معارك طاحنة في أرجاء تعز.. والحوثيون يرتكبون «مجزرة» جديدة بحق المدنيين

الميليشيات تزرع الألغام في الأحياء السكنية.. وفرار قيادات حوثية ميدانية من جبهات القتال

مقاتلون من تعز موالون للحكومة اليمنية يحتفلون بعد حصولهم على معدات عسكرية من الامارات (رويترز)
مقاتلون من تعز موالون للحكومة اليمنية يحتفلون بعد حصولهم على معدات عسكرية من الامارات (رويترز)
TT

معارك طاحنة في أرجاء تعز.. والحوثيون يرتكبون «مجزرة» جديدة بحق المدنيين

مقاتلون من تعز موالون للحكومة اليمنية يحتفلون بعد حصولهم على معدات عسكرية من الامارات (رويترز)
مقاتلون من تعز موالون للحكومة اليمنية يحتفلون بعد حصولهم على معدات عسكرية من الامارات (رويترز)

تواصل ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح ارتكابها المجازر بحق المدنيين في محافظة تعز، ثالث كبرى المدن اليمنية وسط اليمن، من خلال قصفها الهستيري وبشكل عشوائي من أماكن تمركزها على الأحياء السكنية، حيث سقط عشرات القتلى والجرحى من المدنيين، بينهم نساء وأطفال، وحتى مبنى الأمومة والطفولة في حي الضبوعة بتعز لم يسلم من القصف.
وتركز قصف الميليشيات المتمردة باستخدام العشرات من صواريخ الكاتيوشا والهاوزر والهاون الذي لم يتوقف خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، على حي الجحملية والاجينات والكشار وسوق الصميل والضربة وحي المسبح وعدد من الأحياء السكنية، خصوصًا التي تقع تحت سيطرة الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، وسط إطلاق الأهالي لنداء الإغاثة للتبرع بالدم وتخليصهم من الميليشيات.
إلى ذلك، أكد الشيخ عادل عبده فارع (أبو العباس)، قائد الجبهة الشرقية وعضو المجلس التنسيقي للمقاومة والمجلس العسكري بتعز أن «ما قدمته قوات التحالف من مدرعات وأسلحة نوعية سيستخدم لمصلحة تعز وأبناء تعز وبتنسيق مع المجلس العسكري، وليس لمصلحته الشخصية أو مصلحة الجبهة الشرقية بعد الانتهاء من المواجهات وتطهير المحافظة والبلاد من رجسهم»، وأضاف، في بلاغ صادر عن الجبهة الشرقية، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن التحالف وعد بالدعم للمقاومة عبر بوارجه في البحر وعبر الطيران والطيران وتكفل برواتب المقاتلين، وأكد أبو العباس أن «معركة التحرير ليست متأخرة، وهناك خطة مرسومة للتحرير، وننتظر أمورًا يحددها المجلس العسكري وقيادة التحالف للبدء بها، وهناك تنسيق مع قوات التحالف ولن نعلن عن بدء المعركة رسميًا، كما أن هناك بارجتين، إحداهما إماراتية والأخرى سعودية، محملتين بالسلاح هدية للمقاومة في تعز، وتوزيعها سيكون عبر قوات التحالف لجميع الجبهات استعدادا لمعركة الحسم»، حسب قوله.
ويأتي اندلاع المواجهات العنيفة بين المقاومة الشعبية والجيش الوطني، من جهة، وميليشيات الحوثي والمخلوع صالح، بعدما أحبط الجيش والمقاومة وقوات التحالف محاولة الميليشيات استعادة اللواء 117 مشاة في مديرية ذباب التابعة لمدينة المخا الساحلية والقريبة من باب المندب، في حين كانت الميليشيات قد زعمت أنها سيطرت على مقر اللواء، وكذا مقتل وجرح العشرات من عناصر الميليشيات الحوثية في كمين لعناصر المقاومة الشعبية في منطقة مقبنة بمديرية شمير، شمال تعز، حيث استهدفت المقاومة تجمعا للميليشيات المتمردة في منطقة حصب البرح، إضافة إلى كمين آخر في منطقة خزيجة، وجاء هذان الكمينان في سياق سلسلة كمائن تنصبها المقاومة للميليشيات وقوات المخلوع في مديرية مقبنة والمناطق المجاورة لها.
من جهتها، نفت مصادر عسكرية يمنية خاصة لـ«الشرق الأوسط» مزاعم المتمردين الحوثيين بسيطرتهم على معسكر اللواء 17 مشاة بمنطقة ذباب الساحلية قرب باب المندب، غرب مدينة تعز، التي تم تحريرها من الميليشيات الانقلابية، الشهر الماضي، وقالت المصادر إن هذه المزاعم ليس لها أساس من الصحة، وإنه كانت هناك محاولة تسلل من قبل ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح، لكن قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية المرابطة في المنطقة، تصدت لتلك المحاولة وأفشلتها وأوقعت خسائر مادية وبشرية في صفوف المتمردين.
وفي التطورات الميدانية، حققت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية تقدما كبيرا في جبهات القتال في تعز، تحت غطاء جوي من طائرات التحالف، وذكرت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» أن عملية التقدم باتت أسرع مما كانت عليه في جبهات القتال الشرقية والغربية، رغم الأعداد الكبيرة من الألغام التي زرعها المتمردون في كثير من المناطق، وتحديدا منطقة الضباب، وقال مصدر في المقاومة الشعبية في تعز لـ«الشرق الأوسط» إن «أبطال المقاومة والجيش الوطني مستمرون في تحقيق تقدم في جبهات القتال رغم زراعة الميليشيات الانقلابية للألغام في مناطق عديدة بتعز، خصوصًا بجبهة الضباب، قبل مغادرتهم إياها ودحرهم منها، التي يزرعونها في الشوارع الرئيسية والأحياء السكنية ولا يزالون أيضًا يزرعون الألغام حتى في المنطقة الشرقية ومداخل المدينة، بعدما شعروا بأن المقاومة والجيش يقتربون من تحريرها، وهناك تراجع وانهزام كبير للميليشيات الذين تكبدوا الخسائر الفادحة على يد المقاومة والجيش وغارات التحالف العربي».
وأضاف المصدر أن المواجهات تحتدم في جميع جبهات القتال، وأن أبرز المواجهات تدور بالقرب من قصر الشعب الجمهوري، التي تُستخدم فيها مدافع «م. ط. 23»، إضافة إلى مناطق ثعبات ومحيط قصر الشعب وجولة المرور، حيث صد الجيش والمقاومة هجومًا شرسًا للميليشيات في محيط منزل المخلوع صالح، في محاولة مستميتة منهم لاستعادته، بعد السيطرة عليه من قبل المقاومة والجيش، وأن المئات من الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع علي عبد الله صالح، بينهم قيادات عسكرية ميدانية، فرت هاربة إلى الجبال والوديان بعد وصول التعزيزات والقوات العسكرية من قوات التحالف.
وبينما تحاول الميليشيات المتمردة الالتفاف على وحدات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من الجهة الجنوبية - الشرقية والتمركز في الجبال الاستراتيجية المطلة على جبل صبر وسامع، اندلعت المواجهات العنيفة بين المقاومة والجيش، من جهة، وميليشيات الحوثي وصالح، من جهة أخرى، في منطقة الخلل الاقروض باتجاه دمنة خدير، حيث تمكنت المقاومة والجيش من صد زحف الميليشيات رغم تعزيزهم بالمقاتلين والأطقم والمعدات العسكرية ليسيطروا على الطريق الذي يبدأ من دمنة خدر وينتهي في المسراخ ونجد قسيم، وقال الناشط الحقوقي في تعز، مختار القدسي، لـ«الشرق الأوسط» إن اشتباكات عنيفة دارت في جبهات القتال، خصوصا في المنطقة الواقعة بين مديرية المسراخ وخدير ووادي الزنوج ومنطقة عصيفرة والدحي، واشتباكات أخرى في جبهة الضباب، غرب المدينة، وقد سُمعت لأول مرة أصوات مدرعات قوات التحالف العربي وهي تشارك في المعارك.
وأضاف: «تواصل الميليشيات المتمردة قصفها للأحياء السكنية من أماكن تمركزها بالصواريخ والمدفعية، حيث تركز القصف على عدد من المناطق بما فيها جبل جرة وأحياء وادي القاضي، في حين تصدت المقاومة والجيش لهجمات المتمردين».
وأكدت مصادر حقوقية في تعز لـ«الشرق الأوسط» أن الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح ترد على تقدم الجيش الوطني والمقاومة بعمليات قصف عشوائي للأحياء السكينة بالكاتيوشا والهاون من تبة السوفياتل وجبل أومان، مشيرا إلى سقوط العشرات من المدنيين بين قتيل وجريح بنيران تلك الميليشيات والقوات الانقلابية، في حين تواصل الميليشيات المتمردة حصارها لمدينة تعز للشهر السابع على التوالي، وتمنع عن المدنيين دخول الغذاء والأدوية ومياه الشرب، حيث تعاني تعز منذ سنوات طويلة من شحة في مياه الشرب، كما يمنع الحوثيون دخول أسطوانات غازات الأكسجين للمستشفيات وسط تكرار نداءات الأهالي للمنظمات الإنسانية الدولية لسرعة إنقاذهم وفك الحصار عنهم، وأصبح أهالي تعز يحصلون على المواد الأساسية الضرورية لتبقيهم على قيد الحياة عبر طرق وعرة يتم تهريبها لهم، ولجوئهم إلى استخدام مياه الآبار الجوفية غير المعالجة.
وبحسب منظمة حقوقية محلية، فإن القتلى المدنيين في تعز من شهر أبريل (نيسان) الماضي وحتى 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الذين وصلت جثامينهم إلى مستشفى الروضة والجمهورية، بلغ عددهم 1159 شخصًا، و7035 جريحًا، منهم 98 طفلا و45 امرأة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».