أمهات سوريا في عيدهن... غياب الأبناء أو غياب الهدايا

أُم سورية مع أطفالها في مخيم نازحين (وكالة أنباء العالم العربي)
أُم سورية مع أطفالها في مخيم نازحين (وكالة أنباء العالم العربي)
TT

أمهات سوريا في عيدهن... غياب الأبناء أو غياب الهدايا

أُم سورية مع أطفالها في مخيم نازحين (وكالة أنباء العالم العربي)
أُم سورية مع أطفالها في مخيم نازحين (وكالة أنباء العالم العربي)

يطلّ عيد الأم هذا العام بفرحة منقوصة على عدد غير هيّن من الأمّهات السوريات... فمنهن من لم تجد من يحتفل بها إمَّا لظروف مادية يصعب معها على الأبناء جلب الهدايا كسابق العهد، وإما لغياب أبناء اختاروا الهجرة طلباً للعمل وهرباً من البطالة وسوء الأوضاع المعيشية.

«زمن الاحتفال راح وولّى»... كان تعليق فاديا حداقي (45 عاماً) على احتفال هذا العام بعيدها كأُم، وأخذت تصف شعورها بالحنين والاشتياق لابنيها الشابين اللذين غادرا سوريا منذ 5 أعوام للعمل بإحدى الدول الخليجية.

قالت: «نحن أمّهات سوريا نعيش وضعاً نفسياً لا نُحسد عليه. الوضع الطبيعي هو أن نربّي أولادنا إلى أن يكبروا ويظلوا إلى جانبنا؛ لكن منذ زمن طويل في سوريا، هذا الأمر لم يعد قائماً. فنحن نربّيهم ونعلّمهم وفي نهاية المطاف نحزم حقائبهم ثم نودّعهم... ما باليد حيلة».

وبصوت مؤثر واصلت الحديث لـ«وكالة أنباء العالم العربي» قائلة: «الأبناء هم أساس العيد، ولولاهم ما كنا أمهات اليوم. لم أعد أشعر بفرحة العيد رغم الهدايا والأموال التي يرسلها إليّ أبنائي شهرياً. لم يعد يهمني أي شيء في ظل بعدهم عنّي».

ينسحب وضع فاديا وولداها على كثير من العائلات السورية، بعدما أدَّت الأوضاع الاقتصادية إلى هجرة الشباب بحثاً عن فرصة عمل يستطيعون من خلالها مساعدة أُسرهم بعدما تراجعت القدرة الشرائية في سوريا إلى مستويات غير مسبوقة.

كانت فرحة كثير من الأمهات هذا العام منقوصة، فالهدايا المرسلة عن بُعد لا تغنيهن عن حضور الأبناء، والمعايدة عبر اتصال بالفيديو لا تعوضهن عن عناقهم.

أُم سورية تُعدّ الإفطار لأبنائها (وكالة أنباء العالم العربي)

قهوة «بلا سكر»

تستيقظ جوانا (50 عاماً) في صباح عيد الأم باكراً، تجهّز القهوة الخالية من الهيل والسكر كما تحبها ابنتها البكر مارسيل، التي ودّعتها وأختها منذ عامين؛ إحداهما من أجل العمل والأخرى من أجل الدراسة في الخارج. وبعد القهوة، تقلي البيض «عيوناً» كما كانت تطلبه ابنتها الصغرى كريستين «المشاغبة»، كما وصفتها.

تنتظر الأم أن تستيقظ ابنتاها في الغربة، وأن تكلّماها هاتفياً قبل أن تغرقا في أشغالهما.

تصمت جوانا قليلاً لتمسح دموعاً طفرت من عينيها، وتقول: «أحترِق ببُعدي عنهما، لكن لا محيص؛ فسوريا باتت مقبرة المستقبل، والضغط على أولادنا من أجل العودة إلى بلادهم قمة الأنانية، لذا لا يمكن الاحتفال إلا بالانتظار والأمل بغد أفضل».

وفي ظل الأزمة المعيشية وارتفاع الأسعار في السوق المحلية وحاجة المواطنين إلى الموازنة بين المصاريف اليومية واحتياجات شهر رمضان، لجأ كثيرون إلى الاحتفاء بالأمهات بوسائل بسيطة مثل الوردات والهدايا الرمزية، بعدما باتت الهدايا المتعارف عليها من أجهزة كهربائية ومنزلية وملابس أو ذهب بعيدة عن متناول الغالبية.

يقول شاهين البارودي، وهو طالب جامعي وحيد أبويه ويعمل أيضاً بإحدى الشركات: «الظروف الاقتصادية وارتفاع الأسعار الهائل في سوريا جعلني أنا وكثيرين غيري نعجز عن شراء هدية لائقة لأمهاتنا بهذه المناسبة».

وأضاف متحدثاً لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «مع الغلاء المستفحل بات من الصعب اختيار الهدايا التي تعوّدنا عليها في سنوات العز والبحبوحة؛ فثمن أقل هدية بسيطة لا يقل عن 100 ألف ليرة سورية (7.5 دولار)، وشراء قطعة ملابس واحدة كفيل بأن يلتهم الراتب كله؛ أما الهدايا الذهب فتلزمها ميزانية خاصة. والأدوات الكهربائية البسيطة التي كانت في متناول الجميع من محضّرة طعام إلى ماكينة كبّة أو فرّامة لحوم أو بصل، فباتت أسعارها هي الأخرى ضرباً من الخيال».

ويبدو أن البحث عن هدية منخفضة التكلفة وتنال في الوقت نفسه إعجاب «ست الحبايب» لم يكن بالأمر اليسير على شاهين، لذلك حسم أمره بأن تكون هديته مبلغاً مالياً يقارب 200 ألف ليرة بعدما لم يجد هدية مناسبة بهذا الثمن.

«مهما كانت الظروف»

على رصيف بشارع الحمراء في وسط دمشق، كانت الثلاثينية سوزانا رستم تبحث بين الحقائب المصطفّة عن هدية مناسبة لوالدتها، بعدما ذهبت الأسعار بخطتها لشراء أحد أجهزة المطبخ الكهربائية.

تتراوح أسعار حقائب اليد التي تباع على الأرصفة بين 50 و70 ألف ليرة، في حين لا يقل سعرها في المحلات الكبرى عن 150 ألفا، وإن كانت الجودة مختلفة بوضوح. لكن سوزانا ترفع شعار «على قد لحافك مد رجليك، وعلى قد مصاريك جيب هديتك».

أما كعكة الاحتفال، فقد صنعتها بنفسها في المنزل، مشيرةً إلى أن سعر أصغر قالب كيك يبدأ من 200 ألف ليرة. قالت: «صنعت الكيك هذه السنة في المنزل رغم انخفاض جودته، ولكن لا يمكن إقامة حفلة لست الحبايب من دونه».

ويرى يجد يامن (38 عاماً)، وهو موظف حكومي براتب لا يتعدى 300 ألف ليرة، أن هدية عيد الأم «واجب لا يمكن التخلي عنه مهما كانت الظروف».

يشير يامن إلى ارتفاع الأسعار ويقول إن ما يجمعه على مدار عام لا يكفي لشراء قطعة ثياب مناسبة لوالدته. فبعد جولة بالأسواق، وجد أن سعر البيجامة الشتوية المتوسطة يتجاوز 400 ألف ليرة، وأن سعر العباءة ليس أقل تكلفة؛ إذ يبدأ من 300 ألف ليرة ويصل حتى المليون ليرة.

سوق الصاغة ظلت راكدة في عيد الأم بسوريا (إنترنت)

وللتغلب على ارتفاع الأسعار، اتفق يامن وإخوته الخمسة على شراء هدية واحدة لوالدتهم بدلاً من تعدد الهدايا، حيث إنها كانت تحتاج إلى طقم طناجر وأدوات مطبخ جديدة. قال: «رقم المليون ونصف مليون ليرة لطقم الطناجر يبدو رهيباً، لكن عند التقاسم مع إخوتي يبقى سعره مقدوراً عليه».

الذهب... غياب كامل هذا العام

كانت الشوكولاته الهدية الأنسب بالنسبة إلى الشاب العشريني علي مهنا، فقرر شراء كمية متنوعة منها ووضعها في صندوق غلَّفه بشكل أنيق، مع وردة صغيرة داخله.

فوالدته تحب الشوكولاته كثيراً، وكذلك والده. يقول مهنا إنه يحرص دائماً على تقديم الهدايا لأبويه في المناسبات، وإن الهدايا المادية مهما تنوعت وغلا ثمنها لن توفّي الأم قدرها. ويقول: «أتمنى لو أهديها قطعة ذهب، لكن السعر خارج نطاق قدرتي».

يؤكد أبو محمد، وهو صاحب محل للمجوهرات في شارع العابد بدمشق، أنه لم يبقَ للذهب ذِكر في قائمة الهدايا في أي مناسبة وأن الأوضاع المعيشية الصعبة لمعظم السوريين، إضافةً إلى ارتفاع أسعار الذهب، جعلت من كان يملك ذهباً، يبيعه.

ويبلغ سعر بيع غِرام الذهب عيار 21 قيراطاً 840 ألف ليرة سورية، وسعر الغِرام عيار 18 قيراطاً 720 ألفاً.

ويقول أبو محمد: «حركة البيع لم تتراجع فقط بل أصبحت معدومة. وبعد أن كنت أبيع خلال فترة عيد الأم ما يزيد على 30 هدية، لم أبِع هذا العيد أكثر من هديتين فقط».

ولهناء الحلبي رأي آخر في مسألة هدايا عيد الأم.

تقول السيدة الخمسينية، التي تسكن جديدة عرطوز بمنطقة قطنا في ريف دمشق: «فرحة الأم في عيدها تكون برؤية أبنائها متحابّين فيما بينهم. الهدية لها وزن، لكنها سواء أتت أم لم تأتِ، فالأبناء هم هدية الأم في عيدها، بنجاحهم وسعادتهم والتفافهم حول والديهم».


مقالات ذات صلة

إيران تدين مقتل موظف بسفارتها في دمشق

شؤون إقليمية المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي (أرشيفية - وكالة مهر الإيرانية)

إيران تدين مقتل موظف بسفارتها في دمشق

أدان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، مقتل سيد داوود بيطرف، الموظف المحلي في سفارة إيران بدمشق.

المشرق العربي أسعد حسن الشيباني المكلف بحقيبة الخارجية السورية (سانا)

الشيباني أول وزير خارجية بعد سقوط الأسد... وتعيين أول امرأة في حكومة سوريا الجديدة

كلّفت إدارة الشؤون السياسية بسوريا، أسعد حسن الشيباني، بحقيبة وزارة الخارجية، كما قامت بتخصيص مكتب جديد يعنى بشؤون المرأة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي أمّ سورية مع أطفالها عند معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (د.ب.أ)

«الإنتربول» الأميركي يطالب بيروت بتوقيف مدير المخابرات الجوية في نظام الأسد

في خطوة هي الأولى من نوعها منذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، باشرت الإجراءات القضائية الدولية بملاحقة رموز هذا النظام؛ إذ تلقّى النائب العام التمييزي في…

يوسف دياب
المشرق العربي عضو سابق في القوات الأمنية التابعة لنظام بشار الأسد يسلم سلاحاً لمقاتلي «هيئة تحرير الشام» (رويترز)

دمشق: بدء عمل مراكز تسوية أوضاع عناصر النظام السابق

شهدت المراكز التي فتحتها إدارة العمليات العسكرية لتسوية أوضاع عناصر النظام السوري السابق، من الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية في العاصمة دمشق، إقبالاً كثيفاً.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي فريق من الدفاع المدني السوري يتفقد مشرحة كانت تستخدمها في السابق وحدات إيرانية موالية لنظام بشار الأسد جنوب دمشق (أ.ب)

سوريا: الدفاع المدني يتلف قنابل عنقودية منتشرة بالبلاد

أعلن الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) اليوم (السبت) إتلاف عدد من القنابل العنقودية المنتشرة في عموم البلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

«سلاح أبيض» و«أحزمة ناسفة»... تكتيكات جديدة لـ«القسام» في غزة

«كتائب القسام» تشارك في عرض عسكري وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
«كتائب القسام» تشارك في عرض عسكري وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«سلاح أبيض» و«أحزمة ناسفة»... تكتيكات جديدة لـ«القسام» في غزة

«كتائب القسام» تشارك في عرض عسكري وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
«كتائب القسام» تشارك في عرض عسكري وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

أثار إعلان «كتائب القسام»، الجناح المسلح لحركة «حماس»، في بيانات لها خلال الأيام الأخيرة، تنفيذ عناصرها في مخيم جباليا، شمال قطاع غزة، عمليات بأساليب تكتيكية جديدة ضد القوات الإسرائيلية، الكثير من التساؤلات في أوساط الفلسطينيين والمراقبين حول أسباب لجوئها لذلك.

وأعلنت «القسام» في التاسع عشر من الشهر الحالي، أن أحد عناصرها تمكن من طعن ضابط إسرائيلي و3 جنود من نقطة الصفر والإجهاز عليهم واغتنام أسلحتهم الشخصية في مخيم جباليا، فيما تمكن آخر في اليوم التالي من الإجهاز على قناص إسرائيلي ومساعده من مسافة صفر، وبعد ساعة من الحدث، تنكر بلباس جنود الاحتلال، واستطاع الوصول لقوة مكونة من 6 جنود وتفجير نفسه فيهم بحزام ناسف وإيقاعهم بين قتيل وجريح.

لقطة من فيديو نشرته «حماس» تظهر المعارك الدائرة بين «القسام» والقوات الإسرائيلية في غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

ووفق مراقبين ومتابعين، فإنه للمرة الأولى تعلن «كتائب القسام» منذ بداية الحرب الحالية عن عمليات بهذا التكتيك، كما أنها العملية التفجيرية الثانية باستخدام حزام ناسف التي تقع منذ سنوات طويلة، بعد أن كانت تبنت برفقة «سرايا القدس» الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي» عملية تفجير فلسطيني من نابلس، نفسه في تل أبيب بالتزامن مع الحرب على غزة، ما أدى لإصابة إسرائيلي بجروح، وذلك بتاريخ الثامن عشر من أغسطس (آب) الماضي.

ظروف ميدانية

تقول مصادر من حركة «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، إن هاتين العمليتين نفذتا وفق ظروف ميدانية في ظل الهجمة المسعورة الكبيرة التي تنفذها القوات الإسرائيلية في مناطق شمال قطاع غزة، وتحديداً مخيم جباليا، وبلدة بيت لاهيا.

وحسب المصادر ذاتها، فإن الواقع الميداني أجبر عناصر «القسام» على العمل بتكتيكات وأساليب مختلفة، خصوصاً وأن الجيش الإسرائيلي نجح في تحييد الكثير من مقدرات المقاومين، لكنه في الوقت نفسه تلقى ضربات مؤلمة لم يكن يتوقعها منذ بداية العملية.

تشييع جندي إسرائيلي قُتل في مواجهة مع مقاتلي «القسام» في غزة (أرشيفية - رويترز)

وقالت المصادر: «المقاومون في الميدان هم من يقررون مصيرهم بأنفسهم وبدون تعليمات قيادية عليا، لكنهم يضعون من هم أعلى منهم رتبة أو رفاقهم بمخططاتهم ويتحركون وفق ذلك، وبناءً على هذا التدرج يتم الإبلاغ بتلك العمليات، وبعضها أحياناً تكون مرت عليه ساعات، وفي بعض العمليات كان يتم الإعلان بعد يوم أو يومين، وفق إتاحة الظروف الميدانية لذلك».

ولعل هذا يفسر ما كان يردده «أبو عبيدة»، الناطق باسم «كتائب القسام»، في خطاباته الأخيرة قبل أشهر قليلة، حين أكد استعدادهم لحرب استنزاف طويلة، بالإشارة منه إلى استخدام تكتيكات «حرب العصابات» التي لا تخفي «حماس» أنها تعتمد عليها في العديد من الهجمات.

ولوحظ أن إسرائيل لم تعلق على بيانات «حماس» أو تعلن خسائرها.

مقاتلان من «كتائب القسام» خلال عرض عسكري قرب الحدود مع إسرائيل بوسط قطاع غزة 19 يوليو 2023 (رويترز)

تراجع قوتها

وحسب مصادر ميدانية بغزة، فإن اللجوء لمثل هذا التكتيك بالعادة يشير إلى أن المسلحين لا يملكون أدوات أخرى، ومع مرور أكثر من 70 يوماً على عملية جباليا، فإن هذا يعد طبيعياً، ومجرد بقائهم في تلك المنطقة يحمل في طياته رسالة تحدٍ للإسرائيليين.

وأكدت المصادر أن فصائل المقاومة باتت تفقد قوتها وقدراتها، وتتراجع مع مرور الأيام بفعل الضغط العسكري الإسرائيلي الذي يمارس في العديد من المناطق، مشيرةً إلى أن حجم وعدد العمليات يتراجعان من يوم إلى آخر، خصوصاً في ظل استمرار الاغتيالات لقيادات ونشطاء الفصائل من جانب، واستمرار القوات الاحتلالية باستخدام أساليب وتكتيكات تعتمد بشكل أساسي على سياسة الأرض المحروقة بتدمير كل شيء لكشف أماكن وجود المسلحين والعمل على القضاء عليهم.

مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» في قطاع غزة (أرشيفية)

وبينت المصادر أن القوات الإسرائيلية منذ بداية هذه الحرب تعمدت استهداف مخازن الأسلحة والصواريخ وغيرها لتحييد أكبر قدر منها، لكن بعض الأسلحة كانت تصنع مع بدايات الحرب ما أبقى أكبر عدد منها متوفراً لدى المسلحين، لكن مع مرور أكثر من 15 شهراً على هذه الحرب، بدأت تفقد الأجنحة المسلحة للفصائل الفلسطينية الكثير من قدراتها.

ولفتت إلى أن ذلك جاء إلى جانب الاستهدافات المركزة من قبل القوات الإسرائيلية ضد الكادر البشري، خصوصاً من العاملين في مجال التصنيع والهندسة والذين عملوا مؤخراً على تصنيع عبوات فراغية وبعض الأحزمة الناسفة وقذائف الهاون، إلى جانب تفخيخ المنازل التي استخدمت بكثرة ضد قوات الاحتلال في جباليا.

رسائل للإسرائيليين

وتقول المصادر من «حماس» إن العمليتين الأخيرتين ستكونان بداية سلسلة عمليات مماثلة ستنفذ وفق ما تتاح الفرصة في الميدان للمقاتلين.

وبينت أن العمليتين تحملان رسائل واضحة للاحتلال الإسرائيلي بأنه في حال نفدت الذخيرة ولم يعد لدى المقاومين أي أنواع أسلحة مؤثرة، فإنهم لن يتوانوا في اللجوء لاستخدام «السلاح الأبيض»، وتنفيذ عمليات طعن على غرار ما يجري بالضفة الغربية، كما أنهم لن يتوانوا في استخدام الأحزمة الناسفة، وكذلك إلقاء القنابل اليدوية عن قرب تجاه تلك القوات.

وقالت المصادر: «المقاومون في الميدان قرروا، ألا يعدموا الوسيلة، وأن يواصلوا مقاومتهم بكل الوسائل».

وأضافت: «المقاومة ستستمر بكل الوسائل والطرق، وهذا يحمل رسالة واضحة أن بقاء القوات الإسرائيلية في غزة سيكون له ثمن ولن يكون سهلاً كما تتوقع إسرائيل».

ويقول المحلل العسكري العقيد المتقاعد من غزة، منير حمد، إنه منذ بداية الحرب البرية، استخدمت «حماس» الكثير من التكتيكات العسكرية المختلفة، التي فاجأت في بعضها القوات الإسرائيلية، بما في ذلك تكثيف استخدامها لقاذف «الياسين 105» الذي أثبت في العديد من العمليات قدرته على تكبيد القوات الإسرائيلية خسائر بشرية ومادية.

وعدَّ أن العمليتين الجديدتين بمثابة تكتيك جديد قد تلجأ «حماس» لاستخدامه كثيراً، مشيراً إلى أن العمليات التفجيرية التي ينفذها مسلحون يحملون أحزمة ناسفة، ستكون له تبعات إيجابية تعود على المقاومين من حيث تكبيد الإسرائيليين خسائر، ومن جهة سيكون سلبياً في تأثيره على السكان الفلسطينيين الذين قد ترتكب القوات الإسرائيلية بحقهم عمليات إعدام ميداني بحجة الاشتباه بهم، وهذا الأمر أيضاً سيكون في حال تكررت عمليات الطعن، وكل ذلك سيكون مكلفاً كما جرى قبل عدة سنوات بالضفة عندما كان يقتل أطفال ونساء وشبان بدم بارد على الحواجز بسبب حركة مشتبه بهم، كانت في كل مرة إسرائيل تدعي أنهم كانوا يحاولون تنفيذ عمليات طعن.