قوات نظام الأسد تخسر كل البلدات التي تقدمت فيها في ريف حماه منذ التدخل الروسي

منظمة حظر الأسلحة الكيماوية تؤكد استخدام غاز الخردل خلال معارك أغسطس

فتاتان سوريتان تصبغان أظافرهما في ريف حماة أمس (رويترز)
فتاتان سوريتان تصبغان أظافرهما في ريف حماة أمس (رويترز)
TT

قوات نظام الأسد تخسر كل البلدات التي تقدمت فيها في ريف حماه منذ التدخل الروسي

فتاتان سوريتان تصبغان أظافرهما في ريف حماة أمس (رويترز)
فتاتان سوريتان تصبغان أظافرهما في ريف حماة أمس (رويترز)

نجحت فصائل المعارضة السورية أمس، باستعادة السيطرة على كل البلدات التي خسرتها منذ انطلاق العملية المشتركة للنظام السوري وموسكو في ريف محافظة حماه الشمالي، بينما أكدت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية استخدام غاز الخردل خلال معارك في سوريا خلال شهر أغسطس (آب) الماضي.
«المرصد السوري لحقوق الإنسان» أعلن عن أن «حركة أحرار الشام وفصائل إسلامية أخرى سيطرت صباح الجمعة على بلدة عطشان في ريف حماه الشمالي في وسط سوريا عقب اشتباكات عنيفة ترافقت مع قصف جوي روسي ومن قوات النظام على مناطق الاشتباك»، لتفقد بذلك القوات الحكومية آخر المناطق التي استعادتها خلال عملية برية تنفذها في المنطقة منذ شهر. وأشار مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن إلى أن «الفصائل الإسلامية المعارضة سيطرت أيضا على قرى قريبة من عطشان من بينها أم الحارتين بعد انسحاب قوات النظام منها»، لافتا إلى أن الاشتباكات في المنطقة أسفرت عن مقتل «16 عنصرا من قوات النظام والمسلحين الموالين لها وسبعة عناصر على الأقل من الفصائل». وكانت قوات النظام خسرت أول من أمس الخميس بلدتي مورك وتل سكيك في ريف حماه الشمالي لصالح «فصائل إسلامية» مقاتلة أهمها «جند الأقصى» و«أجناد الشام». وتقع مورك على طريق دولية أساسية تربط بين حلب ودمشق.
وبالتزامن، قال: «المرصد» وكذلك مواقع إلكترونية مؤيدة للنظام، إن قوات النظام سيطرت على قرية غمام بمحافظة اللاذقية يوم أمس الجمعة. وأشارت صفحات موالية للنظام على مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن قوات النظام تمكنت من استعادة السيطرة على قرية غمام بشكل كامل، ونشرت صورًا قالت: إنها لجنود الجيش أمام مدرسة القرية. ومن جهته أفاد «مكتب أخبار سوريا» عن شن القوات النظامية هجومًا، على محور قريتي غمام وجب الأحمر الخاضعتين لسيطرة المعارضة في ريف اللاذقية. وأوضح لمقاتل في «الجيش السوري الحر» أحمد العمر، أنّ القوات النظامية مدعومة بغطاء جوي روسي وقصف مدفعي وصاروخي «عنيف»، شنّت هجوما باتجاه قرية غمام ما أدى إلى نشوب معارك مع فصائل المعارضة المتمركزة في القرية. وأشار العمر إلى أن المعارك أسفرت عن مقتل وجرح العشرات من الطرفين، وعن تقدم «بسيط» للقوات النظامية في القرية، حيث تمكنت من السيطرة على بعض المباني فيها فقط، نافيًا السيطرة التامة على القرية، على اعتبار أن المعارك لا تزال دائرة بين الطرفين، على حد قوله.
وفي جبهة أخرى، أوضح «مكتب أخبار سويا» أن فصائل المعارضة تصدّت صباح أمس لهجوم شنته القوات النظامية مدعومة بميلشيات أجنبية على قرية جب الأحمر في محاولة للسيطرة عليها، حيث أدت إلى سيطرة مقاتلي المعارضة على عدد من الأسلحة الخفيفة، ومقتل عدد من الجنود النظاميين.
وبالنسبة لشمال سوريا، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن الضربات الجوية الروسية قتلت 42 شخصا على الأقل بينهم 27 مدنيا في مدينة الرقة الخاضعة لسيطرة «داعش» هذا الأسبوع، في حين شنّ الطيران الحربي الروسي غارات جديدة أمس على مدن خاضعة لسيطرة التنظيم بريف محافظة حلب الشرقي. وأبلغ مصدر مدني من مدينة الباب، طلب كتم اسمه «مكتب أخبار سوريا»، أنّ ثلاثة مدنيين على الأقل قتلوا وجرح أكثر من 10 آخرين، تم نقلهم للمشافي الميدانية في الباب ومدن أخرى قريبة منها، إثر غارتين استهدفتا وسط الباب. وقال المصدر إن الطيران الحربي الروسي شن في التوقيت نفسه غارة أخرى على مدينة تادف المجاورة للباب.
وفي السياق ذاته، استهدفت الهليكوبترات العسكرية التابعة للجيش النظامي بالبراميل المتفجرة محيط المحطة الحرارية الواقعة غرب مطار كويرس العسكري بمحافظة حلب، ما أدى لدمار في أجزاء من مبنى المحطة المتوقفة عن العمل منذ أكثر من ستة أشهر والخاضعة لسيطرة التنظيم.
على صعيد آخر، أفاد تقرير صدر عن منظمة حظر الأسلحة الكيماوية أن خبراء الأسلحة الكيماوية خلصوا إلى أن غاز الخردل استخدم بالفعل خلال معارك في سوريا في شهر أغسطس الماضي. ونقلت وكالة «رويترز» عن مصادر دبلوماسية أن غاز الخردل، الذي يسبب حروقا في العينين والجلد والرئتين والمحظور بموجب القوانين الدولية، استخدم خلال معركة بين مقاتلي تنظيم داعش ومجموعة مقاتلة أخرى. وخلص تقرير المنظمة السري الذي وضع يوم 29 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى أن شخصين على الأقل تعرضا لغاز الخردل في بلدة مارع شمال حلب يوم 21 أغسطس، وأردف أنه «من المرجح بشدة أن يكون غاز الخردل تسبب في وفاة رضيع».
ويقدم التقرير أول تأكيد رسمي عن استخدام غاز الخردل في سوريا، منذ وافقت دمشق على تدمير مخزونها من الأسلحة الكيماوية التي كان بينها غاز الخردل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».