تراجعت الحكومة الأسترالية عن تصنيف جهاز «الحرس الثوري» الإيراني على قائمة المنظمات الإرهابية، الأمر الذي أثار اتهامات من جانب الأحزاب المعارضة للحكومة بتعريض حياة الأستراليين للخطر.
وكشفت شبكة «سكاي نيوز» الإخبارية عن تفاصيل وثائق بشأن تغيير موقف الحكومة الأسترالية، ضمن وثائق أفرجت عنها السلطات للناشط الإيراني أرش بهجو، يقيم في سيدني.
وأبلغت الحكومة الأسترالية مجلس الشيوخ سبب تراجعها عن الخطة قائلة: «بصفته جهازاً في دولة قومية، فإن (الحرس الثوري) ليس من نوع الكيان الذي تغطيه أحكام التنظيم الإرهابي في القانون الجنائي».
وقدم بهجو طلباً إلى مكتب المدعى العام في يونيو (حزيران) الماضي، طالباً الوصول إلى المستندات التي استندت إليها الحكومة في تبرير وجهة نظرها.
وبعد شهرين، رفض الادعاء العام وصول الناشط الإيراني إلى الوثائق استناداً إلى «الأمن القومي والدفاع والعلاقات الدولية». وتظهر وثائق مؤرخة في 11 يناير (كانون الثاني) العام الماضي، تقدم الحكومة بشكل كبير في خطة إدراج «الحرس الثوري» على قائمة الإرهاب، لكن بعد أقل من ثلاثة أسابيع، غيّر المدعي العام مساره بصورة جذرية، موجهاً رسالة إلى السيناتورة الليبرالية كيلر تشاندلر مفادها بأنه «لا يمكن إدراج (الحرس الثوري) على القائمة الإرهابية بسبب وضعه (بوصفه) جهازاً من أجهزة الدولة السيادية».
«العلاقة مع طهران»
وأشارت «سكاي نيوز» إلى رفض الادعاء العام تقديم الوثائق إلى مجلس الشيوخ أو لجنة برلمانية مشتركة للاستخبارات والأمن على أساس سرية المعلومات. وقالت السيناتورة تشاندلر لشبكة «سكاي نيوز» إن «الحكومة تختلق أعذاراً وليست صريحة بشأن أسباب عدم إدراجها (الحرس الثوري) الإيراني منظمةً إرهابية».
وكانت السيناتورة تشاندلر من بين أعضاء تحالف طالب الحكومة بتسمية «الحرس الثوري» إرهابياً، منذ فبراير (شباط) العام الماضي. وصرحت تشاندلر: «إنه لأمر مخزٍ بصراحة أن الحكومة لن تقدم المعلومات على أساس سري إلى اللجنة البرلمانية المشتركة للاستخبارات والأمن. هذه لجنة مصممة لتتمكن من الاطلاع على هذه المعلومات، ولديها مستوى واضح من الشفافية والمساءلة على صنع القرار الحكومي في أكثر المجالات حساسية».
وأشارت إلى أنها تشتبه في أن «مكتب المدعي العام ربما كان يعتمد على مسؤولي الشؤون الخارجية، كما كان الحال في البلدان الأخرى التي لم تصل إلى حد إدراج (الحرس الثوري) الإيراني جماعةً إرهابية».
وجاء إلحاح هؤلاء، بعد تقرير من لجنة تشكلت في مجلس الشيوخ للتحقيق في حملة القمع التي أطلقتها السلطات الإيرانية، لإخماد الاحتجاجات الحاشدة التي اندلعت بعد وفاة الشابة مهسا أميني في سبتمبر (أيلول) 2022. وأعربت تشاندلر عن اعتقادها بأن «أحد أسباب عدم تحرك الحكومة الأسترالية، أنهم يعتقدون أنها ستكون مشكلة من حيث أي علاقة تحاول أستراليا إدارتها مع إيران». لكنها حذرت من أن طهران «ليس لاعباً حسن النية... إنهم نظام يجب أن نقلل علاقتنا به إلى أقصى حد ممكن». وقالت في حديثها لشبكة «سكاي نيوز»: «يجب أن يكون الأستراليون قلقين للغاية من أن حكومتنا الحالية ليست على استعداد لإدراج (الحرس الثوري) منظمةً إرهابية». وأضافت: «نحن نعلم أن هذا هو الكيان الذي يتسبب في عنف كبير وإرهاب كبير في الشرق الأوسط في الوقت الحالي، ونعلم أيضاً أن النظام الإيراني قد قام بأنشطة في أستراليا، وهناك أسئلة يجب طرحها حول تأثير (الحرس الثوري) الإيراني على أرضنا».
وكانت أستراليا من بين دول غربية طالبت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جلسته، الاثنين، بتمديد مهمة المقرر الأممي الخاص بحقوق الإنسان في إيران، وكذلك تمديد بعثة تقصي حقائق، تتولى التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان خلال الحملة التي شنتها السلطات في الاحتجاجات الأخيرة.
«قضية شائكة»
وكان موضوع تصنيف «الحرس الثوري» على قائمة الإرهاب، مطروحاً العام الماضي بقوة، في عدة دول غربية، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، وتحول إلى «قضية شائكة» في ظل تحفظ بعض الأطراف الأوروبية على الخطوة خشية تداعياتها.
وتمحورت المطالب حول أسباب؛ منها إرسال طائرات مسيرة إلى روسيا، وكذلك تنامي الدور الإقليمي الإيراني، فضلاً عن دور «الحرس» في إخماد الاحتجاجات.
وضغط مشروعون بريطانيون على حكومة ريشي سوناك في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لتصنيف «الحرس الثوري» على قائمة الإرهاب، على خلفية إحباط مؤامرات اغتيال لمعارضين وصحافيين في بريطانيا.
وقال مصدر بوزارة الخارجية البريطانية في يناير (كانون الأول) العام الماضي، إن بريطانيا تدرس بجدية تصنيف «الحرس الثوري» الإيراني منظمة إرهابية، لكنها لم تتوصل إلى قرار نهائي.
وفي بداية فبراير العام الماضي، ذكرت وسائل إعلام بريطانية أن الحكومة أوقفت «مؤقتاً» مشروع تصنيف «الحرس الثوري» على قائمة الإرهاب، بعد معارضة وزير الخارجية حينذاك جيمس كليفرلي، رغم إصرار وزارة الداخلية ووزارة الأمن.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أفادت صحيفة «الغارديان» البريطانية بأن معارضة كليفرلي تعود إلى مخاوف بشأن احتمال طرد السفير البريطاني في طهران، وخسارة بريطانيا نفوذها المتبقي في إيران. وتحدث بعض التقارير عن مخاوف بريطانية عن تأثير الخطوة على المحادثات النووية مع طهران.
ويعد «الحرس الثوري» جهازاً موازياً للجيش النظامي ووزارة الاستخبارات في إيران، وله دور في «السياسة الخارجية»، خصوصاً سياسة طهران الإقليمية، ويخضع لأوامر المرشد الإيراني علي خامنئي مباشرة.
وتصنف الولايات المتحدة جهاز «الحرس الثوري» على قائمة المنظمات الإرهابية. وحاولت إيران الدفع بطلب رفعه عن القائمة خلال المفاوضات المتعثرة بشأن إحياء «الاتفاق النووي» لعام 2015، وهو ما رفضته إدارة جو بايدن.