مطالب في إسرائيل بمحاكمة رئيس أركان الجيش

في إطار الصراع بين نتنياهو وهيرتسي هليفي على خلفية الإخفاق في صد هجوم «حماس»

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هيرتسي هليفي خلال زيارة قواته في غزة (المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي على منصة إكس)
رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هيرتسي هليفي خلال زيارة قواته في غزة (المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي على منصة إكس)
TT

مطالب في إسرائيل بمحاكمة رئيس أركان الجيش

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هيرتسي هليفي خلال زيارة قواته في غزة (المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي على منصة إكس)
رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هيرتسي هليفي خلال زيارة قواته في غزة (المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي على منصة إكس)

في خطوة متقدمة في الصراع الخفي الدائر بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومعسكره اليميني، من جهة، وبين غالبية قادة الجيش والأجهزة الأمنية، من جهة أخرى، حول مَن مِن الطرفين مذنب أكثر من الآخر في الإخفاق الكبير الذي كشفه هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خرج الضابط برتبة عميد، رونين كوهن، بحملة ترمي إلى إقالة رئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، وعدد آخر من رفاقه في رئاسة الأركان، فوراً، وتقديمهم إلى محكمة عسكرية، وإنزال العقاب بهم على إهمالهم الخطير في رصد ذلك الهجوم وصده.

وقال كوهن إن ما كشف عنه في برنامج «عوفدا» التلفزيوني (القناة 12)، وغيره من وسائل الإعلام، وظهر فيه أن الجيش تلقى معلومات كثيرة قبل أيام من هجوم «حماس»، يؤكد أن شيئاً ما غير عادي كان يدور في غزة، لكنه لم يفعل شيئاً ولم يصدق روايات وبلاغات الجنديات المكلفات بمراقبة الحدود، بل وهناك ملف معلومات وصل إلى رئاسة الأركان ولم يفتح.

وأضاف كوهن أن رئيس الأركان وكذلك رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ورئيس قسم العمليات التنفيذية وغيرهم من قادة الجيش تعاملوا بغطرسة وغرور مع هذه المعطيات واستخفوا بها، بل تصرفوا باستعلاء على جنودهم اليقظين، لذلك قرروا أن ما يرونه من إعدادات لدى «حماس» هي مجرد تدريبات، ولم يصدقوا أنها حرب مقبلة. ولذلك فإنهم تصرفوا بانعدام مسؤولية. وهم لا يستحقون الاستجواب أمام لجنة تحقيق رسمية. فكل شيء واضح ولا حاجة لإضاعة وقت في النقاش، فهم أول وأكبر المذنبين في مسألة الهجوم. ويجب تقديمهم إلى المحاكمة، حسب كوهن.

العميد رونين كوهن (صورة من مكتب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي)

وكوهن هذا (51 عاماً) خدم في الجيش أيضاً تحت قيادة رئيس الأركان الحالي، هليفي، ويعرفه شخصياً. وتم تسريحه في يوليو (تموز) 2023، أي قبل ثلاثة شهور من الحرب، وذلك بعد ثلاث سنوات من الخدمة قائداً لدائرة الشؤون اللوجستية في قيادة الجيش. وهو يسكن في إحدى مستوطنات الجولان السوري المحتل.

وقال كوهن، في حديث لإذاعة «إف إم 103»: «أنا لا أريد أن أقول إن هناك قادة في الجيش تآمروا على الحكومة وسكتوا على تلك المعلومات حتى يتم هجوم (حماس) وتسقط الحكومة، لكنني واثق من أن الإهمال والقصور كانا بدرجة من الضخامة تستدعي حساباً جدياً وعقاباً شديداً. وهذا لا يتم بلجنة تحقيق، بل بتحقيق جنائي ومحاكمة».

وتعدُّ هذه لهجة جديدة يستخدمها اليمين الذي يحاول تبرئة نتنياهو واتهام قادة أجهزة الأمن بالإخفاق. وهي تأتي رداً على قيام الجيش ببدء تحقيق داخلي حول الإخفاق، منذ ثلاثة أسابيع، خصوصاً بعدما تبين أن الجيش قرر أن يبدأ التحقيق عن الفترة منذ سنة 2018. وفي اليمين يشككون في نيات الجيش من هذا الاختيار. ففي حينه وجهت أجهزة الأمن تحذيرات لرئيس الحكومة، شفهياً وخطياً ومن خلال التسريب إلى وسائل الإعلام، بأن سياسة الحكومة في الموضوع الفلسطيني، خصوصاً إطلاق يد المستوطنين لتنفيذ اعتداءات على الفلسطينيين في الضفة الغربية والاقتحامات للمسجد الأقصى، وتشديد القبضة على الأسرى في السجون الإسرائيلية، والتهرب من فتح آفاق سياسية لتسوية الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، وفرض عقوبات مالية على السلطة الفلسطينية، وتدهور الأوضاع الاقتصادية هناك، كلها ستقود إلى انفجار أمنى خطير. وقد فهموا في اليمين أن هدف الجيش من التحقيق من هذه النقطة يهدف إلى إلصاق تهمة الإخفاق بالحكومة وبرئيسها. ولذلك خرجوا بحملة قادها نتنياهو نفسه لترسيخ الاتهام للجيش والأجهزة الأمنية بذنب الإخفاق.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتحدث في القدس يوم 18 فبراير الماضي (رويترز)

ومعروف أن نتنياهو دخل في صدامات مع قادة الأجهزة الأمنية منذ بداية حكمه في سنة 2010. ففي حينهت دعا الجيش إلى شن حرب على إيران، ورفض ذلك. وبدأت حرب خفية بينهما لم يسبق لها مثيلٌ في التاريخ الإسرائيلي. وراح قادة اليمين ومعاهد الأبحاث التي أقامها ومواقع الأخبار، تهاجم الجيش وتنشر مقالات ودراسات تتهمه بالتخلي عن عقيدة الإقدام والاشتباك والتراجع عن الروح القتالية وبالتبذير والفساد في صرف ميزانيته الضخمة. وقد رد الجيش بخطوات وإجراءات جعلت نتنياهو يتهمه بتدبير انقلاب عسكري ضده، خصوصاً بعدما انضم عدد كبير من الجنرالات السابقين، بمن في ذلك رؤساء أركان سابقون، إلى حملة الاحتجاج على خطة الحكومة للانقلاب على منظومة الحكم والجهاز القضائي، ووقفوا في مقدمة المتظاهرين ضد الحكومة.


مقالات ذات صلة

«حماس» تعلن استعدادها لتسليم سلاحها لسلطة فلسطينية «إذا انتهى الاحتلال»

المشرق العربي مقاتلون من حركة «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز) play-circle

«حماس» تعلن استعدادها لتسليم سلاحها لسلطة فلسطينية «إذا انتهى الاحتلال»

أعلن رئيس «حماس» في غزة خليل الحية، السبت، أن الحركة مستعدة لتسليم سلاحها لـ«الدولة» التي ستدير القطاع مستقبلاً، لكن ذلك مرتبط بانتهاء «الاحتلال» الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (غزة)
خاص الرئيس الفلسطيني محمود عباس (د.ب.أ)

خاص عباس دعا «حماس» لتسليم سلاحها وإسرائيل للانسحاب من غزة

بينما يمر اتفاق غزة بوضع حرج، طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتنفيذ فوري للمرحلة الثانية، عبر انسحاب إسرائيل، وتسليم «حماس» سلاحها للسلطة.

كفاح زبون (رام الله)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)

وزير الخارجية المصري يدعو إلى نشر قوة استقرار دولية في غزة «بأسرع وقت»

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي اليوم (السبت) أنه ينبغي نشر قوة دولية لإرساء الاستقرار في غزة على طول «الخط الأصفر» للتحقق من وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (الدوحة - القاهرة)
الخليج رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يتحدث في اليوم الأول من النسخة الثالثة والعشرين لمنتدى الدوحة السنوي (رويترز) play-circle

قطر: مفاوضات إنهاء حرب غزة تمر بمرحلة حرجة

كشف رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، اليوم (السبت)، أن المفاوضات بشأن حرب غزة تمر بمرحلة حرجة.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
المشرق العربي سيدة فلسطينية تبكي في مستشفى الناصر بخان يونس بعد وقوع شهداء في ضربات إسرائيلية - 3 ديسمبر الحالي (أرشيفية - أ.ف.ب)

مقتل شخص وإصابة 3 آخرين برصاص الجيش الإسرائيلي في غزة

قُتل فلسطيني وأُصيب 3 آخرون برصاص الجيش الإسرائيلي في منطقة شمال غربي قطاع غزة، وفق ما أفادت به وسائل إعلام محلية اليوم.

«الشرق الأوسط» (غزة)

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل
TT

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل

رفض الرئيس السوري أحمد الشرع، أمس، مطلب إسرائيل بإقامة منطقة منزوعة السلاح جنوب سوريا، معتبراً أن ذلك من شأنه أن يدخل بلاده في «مكان خطر»، ومؤكداً في الوقت ذاته «(أننا) لسنا معنيين بأن نكون دولة تصدّر العنف، بما في ذلك إلى إسرائيل».

وتعهد الشرع، في حوار على هامش مشاركته في منتدى الدوحة، «محاكمة مرتكبي الجرائم في الساحل والسويداء»، في إشارة إلى مواجهات دموية شهدتها مناطق يقطنها دروز وعلويون في وقت سابق من هذا العام.

وعشية ذكرى مرور سنة على إسقاط حكم الرئيس السابق بشار الأسد، بثت قناة «العربية/ الحدث» تسجيلات مصوَّرة تجمع الرئيس المخلوع بمستشارته لونا الشبل، التي قُتلت في ظروف غامضة عام 2024. وتتضمن «تسجيلات الأسد» ومستشارته سخرية من الجنود السوريين الذين كانوا يقاتلون في صفوف قواته، وشتائم وجهها الرئيس المخلوع لغوطة دمشق (يلعن أبو الغوطة)، كما تتضمن انتقادات للقائد العسكري سهيل الحسن الملقب بـ«النمر»، ولـ«حزب الله» اللبناني.

واعتبر سوريون أن ما كشفت عنه التسريبات بصوت الأسد يشير إلى أنه سقط مرة ثانية الآن في أعين مناصريه والذين قاتلوا إلى جانبه في سوريا ومن دول الجوار، بعدما سقط في المرة الأولى عسكرياً بدخول فصائل المعارضة دمشق، وإطاحة نظامه قبل سنة من الآن.


احتقان متزايد ضد الدولة و«حزب الله»

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)
TT

احتقان متزايد ضد الدولة و«حزب الله»

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)

عكست وقفات وتحركات احتجاجية في قرى الحافة الأمامية في جنوب لبنان، احتقاناً شعبياً ضد الدولة و«حزب الله»، على خلفية التأخر في دفع التعويضات للمتضررين، مما اضطر كثيرين إلى الخروج وبدء حياة جديدة خارج قراهم.

تأتي هذه التحركات بعد مرور أكثر من عامين على بدء الحياة المأساوية التي يعيشها سكان البلدات الحدودية، الذين ما زالوا يعانون تجربة النزوح بعدما خسروا منازلهم وممتلكاتهم، ولم يحصلوا على تعويضات إعادة الإعمار بعد، علماً أن الاستهدافات الإسرائيلية لا تزال شبه يوميّة هناك، والأضرار قابلة للازدياد أكثر مع الوقت.

في هذا الإطار، يقول المحلل السياسي علي الأمين، لـ«الشرق الأوسط»، إن بروز مثل هذه التحركات «أمر طبيعي، لأن هذه القرى شبه متروكة»، ويؤكد «أن هذه الاحتجاجات تأتي في وجه من أدار ظهره للناس، وفي ذهن المحتجين أن مواقفه (أي حزب الله) تسهم في إغلاق الأفق أمام أي إمكانية للمعالجة».


انشغال عربي بمنع تهجير سكان غزة عبر رفح

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

انشغال عربي بمنع تهجير سكان غزة عبر رفح

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

مع مواصلة إسرائيل تدمير ما تبقّى في المناطق الخاضعة لسيطرتها داخل قطاع غزة، استباقاً للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار ووسط مشهد غير واضح، انشغلت دول عربية وإسلامية بالتصدي المسبق لخطر تهجير الغزيين عبر رفح.

وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال منتدى الدوحة، أمس، إن «معبر رفح لن يكون بوابةً لتهجير الفلسطينيين، بل فقط لإغراق غزة بالمساعدات الإنسانية والطبية».

وكان مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية قد أعلن، الأربعاء الماضي، فتح معبر رفح «خلال الأيام المقبلة حصرياً لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر بالتنسيق مع القاهرة».

إلى ذلك، شدد وزراء خارجية كل من السعودية ومصر والأردن والإمارات وإندونيسيا وباكستان وتركيا وقطر، مساء الجمعة، على «الرفض التام لأي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه».