تحفظ إيراني على اقتراح رئيس «الذرية الدولية» لزيارة طهران الشهر المقبل

إسلامي يرد على أسئلة الصحافيين على هامش اجتماع الحكومة في طهران (الرئاسة الإيرانية)
إسلامي يرد على أسئلة الصحافيين على هامش اجتماع الحكومة في طهران (الرئاسة الإيرانية)
TT

تحفظ إيراني على اقتراح رئيس «الذرية الدولية» لزيارة طهران الشهر المقبل

إسلامي يرد على أسئلة الصحافيين على هامش اجتماع الحكومة في طهران (الرئاسة الإيرانية)
إسلامي يرد على أسئلة الصحافيين على هامش اجتماع الحكومة في طهران (الرئاسة الإيرانية)

أبدى رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، محمد إسلامي، اليوم (الأربعاء)، تحفظاً على مقترح المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي بزيارة طهران الشهر المقبل، لكنه عوضاً عن ذلك دعا المسؤول الأممي إلى حضور مؤتمر في طهران في مايو (أيار).

وقال غروسي هذا الأسبوع إن إيران تواصل تخصيب اليورانيوم بما يتجاوز بكثير احتياجات الاستخدام التجاري، وأضاف أنه كان يعتزم زيارة طهران الشهر المقبل للتباحث بشأن «تباعد» العلاقات بين الوكالة والجمهورية الإسلامية.

ويعقد مجلس المحافظين التابع للوكالة الدولية اجتماعه الفصلي، البالغ عدد أعضائه 35 دولة، الشهر المقبل في فيينا.

لكن محمد إسلامي قال إن إجراء زيارة الشهر المقبل غير مرجح بسبب «جدول الأعمال المزدحم» دون تقديم مزيد من التفاصيل، حسب «رويترز».

وصرح إسلامي للصحافيين على هامش الاجتماع الأسبوع للحكومة في طهران، بأن «تواصل إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية مستمر بصورة طبيعية، وتجري المناقشات لحل أوجه الالتباس وتطوير التعاون».

وقال إسلامي إن غروسي تلقى دعوة لحضور المؤتمر الدولي الأول للطاقة النووية في إيران في مايو.

وفي وقت لاحق، نقلت وكالة «إيسنا» الحكومية أن «غروسي أعرب عن رغبته في زيارة إيران، والزيارة على جدول أعماله، وأنها على جدول أعمالنا أيضاً، وستجري عندما ننتهي من الترتيبات».

والاثنين، أطلع غروسي وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على استمرار الانتهاكات الإيرانية، بما في ذلك إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب.

تحصيب يلامس مستوى الأسلحة

وفي وقت لاحق، قال غروسي لـ«رويترز»: إن إيران لا تزال تخصب اليورانيوم بمعدل مرتفع يبلغ حوالى سبعة كيلوغرامات شهرياً إلى درجة نقاء 60 في المائة رغم تباطؤ وتيرة التخصيب قليلاً منذ نهاية العام الماضي.

والتخصيب إلى درجة نقاء 60 في المائة يجعل اليورانيوم قريباً من مستوى صنع الأسلحة، وهو ليس ضرورياً لإنتاج الطاقة النووية للاستخدام التجاري. وتنفي إيران سعيها لحيازة أسلحة نووية، لكن الوكالة الدولية والقوى الغربية تقول إنه لم تقم أي دولة أخرى بتخصيب اليورانيوم إلى هذا المستوى دون إنتاجها.

وبموجب اتفاق 2015 مع القوى العالمية، والذي لم يعد سارياً، كان يمكن لإيران تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.67 في المائة فقط. وبعد قرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بسحب الولايات المتحدة من هذا الاتفاق في عام 2018 وإعادة فرض عقوبات عليها، انتهكت إيران القيود النووية المفروضة بموجب الاتفاق وتجاوزتها.

وذكرت وكالة الطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، في وقت سابق، أن إيران أبطأت في الفترة بين يونيو (حزيران) ونوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي وتيرة تخصيب اليورانيوم إلى ثلاثة كيلوغرامات شهرياً، لكنها قفزت مرة أخرى إلى معدل تسعة كيلوغرامات في نهاية العام. وجاءت هذه الزيادة بعد وقت قصير من قيام طهران بمنع ثلث فريق التفتيش الأساسي التابع للوكالة، ومنهم كبار الخبراء، من المشاركة في المراقبة المتفق عليها لعملية التخصيب.

هناك خطاب مقلق... ربما سمعتم مسؤولين كباراً في إيران يقولون إنه صار لديهم في الآونة الأخيرة كل العناصر اللازمة لصنع سلاح نووي

رافائيل غروسي

وأوضح غروسي أن «دورة التباطؤ والتسريع تلك بالنسبة لي لا تغير الاتجاه الأساسي، وهو اتجاه الزيادة المستمرة في مخزون اليورانيوم عالي التخصيب».

وحذرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في نهاية عام 2023 من أن طهران لديها بالفعل ما يكفي من المواد لصنع ثلاث قنابل نووية إذا خصبت اليورانيوم إلى أكثر من 60 في المائة.
وقال غروسي: «هناك خطاب مقلق، ربما سمعتم مسؤولين كباراً في إيران يقولون إنه صار لديهم في الآونة الأخيرة كل العناصر اللازمة لصنع سلاح نووي».
وأضاف أن القلق تزايد بسبب ما وصفه بالظروف الحالية في الشرق الأوسط، في إشارة إلى التوتر الناجم عن الحرب التي تخوضها إسرائيل في غزة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) المدعومة من إيران.
وتابع: «يبدو أننا نتباعد... تقول إيران إنها لا تحصل على حوافز من الغرب، لكنني أجد أن فهم هذا المنطق معقد جداً لأنه ينبغي عليهم العمل معنا... ويجب ألا يكون ذلك مشروطاً بأي حوافز سواء اقتصادية أو غير ذلك».

واحتجت طهران الأسبوع الماضي، الاثنين، على تصريحات قال فيها غروسي: إن إيران «تقدم وجهاً لا يتسم بالشفافية الكاملة عندما يتعلق الأمر بأنشطتها النووية. وبالطبع؛ فإن ذلك يزيد من المخاطر».

وأضاف غروسي أن هناك «كلاماً فضفاضاً حول الأسلحة النووية أكثر فأكثر؛ بما في ذلك في إيران مؤخراً؛ فقد صرح مسؤول رفيع المستوى قائلاً: (في الواقع؛ لدينا كل شيء... إنه مفكك). حسناً؛ من فضلك دعني أعرف ما لديك».

وكان يشير غروسي ضمناً إلى ما قاله رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية السابق، علي أكبر صالحي، في برنامج تلفزيوني إيراني، بشأن امتلاك بلاده كل ما تحتاج إليه لصنع سلاح.

وأضاف صالحي: «لدينا كل (قطع) العلوم والتكنولوجيا النووية. دعوني أضرب مثالاً: إلامَ تحتاج السيارة؟ تحتاج إلى هيكل، تحتاج إلى محرك، تحتاج إلى عجلة قيادة، تحتاج إلى علبة تروس. هل صنعت علبة التروس؟ أقول نعم. المحرك؟ ولكن كل عنصر موجه لغرضه الخاص».

وكان صالحي قد أدلى بتعليق مماثل، قبل أيام معدودة؛ إذ قال: إن «الأمر بين أيدينا».

في وقت سابق من هذا الشهر، حذّر «معهد العلوم والأمن الدولي» في واشنطن من بلوغ أنشطة طهران مرحلة «الخطر الشديد» بسبب الوضع المتقلب في المنطقة.

وقال خبراء «المعهد»، الذي يرأسه مفتش دولي سابق، ويراقب أنشطة إيران من كثب: إن «الوضع المتقلب في المنطقة يوفر لإيران فرصة فريدة ومبررات داخلية جمّة لبناء أسلحة نووية»، في حين تراجعت قدرة الولايات المتحدة وإسرائيل على رصد إيران وردعها عن التقدم في برنامجها النووي و«باتت محدودة».

ووفق تقييم المعهد؛ فإنه بدءاً من نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بمقدور إيران امتلاك ما يكفي من اليورانيوم المطلوب لصناعة 6 قنابل نووية في غضون شهر، وبعد 5 أشهر يمكنها إنتاج اليورانيوم المطلوب لتطوير 12 قنبلة نووية.

ويقول الخبراء إنه بإمكان إيران إنتاج رؤوس حربية للصواريخ الباليستية في غضون 6 أشهر، وقد يستغرق بناء رأس حربي نووي لصاروخ باليستي فترة أطول من 6 أشهر.

وباشرت إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة خلال الأسابيع الأولى من تولي بداية المهام الرئاسية للرئيس جو بايدن الذي تعهد بإحياء الاتفاق النووي والعودة من مسار سلفه ترمب. ورفعت إيران تخصيب اليورانيوم إلى 60 في المائة مع انطلاق المحادثات التي سعت إلى إعادة واشنطن وطهران، إلى الاتفاق المنهار.

وبعد محادثات مكوكية في فيينا، دخلت المسار الدبلوماسي، نفقاً مظلماً في الأسابيع الأولى من بداية الحرب الروسية - الأوكرانية، في 24 فبراير (شباط) 2022.

وروسيا هي إحدى الدول الموقّعة على الاتفاق النووي لعام 2015، المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، إلى جانب الولايات المتحدة، والصين، وفرنسا، وبريطانيا وألمانيا.

وقال غروسي: «لروسيا دور تلعبه بشأن إيران. لقد لعبت في الماضي دور الدولة الطرف في خطة العمل الشاملة المشتركة (لكن) في الظروف الحالية، ومع تفكك الاتفاق النووي، يجب أن يملأ شيء ما هذا الفراغ».

وفشلت مساعي الاتحاد الأوروبي لإنعاش مسار المحادثات النووية مرات عدة.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، الاثنين: إن الاتفاق النووي «لا يزال على جدول الأعمال».

وتعتقد الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن الاتفاق النووي الموقّع عام 2015 «انهار تقريباً».


مقالات ذات صلة

شؤون إقليمية العلَم الإيراني ورمز الذرّة وعبارة «البرنامج النووي»... (رويترز)

طهران: الاعتراف بحقوقنا هو الحل الوحيد لملفنا النووي

«كيف يُطلب من إيران السماح بتفتيش منشآت تعرضت لهجمات، وتوجد فيها مخاطر إشعاعية وتسرب مواد مشعة؟».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية عراقجي مصافحاً فيدان خلال استقباله في طهران (الخارجية التركية)

تركيا وإيران تؤكدان ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة

أكدت تركيا وإيران ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة ووقف التوسع الإسرائيلي الذي يهدف إلى زعزعة الاستقرار في كل من سوريا ولبنان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أفراد من القوات الإيرانية يحملون نعش العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده خلال مراسم تشييعه في طهران (رويترز)

قائد الجيش الإيراني ينفي وجود «أبعاد عسكرية» للمشروع النووي لبلاده

«إذا كانت القضية قد أغلِقت رسمياً، فلماذا تُعاد إثارتها استناداً إلى ادعاءات أعداء إيران؟».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية نواب في جلسة شهدت انتقادات حادة لروحاني وظريف في 26 أكتوبر الماضي (أ.ب)

روحاني: إيران عالقة في حالة «لا حرب ولا سلام»

قال الرئيس الإيراني الأسبق، حسن روحاني، إن إيران تحتاج إلى «فضاء آمن، لا فضاء أمني»، وإن تعزيز الردع يمر عبر جذب النخب وإزالة الأجواء الأمنية.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.


إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.