مقتل معارض بارز يشعل فتيل العنف السياسي في تشاد

قُتل على يد قوات حكومية... وحديث عن انشقاقات داخل نظام الحكم

يايا ديلو زعيم «الحزب الاشتراكي بلا حدود» المعارض (أرشيفية - أ.ف.ب)
يايا ديلو زعيم «الحزب الاشتراكي بلا حدود» المعارض (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

مقتل معارض بارز يشعل فتيل العنف السياسي في تشاد

يايا ديلو زعيم «الحزب الاشتراكي بلا حدود» المعارض (أرشيفية - أ.ف.ب)
يايا ديلو زعيم «الحزب الاشتراكي بلا حدود» المعارض (أرشيفية - أ.ف.ب)

أكدت الحكومة التشادية، اليوم (الخميس)، مقتل المعارض البارز يايا ديلو، رئيس الحزب الاشتراكي بلا حدود، خلال اقتحام قوة عسكرية، الأربعاء، لمقر الحزب في العاصمة نجامينا، في سلسلة أحداث مأساوية اندلعت عقب إعلان موعد الانتخابات الرئاسية في البلد الذي يعيش تحت حكم عسكري انتقالي منذ أكثر من ثلاث سنوات.

يعتقد مراقبون أن النظام الحاكم له يد في مقتل ديلو خاصة بعد تصريحات نسبتها مصادر رسمية تشادية إلى الرئيس الانتقالي الجنرال محمد ديبي (أ.ف.ب)

ولكن هذه الأحداث تثير الشكوك حول قدرة تشاد على تنظيم الانتخابات الرئاسية في الموعد المعلن عنه، أي يوم 6 مايو (أيار) المقبل، بسبب حالة الاحتقان السياسي والخلافات التي برزت بقوة ما بين أركان الطبقة السياسية الحاكمة، وهذه الخلافات امتدت داخل قبيلة «الزغاوة» وأسرة ديبي التي تحكم تشاد منذ أكثر من ثلاثة عقود.

تأكيد رسمي

في أول تعليق رسمي من الحكومة التشادية على الأحداث، أكد وزير الاتصالات عبد الرحمن كلام الله، في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مقتل يايا ديلو، ولكنه حاول تبرير ذلك بالقول إنه «لجأ إلى مقر حزبه. لم يكن يريد الاستسلام وأطلق النار على قوات حفظ النظام».

شوارع العاصمة نجامينا كما بدت أمس (أ.ف.ب)

وكان الوزير المتحدث باسم الحكومة، يشير إلى أن ديلو لجأ إلى مقر حزبه، بعد أن وجهت إليه تهمة قيادة هجوم استهدف مكاتب جهاز الأمن الداخلي، ليل الثلاثاء - الأربعاء، وهو الهجوم الذي ما تزال حيثياته غامضة، وقتل فيه عدة أشخاص.

كما اتهم «الحزب الاشتراكي بلا حدود» بأنه حاول اغتيال رئيس المحكمة العليا، حتى إن السلطات التشادية اعتقلت أحد قيادات الحزب، مشيرة إلى أنه هو من يقف خلف هذه المحاولة، وهو ما نفاه ديلو بشدة قبل مقتله، وقال في تصريحات صحافية إنه لا علاقة له بهذه الحوادث، واصفاً كل ذلك بأنه «كذبة مدفوعة سياسياً».

صورة أرشيفية لقوات أمنية تجوب شوارع العاصمة (رويترز)

اغتيال سياسي

يزداد الوضعُ تعقيداً في تشاد، إذ إن معارضين وناشطين مدنيين يعتقدون أن النظام الحاكم له يد في مقتل ديلو، خاصة بعد تصريحات نسبتها مصادر رسمية تشادية إلى الرئيس الانتقالي الجنرال محمد ديبي، يطلب فيها اعتقال جميع المتورطين في الهجوم على مكاتب الأمن الداخلي «أحياء أو أمواتاً».

وكان ديلو يوصف بأنه المرشح الأكثر قدرة على منافسة ديبي في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وله شعبية لا بأس بها، ويتمتع بشبكة علاقات اجتماعية قوية، وهو ابن عمة محمد ديبي، وانضم إلى حزبه المعارض قبل أسبوعين فقط صالح ديبي، عم الرئيس، أي أنه رجلٌ قريب جداً من عائلة ديبي التي تحكم تشاد منذ مطلع تسعينات القرن الماضي.

شوارع العاصمة نجامينا كما بدت أمس (أ.ف.ب)

وتنتشر في تشاد إشاعات حول مقتل عم الرئيس صالح ديبي، خلال مواجهات اندلعت عندما حاصرت قوات الأمن منزله في العاصمة نجامينا، ولكنها ما تزال مجرد إشاعات لم يتم تأكيدها من مصادر رسمية أو عائلية.

وتعيد هذه الأحداث، وخاصة مقتل يايا ديلو، إلى الأذهان الأحداث التي قتلت فيه والدته، وهي عمة الرئيس الحالي لتشاد، حين حاصرت قوة عسكرية في اليوم نفسه قبل ثلاث سنوات (28 فبراير 2021) منزل ديلو بأوامر من الرئيس السابق إدريس ديبي، وحين وقع تبادل لإطلاق النار قتلت والدة ديلو، وهي أخت إدريس ديبي.

وبعد أقل من شهرين، وتحديداً يوم 21 أبريل (نيسان) 2021، قتل إدريس ديبي خلال معركة ضد متمردين قادمين من جنوب لبيبا للإطاحة بنظامه، حسب ما تؤكد الرواية الرسمية، ولكن شكوكاً كثيرة ما تزال تحيط بالظروف التي قتل فيها.

تحقيق وشكوك

لدى تشاد تاريخ طويل من الاغتيالات السياسية، التي يطويها النسيان دون أن يحقق في ملابساتها، إلا أن مقتل المعارض يايا ديلو خلّف صدمة كبيرة في البلاد، حيث وصفته الصحافة المحلية بأنه «مأساة هزت البلد».

وكتبت صحيفة «الوحدة التشادية» أن «الأحداث التي قتل فيها (يايا ديلو) خلفت حزناً عميقاً، وشعوراً بعدم الفهم لدى جميع مواطني تشاد»، قبل أن تنقل تعزية نشرها الوزير الأول عبر صحفته على «فيسبوك»، موجهة إلى عائلته البيولوجية والسياسية.

وكان الوزير الأول قد ختم تعزيته بدعاء أن «يحفظ الله تشاد»، وهو ما عدّته الصحيفة كاشفاً عن خطورة الأحداث، وأضافت أن مقتل ديلو «خسارة لعائلته وللوطن عموماً»، ووصفته بأنه «وجه سياسي يحظى بالاحترام، وساهم في تنمية تشاد، وكان يعد زعيماً له نفوذ في مجاله».

وقالت الصحيفة إن الظروف التي أحاطت بمقتله ما تزال غامضة، ومحل تحقيق يجري حالياً، ولكنها رغم كل ذلك تطرحُ أسئلة حول مدى الاستقرار السياسي للبلد، وحول احترام حقوق الإنسان الأساسية. وقالت الصحيفة إن الحكومة التشادية «ملزمة بأن تثبت أقصى قدر من الشفافية في هذه القضية، حتى تقضي على كل الشكوك الشرعية التي يثيرها المواطنون».

مخاوف الانزلاق

إن الأحداث التي تعيشها تشاد منذ أكثر من ثلاث سنوات، وتسارعت وتيرتها خلال الأيام الأخيرة، تشكل منعرجاً مهماً في تاريخ البلد، خاصة أنه لم يتبق سوى شهرين فقط على موعد انتخابات رئاسية، يراد منها أن تعيد الوضع الدستوري. كما سبق أن انتهت البلاد من صياغة دستور في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بعد أشهر طويلة من النقاش والحوار.

شباب تخرجوا قبل 10 سنوات إلا أنهم لم يجدوا وظائف بعد (أ.ف.ب)

ورغم أن الجنرال محمد ديبي (39 عاماً)، الذي يحكم تشاد منذ مقتل والده قبل ثلاث سنوات، وعد في البداية بأنه سيدير مرحلة انتقالية لن تزيد على 18 شهراً، ثم عاد وزادها عامين إضافيين بحجة التحضير للانتخابات.

ورغم بعض مطالب المعارضة التي دعته إلى الإشراف على تنظيم الانتخابات الرئاسية دون الترشح لها، فإن الحزب الحاكم اختاره يناير (كانون الثاني) الماضي مرشحاً للانتخابات الرئاسية، بل إن الدستور الجديد خفض سن الترشح من 40 عاماً إلى 35 فقط، من أجل أن يتيح له إمكانية الترشح.

ويخشى مراقبون من انزلاق الأوضاع في تشاد، وهي المحاطة بمناطق حروب ملتهبة، خاصة في الشرق حيث السودان الذي يرزح منذ أشهر تحت واحدة من أبشع الحروب وأكثرها قسوة، بالإضافة إلى ليبيا المضطربة في الشمال، والنيجر ونيجيريا، حيث داعش وبوكو حرام في الغرب، ثم جمهورية أفريقيا الوسطى المنهارة في الجنوب.


مقالات ذات صلة

أزمة شرق الكونغو... «اتفاق سلام» في واشنطن «لا يخلو من عثرات»

تحليل إخباري الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)

أزمة شرق الكونغو... «اتفاق سلام» في واشنطن «لا يخلو من عثرات»

وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيسا رواندا بول كاغامي، والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، في واشنطن، الخميس، اتفاقاً يعزز فرص السلام

محمد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)

تصاعد التوتر المصري - الإثيوبي في النزاع المائي

صعّدت إثيوبيا لهجتها ضد مصر على خلفية نزاع «سد النهضة» متهمة إياها بالسعي إلى «احتكار نهر النيل» استناداً لاتفاقيات أُبرمت خلال «حقبة استعمارية».

أحمد جمال (القاهرة)
أفريقيا وزير الدفاع الجديد في نيجيريا الفريق كريستوفر موسى (الوكالة الرسمية)

نيجيريا تعين وزير دفاع جديداً وتعيد هيكلة منظومتها الأمنية «المتعثرة»

 اتخذت نيجيريا خطوات لإعادة هيكلة منظومتها الأمنية وعينت وزير دفاع جديداً أملاً في التصدي لخطر «الإرهاب» كما اتخذت قرارات تشدد الرقابة على حيازة السلاح.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا الفريق المتقاعد كريستوفر موسى المرشح لتولي منصب وزير الدفاع الجديد في نيجيريا (إعلام محلي)

نيجيريا: مَن وزير الدفاع الجديد الذي اقترحه الرئيس على مجلس الشيوخ؟

اقترح الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو تعيين رئيس هيئة الأركان السابق، الفريق المتقاعد كريستوفر موسى، لتولي منصب وزير الدفاع الجديد، وسط تحديات أمنية جسام.

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا جانب من أشغال الاجتماع الأفريقي رفيع المستوى في وهران بغرب الجزائر الاثنين (الخارجية الجزائرية)

قلق أفريقي متزايد من تصاعد الانقلابات وتهديدات الإرهاب

عبّر وزراء خارجية عدد من الدول الأفريقية، ومسؤولون في الاتحاد الأفريقي، خلال اجتماع في الجزائر، عن قلق من تزايد الانقلابات في القارة وتهديدات الإرهاب.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
TT

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

احتدم القتال في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية اليوم (الجمعة)، بعد يوم واحد من استضافة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لزعيمي الكونغو ورواندا في واشنطن لتوقيع اتفاقات جديدة تهدف إلى إنهاء سنوات من الصراع في منطقة غنية بالمعادن، حسب ما نشرت «رويترز».

وأكد الرئيس الرواندي بول كاغامي، ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، أمس الخميس، التزامهما باتفاق السلام الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في يونيو (حزيران) لتوطيد الاستقرار، وفتح الباب أيضاً أمام المزيد من الاستثمارات الغربية في مجال التعدين.

وقال ترمب، الذي تدخلت إدارته في سلسلة من النزاعات حول العالم لتعزيز صورته صانعاً للسلام، وكذلك لتعزيز المصالح التجارية الأميركية: «إننا نضع حلاً لحرب دائرة منذ عقود».

ولكن على أرض الواقع، استمر القتال العنيف مع تبادل الاتهامات بين الأطراف المتحاربة.

وقالت حركة «23 مارس» المدعومة من رواندا، التي استولت على أكبر مدينتين في شرق الكونغو في وقت سابق من هذا العام، وغير ملزمة باتفاق واشنطن، إن القوات الموالية للحكومة تشن هجمات واسعة النطاق.

ومن ناحيته، قال متحدث باسم جيش الكونغو الديمقراطية إن الاشتباكات مستمرة، وإن القوات الرواندية تشن هجمات قصف.

ويقول محللون إن الجهود الدبلوماسية الأميركية أوقفت تصعيد القتال في شرق الكونغو لكنها فشلت في حل القضايا الجوهرية، مشيرين إلى عدم وفاء الكونغو ورواندا بالتعهدات التي قطعها الجانبان في اتفاق يونيو (حزيران).

وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على الإنترنت الجمعة عشرات العائلات النازحة وهي تفر سيراً على الأقدام مع أخذ الأمتعة والماشية في إقليم جنوب كيفو بشرق الكونغو.

اقرأ أيضاً


بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
TT

بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

قررت السلطات العسكرية في بوركينا فاسو، الخميس، إعادة العمل بعقوبة الإعدام التي أُلغيت عام 2018، خصوصاً فيما يتعلق بتهمة الإرهاب والخيانة العظمى والتجسس، في وقت يعيش فيه البلد تصاعداً في الهجمات الإرهابية التي تنفذها مجموعة مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش».

وأُعلن القرار في بيان صادر عقب اجتماع مجلس الوزراء، وقالت الحكومة إنها صدّقت على «مشروع قانون العقوبات»، الذي يحدد عقوبات صارمة تجاه عدد كبير من الجرائم والجنايات، ذات الطابع الأمني والاقتصادي والسياسي.

وأضافت الحكومة موضحة أن مشروع القانون «يُعيد العمل بعقوبة الإعدام لعدد من الجرائم، من بينها الخيانة العظمى، والأعمال الإرهابية، وأعمال التجسس، وغيرها».

وقال وزير العدل وحقوق الإنسان، إداسو رودريغ بايالا، في بيان الحكومة، إن اعتماد هذا المشروع «يندرج ضمن الإصلاحات الواسعة التي يشهدها القطاع، بهدف تحقيق عدالة تلبي التطلعات العميقة للشعب».

كما يتضمن مشروع القانون الجديد تجريم «الترويج والممارسات المثلية والأفعال المرتبطة بها»، وفق ما أعلنته الحكومة، علماً بأنه سبق أن اعتمدت بوركينا فاسو في سبتمبر (أيلول) الماضي قانوناً يستهدف «مرتكبي الممارسات المثلية» بعقوبات تصل إلى خمس سنوات سجناً.

غرامات وأعمال مفيدة

أوضح الوزير رودريغ بايالا أن مشروع القانون اعتمد «العمل للمصلحة العامة» بوصفه عقوبة رئيسية، وهو ما يعني إحلال عقوبة تقوم على إلزام الشخص المحكوم عليه بأداء أعمال مفيدة للمجتمع، تحت إشراف السلطات، ووفق ضوابط قانونية محددة، محل بعض العقوبات التقليدية، مثل السجن أو الغرامة.

في غضون ذلك، شهدت الغرامات المالية المرتبطة بجميع المخالفات، سواء الجنح أو الجرائم، زيادة ملحوظة في مشروع القانون الجديد؛ إذ ارتفع الحد الأدنى للغرامة من 250 ألف فرنك أفريقي (450 دولاراً أميركياً) إلى 500 ألف فرنك أفريقي (900 دولار أميركي).

لقطة من فيديو لمعسكر تدريب لمقاتلي «القاعدة» في بوركينا فاسو (تواصل اجتماعي)

وأشار الوزير إلى أن العقوبات المتعلقة بسلامة المرور «رُفعت بشكل خاص، لأننا لاحظنا أن 90 إلى 95 في المائة من حوادث السير التي تفجع الأسر البوركينابية سببها المستخدمون أنفسهم»، على حد تعبيره.

وحول الجرائم الاقتصادية، مثل الاختلاس وأعمال الفساد، يمكن أن تصل العقوبات إلى السجن المؤبد عندما تتجاوز قيمة الأموال المختلسة، أو موضوع الجريمة، 5 مليارات فرنك أفريقي (نحو 9 ملايين دولار أميركي)، حسب الوزير.

في انتظار قرار البرلمان

من أجل أن يصبح مشروع القانون الجديد ساري المفعول، لا بد من موافقة الجمعية التشريعية الانتقالية التي أنشأتها السلطة العسكرية، بوصفها بديلاً للبرلمان الذي تم حله في أعقاب الانقلاب العسكري.

ويتوقع المراقبون أن مشروع القانون الجديد لن يجد أي مشكلة أمام الجمعية التشريعية الانتقالية، حيث تتماهى هذه الجمعية مع سياسات الحكومة، ولم يسبق أن رفضت أي قانون مقترح من طرف السلطة التنفيذية.

وحسب منظمة العفو الدولية، فإن آخر تنفيذ لعقوبة الإعدام في بوركينا فاسو كان عام 1988، خلال حكم الرئيس الأسبق توماس سانكارا، وهو أيقونة التحرر الأفريقي، ويتخذ منه الرئيس الحالي إبراهيم تراوري نموذجاً.

لكن عقوبة الإعدام أُلغيت في بوركينا فاسو منذ عام 2018، في عهد الحكومة المدنية برئاسة روش مارك كريستيان كابوري الذي أُطيح به في انقلاب عسكري عام 2021، ويحكم البلاد منذ 2022 الكابتن إبراهيم تراوري، ومنذ وصوله إلى السلطة، انتهج تراوري سياسات مناهضة للغرب، وابتعد عن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، في الوقت الذي عزز فيه علاقاته مع روسيا.

توسع الإرهاب

رغم التحالف مع روسيا وإعادة هيكلة الجيش في بوركينا فاسو، لا يزال الإرهاب يتوسع في البلاد، حيث تشير تقارير إلى أن الجماعات الإرهابية تسيطر على أكثر من 40 في المائة من مساحة البلد الواقع في غرب أفريقيا.

وكثفت «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، التابعة لتنظيم «القاعدة»، هجماتها في شمال وشرق بوركينا فاسو خلال الأسابيع الأخيرة، وأعلنت، الخميس، أنها سيطرت على ثكنة عسكرية في قرية باكاسولوغو، في ولاية كايا، الواقعة في الوسط الشرقي من بوركينا فاسو.

كما نشرت الجماعة الإرهابية مقطع فيديو دعائياً، الجمعة، يظهر معسكر تدريب لمقاتليه في بوركينا فاسو، ويكشف الفيديو عن وجود مئات المقاتلين في المعسكر، يرتدون ملابس شبه عسكرية، ويقومون بحركات قتالية.


النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
TT

النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)

اتهمت النيجر شركة «أورانو» الفرنسية للوقود النووي بـ«السلوك الاستغلالي» وارتكاب جرائم بيئية، في تصعيد جديد لنزاع محتدم حول السيطرة على مناجم اليورانيوم في الدولة الواقعة بغرب أفريقيا.

وذكرت الحكومة التي يقودها الجيش أن شركة «أورانو» يمكن أن تواجه إجراءات جنائية بتهمة ارتكاب «جرائم جماعية» بعد أن أفادت السلطات بالعثور على 400 برميل من المواد الأساسية المشعة في منطقة ماداويلة بالقرب من منطقة أرليت.

وقالت شركة «أورانو»، المملوكة بنسبة 90 بالمائة للدولة الفرنسية، إنها لم تتلقَّ أي إشعار رسمي بالإجراءات القانونية، ونفت العمل في منطقة ماداويلة.

وأضافت الشركة، في رد مكتوب على أسئلة وكالة «رويترز»، «(أورانو) لا تملك رخصة تشغيل لموقع ماداويلة، ولم تقم بأي عمليات هناك».

وقال وزير العدل أليو داوودا إن الإشعاع في المنطقة تجاوز المعدلات الطبيعية بشكل كبير؛ إذ بلغ نحو سبعة إلى عشرة ميكروسيفرت في الساعة، مقارنة بالمعدل المعتاد البالغ 0.5 ميكروسيفرت. ووجدت الفحوص مادتين مرتبطتين بمشاكل تنفسية يمكن أن تشكل ضرراً على صحة الناس.

يأتي هذا الخلاف عقب تأميم النيجر منجم «سومير» في يونيو (حزيران)، مما أدى إلى تجريد «أورانو» من حصتها البالغة 63.4 بالمائة.