محمية الملك سلمان وجهة للسياحة البيئية بمواصفات عالمية

استخدام طائرات «الدرون» للحفاظ على النقوش الأثرية و600 نوع من الكائنات الحية

تحتضن المحمية نقوش جبة التي تعود إلى أكثر من 3500 عام قبل الميلاد ـ (واس)
تحتضن المحمية نقوش جبة التي تعود إلى أكثر من 3500 عام قبل الميلاد ـ (واس)
TT

محمية الملك سلمان وجهة للسياحة البيئية بمواصفات عالمية

تحتضن المحمية نقوش جبة التي تعود إلى أكثر من 3500 عام قبل الميلاد ـ (واس)
تحتضن المحمية نقوش جبة التي تعود إلى أكثر من 3500 عام قبل الميلاد ـ (واس)

داخل محمية الملك سلمان الملكية، كل شيء مختلف ومتنوع، هذا التنوع جعل المحمية فريدة بما تحتويه من نقوش وآثار تعود لفترة ما قبل التاريخ، إضافة إلى وجود غطاء نباتي مختلف ووجود ما يقرب من 600 نوع من الكائنات الحية (حيوانات وطيور) اتخذت المحمية موطناً لها.

وفي إطار الحفاظ على هذا المخزون التاريخي والطبيعي والاجتماعي والاقتصادي، دعمت هيئة تطوير المحمية قدراتها الرقابية بإدخال مجموعة من طائرات «الدرون» إلى الخدمة لرصد المخالفات داخل واحدة من أهم المحميات التي تقع شمال السعودية على مساحة تقدر بنحو 130.700 كيلومتر تضم 4 مناطق (الجوف وتبوك وحائل والحدود الشمالية).

وتدعم طائرات «الدرون» تحركات الفرق الجوالة التي تعتمد على مركبات الدفع الرباعي المجهزة خصيصاً لمثل هذه المواقع، والفرق الراجلة، وذلك بهدف تشديد الرقابة والكشف عن حالات العبث، بعد أن ضبطت الهيئة في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، 189 مخالفة داخل نطاق المحميات، شملت «الدخول دون تصريح والرعي دون تصريح والإضرار بالغطاء النباتي».

ويأتي هذا الحراك لتعزيز قدرة المحمية التي تعد من كبرى المحميات التي تمتلك طبيعة متنوعة من النباتات، إضافة إلى 300 نوع من الحيوانات والثدييات منها «الذئب العربي وطيور الحبارى والعلجوم العربي والزواحف والضب المصري»، وذلك وفقاً للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من هيئة تطوير محمية الملك سلمان بن عبد العزيز الملكية، إضافة إلى وجود 4 فئات من أنواع الحيوانات؛ حيث سجلت المحمية وجود أكثر من 30 نوعاً من الثدييات، في حين ينتشر في المحمية أكثر من 270 نوعاً من الطيور وهي المجموعة الأكثر انتشاراً في المحمية، كما سجلت الزواحف وجوداً بنحو 36 نوعاً، خصوصاً الثعابين والسحالي، في حين تم العثور على 3 أنواع من البرمائيات حول الأحواض والقيعان المائية في المحمية.

ولأن المحمية مترامية الأطراف كان التفرد حاضراً في محيطها، ومن ذلك انتشار جملة من الخصائص ومنها الموروث الثقافي، إذ توجد على أرض المحمية «نقوش جبة» التي تعود لـ5300 قبل الميلاد، إضافة إلى قصر «توران» الذي يعود للحقبة نفسها، ومسجد عمر بن الخطاب من 600 ميلادياً إلى 1500.

الطبيعة والآثار التاريخية وما تقوم به الهيئة، وفق رؤية واضحة المعالم تعتمد على 3 عناصر تشمل «السياحة البيئية والحفاظ على البيئة والمجتمع المحلي» كل هذا دفع الهيئة لتشديد الرقابة باستخدام كل الوسائل التقليدية والتقنية في عمليات المراقبة ورصد المخالفات التي قد تؤثر على هذا التوجه في إحياء هذه المواقع، وفق برامج وخطط متعددة.

وفي مقدمة هذه الخطط، إيجاد سياحة بيئية متميزة، تتكامل مع محيطها وتعزز الموروث الطبيعي والثقافي، وتسهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة، مع ضرورة تحقيق التوازن بين الحفاظ على المقومات الطبيعية والثقافية وتطوير تجربة السياحة البيئية، خصوصاً أن المحمية بما تمتلكه من مناظر طبيعية يضاف إليها التناسق في المرتفعات التي تزيد من جماليات المحمية والتي تصل قممها في بعض الأحيان إلى 1525 متراً ومنها «الطبيق وجبل الطويل والخنفة وحرة الحرة وجبل المسمى وجبل أجا» ويعزز هذا التوجه إنعاش السياحة البيئية التي سيكون لها مردود كبير في جميع الاتجاهات، ومن ذلك المساهمة في توفير فرص عمل مستدامة للمجتمع المحلي.

وبالعودة إلى النظام البيئي في محمية الملك سلمان، فإنه نظام متنوع يوجد فيه أكثر من 260 نوعاً من النباتات ومنها الشجيرات التي لا تزيد على 3 أنواع تشمل «الشيح وجثجاث وبعثيران» ومن الأعشاب «وبيرة وسمح وكف مريم وحنوة»، كما توجد مجموعة من الموائل النباتية، منها «حجر رملي مُجوى ونباتات شجيرة على صخور الغرانيت والحمادة الصوانية والكثبان الرملية وحمادة رملية والمصهورات البركانية».

هذا التنوع والتفرد في البيئة واختلافها من موقع إلى آخر، تسعى الهيئة من خلاله إلى استعادة جمال أراضيها بزراعة مليون شجرة واستعادة 45 في المائة من الموائل الطبيعية المتدهورة، بحلول عام 2030، كما نجحت الهيئة في 2022 ضمن برنامجها للموائل الطبيعية قيد التأهيل في استعادة نحو 25 في المائة، وفي 2030 تعتزم استعادة نحو 45 في المائة، وبحلول عام 2040 تعتزم الهيئة استعادة 90 في المائة، في حين قامت الهيئة ضمن «مبادرة السعودية الخضراء» بزراعة نحو مليون شجرة في 2022، وتعتزم في 2030 زراعة نحو 30 مليون شجرة، ونحو 70 مليوناً في 2040.



«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
TT

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

وجدت دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة نورث وسترن الأميركية، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية -تسمى بالشبكة المعرفية الاجتماعية- متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة، وهي على اتصال باستمرار مع تلك الشبكة.

يشار إلى اللوزة تُعرف أيضاً باسم «دماغ السحلية»، ومن الأمثلة الكلاسيكية لنشاطها الاستجابة الفسيولوجية والعاطفية لشخص يرى أفعى؛ حيث يصاب بالذعر، ويشعر بتسارع ضربات القلب، وتعرّق راحة اليد.

لكن الباحثين قالوا إن اللوزة تفعل أشياء أخرى أكثر تأثيراً في حياتنا.

ومن ذلك ما نمر به أحياناً عند لقاء بعض الأصدقاء، فبعد لحظات من مغادرة لقاء مع الأصدقاء، يمتلئ دماغك فجأة بأفكار تتداخل معاً حول ما كان يُفكر فيه الآخرون عنك: «هل يعتقدون أنني تحدثت كثيراً؟»، «هل أزعجتهم نكاتي؟»، «هل كانوا يقضون وقتاً ممتعاً من غيري؟»، إنها مشاعر القلق والمخاوف نفسها، ولكن في إطار اجتماعي.

وهو ما علّق عليه رودريغو براغا، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بكلية فاينبرغ للطب، جامعة نورث وسترن، قائلاً: «نقضي كثيراً من الوقت في التساؤل، ما الذي يشعر به هذا الشخص، أو يفكر فيه؟ هل قلت شيئاً أزعجه؟».

وأوضح في بيان صحافي صادر الجمعة: «أن الأجزاء التي تسمح لنا بالقيام بذلك توجد في مناطق الدماغ البشري، التي توسعت مؤخراً عبر مسيرة تطورنا البشري. في الأساس، أنت تضع نفسك في عقل شخص آخر، وتستنتج ما يفكر فيه، في حين لا يمكنك معرفة ذلك حقّاً».

ووفق نتائج الدراسة الجديدة، التي نُشرت الجمعة في مجلة «ساينس أدفانسز»، فإن اللوزة الدماغية، بداخلها جزء محدد يُسمى النواة الوسطى، وهو مهم جدّاً للسلوكيات الاجتماعية.

كانت هذه الدراسة هي الأولى التي أظهرت أن النواة الوسطى للوزة الدماغية متصلة بمناطق الشبكة المعرفية الاجتماعية التي تشارك في التفكير في الآخرين.

لم يكن هذا ممكناً إلا بفضل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وهي تقنية تصوير دماغ غير جراحية، تقيس نشاط الدماغ من خلال اكتشاف التغيرات في مستويات الأكسجين في الدم.

وقد مكّنت هذه المسوحات عالية الدقة العلماء من رؤية تفاصيل الشبكة المعرفية الاجتماعية التي لم يتم اكتشافها مطلقاً في مسوحات الدماغ ذات الدقة المنخفضة.

ويساعد هذا الارتباط باللوزة الدماغية في تشكيل وظيفة الشبكة المعرفية الاجتماعية من خلال منحها إمكانية الوصول إلى دور اللوزة الدماغية في معالجة مشاعرنا ومخاوفنا عاطفياً.

قالت دونيسا إدموندز، مرشح الدكتوراه في علم الأعصاب بمختبر «براغا» في نورث وسترن: «من أكثر الأشياء إثارة هو أننا تمكنا من تحديد مناطق الشبكة التي لم نتمكن من رؤيتها من قبل».

وأضافت أن «القلق والاكتئاب ينطويان على فرط نشاط اللوزة الدماغية، الذي يمكن أن يسهم في الاستجابات العاطفية المفرطة وضعف التنظيم العاطفي».

وأوضحت: «من خلال معرفتنا بأن اللوزة الدماغية متصلة بمناطق أخرى من الدماغ، ربما بعضها أقرب إلى الجمجمة، ما يسهل معه استهدافها، يمكن لتقنيات التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة استهداف اللوزة الدماغية، ومن ثم الحد من هذا النشاط وإحداث تأثير إيجابي فيما يتعلق بالاستجابات المفرطة لمشاعر الخوف والقلق».