القصبي: نتطلع للعمل مع منظمة التجارة للوصول إلى نظام تجاري عالمي أكثر كفاءة واستدامة وشمولية

وزراء التجارة بدول الخليج يناقشون مع وزيرة الأعمال والتجارة بالمملكة المتحدة سير مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة

الدكتور ماجد القصبي خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية في أبوظبي (الشرق الأوسط)
الدكتور ماجد القصبي خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية في أبوظبي (الشرق الأوسط)
TT

القصبي: نتطلع للعمل مع منظمة التجارة للوصول إلى نظام تجاري عالمي أكثر كفاءة واستدامة وشمولية

الدكتور ماجد القصبي خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية في أبوظبي (الشرق الأوسط)
الدكتور ماجد القصبي خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية في أبوظبي (الشرق الأوسط)

أكد وزير التجارة السعودي الدكتور ماجد القصبي تطلعات المملكة للعمل ضمن منظمة التجارة العالمية، لتحقيق نتائج إيجابية من شأنها أن تدعم استعادة الثقة في النظام التجاري متعدد الأطراف، والذي يواجه تحديات وصعوبات كبيرة، مما يؤكد الدور الأساسي لمنظمة التجارة العالمية، ويعزز أهمية أجندة التجارة العالمية.

وبيَّن الدكتور القصبي أنه شارك في الاجتماع الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية، المنعقد في العاصمة الإماراتية أبوظبي، لمناقشة موضوعات مرتبطة بالأمن الغذائي، وتحسين قدرة الدول النامية، وتعزيز الشراكات وصولاً لنظام تجاري أكثر كفاءة واستدامة وشمولية.

فرصة محورية

ولفت إلى أن المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية فرصة محورية للاحتفال بالذكرى السنوية الـ13 لمنظمة التجارة العالمية منذ تأسيسها، مرحّباً بانضمام جزر القمر وتيمور الشرقية الديمقراطية عضوين جديدين في منظمة التجارة العالمية، ومؤكداً في الوقت ذاته مواصلة الالتزام بتسريع عمليات الانضمام المتبقية. وأعلن عن مصادقة السعودية على اتفاقية دعم مصائد الأسماك؛ مشيراً إلى أن منظمة التجارة العالمية ساعدت على النمو الاقتصادي والتنمية لأعضائها، ومن الضروري بالنسبة للمملكة أن يتم التوصل إلى نتائج بنّاءة وذات مغزى في أبوظبي.

وأكد حرص المملكة على العمل بشكل بنّاء مع جميع الأعضاء، للمضي قدماً نحو نجاح المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية.

مناقشات التجارة الحرة

كما أكد أن وزراء التجارة بدول الخليج ناقشوا مع وزيرة الأعمال والتجارة بالمملكة المتحدة، كيمي بادينوك، سير مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة، لتعزيز منظومة العمل الخليجي والتكامل التجاري.

وتأتي تصريحات الدكتور القصبي على هامش انطلاق المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية في العاصمة الإماراتية أبوظبي، والذي يتطلع إلى تحقيق نتائج إيجابية من شأنها أن تدعم استعادة الثقة في النظام التجاري متعدد الأطراف.

دعم النظام التجاري

وكان الدكتور ثاني الزيودي وزير الدولة للتجارة الخارجية في الإمارات رئيس المؤتمر الوزاري الثالث عشر للمنظمة، قد أكَّد أن بلاده تواصل دعم النظام التجاري الدولي متعدِّد الأطراف الذي تُشرف عليه المنظمة، باعتباره محفِّزاً للنمو المستدام للاقتصاد العالمي، ومساهماً في الارتقاء بحياة الشعوب في العالم. ويمثِّل المؤتمر الوزاري أعلى هيئة للتداول في منظمة التجارة العالمية، وهي المنظمة الدولية المعنية بتنظيم التجارة العالمية وتسهيلها، وتعدُّ أكبر منظمة اقتصادية عالمياً، وتضمُّ 164 دولة، وتمثِّل 98 في المائة من حركة التجارة العالمية، ومن إجمالي الناتج المحلي العالمي.

وأكد الزيودي أن نظام التجارة العالمي يواجه كثيراً من التحديات المتعلقة بالأمن الغذائي ومكافحة الأمراض المعدية؛ مشيراً إلى أن المنظمة تعد منظومة عمل جماعية في مواجهة العمل الفردي، ومتطرقاً للأعمال التي قدمتها بلاده في تحفيز الفرص وتطوير الأداء على الصعيد الاقتصادي.

ولفت وزير الدولة للتجارة الخارجية في الإمارات إلى أن منظمة التجارة العالمية لها تأثير كبير على العالم، وقال: «علينا التعاون لإيجاد مستقبل مليء بالرفاهية للجميع».

تحذير عالمي

ومع انطلاق المؤتمر، حذَّرت رئيسة منظمة التجارة العالمية النيجيرية نجوزي أوكونجو إيويالا، من أن العالم قد لا يتمكن من تحقيق معدل نمو تجارة البضائع بنسبة 3.3 في المائة، هذا العام.

وقالت إيويالا: «يبدو أن نمو حجم تجارة السلع العالمية في عام 2023 انخفض عن 0.8 في المائة التي توقعناها في أكتوبر (تشرين الأول)، وبالنظر إلى جميع المخاطر السلبية، من المحتمل ألا نحقق معدل نمو تجارة السلع البالغ 3.3 في المائة لهذا العام»، وفق «رويترز».


مقالات ذات صلة

السعودية تبرم 62 اتفاقية نفاذ إلى الأسواق منذ دخولها «التجارة العالمية»

الاقتصاد «مركز الملك عبد الله المالي» في الرياض (الشرق الأوسط)

السعودية تبرم 62 اتفاقية نفاذ إلى الأسواق منذ دخولها «التجارة العالمية»

تمكنت السعودية، منذ انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية، من توقيع 62 اتفاقية نفاذ إلى الأسواق في السلع والخدمات، بجانب إجراء 379 جولة تفاوضية؛ حضورية وافتراضية.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية تتحدث في إحدى جلسات مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» (الشرق الأوسط)

مديرة «التجارة العالمية» تدعو لوضع قواعد لمواكبة الذكاء الاصطناعي

قالت المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، نجوزي أوكونجو-إيويالا، إن الولايات المتحدة اتخذت إجراءات أحادية الجانب لأنها ترى أن النظام التجاري العالمي لم يتطور

الاقتصاد شعار منظمة التجارة العالمية يظهر على مقرها في جنيف (رويترز)

الصين تُقيل ممثلها في «منظمة التجارة» بعد انتقادات أميركية

ذكرت وكالة «شينخوا» يوم الاثنين، أن الصين أقالت رسمياً كبير المفاوضين التجاريين لي تشينغ قانغ، من منصب الممثل الدائم لدى منظمة التجارة العالمية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد مديرة منظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو-إيويالا في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن (أ.ف.ب)

الصين تتهم أميركا بـ«انتهاكات تجارية»... والبيت الأبيض: لسنا في حرب مع بكين

اتهمت بعثة الصين لدى منظمة التجارة العالمية الولايات المتحدة يوم الجمعة، بانتهاك القواعد التجارية الدولية وفرض سياسات تمييزية تهدد النظام الاقتصادي العالمي

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الاقتصاد شعار منظمة التجارة العالمية يظهر على مقرها في جنيف (رويترز)

توقعات «التجارة العالمية» لعام 2026 تتراجع بشكل حاد بفعل الرسوم

خفّضت منظمة التجارة العالمية الثلاثاء توقعاتها لنمو حجم التجارة العالمية للبضائع لعام 2026 بشكل حاد إلى 0.5 %

«الشرق الأوسط» (جنيف)

وزير الصناعة السعودي: ولي العهد سرّع إلغاء المقابل المالي لتعزيز تنافسية القطاع عالمياً

وزير الصناعة متحدثاً للحضور في مجلس صناعيي الرياض الثامن (الشرق الأوسط)
وزير الصناعة متحدثاً للحضور في مجلس صناعيي الرياض الثامن (الشرق الأوسط)
TT

وزير الصناعة السعودي: ولي العهد سرّع إلغاء المقابل المالي لتعزيز تنافسية القطاع عالمياً

وزير الصناعة متحدثاً للحضور في مجلس صناعيي الرياض الثامن (الشرق الأوسط)
وزير الصناعة متحدثاً للحضور في مجلس صناعيي الرياض الثامن (الشرق الأوسط)

كشف وزير الصناعة والثروة المعدنية، بندر الخريف، عن كواليس ما قبل إصدار قرار مجلس الوزراء، الأخير، المتمثل في إلغاء المقابل المالي عن القطاع الصناعي، مبيناً أن ولي العهد قاد اجتماعاً كان مدافعاً عن المنظومة، وهو مَن اتخذ القرار بهذه السرعة، في خطوة الهدف منها تعزيز تنافسية الصناعة السعودية على مستوى العالم.

يأتي ذلك بعد أيام من قرار مجلس الوزراء، بإلغاء المقابل المالي المقرر على العمالة الوافدة في المنشآت الصناعية، في خطوة ستسهم في تعزيز تنافسية الصناعة السعودية عالمياً، وزيادة وصول الصادرات غير النفطية وانتشارها في مختلف الأسواق العالمية.

وجاء كلام وزير الصناعة والثروة المعدنية، خلال «مجلس صناعيي الرياض الثامن»، بتنظيم غرفة الرياض، يوم الخميس، مؤكداً أن قرار إلغاء المقابل المالي، يعكس وضوح «رؤية 2030» والحكومة تجاه هذه المنظومة وأهميتها في تنويع القاعدة الاقتصادية وزيادة الصادرات وخلق الفرص الاستثمارية لنمو القطاع غير النفطي.

استقرار السياسات

واستطرد الخريف: «علينا مسؤولية جماعياً أن نثبت أن هذا القرار صحيح ويخلق تنافسية عالية للقطاع الصناعي ويجعل هذه المنظومة منافسة دون قيود ودون ترقب».

جانب من لقاء وزير الصناعة والثروة المعدنية في مجلس صناعيي الرياض الثامن (الشرق الأوسط)

وأبدى تفاؤله بأن القرار سيكون عاملاً مهماً لخلق الاستقرار للسياسات المرتبطة بالاستثمار الصناعي، وتمكين المستثمرين لاتخاذ القرارات المناسبة، مطالباً في الوقت ذاته من المنشآت ضرورة الاستفادة من كل الممكنات لخدمة المنظومة.

من جانبه، أشار رئيس مجلس إدارة غرفة الرياض، المهندس عبد الله العبيكان، في كلمته على هامش الحدث، إلى الدور المحوري الذي تقدمه الوزارة في قيادة التحول الصناعي، وتعزيز تنافسية القطاع، وتمكين الاستثمارات النوعية التي تشكل ركيزة أساسية في بناء مستقبل الصناعة الوطنية، والتي تحظى بدعم غير مسبوق من الحكومة، الأمر الذي حوَّل الصناعة إلى محرك حقيقي للنمو، وركيزة أساسية في تحقيق مستهدفات «رؤية 2030».

التحول الرقمي

وقال إن محورَي المجلس هذا العام يتركزان على التحول الرقمي وربط البيانات، وتعزيز المحتوى المحلي ورفع الأثر الاقتصادي، ويمثلان حجر الأساس لأي نهضة صناعية حديثة، وأن الرقمنة ليست مجرد أداة تطوير، بل ركيزة استراتيجية تعيد تشكيل سلاسل الإمداد، وتحسين كفاءة التشغيل، وترفع جودة القرار.

المهندس عبد الله العبيكان في كلمته خلال مجلس صناعيي الرياض الثامن (الشرق الأوسط)

وأكد العبيكان أن المحتوى المحلي ليس مجرد نسبة تقاس، بل قيمة تُبنى واستثمار يعاد ضخه في الاقتصاد الوطني، وفرص عمل تُخلق، وأثر اقتصادي يتسع ويتجذر.

وحسب العبيكان، فإن غرفة الرياض تؤمن بأن دورها يتجاوز تنظيم الفعاليات إلى صناعة الحوار، ودفع البيئة الصناعية نحو التطور، وهذا المجلس، بما يحمله من خبرات ورؤى، يمثل مساحة خصبة لتوليد أفكار عملية وبناءه، والخروج بتوصيات قادرة على المساهمة في تعزيز مسار الصناعة الوطنية.


انفتاح الأسواق الأميركية... عهد جديد للأصول البديلة في 2026

أشخاص يغادرون مقر هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في واشنطن (رويترز)
أشخاص يغادرون مقر هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في واشنطن (رويترز)
TT

انفتاح الأسواق الأميركية... عهد جديد للأصول البديلة في 2026

أشخاص يغادرون مقر هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في واشنطن (رويترز)
أشخاص يغادرون مقر هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في واشنطن (رويترز)

تشهد الأسواق المالية في الولايات المتحدة مرحلة من التحول، والتطور، مع اتساع نطاق الخيارات الاستثمارية المتاحة للمستثمرين الأفراد. وفي هذا السياق، يبرز التحدي في موازنة الاستفادة من الفرص الجديدة مع إدارة المخاطر المحتملة، لا سيما لأولئك الذين يفتقرون إلى الخبرة، أو الدعم الاستشاري المستمر. ومع اقتراب هذه الأدوات المعقدة من متناول الجميع، يطرح السؤال المحوري: هل تمثل هذه الخيارات فرصة حقيقية لتعزيز العوائد، أم إنها تحمل مخاطر لم يعتد عليها المستثمر العادي في خططه التقاعدية التقليدية؟

وفي هذا الإطار، قد يُتاح قريباً للمستثمرين الأميركيين الوصول إلى مجموعة أوسع من المنتجات المرتبطة بفئات الأصول، مثل الائتمان الخاص، والعملات الرقمية، في إطار جهود إدارة الرئيس ترمب، وهيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية لفتح الأسواق. ويرى بعض مستشاري الاستثمار أن هذا التوسع قد يضع عبئاً إضافياً على الأفراد لتحمل مسؤولية حماية أنفسهم مالياً.

واعتمد كل من البيت الأبيض وهيئة الأوراق المالية والبورصات، برئاسة بول أتكينز، منح المستثمرين خيارات أوسع للاستفادة من بعض فئات الأصول التي قد تحقق عوائد مرتفعة. ومع ذلك، يحذر بعض المستشارين الماليين عملاءهم المعتادين على الاستثمار في الأسهم والسندات من أنهم قد لا يكونون مستعدين تماماً لتدفق هذه العروض الجديدة، التي يتوقع محللو السوق ازديادها في 2026، وفق «رويترز».

يقول مارك ستانكاتو، مؤسس شركة «في آي بي ويلث آدفايزرس» في ديكاتور، جورجيا: «سيحدث شيء سلبي، وسيقول الناس: لحظة، لم أدرك المخاطر التي كنت أتعرض لها». ويضيف أن المستثمرين قد يجدون صعوبة في اتخاذ قرارات مدروسة، لا سيما عند تقييم أصولهم التقاعدية.

وأكدت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، والبيت الأبيض استمرار تركيزهما على حماية المستثمرين. وقالت تايلور روجرز، المتحدثة باسم البيت الأبيض: «يلتزم رئيس الهيئة، أتكينز، بضمان أسواق عادلة، ومنظمة، وفعّالة، مع حماية المستثمرين الأفراد». وأضافت أن الولايات المتحدة تظل «المكان الأفضل، والأكثر أماناً للاستثمار».

وأشار متحدث باسم الهيئة إلى أن تركيزها ينصب على ضمان حصول المستثمرين على «معلومات موثوقة لاتخاذ قرارات مدروسة» بشأن جميع المنتجات الجديدة. وكان أتكينز قد صرّح في سبتمبر (أيلول) بأن إتاحة الوصول إلى الأصول الخاصة تستلزم وضع ضوابط مناسبة. كما قالت وزارة العمل إنها ستضع قواعد وإرشادات لأفضل الممارسات عند تقديم الأصول الخاصة، وغيرها من البدائل لمستثمري التقاعد.

ويُثار التساؤل حول ما إذا كانت هذه الخطوات توفر مزيداً من العوائد للمستثمرين، أو تزيد المخاطر على صغار المستثمرين. فقد أعلنت إدارة ترمب في أغسطس (آب) عن خطط لتسهيل وصول المستثمرين الأفراد إلى أصول مثل الائتمان الخاص، والأسهم الخاصة، وطلب من وزير العمل، المسؤول عن خطط التقاعد، التشاور مع جهات أخرى، بما فيها هيئة الأوراق المالية والبورصات، خلال ستة أشهر. وكان أتكينز قد صرّح في نوفمبر (تشرين الثاني) بأن أدوات التقاعد التقليدية، مثل صناديق التاريخ المستهدف، تتجنب الاستثمار في هذه الأصول، ما يضر بالمستثمرين.

حالياً، تتيح خطط التقاعد، مثل 401(k)، الاستثمار في الأصول المتداولة علناً، كالأسهم، والسندات، عبر صناديق الاستثمار المشتركة، أو صناديق المؤشرات المتداولة. وفتح الاستثمار في الأسهم الخاصة، أو الائتمان الخاص قد يوفر فوائد من حيث التنويع، لكنه يثير تساؤلات حول كيفية تقييم هذه الأصول، وسيولتها، وجودة الخيارات المتاحة للمستثمرين الأفراد.

كما تعمل هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية على تسهيل وصول المستثمرين إلى العملات المشفرة من خلال تسريع إطلاق صناديق المؤشرات المتداولة الجديدة، عبر اعتماد معايير الإدراج العامة في سبتمبر، ما أزال عقبة أمام إطلاق صناديق المؤشرات المتداولة الفورية المرتبطة بالعملات المشفرة.

وقال روبرت بيرسيكيت، المخطط المالي في شركة «ديلاجيف فايناشال» بارفادا، كولورادو إن العروض الجديدة قد تزيد المخاطر على المستثمرين الأفراد، الذين يعتبرهم الأكثر عرضة للخطر، والأقل خبرة في تقييم مخاطر المنتجات الجديدة، أو المعقدة، مضيفاً: «المستثمر العادي... لا يملك فريقاً من المستشارين لدعمه».

ومنذ تطبيق معايير الإدراج العامة في سبتمبر، شهدت صناديق المؤشرات المتداولة للعملات المشفرة نمواً ملحوظاً، وفقاً لبيانات «مورنينغ ستار»، فيما توقعت شركة «بايتوايز» لإدارة الأصول ظهور نحو مائة صندوق أخرى خلال عام 2026. كما ازداد الاهتمام بصناديق الفترات، وهي صناديق مغلقة تستثمر في الأصول الخاصة، نتيجة استفادتها من توسيع نطاق خطط التقاعد.

وقال برايان أرمور، المحلل في «مورنينغ ستار»: «أتوقع تدفقاً كبيراً للصناديق التي تستثمر في الأصول الخاصة في عام 2026».


كيف تواجه أسواق الخليج الديون المتعثرة دون صدمات؟

العاصمة السعودية الرياض (واس)
العاصمة السعودية الرياض (واس)
TT

كيف تواجه أسواق الخليج الديون المتعثرة دون صدمات؟

العاصمة السعودية الرياض (واس)
العاصمة السعودية الرياض (واس)

في وقتٍ تحافظ فيه اقتصادات الخليج على مستويات مرتفعة من السيولة والقدرة على امتصاص الصدمات، يبرز ملف الديون المتعثرة وإعادة الهيكلة بوصفه أحد المؤشرات الدقيقة على متانة النظام المالي من جهة، وقدرته على التكيّف مع المتغيرات العالمية من جهة أخرى. فبينما لا تزال نسب التعثر عند مستويات محدودة تاريخياً، تفرض بيئة أسعار الفائدة المرتفعة، وضغوط تنفيذ المشاريع الكبرى، وتحديات رأس المال العامل، واقعاً جديداً يدفع الشركات والمقرضين إلى البحث عن حلول أكثر مرونة وانتقائية.

وفي هذا السياق، ترصد «الشرق الأوسط» ملامح المشهد الراهن والمستقبلي لإدارة الديون المتعثرة في منطقة الخليج، ولا سيما في السعودية، من خلال لقاء خاص مع خبراء شركة «ألفاريز آند مارسال» العالمية.

وفرة السيولة

ويرى المدير الإداري ورئيس قسم استشارات الديون لدى «ألفاريز آند مارسال» الشرق الأوسط، كيرت ديفيس، أن الوضع المالي المتعثر في منطقة الخليج العربي لا يزال دون المستويات الحادة، مشيراً إلى أن وفرة السيولة في الأسواق تتيح حلولاً بديلة للعديد من التحديات، من خلال إعادة التمويل، ودعم المساهمين، وبيع الأصول، بدلاً من اللجوء إلى إجراءات إعادة الهيكلة الرسمية. ويوضح أن هذا الواقع أسهم في احتواء الضغوط ومنع انتقالها إلى موجات تعثر واسعة النطاق.

وعلى مستوى السعودية، يشير ديفيس إلى ظهور بعض مؤشرات التعثر، لا سيما في قطاعات العقارات والإنشاءات، إضافة إلى الشركات المتوسطة ذات المديونية المرتفعة. ويعزو ذلك إلى أسباب ثانوية تتعلق بضعف الطلب في بعض الأنشطة، وأسباب جوهرية تتمثل في ارتفاع أسعار الفائدة، ومخاطر تنفيذ المشاريع، والصعوبات التي تواجه رأس المال العامل في تغطية الالتزامات التشغيلية.

وبالنظر إلى المرحلة المقبلة، يتوقع ديفيس استمرار اللجوء إلى حلول مرنة لإدارة الضغوط المالية، تشمل تعديل شروط القروض، وتمديد مواعيد استحقاقها، وزيادة عمليات تحويل الأصول إلى سيولة، إلى جانب الاعتماد على حلول ثنائية خاصة بين الأطراف المعنية. ويؤكد أن إجراءات إعادة الهيكلة تحت إشراف القضاء ستبقى ضمن نطاق ضيق، ومحصورة بالحالات التي تستدعي ذلك.

إعادة الهيكلة

أما عن تطور نهج الجهات المقرضة في دول الخليج خلال العامين الماضيين، فيشير ديفيس إلى أن التعامل مع الديون المتعثرة بات أكثر انتقائية وتنظيماً، مع توقع استمرار عمليات إعادة الهيكلة والإجراءات الخاصة خلال عام 2026، ولكن ضمن إطار محدود. ويرتبط هذا التوجه، حسب قوله، بعدة عوامل رئيسية، أبرزها استمرار ارتفاع أسعار الفائدة لفترات أطول، واقتراب مواعيد استحقاق جزء كبير من الديون، إضافة إلى مخاطر تنفيذ المشاريع في القطاعات كثيفة الاستثمار.

وأشار ديفيس إلى الدور المحوري الذي تلعبه آليات الدعم المقدمة من الحكومات والبنوك والجهات الراعية في ضبط وتيرة هذه الأنشطة، إلى جانب تأثير معدلات تحويل الأصول إلى سيولة، سواء عبر بيع الأصول غير الأساسية، أو حتى الأساسية، أو من خلال الطروحات العامة الأولية. ويرجّح أن تظل عمليات إعادة الهيكلة محصورة في حالات التعثر الخاصة بكل شركة، وغير الناتجة عن انكماش اقتصادي واسع النطاق.

وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه الشركات عند الدخول في مسارات إعادة الهيكلة، يوضح ديفيس أن الشركات تواجه نقص السيولة، وندرة خيارات إعادة التمويل، وتعقيد المفاوضات مع أطراف متعددة، تشمل البنوك والدائنين والجهات المعنية. وتزداد هذه التحديات عند وجود ثغرات في البيانات، أو عدم جاهزية أنظمة الحوكمة، أو الحاجة إلى إصلاحات تشغيلية حقيقية تتجاوز الحلول المالية البحتة.

كما يشدد على أن إدارة المخاطر المرتبطة بسمعة الشركة، والحفاظ على ثقة الموردين والعملاء، تمثل عاملاً حاسماً في نجاح أي عملية إعادة هيكلة. ويؤكد أن طبيعة التحديات تختلف باختلاف القطاعات؛ ففي قطاعي الإنشاءات والمقاولات، تبرز مخاطر الالتزامات المرتبطة بالمشاريع وضبط توقيت التدفقات النقدية، بينما يخضع القطاع العقاري لتقلبات الأسعار ودورات السوق. أما قطاعا التجزئة والصناعة، فيواجهان ضغوطاً أكبر على رأس المال العامل وارتفاع التكاليف التشغيلية.

البنية التشغيلية

من جانبه، يؤكد رئيس قسم إعادة الهيكلة والرئيس المشارك لدى «ألفاريز آند مارسال» الشرق الأوسط، بول غيلبرت، أن السوق تضم عدداً كبيراً من الشركات المثقلة بالديون التي تحتاج إلى عمليات إعادة هيكلة مالية، مرجحاً استمرار هذا الوضع خلال الفترة المقبلة. ويوضح أن الشركات قد تُجبر على اتخاذ خطوات عملية لمعالجة أوضاعها المالية نتيجة أحداث طارئة في السيولة، أو عوامل خارجية تؤثر على الإيرادات أو ترفع التكاليف.

ويضيف غيلبرت أن الحاجة لا تقتصر على إعادة الهيكلة المالية فحسب، بل تمتد إلى إعادة النظر في البنية التشغيلية للشركات، مؤكداً أن هذا المسار يجب أن يُنظر إليه بوصفه فرصةً لتعزيز الأداء وتحسين الكفاءة. ويرى أن هذا النهج ينطبق على الشركات المزدهرة، كما على تلك التي تواجه تحديات مالية أو ديوناً متعثرة.

وبينما تمضي اقتصادات الخليج في تنفيذ برامج تنموية واستثمارية طموحة، يبقى ملف إعادة الهيكلة مؤشراً مهماً على قدرة الشركات على التكيّف مع التحولات، وعلى نضج الأطر التنظيمية والتمويلية في المنطقة.