يعتمد مسلسل «صلة رحم» على الصراع النفسي والمفاجآت، خلال تناوله قضية ذات أبعاد فقهية وقانونية وإنسانية معقدة، هي «تأجير الأرحام»، ويقصد بها لجوء المحرومين من الإنجاب إلى ما يسمى بـ«رحم بديل» توافق صاحبته على استقبال بويضات الجنين وتقبل بالحمل، وكأنها تؤجر رحمها مقابل مبلغ كبير من المال. المسلسل الذي يقوم ببطولته إياد نصار، ويسرا اللوزي، وأسماء أبو اليزيد، من تأليف محمد هشام عبية، وإخراج تامر نادي، يُعرض في 15 حلقة على فضائية «إم بي سي مصر» ومنصة «شاهد» خلال الموسم الرمضاني.
في المسلسل يجسد الفنان إياد نصار شخصية طبيب التخدير «حسام» الذي يتسبب في إصابة زوجته «ليلى» بإصابات خطيرة خلال حادث سيارة، يؤدي إلى استئصال رحمها وحرمانها من الإنجاب، بعدها تسيطر على الزوج مشاعر الشعور بالذنب فيقرر سرقة بويضات زوجته وتهريبها بشكل غير قانوني بحثاً عن «رحم بديل».
مؤلف المسلسل محمد هشام عبية توقع «أن يثير المسلسل ردود فعل قوية نظراً لطبيعة الموضوع الشائكة»، وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «المسلسل ربما لا يكون أول عمل مصري يتناول مسألة تأجير الأرحام، لكنني كنت حريصاً على عرض الموضوع بطرق مختلفة، بحيث يكون التناول أكثر إنسانيةً وعمقاً». وذكر أنه عندما يشرع في كتابة عمل درامي يكون غرضه إثارة القلق والتفكير لا الجدل، موضحاً: «لأن القلق صحي ويجعل المرء يعيد التفكير فيما يعتقد أنه ثوابت راسخة بينما هناك أفكار تتغير وفقاً لطبيعة الزمن والمجتمع والظروف».
وأضاف: «الإنسان نفسه يمكن أن يتخلى عن أفكاره ومبادئه في سبيل تحقيق هدف يراه سامياً وإنسانياً، وهذه هي الفرضية التي يقوم عليها المسلسل، حيث يحرض المشاهد على أن يسأل نفسه: ماذا سيفعل لو كان مكان البطل؟». ويغوص المسلسل في الكواليس المصاحبة لقضية استئجار الأرحام، وما يشوبها من فساد تتورط فيه أطراف مختلفة، بعضها ينتمي للأطقم الطبية والبعض الآخر موظفون إداريون. ويدور العمل في أجواء من التشويق نتيجة المفاجآت الصادمة التي يواجهها البطل خلال رحلته الشاقة بحثاً عن تحقيق حلم الأمومة لزوجته والأبوة لنفسه.
وخلال المسلسل أتقن الفنان إياد نصار شخصية إنسان يتمزق نتيجة الصراع النفسي والتناقض بين ضميره المهني كطبيب، وضعفه الإنساني كزوج وأب، وهو ما انعكس طوال العمل على نبرة صوته الحادة ونظراته الزائغة وذقنه غير الحليقة وملابسه الرثة. في الوقت نفسه تجسّد يسرا اللوزي شخصية «ليلى»، زوجة الطبيب «حسام»، التي تظهر بعيون دامعة وصوت مختنق ونظرات مذهولة في الحلقات الأولى من العمل، وذلك للتعبير عن شدة صدمتها من تحول حلمها في الأمومة إلى كابوس.
وأشار مؤلف العمل إلى أن «اختياره قضية تأجير الرحم جاء كونها تُناقش بشكل عالمي في كل الدول تقريباً، وهناك دول وضعت لها قانوناً وضوابط، وأخرى تضعها في دائرة الأعمال غير القانونية مثلما هو الحال في المنطقة العربية، لكن هذا لم يمنع من ظهور عالم سري للتجارة في الأرحام». وتابع: «كنت حريصاً أثناء كتابة المسلسل ألا نصدر حكماً أخلاقياً على الشخصيات، وفي الوقت نفسه ألا يكون غرضه الصدام المباشر مع ثوابت مجتمعية راسخة، فالعمل غرضه إثارة التفكير فحسب».
من جانبه، عدّ الناقد الفني محمد عبد الرحمن، المسلسل، «واحداً من أفضل أعمال الموسم الرمضاني، بسبب سلاسة لغة السرد وبراعة رسم الشخصيات التي جاءت واقعية يمكن تصديقها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «تصوير المسلسل في 15 حلقة ساعد على أن يأتي الإيقاع سريعاً، متخلصاً من الحشو أو التفاصيل الزائدة وهو ما يُحسب لصناع العمل».