إسرائيل تمحو التاريخ والجغرافيا... أبرز المعالم الأثرية التي دمرتها حرب غزة

رجل فلسطيني يجلس وسط آثار الدمار بعد غارة إسرائيلية على مدينة الزهرة قرب خان يونس في قطاع غزة (د.ب.أ)
رجل فلسطيني يجلس وسط آثار الدمار بعد غارة إسرائيلية على مدينة الزهرة قرب خان يونس في قطاع غزة (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تمحو التاريخ والجغرافيا... أبرز المعالم الأثرية التي دمرتها حرب غزة

رجل فلسطيني يجلس وسط آثار الدمار بعد غارة إسرائيلية على مدينة الزهرة قرب خان يونس في قطاع غزة (د.ب.أ)
رجل فلسطيني يجلس وسط آثار الدمار بعد غارة إسرائيلية على مدينة الزهرة قرب خان يونس في قطاع غزة (د.ب.أ)

بعد خمسة أشهر على حرب إسرائيل المدمرة على قطاع غزة، لم يسلم البشر ولا الحجر ولا حتى التاريخ. ورغم توقع الرئيس الأميركي جو بايدن الاثنين الماضي أن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين «حماس» وإسرائيل مطلع الأسبوع المقبل، فإن الحرب الأساسية التي تشنها إسرائيل والتي قد تكون قد نجحت فيها هي حرب على الذاكرة والهوية.

نجحت إسرائيل بحرب غزة الأخيرة بطمس التاريخ في الوقت نفسه الذي محت فيه الجغرافيا إلى جانب تنفيذ مجزرة بحق شعب كامل حصدت أرواح أكثر من 30 ألف فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال، في مخطط قديم لمحو الذاكرة والهوية الفلسطينية واستبدالها بأخرى.

وإن توقفت الحرب وصدقت توقعات بايدن، فإنها لن تعيد تاريخاً كان الشاهد على حضارات. فقطاع غزة الصغير الذي تدكه إسرائيل بجميع أنواع الأسلحة لطالما كان مركزاً مهماً للثقافة والتجارة على مدى قرون طويلة خلال الحكم البيزنطي والروماني واليوناني والمصري، وكل حضارة تركت فيها آثاراً تدل على عمق المكان.

واستهدف الجيش الإسرائيلي الكثير من المواقع الأثرية والتاريخية والمقدسات الدينية في القطـاع، وذلك باعتراف منظمة «عمق شبيه» الإسرائيلية المختصة بشؤون الآثار في تغريدة عبر حساب المنظمة اليسارية على منصة «إكس»، التي قالت إن حرب إسرائيل على غزة أدت إلى تدمير مئات المواقع الأثرية والتاريخية داخل القطاع.

وفي ما يلي بعض المعالم الأثرية والتراثية في قطاع غزة التي تعرّضت للدمار كلياً أو جزئياً بسبب الحرب:

المسجد العمري الكبير

يُعدّ المسجد العمري الكبير من أهم وأكبر المساجد التاريخية في فلسطين، وتعرّض للدمار بشكل كامل. ويقع في قلب البلدة القديمة في حي الدرج بمدينة غزة.

وتبلغ مساحة المسجد 4100 متر مربع، ويتميز بهندسة معمارية على الطراز البازيليكي يعود تاريخها إلى القرن الثاني عشر الميلادي. وبعض الأعمدة المستخدمة في البناء تم جلبها من بقايا الكنائس المهدمة.

المسجد العمري الكبير (أ.ف.ب)

وتشتهر ببنيتها القوية وأعمدتها الرخامية الجميلة ونقوشها وزخارفها التي تعود إلى العصرين المملوكي والعثماني.

وتشير الروايات التاريخية إلى أن بناء المسجد تم على مراحل، وكان له استخدامات مختلفة عبر تاريخه. وكان في البداية معبداً، ثم تحول كنيسة، ثم تحول مسجداً بعد الفتح الإسلامي. ويوجد إلى الشمال من المسجد صحن تبلغ مساحته التقريبية 1900 متر مربع.

المسجد العمري الكبير (إكس)

مسجد السيد هاشم

هو أحد المساجد التاريخية المهمة في مدينة غزة الذي تعرّض للدمار بشكل جزئي. يقع في حي الدرج بمساحة تقدر بنحو 2400 متر مربع. وهو بُعدّ من أجمل وأقدم مساجد غزة.

ويضم مسجد السيد هاشم ضريحاً أسفل قبته يعتقد أنه قبر هاشم بن عبد مناف الجد الأكبر للنبي محمد - صلى الله عليه وسلم.

وتم تشييد المسجد الحالي في العصر العثماني على الطراز المعماري المملوكي. ويكشف القسم (المخطط) الأفقي للمسجد عن صحن مفتوح مربع الشكل في المنتصف، تحيط به ثلاثة أروقة خارجية للصلاة.

مسجد السيد هاشم (إكس)

وقاعة الصلاة الرئيسية بالمسجد مربعة الشكل تقريباً ومغطاة بأقبية متقاطعة. ويحتوي المسجد على محراب موجّه نحو القبلة ومنبر تم تجديده عام 1850م برعاية السلطان العثماني عبد المجيد.

كنيسة القديس برفيريوس

تُعدّ كنيسة القديس برفيريوس من أقدم الكنائس الأثرية في البلدة القديمة بغزة، وتقع في حي الزيتون، وهو من أقدم أحيائها. وتم بناؤها عام 425م على يد القديس برفيريوس الذي سُمي باسمه. وتضم الكنيسة الآن ضريحه.

ويكشف التصميم الأفقي عن أن الكنيسة تتكون من قاعة كبيرة ذات سقف تعلوه أقبية متقاطعة على شكل صليب، ترتكز على أعمدة حجرية.

كنيسة القديس برفيريوس (أ.ف.ب)

والجدران مصنوعة من الحجر الصلب، سمكها نحو 80 سم.

وتعرّضت الكنيسة للتدمير الكامل تقريباً نتيجة القصف المباشر.

حمام السمرة

يقع في حي الزيتون قلب مدينة غزة التاريخية، ويعد ثاني أقدم المعالم بعد المسجد العمري، وهو الوحيد المتبقي من الحمامات التاريخية في قطاع غزة. أنشئ في العهد العثماني على مساحة 500 متر مربع، ثم أعيد ترميمه وتجديده في العصر المملوكي، على عهد الملك سنجر بن عبد الله المؤيدي، وسُمي بهذا الاسم نسبة للسامريين الذين عملوا فيه لفترة من الزمن.

حمام السمرة التاريخي (حسابه على فيسبوك)

يعد حمام السمرة مزاراً طبياً وسياحياً؛ إذ تتميز أرضيته بدفئها على مدار اليوم وقد استخدم في بنائها الحجر الرخامي؛ لمقاومته رطوبة الماء. يتميز الحمام بروعة التخطيط والبناء العمراني الذي يتجسد بتدرج درجات الحرارة عند الانتقال من غرفة لأخرى؛ إذ تبدأ بالغرفة الباردة فالدافئة ثم الساخنة.

حمام السمرة مزار طبي وسياحي (حسابه على فيسبوك)

قصر الباشا (دار السعادة)

يُعدّ أحد معالم العمارة الإسلامية الذي تعرّض للدمار الجزئي. ويقع في حي الدرج في الجهة الشرقية من البلدة القديمة. ويعدّ هذا الحي من أغنى المباني التاريخية، ويسلط الضوء على تاريخ غزة الغني على مر العصور.

ولا توجد لوحة تأسيسية تؤرّخ بناء هذا المبنى، لكن يقال إنها تعود إلى العمارة الإسلامية المملوكية، كما يدل على ذلك وجود شعار الأسد عند المدخل الرئيسي للقصر.

قصر الباشا (فيسبوك)

ويُظهر المقطع الأفقي مبنيين منفصلين داخل القصر، يتكونان من غرف ومبنى مصنوع من الحجر الرملي بنظام الأقبية المتقاطعة. وحوّلته وزارة السياحة متحفاً حكومياً في بداية عام 2010.

يقال إن قصر الباشا يعود إلى العمارة الإسلامية المملوكية (فيسبوك)

مقبرة دير البلح

تُعدّ مقبرة دير البلح، التي تعرّضت للدمار الكلي، من أهم المقابر التاريخية والأثرية في غزة، حيث تعكس تاريخ الشعب الفلسطيني على مدى عصور عدة.

وأجريت الكثير من التنقيبات الأثرية على ساحل دير البلح بين عامي 1972 و1982، وكشفت عن أهم مقبرة يعود تاريخها إلى العصر البرونزي المتأخر (1550 - 1200 قبل الميلاد).

وتنسب هذه المقبرة إلى ما يسمى «ملوك الفلسطينيين» وتتكون من مجموعة بارزة من التوابيت الفخارية ذات الشكل البشري.

وتشكل هذه التوابيت أكبر مجموعة تم اكتشافها في فلسطين على الإطلاق، وتشبه التوابيت الفرعونية المصرية. وتم العثور عليها في مقابر منحوتة من الطين الأحمر أو حجر الكاركار، مواجهة للبحر، وسرقها الإسرائيلي موشيه ديان فيما بعد.

الكنيسة البيزنطية

تعود الكنيسة للعهد البيزنطي، وتقع في بلدة جباليا، شمالي القطاع، ويزيد عمرها على 1600 عام، حيث تعود إلى عام 444 ميلادي. وتُعدّ الكنيسية، التي تعرضت للدمار الكامل، من أهم المواقع الأثرية في قطاع غزة، ومن أبرز المعالم في بلاد الشام عامة.

وتضم الكنيسة نقوشاً وزخارف مختلفة، منها الحيوانية والنباتية والهندسية. وتشمل الزخارف الحيوانية الأسود والغزلان والأسماك البحرية؛ إذ تشير هذه الأنواع إلى الاستقرار والهدوء الذي ساد الحياة المسيحية في قطاع غزة. وضمّت الزخارف النباتية أنواع نباتات مختلفة، أبرزها زهرة اللوتس، التي تشير إلى العلاقة بين مسحيي غزة ومصر.

وتحتوي أرضية الكنيسة على مجموعة من لوحات الفسيفساء، مثل أشجار النخيل والفاكهة، وأنواع الطعام المشهورة في فلسطين، وأنواع أخرى غير المعروفة.

وتتكون من 3 أروقة، الأول، مخصص للقساوسة والرهبان، والثاني رواق الصلاة، والثالث هو رواق التعميد.

وتحتوي الكنيسة على 16 نصاً تأسيسياً باللغة اليونانية القديمة، حيث تعدّ من أكبر النصوص التأسيسية داخل الكنائس.

الكنيسة البيزنطية (إكس)

مسجد الظفر دمري الأثري

يعود تاريخ تأسيس المسجد، الذي دُمّر كلياً نتيجة القصف الإسرائيلي، إلى الحقبة المملوكية، حيث أسسه الأمير المملوكي، شهاب الدين أحمد بن أزفير الظفر دمري، في القرن الثامن الهجري وتحديدا في سنة 762هـ.

هذا المسجد الذي تبلغ مساحته 600 متر مربع، اشتهر باسم القزدمري لدى عامة الناس، ويوجد فيه قبر شهاب الظفر دمري.

دار السقا الأثرية

تقع دار السقا الأثرية، الذي تعرّض لأضرار جزئية، في حي الشجاعية بوسط السوق في الضاحية الشرقية لمدينة غزة، وبُني منذ القرن السابع عشر ميلادي في عام 1661م في عهد السلطان محمد الرابع بن السُلطان إبراهيم. وبناه أحمد السقا أحد كبار التجار آنذاك والذي تعود أصل عائلته إلى الجزيرة العربية من مكة المكرمة لتصل إلى عقيل بن أبي طالب ابن عم النبي - عليه الصلاة والسلام.

ويتكون بيت السقا والذي تبلغ مساحته 700 متر مربع من ساحة ببلاط رخامي جُلب من جبال وسط فلسطين ومساكر تدل على وجود بئر، وباب رئيسي طوله متران يأخذ شكل زاوية قائمة مُعتماً حفاظاً على خصوصية أهل البيت، وإيوان لاستقبال الضيوف، وغرف المعيشة إضافة إلى المطبخ والحمام.

وكان يجتمع في البيت منذ قرون كبار التجار وأهل الاقتصاد، وكان يستخدم قاعةً للمناسبات سواء الأفراح أو العزاءات.

كان يجتمع في البيت منذ قرون كبار التجار وأهل الاقتصاد وكان يُستخدم قاعةً للمناسبات سواء الأفراح أو العزاءات. دار السقا الأثرية (إكس)

وبُني البيت من ثلاثة أنواع من الحجارة من حجر الكركار أو الحجر الرملي والحجر القدسي من وسط فلسطين ورخام من الحجارة والأعمدة الرومانية. وسقف البيت عبارة عن رمل محشو بالفخار؛ مما يجعله بارداً في الصيف ودافئاً في الشتاء.

وعُرف البيت كأول منتدى اقتصادي في فلسطين، تم ترميمه أول مرة من قذيفة تعرّض لها خلال حرب عام 1948.

المدرسة الكاميلية

المدرسة الكاميلية هي المدرسة التاريخية الوحيدة المتبقية في غزة، وتقع في قلب البلدة القديمة في غزة. وسميت بهذا الاسم نسبة إلى الملك الأيوبي الكامل الذي بناها سنة 653هـ (1237م).

واستخدمت المدرسة منذ إنشائها لإيواء الفقراء والطلاب والتجار وظلت نشطة حتى عام 1930.

المدرسة الكاميلية هي المدرسة التاريخية الوحيدة المتبقية في غزة (فيسبوك)

وبحسب المخطط الأفقي، تبلغ مساحة المدرسة 573 متراً مربعاً، وتتكون من طابقين. وتم تصميم المدرسة بفناء مركزي محاط بغرف تفتح كل منها أبوابها ونوافذها على الفناء الداخلي. والواجهة الرئيسية موحدة وتتميز بقوس مدبب مصنوع من الرخام. تم تشييد المدرسة باستخدام الحجر الرملي، وتتبع أسلوب البناء السائد خلال العصرين الأيوبي والمملوكي.

مقام الخضر

يقع هذا المقام في وسط مدينة دير البلح وفيه مصلَّى صغير ومحراب وساحة وثلاث قباب، يتصل بـ10 درجات بقبو أسفله وفيه دير القديس هيلاريون أو «هيلاريوس» 278 - 372م الذي يعود إلى القرن الثالث الميلادي.

وتدل الدراسات على صحة فرضيتها بأن خطة مبنى مقام الخضر تظهر عناقيد مصلّبة تذكّر بفن العمارة الصليبي، كما توجد في المكان نفسه بعض النقوش اليونانية والتيجان الكورنثية والأعمدة الرخامية؛ الأمر الذي يؤكد بناء مقام الخضر فوق الدير الصليبي، بينما تقول الروايات الأخرى إن اسم المقام منسوب إلى القديس «جورجس»، وتعني هذه الكلمة «الخضر» باللغة العربية.

داخل مقام الخضر (فيسبوك)

استهداف جزئي

مواقع أخرى طالها القصف الإسرائيلي ودمرت جزئياً أيضاً، منها تل المنطار وسط غزة، وتل السكن في الزهراء، وسوق مازن شرق خان يونس.

كذلك، استهدف الجيش الإسرائيلي مقبرة الإنجليز في مدينة غزة، ودير القديس هلاريون في النصيرات، ومتحف دير البلح، ومقام النبي يوسف في بني سهيلا، بحسب منظمة «تراث من أجل السلام».

ورصدت المنظمة أيضا إصابة أكثر من 70 بيتاً أثرياً بأضرار جزئية.


مقالات ذات صلة

انشغال عربي بمنع تهجير الفلسطينيين عبر معبر رفح

العالم العربي أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)

انشغال عربي بمنع تهجير الفلسطينيين عبر معبر رفح

أكدت مصر رفض «تهجير الفلسطينيين» من خلال معبر رفح، وذلك بعد ساعات من موقف مماثل عبَّرت عنه دول عربية وإسلامية رفضت «التصريحات الإسرائيلية بشأن فتح معبر رفح.

محمد محمود (القاهرة )
المشرق العربي وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز) play-circle

وزير الخارجية التركي: نزع سلاح «حماس» ليس أولى الأولويات في غزة

رأى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن نزع سلاح حركة «حماس» لا يمكن أن يكون الأولوية الرئيسية في غزة.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
خاص الرئيس الفلسطيني محمود عباس (د.ب.أ)

خاص عباس دعا «حماس» لتسليم سلاحها وإسرائيل للانسحاب من غزة

بينما يمر اتفاق غزة بوضع حرج، طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتنفيذ فوري للمرحلة الثانية، عبر انسحاب إسرائيل، وتسليم «حماس» سلاحها للسلطة.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي جنود إسرائيليون في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

مقتل 7 بنيران الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة منذ صباح اليوم

قال تلفزيون فلسطين إن سبعة أشخاص قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة منذ صباح اليوم السبت.

«الشرق الأوسط»
المشرق العربي طفلة فلسطينية تحمل خبزاً في حين يستعد آخرون لدخول صفوفهم في مدرسة للأونروا تؤوي عائلات نازحة تضطر يومياً لإخراج أمتعتها لمتابعة يوم دراسي جديد في دير البلح وسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)

إسرائيل تقصف وتقتل وتُدمر ما تبقّى تحت سيطرتها بغزة

خلال ساعات ليل ونهار السبت، استخدمت القوات الإسرائيلية الطائرات الحربية تارةً والعربات المفخخة تارةً أخرى، لقصف وتدمير ما تبقى من منازل وبنى تحتية داخل قطاع غزة


رئيس وزراء لبنان يؤكد للاتحاد الأوروبي ضرورة دعم الجيش والضغط على إسرائيل

رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يُشير بيده أثناء حديثه خلال اجتماع مع وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يُشير بيده أثناء حديثه خلال اجتماع مع وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أ.ف.ب)
TT

رئيس وزراء لبنان يؤكد للاتحاد الأوروبي ضرورة دعم الجيش والضغط على إسرائيل

رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يُشير بيده أثناء حديثه خلال اجتماع مع وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يُشير بيده أثناء حديثه خلال اجتماع مع وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أ.ف.ب)

قالت الحكومة اللبنانية اليوم (السبت) إن رئيس الوزراء نواف سلام التقى بالممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، وأكد لها الحاجة الملحّة لدعم الجيش اللبناني، لتمكينه من استكمال مهامه.

وذكرت رئاسة الوزراء اللبنانية في بيان أن سلام شدد أيضاً خلال اللقاء على «أهمية الدور الدبلوماسي للاتحاد الأوروبي في دعم لبنان، وفي ممارسة الضغط اللازم على إسرائيل لوقف اعتداءاتها والانسحاب من النقاط التي ما زالت تحتلها».

وأضاف البيان أن سلام أطلع ممثلة الاتحاد الأوروبي على ما تم إنجازه في مسار الإصلاحات الاقتصادية والمالية، وتنفيذ قرار «حصر السلاح»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، ولا سيما الدور الذي يقوم به الجيش اللبناني في هذا الإطار والمراحل المقبلة لتنفيذ الخطة.

دورية مشتركة لـ«اليونيفيل» والجيش اللبناني في جنوب لبنان (اليونيفيل)

واستعرض رئيس الوزراء تصور لبنان للمرحلة التي تلي انتهاء عمل قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)؛ إذ أشار إلى حاجة بلاده لـ«قوة أممية ولو محدودة الحجم لسد أي فراغ محتمل، والمساهمة في الحفاظ على الاستقرار في الجنوب».

كانت «اليونيفيل»، التي تنتهي ولايتها بنهاية عام 2026، قالت أمس (الجمعة) إنها رصدت سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية في منطقة عملياتها بعدد من القرى في جنوب البلاد يوم الخميس، واصفة هذه الهجمات بأنها «انتهاكات واضحة» لقرار مجلس الأمن رقم «1701».

كما ذكرت «اليونيفيل» أن إحدى دورياتها تعرضت لإطلاق نار قرب بنت جبيل في جنوب لبنان، ولكن دون وقوع إصابات.

من ناحية أخرى، أفادت وسائل إعلام لبنانية اليوم بأن وفد مجلس الأمن الدولي الذي يزور البلاد، أكد دعم المجلس لسيادة لبنان على أرضه، والقرار الدولي رقم «1701»، الذي أنهى حرباً بين إسرائيل و«حزب الله» في عام 2006.

ونقلت قناة «إم تي في» اللبنانية عن وفد مجلس الأمن تأكيده على ضرورة احترام سلامة القوات الدولية في لبنان وعدم استهدافها.

كما نقل تلفزيون «إل بي سي آي» عن رئيس الوفد قوله في ختام الزيارة، إنه يجب على جميع الأطراف الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، والذي دخل حيز التنفيذ قبل أكثر من عام.

وجرى التوصل إلى هدنة بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي بوساطة أميركية بعد قصف متبادل لأكثر من عام أشعله الصراع في قطاع غزة، لكن إسرائيل ما زالت تسيطر على مواقع في جنوب لبنان رغم الاتفاق، وتواصل شن هجمات على شرق البلاد وجنوبها.


سلام: حصر السلاح بجنوب الليطاني شارف على الاكتمال

أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال استقباله رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رئاسة الحكومة)
أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال استقباله رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رئاسة الحكومة)
TT

سلام: حصر السلاح بجنوب الليطاني شارف على الاكتمال

أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال استقباله رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رئاسة الحكومة)
أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال استقباله رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رئاسة الحكومة)

أكد رئيس الحكومة اللبنانية، نواف سلام، أن الجيش «يواصل القيام بمهامه في بسط سلطة الدولة بقواها الذاتية، بدءاً من جنوب الليطاني، حيث شارفت المرحلة الأولى على الاكتمال»، وسط موقف لافت للجيش، أعلن فيه عن توقيف 6 أشخاص اعتدوا على دورية لقوات «اليونيفيل» في الجنوب، يوم الخميس الماضي.

وجاءت تصريحات سلام، خلال لقائه بأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، على هامش مشاركته في منتدى الدوحة. وخلال اللقاء، أكّد أمير قطر استمرار بلاده في دعم لبنان سياسياً واقتصادياً، مشيراً إلى أنّ الدوحة ستعلن قريباً عن حزمة جديدة من مشاريع الدعم المخصّصة للبنان.

من جهته، أكّد سلام حرصه على صون أفضل العلاقات بين البلدين، وعبّر عن «تقديره للدعم المتواصل الذي تقدّمه قطر للبنان، لا سيّما في المجالات الاقتصادية والدبلوماسية».

وأفادت رئاسة الحكومة اللبنانية بأن سلام «أشاد بالدور الذي تؤديه الدوحة في مساندة جهود الاستقرار في لبنان وتعزيز قدرات مؤسساته الشرعية»، مشيراً إلى أن «الجيش اللبناني يواصل القيام بمهامه في بسط سلطة الدولة بقواها الذاتية، بدءاً من جنوب الليطاني؛ حيث شارفت المرحلة الأولى على الاكتمال».

كما شدّد سلام على «ضرورة تكثيف الحشد الدبلوماسي للضغط على إسرائيل من أجل وقف اعتداءاتها والانسحاب من المناطق التي ما زالت تحتلّها»، داعياً دولة قطر إلى مواصلة «دورها الحيوي في دعم هذا المسعى، وتعزيز الجهود الدولية الرامية إلى ترسيخ الاستقرار في الجنوب».

وأكد التزام حكومته «بالمضيّ قدماً في تنفيذ الإصلاحات، وتعزيز سيادة الدولة على كامل أراضيها»، معرباً عن تطلّعه إلى توسيع مجالات التعاون الثنائي في المرحلة المقبلة.

من لقاء سلام بالشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني على هامش «منتدى الدوحة» (رئاسة الحكومة)

كذلك، التقى سلام، رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية في دولة قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وذلك بحضور نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري. وأكّد الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني «استمرار دعم قطر للبنان، مع حزمة جديدة من مشاريع الدعم التي سيُعلن عنها قريباً». وأعرب الرئيس سلام بدوره عن تقديره الكبير للدور الذي تؤديه قطر في دعم لبنان، وتعزيز الاستقرار فيه، ومساندة مؤسساته.

الاتحاد الأوروبي

وفي سياق الترحيب الدولي بإجراءات لبنان، عبرت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، ونائبة رئيس المفوضية الأوروبية كايا كالاس، عن تقديرها العمل الذي تقوم به الحكومة اللبنانية، وذلك خلال لقائها بسلام على هامش منتدى الدوحة.

وأفادت رئاسة الحكومة اللبنانية بأنها اطلعت من سلام «على ما أُنجز في مسار الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية، وعلى التقدّم المُحرز في تنفيذ قرار حصر السلاح، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، لا سيّما الدور الذي يقوم به الجيش اللبناني في هذا الإطار والمراحل المقبلة لتنفيذ الخطة».

من لقاء سلام وكالاس (رئاسة الحكومة)

وأشار سلام إلى «الحاجة الملحّة لدعم الجيش اللبناني لتمكينه من استكمال مهامه»، كما شدّد على «أهمية الدور الدبلوماسي للاتحاد الأوروبي في دعم لبنان، وفي ممارسة الضغط اللازم على إسرائيل لوقف اعتداءاتها والانسحاب من النقاط التي ما زالت تحتلّها».

وعرض الرئيس سلام أيضاً أمام كالاس تصوّر لبنان للمرحلة التي تلي انتهاء عمل قوة «اليونيفيل»، مشيراً إلى حاجة لبنان إلى «قوة أممية ولو محدودة الحجم، لسدّ أي فراغ محتمل، والمساهمة في الحفاظ على الاستقرار في الجنوب»، وفقاً لبيان رئاسة الحكومة.

توقيف متورطين باعتداء على «اليونيفيل»

لا تقتصر مهمة الجيش في منطقة جنوب الليطاني على تنفيذ «حصرية السلاح»، بل تشمل حفظ الاستقرار. وبدا لافتاً بيان الجيش اللبناني حول توقيف متورطين في الاعتداء على قوات «اليونيفيل» الدولية العاملة في الجنوب؛ إذ أعلنت قيادته عن أن مديرية المخابرات أوقفت 6 لبنانيين تورطوا في الاعتداء على دورية لـ«اليونيفيل» ليل الخميس – الجمعة على طريق الطيري - بنت جبيل في جنوب لبنان؛ ما أدى إلى تضرر آلية تابعة لها، من دون وقوع إصابات في صفوف عناصرها. وشددت قيادة الجيش على «خطورة أي اعتداء على (اليونيفيل)»، وأكدت أنها «لن تتهاون في ملاحقة المتورطين». ولفتت إلى «الدور الأساسي الذي تقوم به (اليونيفيل) في منطقة جنوب الليطاني، وعلاقة التنسيق الوثيق بينها وبين الجيش، ومساهمتها الفاعلة في جهود إعادة الاستقرار».

دورية مشتركة لـ«اليونيفيل» والجيش اللبناني في جنوب لبنان (اليونيفيل)

وكانت «اليونيفيل» قد أعلنت، الجمعة، أن «6 رجال اقتربوا على متن 3 دراجات نارية من جنود حفظ السلام في أثناء دورية قرب بنت جبيل، وأطلق أحدهم نحو 3 طلقات نارية نحو الجزء الخلفي من الآلية، ولم يُصب أحد بأذى». وقالت إن «الاعتداءات على قوات حفظ السلام غير مقبولة، وتُمثل انتهاكات خطيرة للقرار 1701».

وذكَّرت السلطات اللبنانية «بالتزاماتها بضمان سلامة وأمن قوات حفظ السلام»، وطالبت «بإجراء تحقيق شامل وفوري لتقديم الفاعلين إلى العدالة».


مناصرون لـ«حزب الله» يسخرون من الأسد ويذكّرون بحقبات القتال

بشار الأسد يقود سيارته في الغوطة الشرقية في 2018 (أرشيفية - متداول)
بشار الأسد يقود سيارته في الغوطة الشرقية في 2018 (أرشيفية - متداول)
TT

مناصرون لـ«حزب الله» يسخرون من الأسد ويذكّرون بحقبات القتال

بشار الأسد يقود سيارته في الغوطة الشرقية في 2018 (أرشيفية - متداول)
بشار الأسد يقود سيارته في الغوطة الشرقية في 2018 (أرشيفية - متداول)

سخر مناصرون لـ«حزب الله» في لبنان من تصريحات لونا الشبل، مستشارة الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، التي وردت في مقاطع فيديو بثتها قناة «العربية/الحدث»، السبت، وتقول فيها إن «(حزب الله) لم يُسمع له صوت في النهاية»، كما أعربوا عن غضبهم من سكوت الأسد عن تلك العبارات «لعلمه بأنه لولا الحزب لسقط نظامه منذ 2012».

وبثّت «العربية» تسريبات غير مؤرخة من جولة الأسد في الغوطة الشرقية، ويُعتقد أن الفيديو مسجل في مارس (آذار) 2018، إثر انسحاب مسلحي المعارضة من الغوطة في ذلك الوقت.

وكانت مستشارته السابقة لونا الشبل ترافقه في الجولة، إضافة إلى شخص ثالث يسجل الفيديو. وحين صادف الأسد مسلحين مجهولين، قال إنهم من لبنان، في إشارة إلى مسلحي «حزب الله»، لتفتح لونا الشبل حديثاً عن الحزب.

وقالت في الفيديو: «الجيش السوري تعلّم وصارت عنده خبرات يدرّسها لغير جيوش»، مضيفة: «(حزب الله) في النهاية لَبَدْ (أي تراجع عن ادعاءاته)». وتابعت: «لم نسمع صوته».

ورأى مناصرون لـ«حزب الله» في لبنان أن سكوت الأسد عن كلام مستشارته، «إساءة لكل التضحيات وإنكار للواقع»، وقال أحدهم في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «سكوته يعني أنه راضٍ عما ادعته الشبل... وهذه إساءة أخرى». وتابع: «هذا إنكار، ويعني أنه ليس وفياً، ولا يقدّر التضحيات».

وسخر مناصر لـ«حزب الله» من تصريحات لونا الشبل، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن ما تقوله في الفيديو «ادعاءات وأوهام». وأضاف: «الأسد يعرف، كما الشبل التي تبدو في هذه اللقطة تمالق بشار، أنه لولا مقاتلو الحزب، لكان المسلحون (المعارضة) في دمشق منذ شتاء 2012». وتابع: «هي تافهة وكاذبة وممالقة».

مقاتلو «حزب الله» يؤدون القسم خلال تدريب عسكري مُنظم في معسكر بقرية عرمتى جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)

ويتناقل مناصرو «حزب الله» روايات عن قتالهم في سوريا في الشوارع والمقاهي، فضلاً عن أن الحزب في السنوات الماضية نشر فيديوهات لعملياته، ولا سيما الهجوم على القُصير وقرى القلمون في ربيع وصيف 2013، والقتال في حلب والزبداني والغوطة في 2016. وباتت تلك العمليات العسكرية جزءاً من مأثورات الحزب الذي يعترف بأن هجوم حلب ما كان ليتم لولا الإسناد الناري الروسي، وأن القتال في ريف اللاذقية تصدره الجيش السوري الموالي للأسد آنذاك.

وينقل مناصر للحزب عن مقاتل في التنظيم كان قد تعرّض لإصابة طفيفة في سوريا، قوله إن الجيش السوري «لم يكن يدرك كيف يوقف الهجمات في 2012 في جنوب دمشق، خصوصاً في الديابية والحسنية المتاخمتين للسيدة زينب، قبل أن يضع الحزب الخطط ويوزع المجموعات».

صورة من فيديو لقيادي في المراسم يقدم بندقية هدية للأمين العام الراحل لـ«حزب الله» هاشم صفي الدين خلال عرض في جنوب لبنان (أرشيفية - إعلام الحزب)

ويشير إلى أن هجوم مقاتلي المعارضة آنذاك في درعا البلد «صدّه الحزب وحده، وبعض المقاتلين السوريين الذين يقاتلون إلى جانبه»، مضيفاً أنه في الغوطة الشرقية، حيث أصيب المقاتل السابق، «كان مقاتلو جيش النظام يتراجعون، بينما كان أفراد من الحزب يقاتلون لساعتين وحدهم، قبل أن يعيد قادة في الحزب تنظيم المقاتلين على المحاور». وتابع: «كان على الشبل أن تقول من وضع خطط السيطرة على قرى القلمون والزبداني، ومن قاتل فيها قبل أن تقول إن الحزب لم يُسمع صوته».

رسالة لمن يدافع عن الأسد

هذا الاحتقان تفجّر أيضاً في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ قال أحد مناصري الحزب: «الحمد لله لم يخب ظني بهذا ومن معه في النظام»، في إشارة إلى الأسد وأركان نظامه. فيما أعاد آخر التذكير بأن الخصومة بين «حزب الله» والنظام السوري «تعود إلى الحرب الأهلية في لبنان، وتم تصحيحها شكلاً، لكنها بقيت مخفية ما دام النظام كان بحاجة للحزب». وقالت مغردة أخرى: «هذه رسالة لمن لا يزال يدافع عن الأسد».

علاقة متوترة

ولم تكن علاقة «حزب الله» بالأسد في فترة ما قبل سقوطه، مستقرة، فقد اتهم قياديون في الحزب في مجالسهم الخاصة، الأسد، بالتخلي عنهم في «معركة الإسناد» مع غزة، ولم يتخطَّ موقف موسكو وتعليماتها.

وخلال الأشهر الماضية، بدأت تتكشف فصول من العلاقة المتوترة مع النظام؛ إثر معلومات عن أن الأسد «لم يسمح لـ(حزب الله) بإطلاق الصواريخ الدقيقة من الأراضي السورية باتجاه إسرائيل»، وأن مقاتليه «تعرضوا لمضايقات، شملت أيضاً القيود السورية على إمداد الحزب بالأسلحة خلال المعركة الموسعة» التي يُطلق عليها الحزب اسم «معركة أولي البأس»، واندلعت في 23 سبتمبر (أيلول) 2024، وتوقفت في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 إثر توقيع اتفاق وقف الأعمال العدائية برعاية أميركية.