إسرائيل تختبر دفاعات «حزب الله» البرية بمحاولتي تسلل في جنوب لبنان

مقتل عامل أجنبي بقصف الحزب لتجمع «مرغليوت» الزراعي

شاحنة إسرائيلية تنقل دبابة إلى الحدود مع لبنان (أ.ف.ب)
شاحنة إسرائيلية تنقل دبابة إلى الحدود مع لبنان (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تختبر دفاعات «حزب الله» البرية بمحاولتي تسلل في جنوب لبنان

شاحنة إسرائيلية تنقل دبابة إلى الحدود مع لبنان (أ.ف.ب)
شاحنة إسرائيلية تنقل دبابة إلى الحدود مع لبنان (أ.ف.ب)

سجّلت جبهة جنوب لبنان ليل الأحد - الاثنين أول محاولة تسلل إسرائيلية باتجاه الأراضي اللبنانية، حيث حاولت مجموعتان عسكريتان إسرائيليتان التسلل من موقعين متقاربين، في مسعى فسّر على أنه محاولة لاختبار دفاعات «حزب الله» الذي أعلن أنه تصدى لهما، وسط تبادل متواصل لإطلاق النار بين الطرفين، أدى الاثنين إلى مقتل عامل أجنبي في شمال إسرائيل، وفق ما أفادت به وسائل إعلامها.

وحادثة التسلل التي أعلن الحزب إحباطها، هي الأولى في الجنوب منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تاريخ انخراط الحزب في الحرب تضامناً مع غزة، وتأتي بعد نحو 5 أيام على تقديرات إعلامية أميركية تحدثت عن استعدادات لدى إسرائيل لتنفيذ اجتياح بريّ في لبنان في حال فشلت الحلول الدبلوماسية لإبعاد «حزب الله» مسافة كيلومترات عدة عن الحدود.

لكن مصادر ميدانية مطلعة مواكبة لسياق الحرب في الجنوب، شككت في أن يكون الغرض من التسلل هو الاجتياح أو التمهيد له، ووضعتها في محاولات الاستطلاع أو المساعي لكشف مواقع الحزب، مشيرة إلى أن الحزب في الجنوب «بنى على مدى سنوات خطوطاً دفاعية تساعده على صد أي تسلل».

تسلل من موقعين

وأعلن «حزب الله» في بيانين منفصلين أن عناصره تصدوا ليل الأحد، لقوتين إسرائيليتين حاولتا التسلل إلى داخل الأراضي اللبنانية، باستهداف الأولى بالأسلحة الصاروخية، والثانية بعبوة ناسفة والقذائف المدفعية، وذلك بفارق نصف ساعة بين المحاولتين.

وقال الحزب في بيانه الأول، إنه «أثناء محاولة قوة إسرائيلية معادية بالتسلل إلى داخل الأراضي اللبنانية في منطقة وادي قطمون قبالة رميش»، قام مقاتلوه بـ«استهدافها بالأسلحة الصاروخية، وحققوا فيها إصابات مباشرة».

وفي بيان ثانٍ، أعلن الحزب أنه «أثناء محاولة قوة إسرائيلية معادية من لواء غولاني التسلل إلى داخل الأراضي اللبنانية من جهة خربة زرعيت مقابل بلدة راميا اللبنانية»، قام مقاتلوه بـ«تفجير عبوة ناسفة كبيرة بالقوة المتسللة، ثم استهدفوها بعددٍ من قذائف المدفعية، وحققوا فيها إصابات مباشرة». وقال الحزب في بيان ثالث إن مقاتليه استهدفوا ثكنة «زرعيت» الإسرائيلية ومحيطها بأسلحة المدفعية.

دخان قذيفة إسرائيلية استهدفت بلدة مركبا في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

ولم يؤكد الناطق العسكري باسم الجيش الإسرائيلي تلك المعلومات، علماً بأن الطائرات الحربية الإسرائيلية استبقت المحاولتين اللتين وقعتا في منطقة جغرافية متلاصقة في القطاع الغربي، بغارات جوية كثيفة استهدفت منطقة عيتا الشعب ومحيطها، وهي المناطق المقابلة لنقطة التسلل التي تحدث عنها الحزب.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» (الرسمية اللبنانية) بأن الطيران الاستطلاعي الإسرائيلي حلّق، طوال ليل الأحد وحتى صباح الاثنين، فوق قرى الناقورة وشمع ومجدل زون وطيرحرفا في جنوب لبنان. واستهدف الطيران الحربي الإسرائيلي ليلاً، على دفعتين، عدداً من المنازل في بلدة عيتا الشعب، ما أدى إلى أضرار جسيمة في الممتلكات والمزروعات والمنازل، خصوصاً شبكتي الكهرباء والمياه.

تبادل لإطلاق النار

وأفاد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي بأن طائرات مقاتلة أغارت على موقع عسكري تابع لـ«حزب الله» في منطقة شيحين يوجد فيه مقاتلون للحزب. ولفت إلى أنه في وقت سابق، أغارت طائرات مقاتلة على مبنى عسكري تابع لـ«حزب الله» في منطقة عيتا الشعب.

كما تحدث عن رصد إطلاق قذيفة صاروخية خرقت الحدود من الأراضي اللبنانية باتجاه منطقة مارغليوت، حيث أسفر الهجوم عن إصابة عدد من العمال الأجانب الذين نُقلوا لتلقي العلاج الطبي في أحد المستشفيات. وقال إن «قوات جيش الدفاع هاجمت مصدر النيران».

وأفاد مسعفون إسرائيليون، الاثنين، عن مقتل عامل أجنبي، وإصابة أشخاص آخرين بجروح في قصف صاروخي بالقرب من الحدود مع لبنان. ووقعت الحادثة في تجمع «مرغليوت» الزراعي. وقال الجيش إنه «ضرب مصدر الإطلاق» في لبنان بوصفه رداً عليه.

وقالت خدمة الطوارئ التابعة لإسعاف «نجمة داود الحمراء» في بيان إن صاروخاً مضاداً للدبابات أصاب «عمالاً أجانب كانوا يعملون في مزرعة»؛ ما أدى إلى مقتل أحدهم، وإصابة 7 آخرين على الأقل.

ووفق البيان، فإن الضحايا جميعهم رجال في الثلاثينات من العمر دون تقديم مزيد من التفاصيل حول جنسياتهم.

وفي المقابل، أعلن «حزب الله» أنه استهدف «‏الأجهزة التجسسية في ‏موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بالأسلحة المناسبة، ‏وأصابها إصابة مباشرة». وحلق الطيران الحربي الإسرائيلي بكثافة في أجواء المنطقة الحدودية في الجنوب، وعلى علو منخفض ترافق مع تحليق مكثف للطيران الاستطلاعي فوق الساحل الجنوبي بين سواحل صور والقليلة وصولاً إلى الناقورة.

وأطلقت القوات الإسرائيلية النار في الهواء وعلى مسافة قريبة من مزارعين كانوا يرشّون المبيدات على مزروعاتهم في محيط بلدة الوزاني قضاء مرجعيون. وطال القصف الفسفوري والدخاني الجهة الشرقية لبلدتي حولا ومركبا المشرفتين على وادي هونين ومستعمرة مرغليوت. كما قصفت القوات الإسرائيلية بالقذائف الفسفورية منطقة بئر المصلبيات على مدخل بلدة حولا الشمالي قضاء مرجعيون. واستهدفت المدفعية الإسرائيلية الأحياء السكنية لبلدة مركبا.


مقالات ذات صلة

نتنياهو يتفقد القوات الإسرائيلية عند الحدود مع لبنان

المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع قائد القيادة الشمالية الإسرائيلية أوري غوردين خلال حضورهما تمارين عسكرية في الجليل، 26 يونيو (حزيران) 2024 (مكتب الإعلام الحكومي - د.ب.أ)

نتنياهو يتفقد القوات الإسرائيلية عند الحدود مع لبنان

قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، الأحد، إن بنيامين نتانياهو أجرى زيارة للقوات الإسرائيلية عند الحدود مع لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي نار ودخان يظهران من موقع تعرض لقصف إسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

​الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيراً جديداً بالإخلاء لمناطق في جنوب لبنان

أصدر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي تحذيراً جديداً لإخلاء نحو 25 منطقة في جنوب لبنان وطالب السكان بالتوجه فوراً إلى شمال نهر الأولي

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (رويترز)

ميقاتي يطالب «بالضغط على إسرائيل» لوقف إطلاق النار في لبنان

دعا رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، الأحد، إلى «الضغط على إسرائيل» من أجل «وقف إطلاق النار» بعد ليلة من الغارات العنيفة هزّت الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)

30 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية الليلة الماضية

شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت ليل السبت - الأحد أعنف ليلة منذ بداية القصف الإسرائيلي، إذ استهدفت بأكثر من 30 غارة، سمعت أصداؤها في بيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تصاعد اللهب وسحب الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

غارات إسرائيلية عنيفة «تشعل» الضاحية الجنوبية لبيروت

شن الطيران الإسرائيلي غارات عنيفة، ليل السبت-الأحد، على الضاحية الجنوببة لبيروت أدت إلى ارتفاع كرات ضخمة من اللهب من المواقع المستهدفة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

السوداني يواصل جهوده لتجنيب العراق رداً إسرائيلياً

رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني (رويترز)
TT

السوداني يواصل جهوده لتجنيب العراق رداً إسرائيلياً

رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني (رويترز)

حضّ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني كلاً من بريطانيا وإسبانيا وسويسرا على الضغط باتجاه خفض التصعيد في المنطقة، وتجنب إمكانية شمول العراق بالضربة الإسرائيلية المحتملة على إيران، في وقت نفت الفصائل المسلحة العراقية الموالية لإيران وقوفها وراء مقتل جنديين إسرائيليين في منطقة الجولان السوري المحتل بواسطة طائرة مسيّرة.

السوداني الذي كان أرجأ الأسبوع الماضي زيارة مقررة له إلى المملكة المتحدة بسبب تطور الأحداث في المنطقة بعد التصعيد الإسرائيلي في الجنوب اللبناني، ومقتل زعيم «حزب الله» حسن نصر الله، بحث في تحديد موعد جديد للزيارة مع السفير البريطاني في بغداد.

صورة إطلاق سابق لطائرة مسيَّرة من فيديو نشرته «المقاومة الإسلامية في العراق» عبر «تلغرام»

وقال بيان عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي إن الأخير «بحث مع السفير البريطاني لدى العراق ستيفن هيتشن تحديد موعد جديد لإجراء زيارة رسمية إلى عاصمة المملكة المتحدة لندن التي سبق أن تأجلت بسبب تطورات الأوضاع في المنطقة». وإن السوداني «أكد خلال اللقاء ضرورة أن يضطلع المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي بدورهما الأساسي في حفظ الأمن والاستقرار، ولا سيما مع ما يجري في المنطقة من استمرار للعدوان الصهيوني على غزّة ولبنان، والتمادي والإيغال في استهداف المدنيين في حرب إبادة جماعية تستلزم الاستنكار والإدانة من العالم بأسره، وتتطلب احترام القوانين الدولية وعدم تجاوزها من قبل أي جهة».

وكان رئيس الوزراء العراقي واصل جهوده على مدى الأيام الماضية من أجل ممارسة أقصى ضغط على إسرائيل لتجنب التصعيد في المنطقة، فضلاً عن إمكانية توجيه ضربة إلى العراق بعد تزايد احتمالاتها مع إعلان إسرائيل أن جنديين إسرائيليين قتلا بمسيرة عراقية، وهو ما نفته الفصائل المسلحة التي كانت تفتخر بإحداث خسائر في صفوف الإسرائيليين قبل التصعيد الأخير.

رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز يتحدث للصحافيين في مدريد (د.ب.أ)

وفي هذا السياق، بحث السوداني هاتفياً السبت مع رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، إمكانية أن تلعب بلاده، في سياق دورها ضمن الاتحاد الأوروبي، دوراً أكبر لخفض التصعيد في المنطقة. كما بحث مع أول سفير سويسري في العراق دانيل هون بعد قطيعة دامت 33 عاماً مجريات الأحداث في المنطقة.

وفيما رحب السوداني طبقاً لبيان عن مكتبه بسفير الاتحاد السويسري المقيم لدى العراق بعد مباشرته عمله، فإنه أكد أهمية «أن يلعب الاتحاد الأوروبي دوراً في وقف ما تقوم به إسرائيل من أعمال ضد المدنيين العزل في غزة وجنوب لبنان، فضلاً عن موقف المجتمع الدولي المطلوب للحدّ من توسعة الصراع في المنطقة، وما يشكله من مخاطر وتهديدات للأمن الإقليمي والدولي».

مخاوف وقلق

وفي الوقت الذي تتصاعد المخاوف من إمكانية حصول ضربة إسرائيلية على إيران قد تشمل أذرعها في العراق التي نشطت خلال الفترة الأخيرة بتوسيع استهدافاتها ضد إسرائيل, فإن نفي أبرز تلك الفصائل، «كتائب حزب الله» و«سيد الشهداء» مسؤوليتهما عن قتل جنديين إسرائيليين بإطلاق مسيرّة من داخل العراق، بدأ يرجح نسبياً فرضية تجنب توجيه ضربة إسرائيلية في الوقت الحالي عل الأقل.

«كتائب حزب الله العراقي» خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وكان المتحدث باسم كتائب «سيد الشهداء» في العراق كاظم الفرطوسي أعلن أن الفصائل المسلحة التي تدخل ضمن عنوان «محور المقاومة» لم «تعلن عن تنفيذ عملية الجولان التي أدت لمقتل جنديين إسرائيليين وإصابة أكثر من 24 آخرين» قائلاً في تصريحات صحافية إنه لو «لو نفذناها لأعلنا عنها».

وطبقاً للمعلومات التي أفاد بها لـ«الشرق الأوسط» مصدر مطلع مقرب من «الإطار التنسيقي» الشيعي الحاكم، فإن «الجسم السياسي الرئيسي لقوى الإطار تضغط باتجاه عدم انخراط الفصائل المسلحة في أي مواجهة إيرانية ـ إسرائيلية، طالما أنها تجري في ضوء سياسة الفعل ورد الفعل بين الطرفين ضمن قواعد اشتباك بينهما».

وأضاف المصدر أن «قوى الإطار التنسيقي كانت خولت رئيس الوزراء محمد شياع السوداني القيام بما يلزم لحماية العراق من ضربة قد تتعدى مقرات الفصائل، أو حتى استهداف قياداتها، إلى إمكانية أن تشمل أهدافاً حيوية في العراق ما قد يشلّ الحركة، ويوقف تصدير النفط الذي يعدّ الشريان الحيوي للاقتصاد العراقي».

إلى ذلك، أكد الدكتور إحسان الشمري أستاذ السياسات العامة في جامعة بغداد لـ«الشرق الأوسط» أن «العراق كان يمتلك فرصة ثمينة لتجنب الحرب من خلال الاعتماد على المسار السياسي والدبلوماسي، وتجنب الانخراط بشكل أكبر بالصراع الذي يدور بين إسرائيل وإيران وأذرعها بالمنطقة، لكن يبدو أن الفرصة ضاعت في ظل مواقف حذرة وغياب المبادرة».

قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور السوداني (واع)

وأضاف أن «التحرك على أسس عاطفية من قبل الحكومة، وأيضاً وقوعها تحت ضغط وتأثير بيئتها السياسية المعروفة بفصائل المقاومة، أظهرا العراق بأنه طرف من الصراع، خصوصاً بعد الاستهدافات من الجماعات المسلحة للداخل الإسرائيلي».

ويقول الشمري، إن العراق «لم يؤيد المبادرات العربية أو ينخرط بها»، مشيراً إلى «أنه كان يفترض بالعراق أن يكون جزءاً من التحالف الدولي للاعتراف بدولة فلسطين الذي تقوده المملكة العربية السعودية، وداعماً لهذه الخطوة التي تمثل نقطة تحول إيجابي في القضية الفلسطينية بعيداً عن شعارات بعض الدول الإقليمية والجماعات».

ومع تصاعد هجمات الفصائل واعتبار العراق «ضمن محور الأعداء»، يرى الشمري أن «الضربات مقبلة لا محالة، والموضوع لن يرتبط بأذرع إيران، بل يستهدف النظام والطبقة السياسية والجماعات الحليفة لإيران بشكل كامل»، على حد وصفه.