مصر: اكتشاف جزء علوي من تمثال لرمسيس الثاني

ارتفاعه 4 أمتار ويصوّر «الملك» مرتدياً التاج المزدوج

الجزء العلوي المكتشف لتمثال  الملك رمسيس الثاني (وزارة السياحة والآثار المصرية )
الجزء العلوي المكتشف لتمثال الملك رمسيس الثاني (وزارة السياحة والآثار المصرية )
TT

مصر: اكتشاف جزء علوي من تمثال لرمسيس الثاني

الجزء العلوي المكتشف لتمثال  الملك رمسيس الثاني (وزارة السياحة والآثار المصرية )
الجزء العلوي المكتشف لتمثال الملك رمسيس الثاني (وزارة السياحة والآثار المصرية )

لم تمض ساعات قليلة على اكتشاف تابوت أثري بأرض مخصصة لمستشفى جامعي بمحافظة القليوبية (دلتا مصر)، حتى أعلنت البعثة الآثارية المصرية - الأميركية المشتركة عن اكتشاف الجزء العلوي من تمثال ضخم للملك رمسيس الثاني بمحافظة المنيا (جنوب مصر).

جاء الكشف الجديد أثناء أعمال الحفائر التي تجريها البعثة بمنطقة الأشمونين، وفق ما أورده المجلس الأعلى للآثار الذي يشارك في البعثة التي يترأسها من الجانب المصري الدكتور باسم جهاد، فيما يترأسها من الجانب الأميركي الدكتورة يوفونا ترنكا، من جامعة كولورادو.

ولفت الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر، إلى أهمية هذا الكشف، مؤكداً في بيان، الاثنين، أن «الدراسة الأثرية التي أجريت على الجزء العلوي المكتشف من التمثال أثبتت أنه استكمال للجزء السفلي الذي اكتشفه عالم الآثار الألماني G.Roeder عام 1930».

وأشار الوزيري إلى أن البعثة الآثارية بدأت في أعمال التنظيف الأثري والتقوية للجزء المكتشف، تمهيداً لدراسته وإعداد تصور مكتمل لشكل التمثال.

وذكر الدكتور عادل عكاشة، رئيس الإدارة المركزية لآثار مصر الوسطى، أن البعثة المصرية الأميركية المشتركة بدأت في أعمال الحفائر بالمنطقة خلال العام الماضي، في محاولة للكشف عن المركز الديني لمدينة الأشمونين خلال عصر الدولة الحديثة وحتى العصر الروماني.

وتابع عكاشة في البيان الصادر عن المجلس الأعلى للآثار، أن «هذا المركز يضم عدداً من المعابد، من بينها معبد للملك رمسيس الثاني، ويشير الكشف عن هذا الجزء الضخم من تمثال الملك رمسيس الثاني إلى أهمية هذا الموقع الذي سيكشف الستار عن مزيد من الاكتشافات الأثرية خلال الفترة المقبلة».

وأوضح الدكتور باسم جهاد، رئيس البعثة من الجانب المصري، في البيان ذاته، أن «الجزء المكتشف مصنوع من الحجر الجيري، ويبلغ ارتفاعه نحو 3.80 أمتار، ويصور الملك رمسيس الثاني جالساً مرتدياً التاج المزدوج وغطاء الرأس يعلوه ثعبان الكوبرا الملكي. كما يظهر على الجزء العلوي من عمود ظهر التمثال كتابات هيروغليفية لألقاب تمجّد الملك»، مشيراً إلى أن حجم التمثال قد يصل عند تركيب الجزء السفلي له إلى حوالي 7 أمتار».

ونوهت الدكتورة يوفونا ترنكا، رئيس البعثة من الجانب الأميركي، بأنهم نجحوا خلال موسم الحفائر الأول بالمنطقة في ترميم وإعادة تركيب أعمدة الغرانيت الضخمة الموجودة بالجهة الشمالية من البازيليكا في مدينة الأشمونين، التي كانت قد بنيت فوق أطلال معبد بطلمي، خلال القرن السادس الميلادي، تكريساً للسيدة مريم العذراء.

وعرفت مدينة الأشمونين في مصر القديمة باسم «خمنو» بمعني «مدينة الثمانية»، حيث كانت مقراً لعبادة «الثامون المصري»، وقد عرفت في العصر اليوناني الروماني باسم «هيرموبوليس ماجنا»، نسبة إلى «هيرمس»، وكانت مركزاً لعبادة الإله «جحوتي» أو «تحوت»، إله الحكمة، وعاصمة الإقليم الخامس عشر.

وتزخر محافظة المنيا بالعديد من الآثار اليونانية والرومانية، من بينها مدينة «هرموبوليس» ومقبرة «بيتوسريس» ومنطقتا «تونة الجبل» و«بني حسن»، كما تضم مدينة «إخيتاتون» أو «تل العمارنة» التي كانت عاصمة لمصر لفترة قصيرة خلال عهد أخناتون في الأسرة الـ18 نحو عام 1365 قبل الميلاد.



اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».