حرب الجنوب تُعلّق النشاط الاستكشافي للنفط بمياه لبنان الاقتصادية

استئناف العمل في «بلوك 9» ينتظر نتائج الحفر السابق

مسؤولون لبنانيون على متن منصة الحفر «ترانس أوشن بارنتس» خلال عملها في البلوك رقم 9... أغسطس 2023 (رويترز)
مسؤولون لبنانيون على متن منصة الحفر «ترانس أوشن بارنتس» خلال عملها في البلوك رقم 9... أغسطس 2023 (رويترز)
TT

حرب الجنوب تُعلّق النشاط الاستكشافي للنفط بمياه لبنان الاقتصادية

مسؤولون لبنانيون على متن منصة الحفر «ترانس أوشن بارنتس» خلال عملها في البلوك رقم 9... أغسطس 2023 (رويترز)
مسؤولون لبنانيون على متن منصة الحفر «ترانس أوشن بارنتس» خلال عملها في البلوك رقم 9... أغسطس 2023 (رويترز)

تضافر عاملان أسهما في تعليق نشاط التنقيب عن النفط والغاز في المياه الاقتصادية اللبنانية، تَمثّل الأول في حرب غزة وتداعياتها على جبهة جنوب لبنان، فيما تمثل الآخر بنتائج الحفر الأخيرة في «البلوك رقم 9»، التي من المتوقع أن تصدر تقاريرها الفنية خلال أسابيع، وتحدد شركة «توتال» على أساسها ما إذا كانت ستستأنف الحفر في «البلوك رقم 9» في نقطة جديدة.

وبدأت منصة «ترانس أوشن بارنتس» في أواخر أغسطس (آب) 2023، الحفر في الرقعة البحرية رقم 9 المتاخمة لحدود لبنان البحرية مع إسرائيل في الجنوب، لكن لم يُعثر على غاز بعد عمليات الحفر في «البلوك 9» البحري. وأعلنت السلطات اللبنانية عن توقف شركة «توتال إنرجيز» الفرنسية عن عملية الحفر في «البلوك رقم 9» على عُمق 3900 متر، بعدما تبيّن لها عدم وجود كميات تجارية في مكمن «قانا».

ومنذ ذلك الحين، لم تصدر أي معلومات أو إشارات إلى إمكانية استئناف الحفر في تلك الرقعة، وهو ما بدا أنه متصل بتداعيات حرب غزة، علماً بأن الترابط بين الملفات السياسية وملفات الطاقة ليس الأول، إذ حالت العقوبات الدولية على سوريا، دون السماح باستجرار الطاقة من مصر والأردن إلى لبنان عبر سوريا، وهي عقبة لا تزال ماثلة حتى الآن، حسبما تقول مصادر وزارية.

مسؤولون لبنانيون على متن منصة الحفر في أغسطس 2023 (منصة إكس)

حرب غزة والجنوب

وقالت مصادر وزارية مواكبة للاتصالات الدولية المتصلة بملف الطاقة في لبنان، إن حرب غزة وتداعياتها على جنوب لبنان «عرقلت استئناف نشاط التنقيب عن الطاقة في المياه الاقتصادية اللبنانية»، وأشارت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذا الأمر «ينتظر الآن تطورات المنطقة الحدودية بين لبنان وإسرائيل» التي تشهد تبادلاً للقصف بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي.

وقالت المصادر إنه منذ اندلاع حرب غزة «لم يُرصد أي تطور متصل بنشاط التنقيب عن النفط والغاز في المياه الاقتصادية اللبنانية الجنوبية، أي في (البلوك رقم 9)»، حيث تبدو الأمور معلَّقة بانتظار نتائج الاتصالات والمبادرات الدولية التي تسعى لمعالجة التصعيد لتثبيت تهدئة مستدامة على الحدود الجنوبية، وإنهاء مسببات التوتر المتكررة.

ومنذ 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو تاريخ افتتاح «حزب الله» لـ«جبهة مساندة ودعم لغزة» في الحرب ضد إسرائيل على الحدود الجنوبية، لم يُستأنف الحفر في «البلوك رقم 9»، وأنهت «توتال إنرجيز» الحفر في شهر أكتوبر الماضي، وأعلنت هيئة أداة قطاع النفط في لبنان آنذاك، عدم حصول اكتشاف كميات تجارية، وأن «الاهتمام سينصبّ في الأشهر المقبلة، على استعمال البيانات والعينات التي جرى الاستحصال عليها من داخل البئر من أجل نمذجة أدق لحوض (قانا) بهدف تحديد الامتداد الجغرافي للمكامن المكتشَفة داخله وفي المناطق المحيطة به ورفع نسبة النجاح لتحقيق اكتشافات غازيّة مستقبلاً في الحوض وفي المناطق المحيطة التي تمتد على عدة بلوكات بحرية».

تقارير وأرقام

إثر انتهاء الحفر، انتهى التعاقد بين شركة الحفر وشركة «توتال»، وغادرت منصة «ترانس أوشن بارنتس» المياه اللبنانية إلى قبرص، حيث أنجزت حفر بئر جديدة، حسبما قالت مصادر لبنانية متابعة للتواصل مع الشركات، ولم يطرأ أي جديد على ملف الحفر. لكن بعد انتهاء برنامج الحفر، «ينكبّ الكونسورتيوم على دراسة المعطيات والعينات والبيانات التي ظهرت إثر الحفر في البئر في (البلوك رقم 9)»، وأضافت المصادر: «على أساس تلك الأرقام والنتائج التي يُتوقع أن تصدر خلال الأسابيع المقبلة، تضع «توتال» برنامج عمل جديداً، وتقرر ما إذا كانت ستحفر بئراً أخرى، أو تبلغ لبنان بأنها لا ترغب في حفر بئر أخرى في الرقعة نفسها (رقم 9)».

صورة أرشيفية لوزير الطاقة وليد فياض ووزير الأشغال علي حمية خلال الإعلان عن بدء الحفر بالبلوك رقم 9 (أ.ف.ب)

دورة تراخيص جديدة

في هذا الوقت، حصلت تطورات أخرى، إذ تقدم الائتلاف المكون من «توتال إنرجيز» الفرنسية، و«إيني» الإيطالية، و«قطر للطاقة»، بطلبَي اشتراك في دورة التراخيص الثانية للمزايدة على الرقعتين 8 و10 في المياه البحرية اللبنانية اللتين تحيطان بـ«البلوك رقم 9»، لكنّ ذلك لم يُحسم قبل توقيع العقود، علماً بأن الحكومة اللبنانية طالبت بتعديلات على العقود السابقة، وهو ما رفضه تحالف الشركات. وفي حال إنجازه، فإن هناك إجراءات تقنية تسبق الحفر قبل تنفيذها، وهي أمور تقنية تحتاج إلى أشهر لتُنجَز، في حال كانت كل العقبات الأخرى محلولة.

وقالت المصادر: «لم يصدر أي قرار بمباشرة النشاط الاستكشافي في الرقعتين 8 و10، هناك دراسات يجب أن تُنجز، وعلى أساسها يبدأ العمل، وهو معلَّق الآن تقنياً بانتظار تجهيز خطة مستقبلية، وهو أمر يأخذ مساره».

وبالتزامن مع هذه النقاشات التي لم تحسم الحفر في البلوكين 8 و10، وبانتظار التقرير الفني الذي سيحدد ما إذا كان تحالف الشركات سيحفر في نقطة أخرى في «البلوك رقم 9»، أطلقت الحكومة اللبنانية دورة تراخيص ثالثة للتنقيب عن النفط والغاز في المياه البحرية، وتشمل، إلى جانب الرقع البحرية غير الملزمة، البلوك رقم 4 الذي سبق أن حفرت فيه «توتال» في عام 2020، ولم تعثر فيه على كميات تجارية.

وقالت مصادر لبنانية مطلعة على دورة التراخيص لـ«الشرق الأوسط»: «في 4 أكتوبر، ردّت (توتال إنرجيز) البلوك رقم 4 بالكامل إلى لبنان، ولم يعد لها الحق بالتنقيب فيه. الآن هذه الرقعة مطروحة للتلزيم إلى جانب رقع أخرى في دورة التراخيص الثالثة» التي يفترض أن تُبتّ في أوائل يوليو (تموز) المقبل.

صورة أرشيفية خلال الإعلان عن بدء الحفر بالبلوك رقم 9 في أغسطس 2023 (أ.ف.ب)


مقالات ذات صلة

مقتل 12 شخصا في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في مخيم الشاطئ

المشرق العربي رجال فلسطينيون يزيلون الأنقاض من طريق مدمر في مخيم جنين بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

مقتل 12 شخصا في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في مخيم الشاطئ

أعلن الدفاع المدني في غزة اليوم الخميس، أن 12 فلسطينيا قتلوا وأصيب آخرين بغارة إسرائيلية في مدرسة تؤوي نازحين في في مخيم الشاطئ مدينة غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يمين) يصافح الرئيس دونالد ترمب (د.ب.أ)

ماكرون: على أوروبا ألا «تُفوض للأبد» أمنها لأميركا

عَدّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، في بودابست أن الأوروبيين يجب ألا «يُفوضوا للأبد» أمنهم للأميركيين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم العربي مسيّرات دخلت المجال الجوي الإسرائيلي في صحراء العربة بالقرب من «مطار رامون»... (أرشيفية - رويترز)

«فصائل المقاومة الإسلامية» بالعراق تعلن قصف «هدف عسكري في الأراضي المحتلة»

أعلنت «فصائل المقاومة الإسلامية» بالعراق، اليوم الخميس، أنها قصفت «هدفاً عسكرياً في الأراضي المحتلة بالطيران المسيّر».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شؤون إقليمية طائرة مقاتلة من طراز «إف-15» تقلع خلال حفل تخرج لطيارين من سلاح الجو الإسرائيلي في جنوب البلاد (رويترز)

إسرائيل توقع صفقة مع«بوينغ» لشراء سرب من طائرات «إف-15»

وقعت وزارة الدفاع الإسرائيلية، أمس (الأربعاء)، صفقة لشراء سرب من طائرات «F-15IA» المقاتلة - النسخة الإسرائيلية من «F-15EX» المتقدمة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي أشخاص يبحثون بين أنقاض مبنى دمره القصف الإسرائيلي في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

وسط معلومات عن نشاط لـ«حماس»... إسرائيل توسع هجومها شمال غزة إلى بيت لاهيا

كشف الجيش الإسرائيلي عن أنه وسع نطاق عمليته البرية الجارية في شمال قطاع غزة لتشمل بلدة بيت لاهيا.

«الشرق الأوسط» (غزة)

نائب عن «حزب الله»: الجماعة لا تعلق آمال وقف الحرب على أي إدارة أميركية

تصاعد الدخان في لبنان بالقرب على الحدود مع إسرائيل (رويترز)
تصاعد الدخان في لبنان بالقرب على الحدود مع إسرائيل (رويترز)
TT

نائب عن «حزب الله»: الجماعة لا تعلق آمال وقف الحرب على أي إدارة أميركية

تصاعد الدخان في لبنان بالقرب على الحدود مع إسرائيل (رويترز)
تصاعد الدخان في لبنان بالقرب على الحدود مع إسرائيل (رويترز)

قال النائب في مجلس النواب اللبناني عن «حزب الله» إبراهيم الموسوي اليوم الخميس إن الجماعة ترحب بأي جهد لوقف الحرب في لبنان لكنها لا تعلق آمالها في وقف إطلاق النار على إدارة أميركية بعينها، وذلك تعقيباً على انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وفي سياق متصل، كشف رجل الأعمال اللبناني الأميركي، ووالد زوج تيفاني ابنة دونالد ترمب، مسعد بولس في مقابلة أجريت معه مؤخراً قبل أيام من الانتخابات أنه سيتولى منصب الرجل الأميركي المسؤول عن أبرز الملفات اللبنانية في الإدارة المقبلة، مكلفاً بالتفاوض مع بيروت لتأمين وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

وقال بولس لقناة محلية لبنانية: «سأكون مسؤولاً عن التفاوض مع الجانب اللبناني من أجل التوصل إلى اتفاق، وسيعين ترمب شخصاً مطلعاً على الملف الإسرائيلي للتفاوض مع الإسرائيليين»، فيما يبدو أنه أحد الاكتشافات الأولى فيما يتعلق بالموظفين الجدد للرئيس المنتخب ترمب.

انضم بولس إلى الدائرة الداخلية لترمب بعد أن تزوج ابنه مايكل من ابنة ترمب تيفاني في عام 2022. وساعد الرئيس المنتخب على تحقيق تقدم كبير في صفوف العرب الأميركيين في انتخابات الثلاثاء.