وسط تساؤلات حول علاقة النوم بالمناعة من الأمراض، كشفت دراسة ألمانية عن آلية يمكن من خلالها أن يساعد النوم الجيد على تحفيز جهاز المناعة لمواجهة الأمراض. وأوضح الباحثون في دراسة نشرت نتائجها، الجمعة، في دورية «برين بيهيفيور آند إميونيتي»، أن النوم يُعزز إمكانات هجرة الخلايا التائية نحو العقد الليمفاوية، وهي عملية تُساعد على تنشيط جهاز المناعة وتكوين ذاكرة مناعية لمحاربة العدوى.
والخلايا التائية هي نوع من خلايا الدم البيضاء تُشكل جزءاً أساسياً من جهاز المناعة التكيفي، وتساعد في حماية الجسم من العدوى والأمراض، عبر التعرف على الخلايا المُصابة بالفيروسات والبكتيريا والخلايا السرطانية وتدميرها.
أما العقد الليمفاوية فهي أعضاء صغيرة موجودة بجميع أنحاء الجسم، وتُشكل جزءاً من الجهاز الليمفاوي، وتُساعد على تنشيط المناعة من خلال احتوائها على كثير من الخلايا المناعية، بالإضافة إلى دورها في تكوين الذاكرة المناعية التي تُساعد الجسم على الاستجابة بشكل أسرع وأكثر فاعلية عند التعرض لنفس مسببات الأمراض في المستقبل.
وكانت أبحاث سابقة أظهرت بالفعل أن الأشخاص الذين ناموا بعد الحصول على التطعيم، كانت لديهم الاستجابة المناعية أقوى مرتين في المتوسط مقارنة بمن لم يناموا أثناء الليل بعد التطعيم، ومع ذلك، لم يتم التحقيق في الآلية البيولوجية لهذه العملية حتى الآن.
وخلال الدراسة الجديدة، فحص الباحثون تركيز مجموعات فرعية مختلفة من الخلايا التائية بشكل متكرر في دم مجموعة من الرجال والنساء الأصحاء على مدار جلستين، مدة كل منهما 24 ساعة.
في إحدى الجلستين، سُمح للمشاركين بالنوم ليلاً لمدة 8 ساعات، بينما في الأخرى استرخوا في السرير ليلاً لكنهم ظلوا مستيقظين أثناء الليل. ومكّنت قسطرة الساعد المتصلة بغرفة مجاورة عن طريق أنبوب، من جمع عينات الدم من المشاركين لفحصها، دون إزعاجهم أثناء النوم.
وكشف تحليل عينات الدم عن وجود اختلافات كبيرة في النتائج، حيث وجدوا أن النوم عزز إمكانات هجرة مجموعة متنوعة من الخلايا التائية نحو العقد الليمفاوية من خلال إفراز هرموني «النمو» و«البرولاكتين» اللازمين لإنجاز هذه العملية.
وأظهرت النتائج أن زيادة تركيز هذين الهرمونين في بلازما الدم يعتمد على النوم، حيث تزيد نسب إفرازهما بشكل أكبر لدى من ناموا أثناء الليل. وقالت الباحثة الرئيسية في الدراسة بجامعة لودفيغ ماكسيميليان في ميونخ، لوسيانا بيسيدوفسكي، إن دراستنا حددت هرموني «النمو» و«البرولاكتين» كعاملين حاسمين لتنظيم عملية هجرة الخلايا التائية نحو العقد الليمفاوية. وأضافت، عبر موقع الجامعة، أن هذه النتائج لها أيضاً آثار سريرية محتملة، حيث يمكن استخدام هذين الهرمين كمواد مساعدة جديدة لتعزيز الاستجابات المناعية بعد التطعيم، خاصة عند كبار السن، الذين عادة ما يُظهرون مستويات منخفضة من هذه الهرمونات أثناء النوم، كما تكون فاعلية اللقاحات أقل في كثير من الأحيان، مقارنة بصغار السن.