باتيلي يحذر من «عواقب كارثية للمبادرات الفردية» في ليبيا

بعد اتفاق أعضاء بمجلسي النواب و«الدولة» على تشكيل «حكومة جديدة»

باتيلي وعقيلة صالح في لقاء سابق (البعثة الأممية إلى ليبيا)
باتيلي وعقيلة صالح في لقاء سابق (البعثة الأممية إلى ليبيا)
TT

باتيلي يحذر من «عواقب كارثية للمبادرات الفردية» في ليبيا

باتيلي وعقيلة صالح في لقاء سابق (البعثة الأممية إلى ليبيا)
باتيلي وعقيلة صالح في لقاء سابق (البعثة الأممية إلى ليبيا)

وجّه المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، رسالة إلى أعضاء بمجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا، وقال إن «التاريخ الحديث لبلدكم علّمنا دروساً بليغة حول العواقب الكارثية للمبادرات الأحادية، التي تهدف إلى إنشاء مؤسسات جديدة فقط، دون تعاون وموافقة جميع الأطراف المعنية».

وكان 120 نائباً وعضواً في البرلمان و«المجلس الأعلى» قد اتفقوا عقب اجتماع موسع لهم في تونس يومي الأربعاء والخميس الماضيين، على 8 بنود، من بينها تشكيل «حكومة وطنية جديدة»، تعمل على إنجاز الاستحقاق الانتخابي، كما نصّت المادتان «86» و«90» من القوانين الانتخابية.

وخاطب باتيلي الأعضاء، في رسالة نشرتها وسائل إعلام محلية، قائلاً: «إن اجتماعكم ليس بديلاً عن حوار أوسع بمشاركة أكبر، وجدول أعمال أكثر شمولاً»، مشدداً على أنه لن يدعم أبداً أي مسار عمل «من شأنه أن يؤدي إلى مزيد الخسائر في الأرواح في ليبيا». ومؤكداً أن «المبادرات الأحادية أدت إلى فوضى لا توصف، وخسائر مأساوية في الأرواح»، ودعا إلى ضرورة التعهد بـ«عدم تكرار مثل هذا السيناريو في المستقبل».

كما رأى باتيلي أنه «لا يمكن تحقيق التقدم من خلال فرض واقع مؤسسي جديد، بل إن الأمر يستلزم مفاوضات حقيقية، وتسوية سياسية تشمل جميع الأطراف الرئيسية»، داعياً الأطراف المؤسسية الرئيسية إلى المشاركة في الحوار «بحسن نية ودون شروط مسبقة».

محمد تكالة رئيس المجلس الأعلى للدولة (إ.ب.أ)

ويسعى باتيلي لإحداث اختراق في ملف الانتخابات المُعطّلة، من خلال دعوة أطراف الصراع الرئيسيين في ليبيا، أو ما أطلق عليهم «الخمسة الكبار»، للتحاور على النقاط الخلافية حول الانتخابات المؤجلة، وهم القائد العام لـ«الجيش الوطني» خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، بالإضافة إلى محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، وعبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، إلى جانب محمد تكالة رئيس المجلس الأعلى للدولة.

ويرى متابعون أن اجتماع أعضاء مجلسي النواب و«الدولة» في تونس يمثل تهديداً لتحركات المبعوث الأممي، الذي طالبهم في رسالته مساء أمس (الخميس) بـ«معالجة جميع القضايا الخلافية، التي حالت دون إجراء الانتخابات في عام 2021» بدلاً من «التركيز على مسألة واحدة فقط على حساب مسائل أخرى لا تقل أهمية».

كما اتفق الأعضاء على تجديد الالتزام بالقوانين الانتخابية رقم «27» و«28» لسنة 2023، المنجزة عبر لجنة «6+6»، والصادرة عن مجلس النواب. بالإضافة إلى دعوة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات إلى الشروع في تنفيذ القوانين الانتخابية، ومطالبتها بإعلان موعد إجراء الانتخابات. مشددين على ضرورة وضع ضوابط وتشريعات مُلزمة للحكومة المقبلة، بما يضمن محاربة المركزية، ودعم الوحدات المحلية، ووصول المخصصات مباشرة للبلديات والمحافظات، وتشكيل لجنة متابعة من أعضاء المجلسين، تتولى التواصل المحلي والدولي بهدف تنفيذ المخرجات المتوافق عليها، على أن تقدم اللجنة تقريرها الأول لأعضاء المجلسين خلال شهر. وانتهى الأعضاء إلى تكليف اللجنة بالتحضير للاجتماع الموسع الثاني لأعضاء المجلسين.

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية (الوحدة)

وكانت وسائل إعلام تونسيّة قد تحدّثت عن إلغاء تونس الاجتماع، الذي كان سيعقد على أراضيها بين أعضاء مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» الليبيين، وأعضاء من اللجنة المشتركة (6+6) لبحث ملف تشكيل حكومة، تُنهي الخلاف بين حكومة الوحدة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والحكومة المكلّفة من البرلمان، برئاسة أسامة حمّاد.

وقال فتح الله السريري، عضو المجلس الأعلى للدولة، إن إلغاء الاجتماع الذي كان مقرراً في تونس «لم يؤثر على مخرجاته»، مبرزاً أن النتائج التي كانت مرجوّة منه «تحققت بالفعل»، بحسب وصفه.

ورحّبت قوى سياسية كثيرة بنتائج الاجتماع، لكن ذلك لم يمنع محمد الرعيض، عضو مجلس النواب، من القول: «لقد حاولنا مراراً وتكراراً صياغة اتفاق حقيقي بين أعضاء مجلس النواب أولاً، وبين (النواب) و(الأعلى للدولة) ثانياً، ونادينا دوماً بتجنب ما يزيد من انقسام المؤسسات، لكن للأسف لم يتأتَّ ذلك».

وزاد الرعيض، في تصريح صحافي نشره عبر صفحته موضحاً: «ما نراه اليوم من محاولة لتمرير ما يشبه الصفقة، تحت مسمى اتفاق سياسي، ما هو إلا إخفاق جديد يضاف لما سبقه»، مضيفاً أنها «محاولة تخدم الطامعين والواهمين في السلطة، العابثين بالوطن، لأنها لن تؤدي سوى إلى إضافة جسم جديد مشوه وعاجز، وتمنح عمراً آخر لمرحلة انتقالية لا يريدون لها أن تنتهي».

الكوني في نيروبي مع المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس غيبريسوس (المجلس الرئاسي)

وانتهى الرعيض إلى أن «الاتفاق الحقيقي هو الذهاب لموعد محدد للانتخابات بقوانين عادلة، وما عاداها لا يعدو كونه صفقات خاسرة لم تبن ولن تبني وطناً؛ فقد سئم المواطنون من هذه المراحل، وأي اتفاق يُبنى على مرحلة انتقالية جديدة ما هو إلا سراب يحسبه الظمآن ماء».

في شأن آخر، التقى النائب بالمجلس الرئاسي، موسى الكوني، في نيروبي، اليوم (الجمعة)، رئيس وزراء مملكة سواتيني، راسو ميسو دلاميني، الذي أكد على أهمية تطوير علاقات التعاون مع ليبيا في كل المجالات.

ونقل المجلس الرئاسي أن الكوني أكد على عمق العلاقات التي تربط ليبيا ومملكة سواتيني، والعمل على تطويرها، بما يخدم مصلحة ليبيا والمملكة، لافتاً إلى أن الكوني التقى أيضاً المدير العام لمنظمة الصحة العالمية في العاصمة الكينية نيروبي.


مقالات ذات صلة

ليبيا: خوري تسارع لتفعيل مبادرتها وسط صراع على ديوان المحاسبة

شمال افريقيا جانب من اجتماع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» في روما الخميس (البعثة الأوروبية)

ليبيا: خوري تسارع لتفعيل مبادرتها وسط صراع على ديوان المحاسبة

تسعى المبعوثة الأممية بالإنابة في ليبيا ستيفاني خوري إلى جمع الأفرقاء السياسيين على «المبادرة» التي أطلقتها أمام مجلس الأمن الدولي منتصف الأسبوع الماضي.

جمال جوهر (القاهرة)
تحليل إخباري بلقاسم حفتر ملتقياً القائم بالأعمال الأميركي (السفارة الأميركية)

تحليل إخباري لماذا تَكثّفَ الحراك الدبلوماسي الأميركي في بنغازي؟

تتخذ مباحثات المبعوث الأميركي الخاص السفير ريتشارد نورلاند، والقائم بالأعمال برنت جيرمي، طابعاً دورياً مع الأفرقاء الليبيين، إلا أن هذه المرة لها وقع مختلف.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي (وسط) مع المدعي العام لدى المحكمة العليا الإيطالية (مكتب الصور)

قصة 5 ليبيين حُكم عليهم بالسجن 30 عاماً بإيطاليا

كانت محكمة إيطالية قضت عام 2015 بالسجن 30 عاماً على خمسة لاعبين ليبيين بتهمة «الاتجار بالبشر»، ومنذ ذاك التاريخ وهم قيد الحبس إلى أن تحركت السلطات الليبية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من اجتماع أعضاء مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في مدينة بوزنيقة المغربية (رويترز)

«إزاحة» المنفي والدبيبة... محاولة ليبية على وقع انقسام سياسي

تجاهلت سلطات العاصمة الليبية التعليق على اتفاق بين ممثلين لمجلسي النواب و«الدولة» في المغرب يقضي بإزاحتها من الحكم، وسط ترحيب من جبهة شرق البلاد.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة (الوحدة)

الدبيبة: لدينا مخاوف من تحول ليبيا إلى ساحة قتال بين الدول

أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة، اليوم الخميس، عدم السماح بدخول أي قوات أجنبية لليبيا «إلا باتفاقات رسمية وضمن إطار التدريب».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

العاهل المغربي يبحث مع الرئيس الموريتاني «قضايا استراتيجية»

العاهل المغربي محمد السادس يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني بالقصر الملكي في الدار البيضاء (ماب)
العاهل المغربي محمد السادس يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني بالقصر الملكي في الدار البيضاء (ماب)
TT

العاهل المغربي يبحث مع الرئيس الموريتاني «قضايا استراتيجية»

العاهل المغربي محمد السادس يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني بالقصر الملكي في الدار البيضاء (ماب)
العاهل المغربي محمد السادس يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني بالقصر الملكي في الدار البيضاء (ماب)

قالت مصادر رسمية، مساء الجمعة، إن العاهل المغربي محمد السادس استقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، بالقصر الملكي في الدار البيضاء. موضحة أن محادثاتهما تركَّزت على أنبوب الغاز الأفريقي - الأطلسي، ومبادرة تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي.

وأفادت «وكالة المغرب العربي» للأنباء بأن هذا اللقاء يندرج أيضاً في إطار «علاقات الثقة والتعاون القوية»، والشراكة بين البلدين.

وكان العاهل المغربي قد أطلق في خطاب سابق العام الماضي مبادرة دولية، تهدف إلى «تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي».

وقال: «إن المغرب مستعد لوضع بناه التحتية الطرقية والمينائية والسكك الحديدية رهن إشارة هذه الدول الشقيقة»، لدعم هذه المبادرة. كما ترتبط البلاد بمشروع أنبوب الغاز المغرب - نيجيريا، الذي يهدف إلى بناء خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي من نيجيريا، مروراً بدول غرب أفريقيا، وصولاً إلى المغرب.

وكان العاهل المغربي قد أكد أمام البرلمان في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي «أهمية المشاريع الكبرى، التي تُعزز التكامل الإقليمي بين المغرب والدول الأفريقية، وفي مقدمتها مشروع أنبوب الغاز، الذي يربط بين نيجيريا والمغرب»، أو ما أصبح يُطلق عليه «خط أنابيب الغاز الطبيعي الأفريقي - الأطلسي».

وقال العاهل المغربي إن ذلك «ليس مجرد شريان اقتصادي للطاقة، بل يعد جسراً استراتيجياً للتعاون الأفريقي، يُعزز التنمية المشتركة، ويخدم مصالح عدة دول أفريقية».

مباحثات العاهل المغربي والرئيس الموريتاني ركزت على ملف الغاز الأفرو-أطلسي ومبادرة تسهيل ولوج دول الساحل المحيط الأطلسي (ماب)

وثمّن الرئيس الموريتاني والعاهل المغربي «التطور الإيجابي الذي تعرفه الشراكة المغربية - الموريتانية في جميع المجالات». في حين قال الديوان الملكي في بلاغه إن اللقاء يندرج في إطار علاقات الثقة والتعاون القوية بين البلدين، وأواصر الأخوة الصادقة بين الشعبين الشقيقين.

ووصل ولد الغزواني إلى المغرب في زيارة خاصة، وذلك لمتابعة الوضعية الصحية لحرمه مريم بنت الداه، التي أجرت عملية جراحية في المستشفى العسكري بالرباط، ووصفت حالتها الصحية في بيان صادر عن المكتب الإعلامي للرئاسة بأنها «في تحسن مستمر».

ورغم طابعها الخاص المُعلن، تعد هذه الزيارة هي الأولى من نوعها لرئيس موريتاني في السلطة إلى المغرب، منذ نحو عقدين ونصف العقد.

ووفق وسائل إعلام مغربية، فقد أكد الجانبان حرصهما على تطوير مشاريع استراتيجية للربط بين البلدين، وكذا تنسيق إسهاماتهما في إطار المبادرات الملكية بأفريقيا، خصوصاً أنبوب الغاز الإفريقي - الأطلسي.

تأتي هذه الزيارة بعد أقل من أسبوعين من زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى موريتانيا؛ حيث ناقش مع الرئيس الغزواني سُبل تعزيز علاقات التعاون المشترك، إضافة لبعض المواضيع ذات الصلة.