كيف تحولت الكرات الثابتة من ألعاب قبيحة إلى خطط تغير النتائج؟

فريقا ليفربول وآرسنال كانا الأكثر نجاحاً في استغلال هذه الميزة لتحقيق أهداف حاسمة

جاكوب كيويور (يمين) يسجل برأسه بعد كرة ثابتة في مرمى نيوكاسل (أ.ب)
جاكوب كيويور (يمين) يسجل برأسه بعد كرة ثابتة في مرمى نيوكاسل (أ.ب)
TT

كيف تحولت الكرات الثابتة من ألعاب قبيحة إلى خطط تغير النتائج؟

جاكوب كيويور (يمين) يسجل برأسه بعد كرة ثابتة في مرمى نيوكاسل (أ.ب)
جاكوب كيويور (يمين) يسجل برأسه بعد كرة ثابتة في مرمى نيوكاسل (أ.ب)

يُمكن أن يكون الفارق بين النجاح والفشل خلال موسم كامل هدفاً واحداً فقط

من الكرات الثابتة

كان التأكيد على أهمية الكرات الثابتة أمراً غير جذاب في الماضي، وكانت هذه الكرات الثابتة تحظى بتركيز خاص من جانب الفرق الصغيرة التي تتذيل جدول الترتيب، والتي تبحث جاهدة عن أي شيء يحقق لها ميزة على الفرق الأكثر قوة وثراء. لكن في الوقت الحالي، فإن أندية القمة أيضاً تعطي الأولوية لتنفيذ الضربات الركنية بطريقة ماكرة، وتنفذ رميات التماس بطريقة ذكية؛ لأنها تدرك جيداً أن الهوامش والفوارق أصبحت بسيطة جداً في عالم الكرة القدم، وبالتالي فإن التصرف بذكاء في مثل هذه الأمور يمكن أن يُحدث الفارق.

وفاز ليفربول بكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة يوم الأحد الماضي على حساب تشيلسي بفضل كرة ثابتة، كما يقوم آرسنال بعمل رائع فيما يتعلق بالكرات الثابتة هذا الموسم، ويهتم بأدق التفاصيل بشكل استثنائي. ويعود الفضل في ذلك إلى مدرب الكرات الثابتة نيكولاس جوفر الذي يشرف على هذا الأمر. وينافس آرسنال على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز بقوة هذا الموسم، بفضل إحرازه 17 هدفاً من الكرات الثابتة (نحو 30 في المائة من إجمالي عدد الأهداف التي سجلها الفريق هذا الموسم)، ليأتي في الصدارة بين جميع أندية المسابقة في هذا الصدد.

وما يساعد آرسنال بشكل أساسي في هذا الأمر، هو أنه الفريق الأكثر حصولاً على الضربات الركنية في الدوري. في الحقيقة، يتعين على الأندية المنافسة أن تبذل قصارى جهدها من أجل أن تمنع آرسنال من الحصول على ركلات ركنية؛ لأنها تمثل مصدر خطورة هائلة على المنافسين. لقد تدربت في فريق برمنغهام للسيدات على كيفية تقليل فرص حصول المنافس على ركلة ركنية. فإذا كان اللاعب يدافع في مساحة واسعة على الأطراف، فمن الضروري أن يتحرك بطريقة معينة، ويجعل وضعية جسده صحيحة، بحيث إذا اصطدمت به الكرة تخرج إلى رمية تماس وليس ركلة ركنية. في بعض الأحيان تخرج الكرة إلى ركلة ركنية، ويهتف المشجعون لأنهم يعتقدون أن اللاعب قام بالتصدي للكرة بشكل رائع؛ لكن الحقيقة هي أن رمية التماس تكون أقل خطورة بكثير.

في نهائيات كأس العالم 2014، فازت ألمانيا بالبطولة بفضل تنفيذها للركلات الثابتة بشكل رائع، وكان الفريق يركز كثيراً في النواحي الدفاعية على عدم حصول المنافس على ركلة ركنية. وكان مساعد المدير الفني، هانزي فليك، مهتماً جداً بأهمية الكرات الثابتة، وكان الفريق بارعاً للغاية في التعامل مع تلك الكرات، سوءاً في النواحي الدفاعية أو الهجومية. ففي الهجوم، كان توني كروس رائعاً في التسديد، كما لم يستقبل الفريق أي هدف من ركلة ثابتة طوال البطولة. لقد أخبرني أحد اللاعبين -سواء كان ذلك صحيحاً أم لا- بأن فليك أمرهم بعدم التدخل بقوة حول منطقة الجزاء، حتى لا يرتكبوا أخطاء لا داعي لها، والتي من شأنها أن تؤدي إلى احتساب ضربات ثابتة تزيد من خطر استقبال الفريق لأهداف.

لا تأتي الأهداف من الضربات الركنية والركلات الحرة فقط؛ بل يتم إحراز عدد كبير من الأهداف من رميات التماس، نتيجة عدم تمركز اللاعبين بشكل صحيح. وفيما يتعلق برميات التماس، فإن الأمر يشبه المعادلة الرياضية: عندما يكون الفريق في الثلث الدفاعي، يجب أن يكون لديه لاعب واحد على الأقل أكثر من الخصم، ويجب أن يكون لديك لاعب يقف أمام المهاجمين تكون مهمته الأساسية عدم وصول الكرة إلى أقدام أي لاعب. أما الفريق الذي يلعب رمية التماس فبإمكانه أن يعيد الكرة إلى الخلف ثم يرسل كرة عرضية طويلة إلى داخل منطقة جزاء المنافس. وإذا قام الفريق بتنظيم نفسه بسرعة وبشكل صحيح، فلن يكون بحاجة إلى الدفاع. إن الأمر برمته يتعلق بالتفاصيل الصغيرة التي تهدف لمنع وصول الكرة إلى قلب الهجوم.

وأثناء تحليلي للمباريات على شبكة «سكاي سبورتس»، يسخر مني النقاد وفريق الإنتاج عندما أصرخ في أذن أحدهم بشأن ذلك؛ لأنني أدرك تماماً أن الأهداف يمكن أن تأتي من رميات التماس.

في الحقيقة، يستغل فريق آرسنال للرجال رميات التماس بذكاء شديد في النواحي الهجومية؛ حيث يعلم اللاعبون أنه لا يفصلهم عن خلق فرصة خطيرة على المرمى سوى بضع لمسات. غالباً ما ينفذ آرسنال رمية التماس عن طريقة إرسال الكرة بالقرب من الراية الركنية، مستغلين حقيقة أنه لا يوجد تسلل في رميات التماس. ويُمكن أن يسمح هذا للاعب بالوصول سريعاً إلى مكان يمكنه من خلاله العثور على زميل في الفريق داخل منطقة الجزاء.

فان دايك منح ليفربول الفوز بكأس الرابطة مستفيداً من كرة ثابتة (رويترز)

ويُمكن أن يكون الفارق بين النجاح والفشل خلال موسم كامل هدفاً واحداً فقط، لذا فلا عجب أن تسعى كل الفرق –وبشدة- إلى تحقيق أقصى استفادة ممكنة من الكرات الثابتة. لقد كان هناك قدر كبير من السخرية عندما استعانت بعض الأندية بمدربين متخصصين للركلات الثابتة ورميات التماس؛ لكنني كنت أعلم أنه سيكون لهم دور مهم جداً؛ خصوصاً عندما يحصل فريق على بطولة بفضل هدف بضربة رأس من ركلة ركنية.

عندما كنت ألعب في فريق برمنغهام للسيدات، كانت الركلات الثابتة جزءاً لا يتجزأ من المباراة. لقد فزنا بلقب كأس الاتحاد الإنجليزي عام 2012 ضد تشيلسي بفضل الضربات الثابتة: كرة عرضية من ركلة ركنية تسببت في إحرازنا الهدف الأول، بعد أن تدربنا على أنه حتى لو تمكن مدافعو الفريق المنافس من إبعاد الكرة، فإننا سنعيد الكرة إلى داخل منطقة الجزاء مرة أخرى؛ ثم سجلت هدفاً من ركلة حرة مباشرة لتذهب المباراة إلى ركلات الترجيح. لقد قيل لي قبل تنفيذ الكرة الثابتة إن حارسة مرمى الفريق المنافس كانت مشغولة ببناء الحائط البشري، ولم تكن تتمركز في مكانها الصحيح، وبالتالي فإنه بإمكاني التسجيل إذا طلبت من الحكم أن يمنحنا الإذن باللعب بسرعة. وبالفعل، قمنا بذلك، ونجحنا في إحراز هدف.

غابريال لاعب آرسنال (يسار) يسجل إثر ركلة ركنية برأسه في شباك نيوكاسل (رويترز)

لقد كنا بحاجة إلى أسلحة إضافية، ورأى المدير الفني، ديفيد باركر، ثغرة يمكننا استغلالها. لقد كنا نعتمد بشكل كبير على المعلومات والبيانات في ذلك الوقت؛ لأنه كان لدينا شخص يعمل معنا لديه خبرات هائلة فيما يتعلق باستخدام الإحصائيات بشكل بناء في كرة القدم للرجال. لقد كنا من أوائل فرق النساء التي تعمل بهذه الطريقة. لقد حققنا كثيراً من النجاح، كما ساعدنا ذلك كثيراً فيما يتعلق بالتعاقد مع لاعبات جديدات لتدعيم صفوف الفريق. فبالنسبة لفريق مثل برمنغهام ليس لديه كثير من الأموال، فقد حققنا نتائج تفوق التوقعات والإمكانات، ووصلنا إلى الدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا، وهو أمر غير مسبوق بالنسبة لفريق مثل فريقنا، وهو الأمر الذي يوضح ما يمكن أن يحدث إذا اهتم المدربون بأدق التفاصيل التي يمكن أن تصنع الفارق.

إن الوقوف في البرد القارس للتدريب على كيفية تنفيذ الضربات الركنية ربما يكون آخر شيء يريده اللاعبون. وأنا شخصياً كنت أكره ذلك كثيراً. كان اللاعبات يفضلن خوض مباراة فيما بينهن خلال التدريبات؛ لكنني كنت أعلم أننا بحاجة إلى التدريب كثيراً على الركلات الثابتة، وكان المدير الفني متحمساً لذلك بشكل استثنائي، وهو الأمر الذي أتى بثماره في نهاية المطاف.

إن التفاصيل الخاصة بالركلة الركنية أو الركلة الحرة لا تتعلق فقط بالمكان الذي ستصل إليه الكرة؛ لكنها تتعلق أيضاً باللاعبين الذين يشتتون تركيز المدافعين ويمنعونهم من التمركز بشكل صحيح حتى تصل الكرة لزميلهم، من أجل التعامل مع الكرة العرضية. ويكون لكل لاعب دور في هذه الخطة، لخلق مسار واضح لأحد اللاعبين حتى تصل إليه الكرة، وتكون فرصه كبيرة في هز الشباك.

في السنوات الماضية، كان جميع اللاعبين يركزون على استقبالهم للكرة خلال تنفيذ الركلة الركنية أو الضربة الثابتة؛ لكن الآن يتطلع اللاعبون إلى منع المنافسين من إبعاد الكرة ربما أكثر من محاولة التسجيل نفسها. يتطلب الأمر تنفيذ الركلة الحرة أو الضربة الركنية بشكل مثالي من أجل خلق فرصة مثالية لهز الشباك، تماماً كما فعل المدافع الهولندي العملاق فيرجيل فان دايك أمام تشيلسي، في المباراة النهائية لكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة.

* خدمة «الغارديان»


مقالات ذات صلة

سحب قرعة كأس آسيا للناشئين بالسعودية 23 يناير المقبل

رياضة سعودية قرعة كأس آسيا للناشئين تحت سن 17 عاماً في 23 يناير الحالي (الاتحاد الآسيوي)

سحب قرعة كأس آسيا للناشئين بالسعودية 23 يناير المقبل

تسحب في الثالث والعشرين من الشهر الحالي قرعة كأس آسيا تحت 17 سنة التي ستقام في السعودية بمقر الاتحاد الآسيوي لكرة القدم في كوالالمبور.

«الشرق الأوسط» (كوالالمبور)
رياضة عالمية غراهام بوتر قاد وست هام للفوز في مباراته الأولى (رويترز)

«البريمرليغ»: بوتر يقود وست هام للفوز في مباراته الأولى

فاز وست هام يونايتد 3-2 على منافسه اللندني فولهام، لينتصر في أول مباراة لمدربه الجديد غراهام بوتر في الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية المصري عمر مرموش تألق وقاد فرانكفورت لفوز كبير (د.ب.أ)

«البوندسليغا»: ليفركوزن يضغط على بايرن... ومرموش يقود فرانكفورت لفوز عريض

قلّص باير ليفركوزن حامل اللقب الفارق بينه وبين بايرن ميونيخ المتصدر إلى نقطة، بفوز صعب على ضيفه ماينز 1-0.

«الشرق الأوسط» (ليفركوزن)
رياضة سعودية الظهير الأيمن حمد اليامي (نادي الهلال)

التعاون يدرس الاستعانة بخدمات حمد اليامي... والهلال لا يمانع 

أكدت مصادر موثوقة لـ«الشرق الأوسط»، أن إدارة نادي التعاون استفسرت من نظيرتها في الهلال حول إمكانية ضم الظهير الأيمن حمد اليامي خلال فترة الانتقالات الشتوية.

خالد العوني (بريدة) نواف العقيّل (الرياض)
رياضة عالمية سيرجيو كونسيساو مدرب ميلان (د.ب.أ)

كونسيساو: على ميلان أن يكون أكثر صلابة

قال سيرجيو كونسيساو مدرب ميلان إن فريقه يجب أن يكون أكثر صلابة إذا أراد مواصلة مسيرة الانتصارات في دوري الدرجة الأولى الإيطالي.

«الشرق الأوسط» (كومو)

باخ: لا بد من عواقب عقب إساءات للسيدات في الجمباز الألماني

توماس باخ (د.ب.أ)
توماس باخ (د.ب.أ)
TT

باخ: لا بد من عواقب عقب إساءات للسيدات في الجمباز الألماني

توماس باخ (د.ب.أ)
توماس باخ (د.ب.أ)

يتوقع توماس باخ، رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، أن تكون هناك عواقب وسط سلسلة من المزاعم بحدوث إساءات للنساء في مجال لعبة الجمباز بألمانيا.

وقال في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية: «نأمل حالياً أن يكون هناك حركة، وأن يكون هناك تغيير في الوعي».

وأضاف أن اللجنة الأولمبية الدولية تتابع التطورات في هذه القضية.

وذكر: «أعتقد أنه من الصحيح للغاية أن يتم الكشف عن هذا الآن».

وظهرت الادعاءات منذ أواخر ديسمبر (كانون الثاني) - وتقودها لاعبتا الجمباز السابقتان تابي آلت وميشيل تيم - اللتان أبلغتا عن مشاكل في مركز التدريب في شتوتغارت، بما في ذلك «الإساءة البدنية والنفسية».

وتذكر باخ أن لاعبة الجمباز الألمانية السابقة كيم بوي، التي انتُخبت في لجنة الرياضيين التابعة للجنة الأولمبية الدولية العام الماضي، أبلغت عن تجربة مماثلة في سيرتها الذاتية «45 ثانية».

وقال: «يمكننا التعامل مع مثل هذه الأمور، عندما نتحدث عنها بشكل علني فقط».

لكن باخ شدَّد على ضرورة أن يتم تقييم الأحداث «في سياق زمنها» واتخاذ العواقب المناسبة بناءً على ذلك.

وقال بطل المبارزة السابق، الذي فاز بالميدالية الذهبية في الأولمبياد مع الفريق الألماني في أولمبياد مونتريال عام 1976: «ما عايشته بصفتي رياضياً من حيث أساليب التدريب أو التصريحات لم يعد ممكناً اليوم، ولن يكون مناسباً أو مقبولاً».

ووقعت الأحداث التي تم وصفها من قبل لاعبتي الجمباز قبل سنوات عدة.

وبعد كشف الرياضيين، بدأ الاتحاد الألماني للجمباز التحقيق في الأمر.

وتم إيقاف مدربين بشكل مؤقت في شتوتغارت.