الراعي يرفض حرباً «لا علاقة لأهلنا في جنوب لبنان بها»

الموفد الأميركي يصل إلى بيروت الاثنين لمواصلة جهود منع التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله»

لبنانيون يشيعون مدنيين اثنين قتلا بغارة إسرائيلية الخميس الماضي (إ.ب.أ)
لبنانيون يشيعون مدنيين اثنين قتلا بغارة إسرائيلية الخميس الماضي (إ.ب.أ)
TT

الراعي يرفض حرباً «لا علاقة لأهلنا في جنوب لبنان بها»

لبنانيون يشيعون مدنيين اثنين قتلا بغارة إسرائيلية الخميس الماضي (إ.ب.أ)
لبنانيون يشيعون مدنيين اثنين قتلا بغارة إسرائيلية الخميس الماضي (إ.ب.أ)

تضاعف الانقسام اللبناني حول حرب الجنوب حيث يتبادل «حزب الله» والجيش الإسرائيلي إطلاق النار منذ نحو 5 أشهر. وانتقد البطريرك الماروني بشارة الراعي حرباً «لا دخل للبنانيّين ولأهلنا في الجنوب بها». ورد عليه بشكل غير مباشر، المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان بقوله إن «سيادة لبنان بالأمس واليوم رهن بما يقرره أهل الجنوب».

ويأتي الانقسام عشية وصول كبير مستشاري البيت الأبيض لشؤون أمن الطاقة آموس هوكستين إلى بيروت، حيث يتوقع أن يستأنف الاثنين محادثاته مع المسؤولين اللبنانيين لتطويق أي تدحرج للحرب الآخذة بالتوسع في الجنوب إلى العمق. كما تأتي بموازاة حراك أوروبي على ضفتي الحدود للحيلولة دون انزلاق الأمور إلى مستوى حرب واسعة.

ونقلت مصادر لبنانية أجواء أوروبية مفادها بأن الحراك الدبلوماسي الغربي «لم يتوقف، ولن يتوقف، لمنع أي تصعيد إضافي، وأن الاتصالات الدبلوماسية الغربية تجري بزخم على ضفتي الحدود، لمنع أي توسع للحرب إلى الداخل اللبناني، وهذه الجهود متواصلة لتبريد الجبهة بالحلول الدبلوماسية».

ونجحت المحاولات حتى الآن، بعدم توسيع رقعة الاشتباك من منطقة الحدود إلى الداخل اللبناني، ولجم إسرائيل عن توسيع الحرب إلى العمق، رغم الضربات التي نفذتها في مناطق بعيدة عن الحدود، ووصلت في الأسبوع الماضي إلى بعلبك على مسافة أكثر من 100 كيلومتر عن الحدود الجنوبية.

الراعي وعودة

إلى ذلك، تواصل الانقسام اللبناني حول الحرب والذي لم يقتصر على القوى السياسية. وقال البطريرك الماروني بشارة الراعي في قداس الأحد: «نحن في لبنان يجب ألّا ينزلق أحدٌ بوطننا إلى الحرب والقتل والدمار والتهجير والتشريد، من دون فائدة، ولقضايا لا دخل للبنانيّين عامّةً بها ولأهلنا في الجنوب اللبنانيّ». وأضاف: «رسالة لبنان أن يكون أرض سلام، ورائد سلام بحكم تكوينه وتنوّعه الثقافيّ والدينيّ، وبحكم تاريخه ونظامه السياسيّ وميثاق عيشه المشترك، وليدرك اللبنانيّون، مسؤولين وشعباً أنّ السلام ثمرة العدالة».

وفي السياق نفسه، حذر متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة من «خطورة اتساع الحرب على لبنان». وقال: «كلنا نعرف أننا أمام عدو شرس مجرم لا يردعه ضمير ولا إنسانية، فهل نضع أنفسنا في فم التنين؟ إذا كنا نعرف أن لبناننا لا يحتمل نتائج وحشية هذا العدو، وقد شهدنا ما حل بغزة مما أدمى القلوب، أليس من الحكمة منع انزلاق لبنان إلى ما يشبه ما حل هناك؟».

وأكد عودة أن «مصلحة لبنان وأبنائه تعلو على كل المصالح»، وسأل: «هل يجوز لفئة من اللبنانيين أن تقرر عن الجميع وتتفرد باتخاذ قرارات لم يتوافق عليها جميع اللبنانيين، ولا تناسب مصلحتهم؟ وهل تقبل هذه الفئة أن تبادر فئة أخرى من الشعب إلى اتخاذ مواقف أو القيام بأعمال تزج بالجميع في أتون صراعات يدفع الجميع ثمنها؟ أين الدولة من كل هذا؟». ودعا «جميع اللبنانيين» إلى التأمل ملياً في الوضع الذي وصلنا إليه والعودة سريعاً إلى كنف لبنان والعمل الحثيث على إنقاذه.

المطران إلياس عودة (الوكالة الوطنية)

«حزب الله» وقبلان

وفي المقابل، قال عضو كتلة «حزب الله» البرلمانية (الوفاء للمقاومة) النائب علي فياض في تصريح الأحد: «ما دام وجودنا مستهدفا وأرضنا محتلة وسيادتنا منتهكة، فإن حقنا في المقاومة لا نقاش فيه، وما دام الإسرائيلي يستهدف مدنيينا وقرانا وعمق المناطق اللبنانية فإن واجبنا هو الرد بهدف ردع العدو وكفّ يده وإعادة الأمن والاستقرار لقرانا ومناطقنا». وتابع: «لا نملك إلا خيار الدفاع عن أهلنا، فإذا تجاوز هذا العدو تجاوزنا وإذا أمعن أمعنا وإذا تمادى تمادينا وهذا حقنا الدفاعي الردعي لأن العدو هو المحتل وهو المعتدي ونحن من يُعتدى علينا».

من جانبه، قال المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان إن «سيادة لبنان بالأمس واليوم رهن بما يقرره أهل الجنوب بحسّهم الوطني والسيادي وهم أهل هذه الحرب وسادة ميادينها ودرع هذا البلد وسياج هذا الوطن وقرابينه»، مضيفاً في تصريح أن «ما تقوم به المقاومة على الجبهة الجنوبية للبنان ضرورة سيادية بحجم ضرورة المقاومة التي أنقذت لبنان ودولته ومؤسساته المختلفة من السيادة الصهيونية يوم تصهيَن لبنان». ورأى أن «السكوت جريمة، والحياد انحياز لصالح الصهيوني، والتنديد بأشرف وأهم جبهة قتال سيادي أخلاقي هدية مجانية للصهاينة وإضعاف علني لموقف لبنان».


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يلوّح باستهداف منصات الغاز في إسرائيل خلال «الحرب الشاملة»

المشرق العربي صورة سبق أن وزَّعها إعلام «حزب الله» لباخرة الحفر «إنرغين» قرب حقل «كاريش» بين لبنان وإسرائيل (أ.ف.ب)

«حزب الله» يلوّح باستهداف منصات الغاز في إسرائيل خلال «الحرب الشاملة»

عاد «حزب الله» ليهدد باستهداف حقول الغاز في إسرائيل في حال قررت الأخيرة توسعة الحرب على لبنان، بعدما بلغت الضغوط والتهديدات من قبل الطرفين مراحل غير مسبوقة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي صندوق النقد الدولي بدأ منذ هذا العام بحجب التوقعات والبيانات المالية الخاصة بلبنان (رويترز)

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

عزّزت ظاهرة حجب البيانات المالية الخاصة بلبنان من قبل المؤسسات المالية العالمية ووكالات التصنيف الائتماني الدولية منسوب الريبة من سياسة عدم الاكتراث الحكومية.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد في جنوب لبنان إثر قصف إسرائيلي استهدف المنطقة (رويترز)

إسرائيل تتوعّد بتغيير الواقع الأمني عند الحدود... و«حزب الله» مستعد للمواجهة

يواصل المسؤولون الإسرائيليون تهديداتهم، متوعدين «بتغيير الواقع الأمني على الجبهة الشمالية»، وفق الجنرال أوري غوردين، الذي قال: «إن الهجوم سيكون حاسماً وقاطعاً».

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي قائد الجيش العماد جوزاف عون (مديرية التوجيه)

باسيل يسعى لإسناد قيادة الجيش اللبناني بالوكالة للواء صعب

يسعى رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لإسناد قيادة الجيش اللبناني بالوكالة للواء بيار صعب مستبقاً التمديد للعماد جوزاف عون.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل (رويترز)

باسيل متردد بفصل نواب خشية تضعضع داخلي في «التيار»

لم يحسم رئيس «التيار الوطني الحر» قراره بشأن فصل النائب آلان عون محاولاً أن يستوعب استباقياً أي ردود فعل ستؤدي لتقلص إضافي بعدد نواب التكتل.

بولا أسطيح (بيروت)

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
TT

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)

في مسعى جديد لإقرار هدنة ثانية في قطاع غزة، وإنهاء الحرب المستمرة منذ 10 أشهر، يلتقي الوسطاء (قطر ومصر والولايات المتحدة)، في اجتماع رباعي، الأحد، بروما بمشاركة إسرائيلية، وسط مخاوف من «تجدد العراقيل الإسرائيلية». وأعد لـ«اجتماع روما الرباعي» خبراء ضمن زخم يتصاعد وحراك مكثف في مسار المفاوضات يشي بإمكانية أن يكون هناك جديد في مستقبل مفاوضات الهدنة.

ويتوقع الخبراء أن يكون اجتماع روما «إجرائياً» ويناقش «الخلافات» التي من بينها كيفية عودة النازحين وفتح معبر رفح الحدودي؛ لتنفيذ المرحلة الأولى من الهدنة الممتدة إلى 42 يوماً، من بين 3 مراحل تضمنها مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن، في مايو (أيار) الماضي، لوقف إطلاق النار في غزة.

ويجتمع الأحد مسؤولون من مصر وقطر والولايات المتحدة وإسرائيل في روما، في «إطار استمرار جهود الوسطاء للوصول لاتفاق هدنة بقطاع غزة»، حسب ما نقلت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية عن مصدر مصري وصفته بـ«رفيع المستوى». ويبحث الوفد الأمني المصري تطورات مفاوضات الهدنة في قطاع غزة، وفق المصدر ذاته، الذي أكد تمسك مصر بضرورة الوصول لصيغة تحمل 4 بنود؛ هي: «وقف فوري لإطلاق النار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وضمان حرية حركة المواطنين في القطاع، والانسحاب الكامل من منفذ رفح».

مشيعون يُصلّون على أشخاص قتلوا في غارة إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)

بلينكن والحراك المكثف

ذكر موقع «أكسيوس» الأميركي، نقلاً عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، أن «اجتماع روما» سيكون بمشاركة مدير وكالة المخابرات المركزية، ويليام بيرنز، ورئيس المخابرات المصرية، عباس كامل، ورئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ومدير الموساد، ديفيد بارنياع.

تلك التطورات تشي بـ«حراك مكثف» في طريق المفاوضات قد يؤدي إلى نتيجة، أو يعود إلى سلسلة جديدة من الجولات من دون الوصول لاتفاق، وسط استمرار الانتهاكات الإسرائيلية، وفق ما قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، لـ«الشرق الأوسط».

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، السبت، خلال اجتماع رابطة «آسيان» في فينتيان، إن واشنطن «تعمل يومياً بشكل حثيث» للوصول إلى اتفاق هدنة، بعد مطالبة الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال زيارته لواشنطن، تنفيذ الاتفاق في أقرب وقت ممكن ووقف الحرب، وذلك قبيل الإعلان عن عقد اجتماع بروما.

شكوك في النجاح

وإزاء توالي المواقف الأميركية الضاغطة بشكل أكبر، سواء من بايدن أو هاريس ثم اجتماع روما، يأمل الكثيرون أن يقود هذا الزخم الكبير، إلى اتفاق هدنة جديدة، شريطة أن تكون هناك رغبة إسرائيلية حقيقة في التوصل إلى اتفاق، وفق الخبير في العلاقات الدولية عمرو الشوبكي.

ولا يُتوقع أن يتضمن اجتماع روما «مفاوضات مفصلة حول الفجوات المتبقية، لكنه سيركز بشكل أساسي على الاستراتيجية للمضي قدمًا»، وفقاً لما نقله موقع «أكسيوس» عن مصدر مطلع. وقال المصدر «لم يكن المفاوضون الإسرائيليون متفائلين بأن الاجتماع في روما سيؤدي إلى انفراجة، وشككوا في أن ضغوط بايدن على نتنياهو قد أقنعته بتخفيف بعض مطالبه الصعبة الجديدة في الاقتراح الإسرائيلي المحدث»، في إشارة لما ذكره، الجمعة، مسؤول غربي ومصدر فلسطيني ومصدران مصريان لـ«رويترز» عن سعي إسرائيل إلى «إدخال تعديلات قد تعقّد التوصل إلى اتفاق».

وكانت أهم التعديلات، وفق حديث المصادر الأربعة، بند يتمثل في «مطالبة إسرائيلية بفحص النازحين الفلسطينيين لدى عودتهم إلى شمال القطاع، خشية أن يكون من بينهم مسلحون من حماس أو متعاطفون مع الحركة»، وهو ما ترفضه حماس. وبند آخر تمثل في «احتفاظ الجانب الإسرائيلي بالسيطرة على حدود غزة مع مصر»، وهو ما ترفضه القاهرة بوصفه «يتجاوز أي إطار لاتفاق نهائي ترضى به الأطراف».

فلسطينيون يجلسون بجوار مبنى دمره القصف الإسرائيلي على قطاع غزة في وقت سابق (أ.ب)

الانسحاب الكامل من غزة

ونقلت «وكالة الأنباء الألمانية» عن مصدر قيادي فلسطيني لم تسمه، السبت، أن «حماس» لا تزال على موقفها بضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة، بما فيه ممر نتساريم ومحور فيلادلفيا، وعدم قبول أي صيغة جديدة لا تتضمن نصاً واضحاً على وقف إطلاق النار.

وإذا لم يتجاوز اجتماع روما عقبات الحكومة الإسرائيلية وشروطها الجديدة، فإن عملية تفاوض ستكون صعبة جداً، وفق تقدير رخا أحمد حسن، متوقعاً ألا يتجاوب نتنياهو مع الموقف المصري - الذي سيضع مطالب القاهرة الـ4 على الطاولة في اجتماع روما - أملاً في إطالة أمد التفاوض لما بعد الانتخابات الأميركية الرئاسية، رغم أن إسرائيل حققت قدراً من أهدافها العسكرية، لكنها تريد المزيد على صعيد الجانب السياسي.

كما يتوقع أن يبحث اجتماع روما نقاط الخلاف في الاتفاق، مثل الانسحاب الإسرائيلي من داخل المدن، واستمرار إسرائيل في السيطرة على معبر رفح وتفتيش النازحين، ودور «حماس» بعد الحرب، بجانب نقاط فرعية مثل أعداد الأسرى.

نصب فلسطينيون خيماً بالقرب من الحدود المصرية بعد فرارهم من المعارك العنيفة في غزة (د.ب.أ)

ويعتقد عمرو الشوبكي أن «المطالب المصرية سوف تنفذ حال الوصول إلى اتفاق، كونها بعضا من كل، ودون ذلك سيماطل نتنياهو ويواصل كسب الوقت». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لكن هذه المرة الزخم كبير» نحو إقرار هدنة في غزة، وبالتالي فرصة إبرام اتفاق وتحقيق انفراجة قائمة، لكن «نتعامل معها بحذر» في ضوء تكرر تلك المؤشرات مع مسارات تفاوضية سابقة دون الوصول إلى صفقة جادة وحقيقية.