ماذا سيفعل غرق «روبيمار» في البحر الأحمر؟

سفينة الشحن «روبيمار» غرقت بعد أن تعرضت لهجوم صاروخي حوثي (إ.ب.أ)
سفينة الشحن «روبيمار» غرقت بعد أن تعرضت لهجوم صاروخي حوثي (إ.ب.أ)
TT

ماذا سيفعل غرق «روبيمار» في البحر الأحمر؟

سفينة الشحن «روبيمار» غرقت بعد أن تعرضت لهجوم صاروخي حوثي (إ.ب.أ)
سفينة الشحن «روبيمار» غرقت بعد أن تعرضت لهجوم صاروخي حوثي (إ.ب.أ)

غرقت سفينة الشحن «روبيمار» المسجلة في بريطانيا، السبت، بعد أسبوعين من تعرضها لهجوم من قبل الحوثيين في خليج عدن. وهذه هي السفينة الأولى التي يُغرقها المتمردون اليمنيون المتحالفون مع إيران منذ أن بدأوا عمليات استهداف السفن في البحر الأحمر. وكانت السفينة محمّلة بالأسمدة، ويقول الخبراء إن غرقها يهدد بحدوث «كارثة بيئية».

ودخلت الحكومة اليمنية في سباق مع الزمن، رغم الإمكانات المحدودة لمواجهة الكارثة البيئية الناتجة عن غرق السفينة، أملاً في انتشالها والحد من الآثار التي ستخلفها حمولتها على البيئة البحرية في البلاد ومحيطها.

صورة للسفينة «روبيمار» بعد غرقها في البحر الأحمر (رويترز)

ووفق وكالة «أسوشييتد برس» للأنباء، فإن صناعة صيد الأسماك، وبعض أكبر الشعاب المرجانية في العالم، ومحطات تحلية المياه الواقعة على البحر الأحمر التي تزود الملايين بمياه الشرب، كل ذلك معرَّض للضرر البالغ من خطر تسرب كميات كبيرة من الأسمدة والنفط إلى البحر نتيجة غرق السفينة.

وحتى قبل أن تغرق السفينة في أعماق المحيط، كان الوقود يتسرب منها؛ ما أدى إلى تسرب نفطي بطول 18 ميلاً (30 كيلومتراً) في الممر المائي بالغ الأهمية عالمياً لشحنات البضائع والطاقة.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني)، يستهدف المتمردون الحوثيون بشكل متكرر السفن في البحر الأحمر «بسبب الهجوم الإسرائيلي على غزة» وفق قولهم، رغم أنهم كثيراً ما يستهدفون سفناً لها روابط ضعيفة أو لا علاقة لها بإسرائيل من الأساس، وفقاً لـ«أسوشييتد برس».

صورة بالأقمار الاصطناعية للسفينة «روبيمار» قبل غرقها في البحر الأحمر (رويترز)

وقال إيان رالبي، مؤسس شركة الأمن البحري «I.R. Consilium» إن حجم الكارثة «لا يتعلق بحجم البضائع الخطيرة على متن السفينة بقدر ما يتعلق بالسمات الطبيعية الفريدة للبحر الأحمر وطبيعة استخدامه». وأضاف: «ما ينسكب في البحر الأحمر يبقى في البحر الأحمر... هناك كثير من الطرق التي يمكن أن يتسبب الضرر بها».

وما يزيد من المخاوف بشأن غرق السفينة «روبيمار» هو «أنماط المياه الدائرية الفريدة» في البحر الأحمر، التي تعمل في الأساس بوصفها بحيرة عملاقة، حيث تتحرك المياه شمالاً، نحو قناة السويس في مصر خلال فصل الشتاء، وخارجاً إلى خليج عدن في الصيف.

وذكر فيصل الثعلبي، رئيس الهيئة العامة للبيئة في اليمن، أنه بخصوص الإجراءات التي يمكن للجانب الحكومي القيام بها في ظل إمكانات محدودة، أنه بعد تلقي خبر غرق السفينة، جرى تشكيل خلية الأزمة خلال الأيام الماضية عملت على اتخاذ مجموعة من الإجراءات، ومتابعة مالك السفينة ودولة العلم الذي تحمله، مطالباً بضرورة العمل على سحب السفينة، لكنه أضاف بأسف أن «هذه الدعوات لم تلق استجابة من الجانبين».

وبدوره، ذكر رالبي الذي كان يحلل المخاطر التي تهدد البحر الأحمر، قضية ناقلة النفط «صافر»، وهي ناقلة متهالكة كانت راسية سنوات قبالة سواحل اليمن وعلى متنها أكثر من مليون برميل من النفط الخام، حتى نُقلت حمولتها بنجاح إلى سفينة أخرى العام الماضي في مهمة للأمم المتحدة.

وفي حين أن كمية النفط التي تسربت من السفينة «روبيمار» غير معروفة، إلا أن رالبي يقدّر أنها لا تتجاوز 7000 برميل، وفي حين أن هذا مجرد جزء بسيط من حمولة السفينة «صافر»، إلا أنها كمية من النفط أكبر كثيراً مما تسربت من سفينة «واكاشيو» المملوكة لليابان، والتي تحطمت بالقرب من موريشيوس عام 2020، ما تسبب في أضرار بملايين الدولارات، وألحق الضرر بسبل عيش الآلاف من الصيادين.

ومن الصعب استيعاب المخاطر الناجمة عن انتشار كمية الأسمدة التي تحملها «روبيمار» في المياه. وتعمل الأسمدة على تغذية تكاثر الطحالب، ونتيجة ذلك هو فقدان الأكسجين، واختناق الحياة البحرية، وإنشاء ما يُسمى بـ«المناطق الميتة».

وعلى الرغم من إمكانية التحكم في تداعيات غرق «روبيمار»، يخشى رالبي من أن يكون ذلك نذيراً لما هو أسوأ في المستقبل. وقال إن معظم سفن الحاويات أوقفت العبور في البحر الأحمر منذ أن بدأ الحوثيون هجماتهم. وأشار إلى أن ما تبقى هو السفن وناقلات النفط وناقلات البضائع السائبة التي لا تجري صيانتها بشكل جيد والتي تشكل مخاطر بيئية أكبر كثيراً.


مقالات ذات صلة

مصر ترفض وجود أي طرف «غير مشاطئ» بالبحر الأحمر

العالم العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الصومالي أحمد معلم فقي بالقاهرة (الخارجية المصرية)

مصر ترفض وجود أي طرف «غير مشاطئ» بالبحر الأحمر

تزامناً مع تأكيد دعمها وحدة الصومال وسيادته، أعلنت القاهرة رفضها وجود أي طرف «غير مشاطئ» في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)

الجيش الإسرائيلي يعترض صاروخاً تبنّاه الحوثيون باتجاه النقب

مجسم صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال حشد في صنعاء (إ.ب.أ)
مجسم صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال حشد في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي يعترض صاروخاً تبنّاه الحوثيون باتجاه النقب

مجسم صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال حشد في صنعاء (إ.ب.أ)
مجسم صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال حشد في صنعاء (إ.ب.أ)

تبنّى الحوثيون المدعومون من إيران قصف قاعدة جوية إسرائيلية في منطقة النقب، السبت، استمراراً لهجماتهم المتصاعدة خلال الأسبوع الماضي بشكل يومي، في وقت أفادت فيه وسائل إعلامهم باستقبال 4 غارات في محافظة حجة، وذلك غداة غارة ثالثة كانت استهدفت موقعاً لهم في صنعاء.

وفي حين لم تتحدث الجماعة عن خسائر هذه الضربات التي وصفتها بـ«الأميركية والبريطانية»، أعلن الجيش الإسرائيلي أن دفاعاته الجوية اعترضت في ساعة مبكرة من صباح السبت صاروخاً أُطلق من اليمن، وأسقطته قبل أن يصل إلى الأراضي الإسرائيلية.

وفيما دوت صفارات الإنذار في عشرات المدن الإسرائيلية، بما في ذلك منطقتي القدس والبحر الميت، زعم المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، في بيان متلفز، أن قوات جماعته قصفت قاعدة «نيفاتيم الجوية» الإسرائيلية في منطقة النقب بصاروخ باليستي، فرط صوتي، من نوع «فلسطين 2».

ومع ادعاء المتحدث الحوثي بأن الصاروخ أصاب هدفه، توعّد باستمرار الهجمات التي تقول الجماعة إنها تأتي لمساندة الفلسطينيين في غزة، بما في ذلك الهجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وهي المزاعم التي تنفيها الحكومة اليمنية، متهمة الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة والتهرب من استحقاقات السلام.

دخان يتصاعد في موقع خاضع للحوثيين في صنعاء جراء غارة غربية (أ.ف.ب)

في السياق نفسه، ذكرت وسائل إعلام الجماعة الحوثية أن غارتين وصفتهما بـ«الأميركية والبريطانية» استهدفتا، عصر السبت بتوقيت اليمن، منطقة بحيص، جنوب مديرية ميدي التابعة لمحافظة حجة الحدودية (شمال غربي).

وفي حين لم تذكر الجماعة أي تفاصيل على الفور بخصوص نتائج الغارتين، كانت قد اتهمت الولايات المتحدة وبريطانيا بشن غارة مساء الجمعة استهدفت في صنعاء المقر السابق لما يُسمى «الفرقة الأولى مدرع» في الجيش اليمني، وهي الضربة التي سمع دويها بشكل ضخم في كل مناطق المدينة، وفق السكان.

وتبنّت الجماعة الحوثية، الجمعة، مهاجمة إسرائيل بطائرة مسيّرة، وصاروخ باليستي فرط صوتي، وقصف سفينة شحن في البحر العربي، كما أعلنت استئناف عمل مطار صنعاء وميناء الحديدة، وذلك غداة ضربات إسرائيلية استهدفتهما، الخميس، الماضي مع محطتي كهرباء، وأدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة 46 آخرين.

يشار إلى أن الولايات المتحدة تقود تحالفاً منذ أكثر من عام سمّته «حارس الازدهار»، للحد من هجمات الحوثيين ضد السفن؛ حيث شنّت منذ 12 يناير (كانون الثاني) 2023 نحو 850 غارة منفردة، وأحياناً بالاشتراك مع بريطانيا، ضد مواقع الجماعة، لكن لم يفلح ذلك في القضاء على التهديد.

تصعيد بلا فاعلية

وأطلقت الجماعة الحوثية على امتداد 14 شهراً، مئات الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل، ولم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي، وكذا تضررت مدرسة بشكل كبير جراء انفجار رأس صاروخ في 19 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر، السبت الماضي، 21 ديسمبر.

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة؛ ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

حفرة أحدثها سقوط صاروخ حوثي في منطقة يافا جنوب تل أبيب (أ.ف.ب)

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات في 19 ديسمبر الحالي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي موجة رابعة من الضربات في 26 ديسمبر الحالي استهدفت تل أبيب لأول مرة مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.

وفي حين شهد الأسبوع الأخير شبه انتظام يومي في العمليات الحوثية باتجاه إسرائيل، تتصاعد مخاوف اليمنيين من أن تؤدي الضربات الانتقامية إلى أضرار فادحة بالبنية التحتية والمنشآت الحيوية، فضلاً عن الخسائر البشرية المتوقعة، خصوصاً مع التهديدات التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي، وقادته بتدمير «البنى التحتية»، الواقعة تحت سيطرة الجماعة.