، مثل عروض لفرقة كورال «أغابي» التي قدمت مجموعة من الأغاني القبطية احتفاء بقيم المحبة والسلام، إلى جانب عروض لكورال الأناشيد بالتعاون مع كنيسة القديس بولس الرسول بمدينة العبور.

وتضمنت الاحتفالية أيضاً أنشطة تفاعلية متنوعة لتنفيذ أعمال فنية ورسم حي لأيقونات المعرض، وممارسة ألعاب تفاعلية، وتوزيع هدايا الميلاد.


شارع فيكتوري تحت بريستول… أسرار التاريخ تحت أقدامنا

يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)
يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)
TT

شارع فيكتوري تحت بريستول… أسرار التاريخ تحت أقدامنا

يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)
يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)

كشفت مغامرة تاريخية جريئة عن وجود شارع فيكتوري كامل مدفون تحت إحدى المدن البريطانية، يضم محالاً تجارية وطريقاً قديماً، بعد أن قرر المؤرخ ديفيد ستيفنسون النزول إلى الأعماق لتوثيق ما عثر عليه بعدسته ومصباحه اليدوي.

على مدى سنوات، أثار الشارع الواقع أسفل منطقة «لورانس هيل» في مدينة بريستول قصصاً وشائعات عدّة، من بينها رواية عن رجل يُقال إنه سقط في حفرة بعد خروجه من إحدى الحانات ليجد نفسه فجأة في شارع «متجمد في الزمن». كما تحدثت الروايات عن بقايا واجهات محال قديمة ومصابيح غاز تعود للقرن الـ19، دون أن تتأكد صحتها.

ساعات طويلة من البحث كشفت عن زقاق يمتد تحت الأرض (إنستغرام)

لكن ستيفنسون تمكن من وضع حد للتكهنات، وعاد بمجموعة مذهلة من الصور التي أعادت إحياء ماضٍ ظل طي النسيان لعقود. ساعات طويلة من البحث كشفت عن زقاق يمتد تحت الأرض، يضم أقبية سرية وغرفاً مخفية، بينها ملهى ليلي تحت حانة «ذا باكهورس»، ومخزن استخدمه متعهدو دفن الموتى، وإسطبل قديم تابع لشركة «كو - أوب»، وموقع استُخدم ملجأً خلال الغارات الجوية في الحرب العالمية الثانية، بحسب صحيفة «ذا ميرور».

كما اكتشف ستيفنسون نفقاً تحت أحد المصارف أُغلق بعد محاولة اقتحام، وتعود أجزاء من هذه الممرات لأكثر من قرنين، إلى فترة إدارة عائلة هيراباث لمصنع الجعة المرتبط بحانة «ذا باكهورس إن»، الذي امتد من شارع «لينكولن» حتى شارع «داك ستريت».

في عام 1832، مر خط سكة حديد تجره الخيول عبر لورانس هيل، ومع توسع السكك الحديدية البخارية لاحقاً، طُمرت الحانة والمحلات المجاورة تحت الأرض بعد تشييد أقواس جديدة لدعم الطريق. باع ويليام هيراباث معظم ممتلكاته لشركة سكة الحديد مقابل 3 آلاف جنيه إسترليني، وبحلول عام 1879، رُفع مستوى الطريق واستُبدل الجسر الخشبي، ما أدى إلى اختفاء الحانة القديمة والمحلات تحت الطريق الجديد، في حين بُنيت الحانة الحالية مباشرة فوقها مع الاحتفاظ بالسلالم المؤدية إلى الموقع الأصلي.

بعد أكثر من عقدين، تذكَّر ستيفنسون مغامرته حين رفع شبكة حديدية وأنزل سلماً داخل بئر ليصل إلى الشارع المدفون. واكتشف 4 أنفاق، كان أحدها فقط ممتداً عبر الشارع بالكامل، وأُغلقت الأخرى بالطوب لمنع السرقة.

في أحد المتاجر المدفونة، عثر ستيفنسون على إطار نافذة فيكتورية قديمة، وأنقاض بناء، وأغراض متفرقة مثل حوض للخيول وكرسي متحرك مهجور. ولم تُشاهد أعمدة الإنارة خلال رحلته، إذ أُزيلت في خمسينات القرن الماضي حسب أحد تجار الخردة.

إحياءُ ماضٍ ظل طي النسيان لعقود (إنستغرام)

اليوم، أُغلقت هذه الأنفاق نهائياً نظراً لخطورتها، لكن ستيفنسون سبق أن انضم إلى بعثة منظمة لاستكشاف الغرف الواقعة أسفل الحانة، برفقة فريق متسلقين ذوي خبرة. ويستعيد ذكرياته قائلاً: «كانت خيوط العنكبوت كثيفة، والمدفأة لا تزال مغطاة بالغبار، وعارض فولاذي ضخم محفور عليه حروف (GWR) لتدعيم المبنى».

ويضيف: «الطريق أعلاه بُني أساساً للخيول والعربات. ورغم حركة المرور الكثيفة اليوم، بما في ذلك مئات الحافلات والشاحنات الثقيلة، لا يزال الطريق صامداً، ولا يدري كثيرون ما الذي يرقد تحت أقدامهم».