أقمار اصطناعية مطورة... تستكشف المنازل وترصد الأفراد على الأرض

«عيون السماء» تصمَّم بكاميرات عملاقة تميز الصغار عن الكبار

تصميم القمر الاصطناعي الجديد
تصميم القمر الاصطناعي الجديد
TT

أقمار اصطناعية مطورة... تستكشف المنازل وترصد الأفراد على الأرض

تصميم القمر الاصطناعي الجديد
تصميم القمر الاصطناعي الجديد

​لعقود من الزمن، كان خبراء الخصوصية حذرين من التطفل القادم من الفضاء، إذ كانوا يخشون الأقمار الاصطناعية ذات القدرات القوية لتكبير صور الأفراد، والتقاط صور قريبة قد تميز البالغين عن الأطفال، أو تفصل المتشمسين عن أولئك الآخرين.

فئة جديدة من الأقمار الاصطناعية

الآن، وبشكل مفاجئ، كما يقول المحللون، تقوم شركة ناشئة ببناء فئة جديدة من الأقمار الاصطناعية التي ستشغِّل كاميراتها القوية بالضبط لأول مرة. وقال توفير حداد، رئيس شركة «ألبيدو سبيس»، لصناعة الأقمار الاصطناعية الجديدة، في مقابلة: «نحن ندرك تماماً الآثار المترتبة على الخصوصية». وقال إن تكنولوجيا شركته ستصوِّر الأشخاص، ولكنها لن تتمكن من التعرف عليهم.

وأضاف حداد أن «ألبيدو» تتخذ خطوات إدارية لمعالجة المخاوف المتعلقة بالخصوصية.

لقد أصبح أي شخص يعيش في العالم الحديث على دراية بتناقص الخصوصية، وسط زيادة كبيرة في الكاميرات الأمنية وأجهزة التتبع المدمجة في الهواتف الذكية، وأنظمة التعرف على الوجوه، والطائرات من دون طيار، وغيرها من أشكال المراقبة الرقمية.

يستطيع قمر المدارات المنخفضة تمييز المنازل والأفراد

تحذيرات من المراقبة الجوية المخيفة

ولكن ما يجعل المراقبة الجوية مخيفة، كما يقول الخبراء، هو قدرتها على غزو المناطق التي كانت تُعد في السابق محظورة بشكل جوهري. قالت جينيفر لينش، المستشارة العامة لمؤسسة «الحدود الإلكترونية» التي حثت في عام 2019 الجهات التنظيمية المدنية للأقمار الاصطناعية على معالجة هذه المشكلة: «هذه كاميرا عملاقة في السماء، يمكن لأي حكومة استخدامها في أي وقت دون علمنا... يجب علينا بالتأكيد أن نشعر بالقلق».

وفي مقابل هذا القلق، يقول حداد وغيره من المؤيدين لتكنولوجيا «ألبيدو»، إنه تجب الموازنة بين الفوائد الحقيقية؛ خصوصاً عندما يتعلق الأمر بمكافحة الكوارث وإنقاذ الأرواح. ويعلق الدكتور جيمس بيكر، الرئيس السابق للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي التي ترخص أقمار التصوير المدنية في البلاد: «ستعرف (الكاميرا) أي منزل اشتعلت فيه النيران وأين يفر الناس».

مستشارون من المخابرات و«البنتاغون»

يقع مقر شركة «ألبيدو سبيس» في منطقة دنفر، ويعمل بها 50 موظفاً، وقد جمعت ما يقرب من 100 مليون دولار. وقال حداد إنها تخطط لإطلاق أول قمر اصطناعي لها في أوائل عام 2025. وفي النهاية، يتوقع أسطولاً مكوناً من 24 مركبة فضائية.

يشمل المستثمرون في «ألبيدو» شركة «Breakthrough Energy Ventures»، الشركة الاستثمارية التابعة لبيل غيتس. ويضم المجلس الاستشاري الاستراتيجي لشركة «ألبيدو» مديرين سابقين لوكالة المخابرات المركزية، والوكالة الوطنية للاستخبارات الجغرافية المكانية، وهي ذراع «البنتاغون».

ولا يذكر موقع الشركة الإلكتروني أي صور للأشخاص أو مشكلات الخصوصية. ومع ذلك، يقول خبراء الاستطلاع إنه يجب على مسؤولو التنظيم القانوني أن يستيقظوا قبل أن تبدأ المركبة الفضائية في التقاط أول صور قريبة لهم. وقالت ليندا زال، المسؤولة السابقة في وكالة المخابرات المركزية، والتي امتدت مسيرتها المهنية عقوداً من الزمن، شملت بعض أقوى أقمار التجسس الاصطناعية في البلاد: «إنها صفقة كبيرة». وتوقعت أن هذه القدرات ستصل إلى أرض الواقع، عندما يدرك الناس أن الأشياء التي يحاولون إخفاءها في ساحات منازلهم الخلفية يمكن الآن ملاحظتها بوضوح جديد.

وأضاف جوناثان ماكدويل، عالم الفيزياء الفلكية بجامعة هارفارد، والذي ينشر تقريراً شهرياً عن التطورات الفضائية المدنية والعسكرية: «إن ذلك يقربنا خطوة واحدة من عالم من نوع الأخ الأكبر الذي يراقب».

دقة الكاميرات تميز الأفراد

وفي حين أن المركبات الفضائية في المدار قامت بدراسة الكوكب منذ فترة طويلة، فإن إمكانية مراقبة الحياة المدنية بواسطة الأقمار الاصطناعية قد تراجعت بسبب كارثة تشيرنوبيل النووية، منذ أن التقط قمر اصطناعي أميركي غير عسكري صورة في 29 أبريل (نيسان) 1986، أظهرت أن قلب المفاعل قد تمزق في خرق ناري، أدى إلى قذف الحطام الإشعاعي القاتل إلى الغلاف الجوي.

ويحذر الخبراء من أن تحسن جودة الصور المتوقع بسرعة سيقود إلى سعي مديري الأخبار التلفزيونية إلى الوصول دون قيود إلى الصور الفضائية التي يمكنها في النهاية تتبع كل شيء، بدءاً من تحركات القوات إلى «الجاكوزي» في الفناء الخلفي للدار.

وهذا التحسن التقني يجعل الصور الجديدة أكثر تفصيلاً وكاشفة بمئات المرات. وكان القمر الاصطناعي الذي صور تشيرنوبل في عام 1986 يعرف باسم «لاندسات». قامت «ناسا» ببنائه لمراقبة المحاصيل والغابات والموارد الأخرى على الأرض. يمكن لكاميرا المركبة أن ترصد الأجسام الأرضية التي يصل حجمها إلى 30 متراً. وفي المقابل، كان طول مجمع تشيرنوبل نحو كيلومتر واحد. لذلك يمكن للمحللين رؤيته بسهولة والمفاعل المنفجر.

واليوم، تستطيع أقوى أقمار التصوير المدنية التمييز بين الأجسام الموجودة على الأرض التي يصل امتدادها إلى 30 سنتيمتراً، أو قطرها إلى نحو قدم. وتتيح الصور للمحللين تمييز علامات الطريق وحتى أرقام ذيول الطائرات. وتهدف «ألبيدو» إلى تحقيق قفزة للأمام من خلال تصوير أشياء صغيرة يصل امتدادها إلى 10 سنتيمترات، أو 4 بوصات.

لقطة لمفاعل تشيرنوبل الذري بعد انفجاره

أقمار المدارات المنخفضة

أسس حداد شركة «ألبيدو» مع وينستون تري، وهو مهندس برمجيات سابق في «فيسبوك»، وآي غاي لاساتر، وهو مهندس أقمار اصطناعية سابق في شركة «لوكهيد مارتن». لقد رأوا سوقاً تجارية للصور مقاس 10 سنتيمترات.

كان الحل الذي توصلوا إليه هو وضع الأقمار الاصطناعية في مدارات منخفضة جداً، تكون قريبة نسبياً من المناطق الأرضية المستكشفة. وهذا من شأنه أن يسمح لأسطول الأقمار الاصطناعية باستخدام كاميرات وتلسكوبات أصغر، مما يقلل التكاليف.

وإذا كان «لاندسات» يدور على ارتفاع أكثر من 400 ميل عندما صوَّر تشيرنوبل، ففي المقابل، خطط مؤسسو «ألبيدو» لمدارات منخفضة تصل إلى 100 ميل.

على ارتفاعات منخفضة، تقطع المركبات الفضائية الغلاف الجوي الخارجي الرقيق للكوكب، ما قد يؤدي إلى إبطائها وتقصير عمرها المداري. ستستخدم مركبة «ألبيدو» -وهي أكبر قليلاً من ثلاجة كاملة الحجم- نفاثات معززة لمواجهة السحب الجوي. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2021، حصلت شركة «ألبيدو» على موافقة الجهات التنظيمية لإطلاق قمر اصطناعي للتصوير بدقة 10 سنتيمترات.

وسرعان ما جذبت تقنيتها انتباه الجيش ووكالات الاستخبارات الوطنية. في عام 2022، حصلت الشركة على عقد بقيمة 1.25 مليون دولار مع القوات الجوية، لمعرفة ما إذا كانت معدات الشركة يمكن أن تلبي مقياس التصنيف القياسي الذي يقيس إمكانية تفسير الصور. وتضمنت الاختبارات التعرف على الأجهزة الموجودة في شاحنات الإلكترونيات، وأغطية الطائرات المقاتلة، وأنابيب الصواريخ على السفن الحربية. وفي 2023، تلقت الشركة عقداً آخر بقيمة 1.25 مليون دولار، هذه المرة مع «المركز الوطني للاستخبارات الجوية والفضائية» الذي يقوم بتقييم التهديدات الأجنبية.

رصد حمولات الشاحنات

وفي معرض الترويج لقوة المراقبة التي يتمتع بها الأسطول، قال تري، المؤسس المشارك لشركة «ألبيدو»، إن كاميرات الفضاء يمكنها اكتشاف تفاصيل المركبات، مثل فتحات السقف وخطوط السباق والأشياء الموجودة في شاحنة مسطحة. وقال: «في بعض الحالات، قد نكون قادرين على تحديد مركبات معينة، وهو ما لم يكن ممكناً حتى هذه اللحظة».

وتتوقع الشركة أن يشمل العملاء المدنيون مخططي المدن الذين يبحثون عن الحفر على الطرق، ومجموعات الحفاظ على الحياة البرية التي تتعقب الحياة البرية، وشركات التأمين التي تمسح الأضرار التي لحقت بالأسقف، وشركات خطوط الكهرباء التي تسعى إلى منع حرائق الغابات.

تدخل «مشروع» في الخصوصية

ويشير الخبراء القانونيون إلى أن الطائرات من دون طيار تخضع لرقابة شديدة، بموجب القوانين الفيدرالية وقوانين الولايات والقوانين المحلية، ما يجعلها عرضة لادعاءات التعدي على ممتلكات الغير وانتهاك الخصوصية. ولا تشمل مناطق حظر الطيران المطارات والقواعد العسكرية والمباريات الرياضية فحسب؛ بل تشمل الأفراد أيضاً. مثلاً، يحظر قانون ولاية كاليفورنيا على مشغلي الطائرات من دون طيار -ما لم يكن لديهم إذن- التقاط صور للأشخاص المشاركين في أنشطة خاصة أو شخصية أو عائلية.

وقالت لينش من مؤسسة «الحدود الإلكترونية»، إن تجربتها المحبطة مع منظمي الأقمار الاصطناعية قبل نصف عقد من الزمن، تشير إلى أنه لن يتم فعل الكثير لفرض حماية الخصوصية من أعين السماء. وأضافت أن «ألبيدو» وداعميها «يعملون دون وعي ولا يرون العواقب» على حقوق الإنسان.

* خدمة «نيويورك تايمز»



هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟
TT

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

في سباق محتدم لنشر نماذج اللغات الكبيرة والذكاء الاصطناعي التوليدي في الأسواق العالمية، تفترض العديد من الشركات أن «النموذج الإنجليزي ← المترجم» كافٍ لذلك.

اللغة- ثقافة وأعراف

ولكن إذا كنتَ مسؤولاً تنفيذياً أميركياً تستعد للتوسع في آسيا أو أوروبا أو الشرق الأوسط أو أفريقيا، فقد يكون هذا الافتراض أكبر نقطة ضعف لديك. ففي تلك المناطق، ليست اللغة مجرد تفصيل في التغليف: إنها الثقافة والأعراف والقيم ومنطق العمل، كلها مُدمجة في شيء واحد.

وإذا لم يُبدّل نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بك تسلسل رموزه الكمبيوترية فلن يكون أداؤه ضعيفاً فحسب؛ بل قد يُسيء التفسير أو يُسيء المواءمة مع الوضع الجديد أو يُسيء خدمة سوقك الجديدة.

الفجوة بين التعدد اللغوي والثقافي في برامج الدردشة الذكية

لا تزال معظم النماذج الرئيسية مُدربة بشكل أساسي على مجموعات النصوص باللغة الإنجليزية، وهذا يُسبب عيباً مزدوجاً عند نشرها بلغات أخرى. وعلى سبيل المثال، وجدت دراسة أن اللغات غير الإنجليزية والمعقدة لغويا غالباً ما تتطلب رموزاً أكثر (وبالتالي تكلفةً وحساباً) لكل وحدة نصية بمقدار 3-5 أضعاف مقارنةً باللغة الإنجليزية.

ووجدت ورقة بحثية أخرى أن نحو 1.5 مليار شخص يتحدثون لغات منخفضة الموارد يواجهون تكلفة أعلى وأداءً أسوأ عند استخدام نماذج اللغة الإنجليزية السائدة.

والنتيجة: قد يتعثر نموذج يعمل جيداً للمستخدمين الأميركيين، عند عمله في الهند أو الخليج العربي أو جنوب شرق آسيا، ليس لأن مشكلة العمل أصعب، ولكن لأن النظام يفتقر إلى البنية التحتية الثقافية واللغوية اللازمة للتعامل معها.

«ميسترال سابا» نظام الذكاء الاصطناعي الفرنسي مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا

مثال «ميسترال سابا» الإقليمي جدير بالذكر

لنأخذ نموذج «ميسترال سابا» (Mistral Saba)، الذي أطلقته شركة ميسترال للذكاء الاصطناعي الفرنسية كنموذج مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا (التاميلية والمالايالامية... إلخ). تشيد «ميسترال» بأن «(سابا) يوفر استجابات أكثر دقة وملاءمة من النماذج التي يبلغ حجمها 5 أضعاف» عند استخدامه في تلك المناطق. لكن أداءه أيضاً أقل من المتوقع في معايير اللغة الإنجليزية.

وهذه هي النقطة المهمة: السياق أهم من الحجم. قد يكون النموذج أصغر حجماً ولكنه أذكى بكثير بالنسبة لمكانه.

بالنسبة لشركة أميركية تدخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أو سوق جنوب آسيا، هذا يعني أن استراتيجيتك «العالمية» للذكاء الاصطناعي ليست عالمية ما لم تحترم اللغات والمصطلحات واللوائح والسياق المحلي.

تكاليف الرموز والتحيز اللغوي

من منظور الأعمال، تُعدّ التفاصيل التقنية للترميز أمراً بالغ الأهمية. تشير مقالة حديثة إلى أن تكاليف الاستدلال في اللغة الصينية قد تكون ضعف تكلفة اللغة الإنجليزية، بينما بالنسبة للغات مثل الشان أو البورمية، يمكن أن يصل تضخم عدد الرموز إلى 15 ضعفاً.

هذا يعني أنه إذا استخدم نموذجك ترميزاً قائماً على اللغة الإنجليزية ونشرتَه في أسواق غير إنجليزية، فإن تكلفة الاستخدام سترتفع بشكل كبير، أو تنخفض الجودة بسبب تقليل الرموز. ولأن مجموعة التدريب الخاصة بك كانت تركز بشكل كبير على اللغة الإنجليزية، فقد يفتقر «نموذجك الأساسي» إلى العمق الدلالي في لغات أخرى.

أضف إلى هذا المزيج اختلافات الثقافة والمعايير: النبرة، والمراجع، وممارسات العمل، والافتراضات الثقافية، وما إلى ذلك، وستصل إلى مجموعة تنافسية مختلفة تماماً: ليس «هل كنا دقيقين» بل «هل كنا ملائمين».

التوسع في الخارج

لماذا يهم هذا الأمر المديرين التنفيذيين الذين يتوسعون في الخارج؟

إذا كنت تقود شركة أميركية أو توسّع نطاق شركة ناشئة في الأسواق الدولية، فإليك ثلاثة آثار:

-اختيار النموذج ليس حلاً واحداً يناسب الجميع: قد تحتاج إلى نموذج إقليمي أو طبقة ضبط دقيقة متخصصة، وليس فقط أكبر نموذج إنجليزي يمكنك ترخيصه.

-يختلف هيكل التكلفة باختلاف اللغة والمنطقة: فتضخم الرموز وعدم كفاءة الترميز يعنيان أن تكلفة الوحدة في الأسواق غير الإنجليزية ستكون أعلى على الأرجح، ما لم تخطط لذلك.

-مخاطر العلامة التجارية وتجربة المستخدم ثقافية: فبرنامج الدردشة الآلي الذي يسيء فهم السياق المحلي الأساسي (مثل التقويم الديني، والمصطلحات المحلية، والمعايير التنظيمية) سيُضعف الثقة بشكل أسرع من الاستجابة البطيئة.

بناء استراتيجية ذكاء اصطناعي متعددة اللغات واعية ثقافياً

للمديرين التنفيذيين الجاهزين للبيع والخدمة والعمل في الأسواق العالمية، إليكم خطوات عملية:

• حدّد اللغات والأسواق كميزات من الدرجة الأولى. قبل اختيار نموذجك الأكبر، اذكر أسواقك ولغاتك ومعاييرك المحلية وأولويات عملك. إذا كانت اللغات العربية أو الهندية أو الملايوية أو التايلاندية مهمة، فلا تتعامل معها كـ«ترجمات» بل كحالات استخدام من الدرجة الأولى.

• فكّر في النماذج الإقليمية أو النشر المشترك. قد يتعامل نموذج مثل «Mistral Saba» مع المحتوى العربي بتكلفة أقل ودقة أكبر وبأسلوب أصلي أكثر من نموذج إنجليزي عام مُعدّل بدقة.

• خطط لتضخم تكلفة الرموز. استخدم أدوات مقارنة الأسعار. قد تبلغ تكلفة النموذج في الولايات المتحدة «س» دولاراً أميركياً لكل مليون رمز، ولكن إذا كان النشر تركياً أو تايلاندياً، فقد تكون التكلفة الفعلية ضعف ذلك أو أكثر.

• لا تحسّن اللغة فقط، بل الثقافة ومنطق العمل أيضاً. لا ينبغي أن تقتصر مجموعات البيانات المحلية على اللغة فحسب، بل ينبغي أن تشمل السياق الإقليمي: اللوائح، وعادات الأعمال، والمصطلحات الاصطلاحية، وأطر المخاطر.

صمم بهدف التبديل والتقييم النشطين. لا تفترض أن نموذجك العالمي سيعمل محلياً. انشر اختبارات تجريبية، وقيّم النموذج بناءً على معايير محلية، واختبر قبول المستخدمين، وأدرج الحوكمة المحلية في عملية الطرح.

المنظور الأخلاقي والاستراتيجية الأوسع

عندما تُفضّل نماذج الذكاء الاصطناعي المعايير الإنجليزية والناطقة بالإنجليزية، فإننا نُخاطر بتعزيز الهيمنة الثقافية.

كمسؤولين تنفيذيين، من المغري التفكير «سنترجم لاحقاً». لكن الترجمة وحدها لا تُعالج تضخم القيمة الرمزية، وعدم التوافق الدلالي، وعدم الأهمية الثقافية. يكمن التحدي الحقيقي في جعل الذكاء الاصطناعي مُتجذراً محلياً وقابلاً للتوسع عالمياً.

إذا كنت تُراهن على الذكاء الاصطناعي التوليدي لدعم توسعك في أسواق جديدة، فلا تُعامل اللغة كحاشية هامشية. فاللغة بنية تحتية، والطلاقة الثقافية ميزة تنافسية. أما التكاليف الرمزية وتفاوتات الأداء فليست تقنية فحسب، بل إنها استراتيجية.

في عالم الذكاء الاصطناعي، كانت اللغة الإنجليزية هي الطريق الأقل مقاومة. ولكن ما هي حدود نموك التالية؟ قد يتطلب الأمر لغةً وثقافةً وهياكل تكلفة تُمثل عوامل تمييز أكثر منها عقبات.

اختر نموذجك ولغاتك واستراتيجية طرحك، لا بناءً على عدد المعاملات، بل على مدى فهمه لسوقك. إن لم تفعل، فلن تتخلف في الأداء فحسب، بل ستتخلف أيضاً في المصداقية والأهمية.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
TT

الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي

في مدينةٍ لا تهدأ، وتحديداً في مركز «جاڤِتس» على ضفاف نهر هدسون، اختتمت أمس أعمال اجتماعات نيويورك السنوية لطبّ الأسنان، التي استمرت 5 أيام، أحد أكبر التجمعات العالمية للمهنة، بمشاركة نحو 50 ألف طبيب وخبير من أكثر من 150 دولة.

لم يكن الحدث مجرد مؤتمر، بل منصّة حيّة لمستقبل طبّ الأسنان؛ فبين أروقته تتقدّم التكنولوجيا بخطى ثابتة: من الروبوتات الجراحية إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي القادرة على قراءة الأشعة في ثوانٍ، وصولاً إلى تجارب التجديد الحيوي التي قد تغيّر شكل العلاج خلال سنوات قليلة.

الذكاء الاصطناعي نجم المؤتمر بلا منافس

كان الذكاء الاصطناعي العنوان الأبرز لهذا العام، إذ جاء المؤتمر في لحظةٍ تتسارع فيها التحوّلات العلمية بسرعة تفوق قدرة المناهج التقليدية على مواكبتها. وقد برزت تقنيات محورية: أنظمة تحليل الأشعة الفورية، والمساعد السريري الذكي، والتخطيط الرقمي للابتسامة. وعلى امتداد القاعات، كان واضحاً أن هذه التقنيات لم تعد تجارب مختبرية، بل هي حلول جاهزة تغيّر طريقة ممارسة المهنة أمام أعيننا.

الروبوتات تدخل غرفة العمليات

شكّلت الجراحة الروبوتية محوراً لافتاً هذا العام، بعد أن عرضت شركات متخصصة أنظمة دقيقة تعتمد على بيانات الأشعة ثلاثية الأبعاد وتتكيف لحظياً مع حاجة الإجراء. وقد أظهرت العروض قدرة هذه الروبوتات على تنفيذ خطوات معقدة بثباتٍ يفوق اليد البشرية، مع تقليل هامش الخطأ ورفع مستوى الأمان الجراحي.

التجديد الحيوي... من الخيال إلى التجربة

عرضت جامعات نيويورك وكورنيل أبحاثاً حول بروتينات مثل «BMP-2»، وهو بروتين ينشّط نمو العظم، و«FGF-2» عامل يساعد الخلايا على الانقسام والتئام الأنسجة خصوصاً الألياف، إلى جانب تقنيات الخلايا الجذعية لإحياء الهياكل الدقيقة للسن.

في حديث مباشر مع «الشرق الأوسط»

وأثناء جولة «الشرق الأوسط» في معرض اجتماع نيويورك لطبّ الأسنان، التقت الدكتورة لورنا فلامر–كالديرا، الرئيس المنتخب لاجتماع نيويورك الكبرى لطب الأسنان، التي أكدت أنّ طبّ الأسنان يشهد «أكبر تحوّل منذ ثلاثة عقود»، مشيرة إلى أنّ المملكة العربية السعودية أصبحت جزءاً فاعلاً في هذا التحوّل العالمي.

وأضافت الدكتورة لورنا، خلال حديثها مع الصحيفة في أروقة المؤتمر، أنّ اجتماع نيويورك «يتطلّع إلى بناء شراكات متقدمة مع جهات في السعودية، أسوة بالتعاون القائم مع الإمارات ومؤسسة (إندكس) وجهات دولية أخرى»، موضحة أنّ هناك «فرصاً واسعة للتعاون البحثي والتعليمي في مجالات الزراعة الرقمية والذكاء الاصطناعي والعلاجات المتقدمة»، وأن هذا التوجّه ينسجم بطبيعة الحال مع طموحات «رؤية السعودية 2030».

العرب في قلب الحدث

شارك وفود من السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين ومصر والعراق في جلسات متقدمة حول الذكاء الاصطناعي والزراعة الرقمية، وكان حضور الوفود لافتاً في النقاشات العلمية، ما عكس الدور المتنامي للمنطقة في تشكيل مستقبل طبّ الأسنان عالمياً.

نيويورك... حيث يبدأ الغد

منذ بدايات اجتماع نيويورك قبل أكثر من قرن، بقيت المدينة مرآةً لتحوّلات المهنة ومختبراً مفتوحاً للمستقبل. وعلى امتداد 5 أيام من الجلسات والمحاضرات والورش العلمية، رسّخ اجتماع نيويورك السنوي مكانته كأكبر تجمع عالمي لطبّ الأسنان، وكمنصّة تُختبر فيها التقنيات التي ستعيد رسم ملامح المهنة في السنوات المقبلة. كما يقول ويليام جيمس، مؤسس الفلسفة البراغماتية الأميركية، إنّ أميركا ليست مكاناً، بل تجربة في صناعة المستقبل... وفي نيويورك تحديداً، يبدو مستقبل طبّ الأسنان قد بدأ بالفعل.


دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
TT

دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)

أدت الزيادة الكبيرة في أعداد الأقمار الاصطناعية المتمركزة في مدار منخفض حول الأرض إلى تطورات في مجال الاتصالات، منها توفير خدمات النطاق العريض في المناطق الريفية والنائية في أنحاء العالم.

لكنها تسببت أيضا في زيادة حادة في التلوث الضوئي في الفضاء، ما يشكل تهديدا لعمل المراصد الفلكية المدارية. وتشير دراسة جديدة أجرتها إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) وتركز على أربعة تلسكوبات فضائية، منها تلسكوبان يعملان حاليا وآخران يجري العمل عليهما، إلى أن نسبة كبيرة من الصور التي سيجري التقاطها بواسطة هذه المراصد على مدى العقد المقبل قد تتأثر بالضوء المنبعث أو المنعكس من الأقمار الاصطناعية التي تشترك معها في المدار المنخفض.

وخلص الباحثون إلى أن نحو 40 بالمئة من الصور التي يلتقطها تلسكوب «هابل» الفضائي ونحو 96 بالمئة من تلك التي يلتقطها مرصد «سفير إكس»، يمكن أن تتأثر بضوء الأقمار الاصطناعية. وقال الباحثون إن «هابل» سيكون أقل تأثرا بسبب مجال رؤيته الضيق.

والتلسكوبات المدارية عنصر أساسي في استكشاف الفضاء، نظرا لما تمتلكه من قدرة على رصد نطاق أوسع من الطيف الكهرومغناطيسي مقارنة بالتلسكوبات الأرضية، كما أن غياب التداخل مع العوامل الجوية يمكنها من التقاط صور أكثر وضوحا للكون، مما يتيح التصوير المباشر للمجرات البعيدة أو الكواكب خارج نظامنا الشمسي.

وقال أليخاندرو بورلاف، وهو عالم فلك من مركز أميس للأبحاث التابع لوكالة ناسا في كاليفورنيا وقائد الدراسة التي نشرت في مجلة نيتشر «في حين أن معظم تلوث الضوء حتى الآن صادر من المدن والمركبات، فإن زيادة مجموعات الأقمار الاصطناعية للاتصالات بدأ يؤثر بوتيرة أسرع على المراصد الفلكية في جميع أنحاء العالم».

وأضاف «في الوقت الذي ترصد فيه التلسكوبات الكون في مسعى لاستكشاف المجرات والكواكب والكويكبات البعيدة، تعترض الأقمار الاصطناعية في كثير من الأحيان مجال الرؤية أمام عدساتها، تاركة آثارا ضوئية ساطعة تمحو الإشارة الخافتة التي نستقبلها من الكون. كانت هذه مشكلة شائعة في التلسكوبات الأرضية. ولكن، كان يعتقد، قبل الآن، أن التلسكوبات الفضائية، الأكثر كلفة والمتمركزة في مواقع مراقبة مميزة في الفضاء، خالية تقريبا من التلوث الضوئي الناتج عن أنشطة الإنسان».

وفي 2019، كان هناك نحو ألفي قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض. ويبلغ العدد الآن نحو 15 ألف قمر. وقال بورلاف إن المقترحات المقدمة من قطاع الفضاء تتوقع تمركز نحو 650 ألف قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض خلال العقد المقبل.