«الأوروبي» يقترح شراء أسلحة لأوكرانيا بفوائد الأصول الروسية المجمدة

بورّيل يعلن أن بوتين لم ينتصر بعد... لكنه يطالب أوروبا بأن «تستيقظ»

جوزيب بوريل مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لاين
جوزيب بوريل مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لاين
TT

«الأوروبي» يقترح شراء أسلحة لأوكرانيا بفوائد الأصول الروسية المجمدة

جوزيب بوريل مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لاين
جوزيب بوريل مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لاين

بينما كان المسؤول الأوروبي عن السياسة الخارجية جوزيب بورّيل يعلن في تصريحات يوم الأربعاء أن «بوتين لم ينتصر حتى الآن، لكن أزف الوقت كي تستيقظ أوروبا»، ويدعو إلى الإسراع في تقديم الدعم إلى أوكرانيا لتمكينها من الصمود، كانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لاين، التي أعلنت عزمها للترشح لولاية ثانية، تدعو من منبر البرلمان الأوروبي إلى التنبّه للتهديدات المتعددة التي تتعرّض لها بلدان الاتحاد، وتحضّ على تعزيز الصناعات العسكرية الأوروبية وزيادة الاستثمارات فيها.

مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل (أ.ف.ب)

وفيما يراقب الاتحاد الأوروبي بقلق متزايد استمرار الحرب في أوكرانيا واحتمالات اتساع رقعتها إلى بعض الدول المتاخمة، بينما تضاعف موسكو تهديداتها وتمدّ أذرعها لزعزعة المنطقة، اقترحت فون در لاين أن يلجأ الاتحاد الأوروبي إلى استخدام الفوائد التي تولّدها الأرصدة الروسية المجّمدة في المصارف الأوروبية نتيجة العقوبات المفروضة على موسكو لشراء المزيد من الأسلحة والذخائر لأوكرانيا، مؤكدة «أن مخاطر اتساع رقعة الحرب ليست وشيكة، لكنها لم تعد مستحيلة».

ويأتي هذا الاقتراح المثير للجدل، على الأقل من وجهة النظر القانونية، بعد أن تقدمت مساعي الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول الصناعية السبع لاستخدام فوائد الأصول الروسية المجمّدة والمقدرة بنحو 285 مليار دولار لتمويل إعمار أوكرانيا بعد انتهاء الحرب، لكن ما زالت هناك دول تعترض على هذه المبادرة خشية التداعيات التي يمكن أن تنجم عنها على مستقبل الاستثمارات الأجنبية في أوروبا. ويقدّر الخبراء هذه الفوائد التي باشر الاتحاد الأوروبي في إيداعها حساباً خاصاً منتصف الشهر الماضي بما يزيد على 4.5 مليار دولار.

زيلينسكي يتوسط ضيوفه في كييف بمناسبة الذكرى الثانية للحرب (إ.ب.أ)

لكن اقتراح فون در لاين يفتح نافذة جديدة لاستخدام هذه العائدات، ليس من أجل إعمار أوكرانيا فحسب، بل لتسليحها عن طريق المشتريات العسكرية المشتركة، وقالت: «لا أرى سبيلاً أفضل لاستخدام هذه الموارد لكي نجعل من أوروبا مكاناً أكثر أماناً للعيش، ولا بد للاتحاد أن يتولّى مسؤولياته الدفاعية».

وزير خارجية أوكرانيا كوليبا خلال استقباله بوريل في كييف (إ.ب.أ)

وتتزامن هذه الخطوات مع المساعي الحثيثة التي تبذلها الدول الأوروبية لتعزيز صناعاتها الدفاعية بعد سنوات طويلة من تراجع الاستثمارات في هذا القطاع، في الوقت الذي تضع المفوضية اللمسات الأخيرة على استراتيجية موحّدة للدفاع تهدف إلى تأسيس هيئة للشراء العسكري المشترك على غرار هيئة شراء الغاز أو اللقاحات ضد كوفيد، مع برامج لتوحيد ترسانات الدول الأعضاء ومشاريع لزيادة التمويل الخاص في هذا القطاع الذي لم يكن ضمن أولويات الاتحاد منذ تأسيسه. ومن أهداف الاستراتيجية الدفاعية التي يشرف على وضعها المسؤول عن السياسة الخارجية جوزيب بورّيل ومفوّض الشؤون الداخلية تييري بروتون، تعديل السياسة الإقراضية في الدول الأعضاء وبنك الاستثمار الأوروبي بما يتيح تمويل الشركات المنتجة للأسلحة والذخائر.

في غضون ذلك يسود الأوساط الأوروبية قلق شديد إزاء احتمالات عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض وما يمكن أن ينجم عنها من تدهور في العلاقات بين واشنطن وبروكسل وتراجع الولايات المتحدة عن التزاماتها الدفاعية ضمن الحلف الأطلسي، بينما تتوالى الانتكاسات العسكرية على جبهات الحرب بعد أن استعادت القوات الروسية زمام المبادرة في الوقت الذي يواجه الجيش الأوكراني نقصاً حاداً في الذخائر والأسلحة الهجومية.

المستشار الألماني أولاف شولتس يتوسط رئيس مجلس أوروبا شارل ميشال (إلى يمينه) ورئيس وزراء ألبانيا إيدي راما في تيرانا الاثنين (رويترز)

يضاف إلى ذلك أن دولاً وازنة مثل ألمانيا ترفض التجاوب مع الدعوات التي أطلقتها دول البلطيق وبولندا وتشيكيا لمدّ أوكرانيا بأسلحة هجومية متطورة مثل صواريخ «تاوروس» القادرة على إصابة أهداف بدقة على مسافة 500 كلم داخل الأراضي الروسية. وكان المستشار الألماني أولاف شولتس قد سارع إلى النأي عن اقتراح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإرسال قوات بريّة تابعة لبلدان الحلف الأطلسي إلى أوكرانيا، مؤكداً أنه «لن تكون هناك قوات برية أوروبية أو أطلسية في أوكرانيا».

المشاركون في القمة الإقليمية لدول البلقان يشاهدون عرضاً فلكلورياً في تيرانا الاثنين (رويترز)

في موازاة ذلك طلب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من دول البلقان أن تساعده في مواجهة القوات الروسية بواسطة إنتاج عسكري مشترك، وذلك في اقتراح قدّمه أمام القمة المشتركة مع بلدان جنوب شرقي أوروبا المنعقدة حالياً في العاصمة الألبانية تيرانا.

ويندرج هذا الطلب ضمن الصيغة التي صممتها الولايات المتحدة وبريطانيا كي لا تبقى أوكرانيا مجرّد بلد مستفيد من المساعدات والهبات الدفاعية، وتصبح بلداً شريكاً مع الدول المنتجة للأسلحة عن طريق اتفاقات مع شركات أوكرانية، حيث تقدم أوكرانيا الخبرات التي اكتسبتها طيلة عامين من الحرب المرشحة للاستمرار عدة سنوات أخرى، في الوقت الذي يمكن للصناعات العسكرية الأجنبية أن تجرّب ابتكاراتها الدفاعية فوراً على جبهات القتال.


مقالات ذات صلة

أوستن لأوميروف: لن نتنازل عن دعم أوكرانيا حرة وذات سيادة

أوروبا ضرر لحق بأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافه بمسيرة أوكرانية (أرشيفية - إ.ب.أ)

أوستن لأوميروف: لن نتنازل عن دعم أوكرانيا حرة وذات سيادة

بدا أن «الضغوط» التي تتوالى على واشنطن قد تنجح أخيراً في إقناع إدارة الرئيس جو بايدن برفع القيود على استخدام أوكرانيا لأسلحتها الصاروخية.

إيلي يوسف (واشنطن) «الشرق الأوسط» (موسكو) «الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا القائد العسكري الشيشاني أبتي علاء دينوف (لقطة من فيديو)

«أبتي علاء دينوف» أبرز المعلقين العسكريين على هجوم كورسك

بات القائد العسكري الشيشاني أبتي علاء الدينوف وجهاً مألوفاً للروس على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث يطل عليهم معتمراً خوذة أو قبعة عسكرية ليقدم أخباراً إيجابية.

«الشرق الأوسط» (وارسو)
أوروبا مجندون روسيون جرى استدعاؤهم للخدمة العسكرية وسط الصراع المستمر مع أوكرانيا (رويترز)

موقع مستقل يُحدد هويات أكثر من 66 ألف جندي روسي قُتلوا في أوكرانيا

أعلن موقع روسي مستقل، السبت، أنه تمكّن من تحديد هويات أكثر من 66 ألف جندي روسي قُتلوا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022.

«الشرق الأوسط» (وارسو)
أوروبا لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية تظهر مروحية عسكرية من طراز «مي - 35» قرب الحدود مع أوكرانيا

روسيا: مقتل نحو 400 عسكري أوكراني في كورسك خلال 24 ساعة

أعلنت وزارة الدفاع الروسية مقتل 400 عسكري أوكراني خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع إجمالي قتلى القوات الأوكرانية إلى 8200 عسكري.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا مواطنون ينظرون إلى مجمع سكني قالت السلطات المحلية إنه أصيب بشظايا صاروخ أوكراني تم إسقاطه في منطقة كورسك الأحد (رويترز)

محلل أميركي: مقامرة كييف في كورسك خطوة جريئة لكنها يائسة وسوف تفشل في نهاية المطاف

توغل أوكرانيا في كورسك الروسية في السادس من أغسطس (آب) كان خطوة جريئة، ومع ذلك يائسة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

حزب «فرنسا الأبية» يسعى إلى تأمين دعم برلماني لعزل ماكرون

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)
TT

حزب «فرنسا الأبية» يسعى إلى تأمين دعم برلماني لعزل ماكرون

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)

طلب حزب «فرنسا الأبية» اليساري، السبت، من المجموعات البرلمانية الأخرى دعم محاولته، التي يبدو أنها بعيدة المنال، لعزل الرئيس إيمانويل ماكرون بسبب «إخفاقات خطيرة» في تأدية واجباته الدستورية.

ويدور خلاف بين ماكرون وحزب «فرنسا الأبية» وحلفائه من الخضر والاشتراكيين والشيوعيين؛ بسبب رفضه تسمية مرشحتهم لوسي كاستيه رئيسة للوزراء بعد الانتخابات البرلمانية غير الحاسمة في يوليو (تموز).

ورغم أن تحالفهم «الجبهة الشعبية الجديدة» فاز بأكبر عدد من المقاعد، فإن النتائج لم تمنح أي كتلة الأغلبية في الجمعية الوطنية المنقسمة إلى حد كبير بين اليسار، ووسطيي ماكرون، والتجمع الوطني اليميني.

وكتب نواب «فرنسا الأبية» في مشروع قرار العزل، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن «الجمعية الوطنية (المجلس الأدنى) ومجلس الشيوخ يمكنهما، ويجب عليهما الدفاع عن الديمقراطية ضد ميول الرئيس الاستبدادية».

وقالت زعيمتهم البرلمانية ماتيلد بانو إنهم أرسلوا الوثيقة إلى نواب آخرين لجمع التوقيعات. وتواجه أي محاولة لعزل إيمانويل ماكرون من خلال المادة 68 من الدستور الفرنسي عقبات كبيرة، إذ تتطلب موافقة ثلثَي أعضاء الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ مجتمعين.

ويقول حزب «فرنسا الأبية» إن الأمر لا يعود إلى الرئيس «لإجراء مقايضات سياسية»، مشيراً إلى جهود ماكرون منذ يوليو للعثور على رئيس وزراء يحظى بإجماع.

لكن العديد من الخبراء الدستوريين يرون أن دستور الجمهورية الخامسة الذي أقر عام 1958 وكتب على افتراض أن النظام الانتخابي سينتج أغلبية واضحة، غامض بشأن المسار الذي يجب اتخاذه في حال تعطل العمل البرلماني.

وبرر ماكرون رفضه تسمية كاستيه رئيسة للوزراء بقوله إنه من واجبه ضمان «الاستقرار المؤسسي».