أمهات سوريا في عيدهن... غياب الأبناء أو غياب الهدايا

أُم سورية مع أطفالها في مخيم نازحين (وكالة أنباء العالم العربي)
أُم سورية مع أطفالها في مخيم نازحين (وكالة أنباء العالم العربي)
TT

أمهات سوريا في عيدهن... غياب الأبناء أو غياب الهدايا

أُم سورية مع أطفالها في مخيم نازحين (وكالة أنباء العالم العربي)
أُم سورية مع أطفالها في مخيم نازحين (وكالة أنباء العالم العربي)

يطلّ عيد الأم هذا العام بفرحة منقوصة على عدد غير هيّن من الأمّهات السوريات... فمنهن من لم تجد من يحتفل بها إمَّا لظروف مادية يصعب معها على الأبناء جلب الهدايا كسابق العهد، وإما لغياب أبناء اختاروا الهجرة طلباً للعمل وهرباً من البطالة وسوء الأوضاع المعيشية.

«زمن الاحتفال راح وولّى»... كان تعليق فاديا حداقي (45 عاماً) على احتفال هذا العام بعيدها كأُم، وأخذت تصف شعورها بالحنين والاشتياق لابنيها الشابين اللذين غادرا سوريا منذ 5 أعوام للعمل بإحدى الدول الخليجية.

قالت: «نحن أمّهات سوريا نعيش وضعاً نفسياً لا نُحسد عليه. الوضع الطبيعي هو أن نربّي أولادنا إلى أن يكبروا ويظلوا إلى جانبنا؛ لكن منذ زمن طويل في سوريا، هذا الأمر لم يعد قائماً. فنحن نربّيهم ونعلّمهم وفي نهاية المطاف نحزم حقائبهم ثم نودّعهم... ما باليد حيلة».

وبصوت مؤثر واصلت الحديث لـ«وكالة أنباء العالم العربي» قائلة: «الأبناء هم أساس العيد، ولولاهم ما كنا أمهات اليوم. لم أعد أشعر بفرحة العيد رغم الهدايا والأموال التي يرسلها إليّ أبنائي شهرياً. لم يعد يهمني أي شيء في ظل بعدهم عنّي».

ينسحب وضع فاديا وولداها على كثير من العائلات السورية، بعدما أدَّت الأوضاع الاقتصادية إلى هجرة الشباب بحثاً عن فرصة عمل يستطيعون من خلالها مساعدة أُسرهم بعدما تراجعت القدرة الشرائية في سوريا إلى مستويات غير مسبوقة.

كانت فرحة كثير من الأمهات هذا العام منقوصة، فالهدايا المرسلة عن بُعد لا تغنيهن عن حضور الأبناء، والمعايدة عبر اتصال بالفيديو لا تعوضهن عن عناقهم.

أُم سورية تُعدّ الإفطار لأبنائها (وكالة أنباء العالم العربي)

قهوة «بلا سكر»

تستيقظ جوانا (50 عاماً) في صباح عيد الأم باكراً، تجهّز القهوة الخالية من الهيل والسكر كما تحبها ابنتها البكر مارسيل، التي ودّعتها وأختها منذ عامين؛ إحداهما من أجل العمل والأخرى من أجل الدراسة في الخارج. وبعد القهوة، تقلي البيض «عيوناً» كما كانت تطلبه ابنتها الصغرى كريستين «المشاغبة»، كما وصفتها.

تنتظر الأم أن تستيقظ ابنتاها في الغربة، وأن تكلّماها هاتفياً قبل أن تغرقا في أشغالهما.

تصمت جوانا قليلاً لتمسح دموعاً طفرت من عينيها، وتقول: «أحترِق ببُعدي عنهما، لكن لا محيص؛ فسوريا باتت مقبرة المستقبل، والضغط على أولادنا من أجل العودة إلى بلادهم قمة الأنانية، لذا لا يمكن الاحتفال إلا بالانتظار والأمل بغد أفضل».

وفي ظل الأزمة المعيشية وارتفاع الأسعار في السوق المحلية وحاجة المواطنين إلى الموازنة بين المصاريف اليومية واحتياجات شهر رمضان، لجأ كثيرون إلى الاحتفاء بالأمهات بوسائل بسيطة مثل الوردات والهدايا الرمزية، بعدما باتت الهدايا المتعارف عليها من أجهزة كهربائية ومنزلية وملابس أو ذهب بعيدة عن متناول الغالبية.

يقول شاهين البارودي، وهو طالب جامعي وحيد أبويه ويعمل أيضاً بإحدى الشركات: «الظروف الاقتصادية وارتفاع الأسعار الهائل في سوريا جعلني أنا وكثيرين غيري نعجز عن شراء هدية لائقة لأمهاتنا بهذه المناسبة».

وأضاف متحدثاً لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «مع الغلاء المستفحل بات من الصعب اختيار الهدايا التي تعوّدنا عليها في سنوات العز والبحبوحة؛ فثمن أقل هدية بسيطة لا يقل عن 100 ألف ليرة سورية (7.5 دولار)، وشراء قطعة ملابس واحدة كفيل بأن يلتهم الراتب كله؛ أما الهدايا الذهب فتلزمها ميزانية خاصة. والأدوات الكهربائية البسيطة التي كانت في متناول الجميع من محضّرة طعام إلى ماكينة كبّة أو فرّامة لحوم أو بصل، فباتت أسعارها هي الأخرى ضرباً من الخيال».

ويبدو أن البحث عن هدية منخفضة التكلفة وتنال في الوقت نفسه إعجاب «ست الحبايب» لم يكن بالأمر اليسير على شاهين، لذلك حسم أمره بأن تكون هديته مبلغاً مالياً يقارب 200 ألف ليرة بعدما لم يجد هدية مناسبة بهذا الثمن.

«مهما كانت الظروف»

على رصيف بشارع الحمراء في وسط دمشق، كانت الثلاثينية سوزانا رستم تبحث بين الحقائب المصطفّة عن هدية مناسبة لوالدتها، بعدما ذهبت الأسعار بخطتها لشراء أحد أجهزة المطبخ الكهربائية.

تتراوح أسعار حقائب اليد التي تباع على الأرصفة بين 50 و70 ألف ليرة، في حين لا يقل سعرها في المحلات الكبرى عن 150 ألفا، وإن كانت الجودة مختلفة بوضوح. لكن سوزانا ترفع شعار «على قد لحافك مد رجليك، وعلى قد مصاريك جيب هديتك».

أما كعكة الاحتفال، فقد صنعتها بنفسها في المنزل، مشيرةً إلى أن سعر أصغر قالب كيك يبدأ من 200 ألف ليرة. قالت: «صنعت الكيك هذه السنة في المنزل رغم انخفاض جودته، ولكن لا يمكن إقامة حفلة لست الحبايب من دونه».

ويرى يجد يامن (38 عاماً)، وهو موظف حكومي براتب لا يتعدى 300 ألف ليرة، أن هدية عيد الأم «واجب لا يمكن التخلي عنه مهما كانت الظروف».

يشير يامن إلى ارتفاع الأسعار ويقول إن ما يجمعه على مدار عام لا يكفي لشراء قطعة ثياب مناسبة لوالدته. فبعد جولة بالأسواق، وجد أن سعر البيجامة الشتوية المتوسطة يتجاوز 400 ألف ليرة، وأن سعر العباءة ليس أقل تكلفة؛ إذ يبدأ من 300 ألف ليرة ويصل حتى المليون ليرة.

سوق الصاغة ظلت راكدة في عيد الأم بسوريا (إنترنت)

وللتغلب على ارتفاع الأسعار، اتفق يامن وإخوته الخمسة على شراء هدية واحدة لوالدتهم بدلاً من تعدد الهدايا، حيث إنها كانت تحتاج إلى طقم طناجر وأدوات مطبخ جديدة. قال: «رقم المليون ونصف مليون ليرة لطقم الطناجر يبدو رهيباً، لكن عند التقاسم مع إخوتي يبقى سعره مقدوراً عليه».

الذهب... غياب كامل هذا العام

كانت الشوكولاته الهدية الأنسب بالنسبة إلى الشاب العشريني علي مهنا، فقرر شراء كمية متنوعة منها ووضعها في صندوق غلَّفه بشكل أنيق، مع وردة صغيرة داخله.

فوالدته تحب الشوكولاته كثيراً، وكذلك والده. يقول مهنا إنه يحرص دائماً على تقديم الهدايا لأبويه في المناسبات، وإن الهدايا المادية مهما تنوعت وغلا ثمنها لن توفّي الأم قدرها. ويقول: «أتمنى لو أهديها قطعة ذهب، لكن السعر خارج نطاق قدرتي».

يؤكد أبو محمد، وهو صاحب محل للمجوهرات في شارع العابد بدمشق، أنه لم يبقَ للذهب ذِكر في قائمة الهدايا في أي مناسبة وأن الأوضاع المعيشية الصعبة لمعظم السوريين، إضافةً إلى ارتفاع أسعار الذهب، جعلت من كان يملك ذهباً، يبيعه.

ويبلغ سعر بيع غِرام الذهب عيار 21 قيراطاً 840 ألف ليرة سورية، وسعر الغِرام عيار 18 قيراطاً 720 ألفاً.

ويقول أبو محمد: «حركة البيع لم تتراجع فقط بل أصبحت معدومة. وبعد أن كنت أبيع خلال فترة عيد الأم ما يزيد على 30 هدية، لم أبِع هذا العيد أكثر من هديتين فقط».

ولهناء الحلبي رأي آخر في مسألة هدايا عيد الأم.

تقول السيدة الخمسينية، التي تسكن جديدة عرطوز بمنطقة قطنا في ريف دمشق: «فرحة الأم في عيدها تكون برؤية أبنائها متحابّين فيما بينهم. الهدية لها وزن، لكنها سواء أتت أم لم تأتِ، فالأبناء هم هدية الأم في عيدها، بنجاحهم وسعادتهم والتفافهم حول والديهم».


مقالات ذات صلة

سوريا تطلق عملتها الجديدة

المشرق العربي الرئيس السوري وحاكم المصرف المركزي خلال إطلاق العملة الجديدة (سانا)

سوريا تطلق عملتها الجديدة

أُطلقت مساء الاثنين، في دمشق، العملة السورية الجديدة، في حفلٍ رسمي بقصر المؤتمرات.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عناصر من «فاطميون» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني في دير الزور بشرق سوريا (أرشيفية)

تقرير: إيران تعمل على حشد فلول «الفرقة الرابعة» لتأجيج الوضع في سوريا

قال موقع «تلفزيون سوريا» إن إيران تعمل منذ مطلع شهر ديسمبر الجاري، على حشد فلول الفرقة الرابعة المرتبطة بإيران لتأجيج الوضع في سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي الميكانيكي السوري أحمد غزال قرب حفرة كانت مخصصة لدفن في المقبرة الجماعية السرية التي أنشأتها حكومة الأسد قرب بلدة الضمير (رويترز)

سوريا تفتح تحقيقاً بشأن مقبرة جماعية تعود لعهد الأسد

أمرت الحكومة السورية جنوداً من الجيش بفرض حراسة على مقبرة جماعية حُفرت لإخفاء فظائع وقعت في عهد بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي نشر قوات الأمن السورية بعد الصدامات التي اندلعت خلال احتجاجات في اللاذقية أمس (إ.ب.أ)

4 قتلى و108 جرحى باشتباكات مظاهرات اللاذقية

أعلنت مديرية الصحة في محافظة اللاذقية السورية، الاثنين، ارتفاع عدد الوفيات عقب هجوم مسلح على قوات الأمن ومواطنين خلال احتجاجات إلى 4 أشخاص و108 مصابين.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا) play-circle

«قسد»: تأجيل زيارة عبدي إلى دمشق «لأسباب تقنية»

قال فرهاد شامي، مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، إنه كان من المقرر أن يقوم قائد «قسد» مظلوم عبدي بزيارة لدمشق، إلا أنها تأجلت «لأسباب تقنية».

«الشرق الأوسط» (دمشق)

لقاء ترمب - نتنياهو... ما المكاسب والخسائر المنتظرة لـ«اتفاق غزة»؟

يقف فلسطينيون نازحون بجوار بركة من مياه الأمطار وسط ملاجئ مؤقتة في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يقف فلسطينيون نازحون بجوار بركة من مياه الأمطار وسط ملاجئ مؤقتة في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

لقاء ترمب - نتنياهو... ما المكاسب والخسائر المنتظرة لـ«اتفاق غزة»؟

يقف فلسطينيون نازحون بجوار بركة من مياه الأمطار وسط ملاجئ مؤقتة في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يقف فلسطينيون نازحون بجوار بركة من مياه الأمطار وسط ملاجئ مؤقتة في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي دخل حيز التنفيذ قبل نحو شهرين، لن يكون بعد لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كما قبله، على مستوى المكاسب والخسائر.

ذلك ما يذهب له خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بشأن نتائج اللقاء المرتقب، وسط تباين بشأن النتائج، بين تقديرات ترى أن المكاسب تتضمن بدء المرحلة الثانية تحت ضغوط واشنطن، لكن مع شروط إسرائيلية بنزع سلاح «حماس» وإعادة الرفات الإسرائيلي الأخير، وأخرى خسائر تتمثل في عدم انسحاب إسرائيل من القطاع وبدء إعمار جزئي في المواقع التي تسيطر عليها في القطاع بشكل منفرد.

وأفادت «شبكة سي إن إن» الأميركية، الاثنين، بأنه من المتوقع أن يدفع ترمب من أجل إحراز تقدم في خطة وقف إطلاق النار بغزة، خلال لقائه مع نتنياهو، لافتة إلى أن جدول الأعمال يتضمن نزع سلاح «حماس» وإعادة إعمار غزة، وإقامة نظام للحكم في القطاع ما بعد انتهاء الحرب، وتشكيل «مجلس سلام» برئاسة الرئيس الأميركي.

وهذا اللقاء بين نتنياهو وترمب، والمقرر له الاثنين، يعد السادس منذ أن دخل الرئيس الأميركي إلى البيت الأبيض قبل نحو عام، وسيكون اتفاق غزة والمرحلة الثانية مطروحة، وفق تقرير لقناة «آي نيوز» الإسرائيلية، أشار إلى أن «نتنياهو سيضطر لإقناع ترمب بأن يسمح له بإنهاء ما تبقى من الحرب وأن إسرائيل وحدها يمكنها القضاء على (حماس) في غزة».

بينما ترمب، أو على الأقل جزء كبير من مستشاريه، يعتقدون أنه من الممكن تحقيق نوع من تجريد «حماس» من سلاحها في قطاع غزة - حتى من دون أن تعود إسرائيل للقتال وفق التقرير ذاته الذي تم بثه الاثنين، لكن نتنياهو سيضطر إلى مواجهة موقف غالبية مستشاري ترمب ورغبة الرئيس الأميركي في الهدوء، وأن تبقى الخطة التي تحمل اسمه محفوظة. وسيضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي أن يقول «نعم».

وتنص المرحلة الثانية من الاتفاق على انسحاب القوات الإسرائيلية من مواقعها الحالية في غزة، وأن تتسلّم سلطة مؤقتة إدارة القطاع بدلاً من «حماس»، وعلى نشر قوة استقرار دولية.

ولا يزال الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بطيئاً رغم أن إدارة ترمب تريد المضي قدماً بذلك، إذ اعتبر الرئيس الأميركي أن «إبرام الاتفاق من أبرز نجاحاته في عامه الأول من ولايته الثانية»، حسب شبكة «بي بي سي» البريطانية، الاثنين.

والتقى المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف وصهر الرئيس ترمب جاريد كوشنر، ممثلين لقطر ومصر وتركيا، الدول الوسيطة، في ميامي بداية ديسمبر (كانون الأول).

وتتبادل إسرائيل و«حماس» الاتهامات بانتهاك الاتفاق. وقبل بدء المفاوضات بشأن الانتقال إلى المرحلة الثانية منه، تطالب إسرائيل بإعادة جثة الرهينة الأخير المحتجز في غزة، لكنّ «حماس» تؤكد أنها لم تتمكن بعدُ من العثور عليها.

أطفال فلسطينيون نازحون داخل خيمة غمرتها مياه الأمطار في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ويتوقع مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير حسين هريدي، أنه ليس هناك مكاسب من اللقاء بل كلها خسائر «لاتفاق غزة» ومناورات إسرائيلية من نتنياهو لعدم الانسحاب من القطاع، محاولاً تقديم القليل من تنازلات تكتيكية لفظية في غزة ببدء المرحلة الثانية بشروط منها إعادة الرفات الأخير والتمسك بنزع سلاح «حماس» مقابل طلب الكثير من سوريا ولبنان وإيران.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن ملف غزة، سيكون له الأولوية في اجتماع ترمب - نتنياهو، مشيراً إلى أن المكاسب المنتظرة تتمثل في تشكيل «لجنة إدارة غزة» ونشر «قوات الاستقرار» بشكل توافقي عادل وزيادة المساعدات وفتح المعابر وبدء الانسحاب الإسرائيلي، فيما تتمثل الخسائر في تأخير بدء المرحلة تحت ذريعة عدم نزع سلاح «حماس» وعدم تسلم الرفات الأخير، والسماح لإسرائيل ببدء الإعمار في مناطق سيطرتها التي تتجاوز 52 في المائة من إجمالي مساحة القطاع.

ذلك اللقاء يأتي وسط تعويل مصري على أهمية الموقف الأميركي، وكشف وزير الخارجية بدر عبد العاطي، في حوار متلفز، الأحد، عن «وجود اقتناع أميركي بضرورة الإسراع للدخول في المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار»، مؤكداً أن مصر ستواصل الضغط من أجل حل يحفظ الحقوق ويحقق الاستقرار، مشدداً على «رفض بلاده القاطع لتقسيم قطاع غزة»، واصفاً ما يُسمى بالخطوط الصفراء والخضراء بأنه «عبث».

وليس مصر فقط من تعول على الدور الأميركي؛ إذ قال حازم قاسم، الناطق باسم «حركة حماس»، في بيان، إن الحركة «لا تزال تثق بقدرة الرئيس الأميركي على تحقيق السلام في قطاع غزة وكل المنطقة»، مطالباً ترمب بـ«ممارسة مزيد من الضغط» على إسرائيل وإلزامها بما تم الاتفاق عليه في شرم الشيخ.

ويرى هريدي أن واشنطن تريد تنفيذ خطة السلام التي طرحها ترمب، ومصر تتفهم ذلك وتتحرك في دفع تلك الرغبة لوقائع على الأرض، مشيراً إلى أن المطلوب جدول زمني بتنفيذ التزامات «اتفاق غزة»، خاصة انسحاب إسرائيل من القطاع وهو الإجراء الذي سيوضح مستقبل الاتفاق بشكل واضح.

ويراهن الرقب على الموقف المصري «الذي يدير تطورات ملف الوساطة بذكاء وحكمة»، مشيراً إلى أن «القاهرة تدرك أهمية الموقف الأميركي في الدفع بالاتفاق وتريد أن تنهي ضغوط واشنطن ذرائع إسرائيل»، مضيفاً أن «حماس» في المقابل ليس أمامها سوى انتظار نتائج لقاء ترمب ونتنياهو على أمل أن تحقق مكاسب من الضغوط الأميركية.


الأردن يندد بإقرار الكنيست الإسرائيلي قانوناً يستهدف خدمات «الأونروا» في غزة

عَلَم الأردن في العاصمة عمّان (أ.ف.ب)
عَلَم الأردن في العاصمة عمّان (أ.ف.ب)
TT

الأردن يندد بإقرار الكنيست الإسرائيلي قانوناً يستهدف خدمات «الأونروا» في غزة

عَلَم الأردن في العاصمة عمّان (أ.ف.ب)
عَلَم الأردن في العاصمة عمّان (أ.ف.ب)

ندد الأردن بإقرار الكنيست الإسرائيلي مشروع قانون يستهدف عمل ووجود وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ويقوض قدرتها على تقديم خدماتها الإنسانية في قطاع غزة.

وقالت وزارة الخارجية الأردنية في بيان، الاثنين، إن السماح بمصادرة ممتلكات «الأونروا»، وحظر تزويد منشآتها بالخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء يعد انتهاكاً لحصانات وامتيازات منظمات الأمم المتحدة وخرقاً فاضحاً للقانون الدولي.

وأكد المتحدث باسم الوزارة فؤاد المجالي أن إقرار هذه القوانين يمثل جزءاً من حملة الاستهداف الممنهج لـ«الأونروا» واستمراراً لمساعي إسرائيل لاغتيال الوكالة سياسياً وامتداداً للممارسات الإسرائيلية غير الشرعية لحرمان الشعب الفلسطيني من خدمات الوكالة.

ودعا الأردن المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية والتصدي للقرارات والممارسات الإسرائيلية التي تستهدف «الأونروا»، وتوفير الدعم السياسي والمالي اللازمين للوكالة للاستمرار في تقديم خدماتها الحيوية للاجئين الفلسطينيين.


سوريا تطلق عملتها الجديدة

الرئيس السوري وحاكم المصرف المركزي خلال إطلاق العملة الجديدة (سانا)
الرئيس السوري وحاكم المصرف المركزي خلال إطلاق العملة الجديدة (سانا)
TT

سوريا تطلق عملتها الجديدة

الرئيس السوري وحاكم المصرف المركزي خلال إطلاق العملة الجديدة (سانا)
الرئيس السوري وحاكم المصرف المركزي خلال إطلاق العملة الجديدة (سانا)

أُطلقت مساء الاثنين، في دمشق، العملة السورية الجديدة، في حفلٍ رسمي بقصر المؤتمرات، وكشف الرئيس أحمد الشرع وحاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية عن النسخ الأولى لليرة السورية الجديدة، التي تحمل رموزاً من بيئة المحافظات السورية.

وبحضور وزراء الحكومة السورية ودبلوماسيين، قال الشرع إن حدث تبديل العملة يشكّل عنواناً لأفول مرحلة سابقة لا مأسوف عليها، وبداية مرحلة جديدة يطمح لها الشعب السوري وشعوب المنطقة المتأملة بالواقع السوري الحديث.

وأردف أن الملف استغرق نقاشات طويلة، مشيراً إلى وجود ست تجارب لاستبدال العملة ونزع الأصفار على مستوى العالم، نجح نصفها ولم ينجح النصف الآخر، وأن العملية دقيقة جداً في تحول الحالة النقدية، «تحسين الاقتصاد يرتكز على زيادة معدلات الإنتاج وانخفاض معدلات البطالة في سوريا، وأحد أساسيات تحقيق النمو الاقتصادي، تحسين الحالة المصرفية، لأن المصارف كالشرايين بالنسبة للاقتصاد».

فئة الـ100 ليرة كما تبدو في خلفية حفل إطلاق العملة السورية الجديدة (سانا)

وأوضح أن مرحلة التحول حساسة ودقيقة، «وأهم عامل فيها عدم حدوث حالة فزع بين الناس»، وعدم المسارعة لرمي العملة القديمة واستبدال الجديدة بها، مؤكداً أن كل من يحمل عملة قديمة سيتم العمل على استبدال الجديدة بها، «ولذلك لا داعي للإلحاح على تبديلها لأن ذلك قد يضر بسعر صرف الليرة السورية». مشدداً على أن البلاد تحتاج إلى حالة من الهدوء وقت استبدال العملة، وأن المصرف المركزي أوضح أن ذلك سيتم وفق جدول زمني محدد.

المستشار عبد الله الشماع أوضح أن فريقاً من المستشارين والخبراء السوريين تعاون مع مصرف سوريا المركزي لوضع استراتيجية التبديل على أسس علمية ومعايير عالمية، بهدف جعل المصرف ركيزةً للاستقرار وقائداً للتحول الاقتصادي.

ورقة الـ200 ليرة الجديدة في الخلفية خلال حفل إطلاق العملة السورية الجديدة (سانا)

وبين الشماع أن الرؤية استندت إلى خمس ركائز هي: السياسة النقدية والاستقرار السعري، سوق صرف متوازن وشفاف، قطاع مصرفي سليم، مدفوعات رقمية آمنة، التكامل المالي الدولي والشمول المالي المستدام.