باستخدام روبوت... علماء يجرون «جراحة فضائية» عن بُعد

TT

باستخدام روبوت... علماء يجرون «جراحة فضائية» عن بُعد

أجرى الجراحون عمليات جراحية وهمية في محطة الفضاء الدولية من مسافة 250 ميلاً (جامعة نبراسكا لينكولن)
أجرى الجراحون عمليات جراحية وهمية في محطة الفضاء الدولية من مسافة 250 ميلاً (جامعة نبراسكا لينكولن)

تَمكّن علماء من إجراء عملية جراحية استثنائية في الفضاء باستخدام روبوت يُتحكم فيه عن بُعد. وتعد هذه الخطوة نقلة نوعية في مجال الطب وتفتح آفاقاً جديدة لإجراء العمليات الجراحية على الأرض في المناطق المعزولة. حسبما أفادت صحيفة «التليغراف».

وقد تم توجيه الروبوت الجراحي، الذي يُعرف بـ «SpaceMIRA»، باستخدام أدوات التحكم اليدوية والقدمية من غرفة التحكم في ولاية نبراسكا. وشملت التجربة التي استمرت ساعتين، تناوب 6 جراحين على استخدام الروبوت لقطع وإزالة الأربطة المطاطية باستخدام أدوات تشبه مقص التشريح.

يُتاح للمشغل رؤية العملية من خلال كاميرا مدمجة في الروبوت، الذي جرى تطويره بواسطة جامعة نبراسكا لينكولن، ويُعد الجهاز الجراحي الصغير الحجم الوحيد في العالم الذي يُستخدم بمساعدة الروبوت.

الاختبار الأرضي لإعداد الأنسجة المحاكية قبل الإطلاق الفضائي (المصدر: صورة ناسا)

وتأمل الفرق الطبية في استخدام هذه التكنولوجيا للمساعدة في إجراء العمليات الجراحية في المناطق المعزولة على الأرض، ما يعزز الوصول إلى الرعاية الصحية في المجتمعات التي قد تفتقر إلى جراحين متخصصين.

وشارك جراح الكبد، يومان فونغ من مركز مدينة الأمل للسرطان في لوس أنجليس في التجربة، حيث أكد أهمية هذه التقنية. وقال: «إذا احتاج رواد الفضاء إلينا في المستقبل، فإننا جاهزون للتحرك بسرعة لتقديم المساعدة الطبية».

وأضاف شين فاريتور، أستاذ الهندسة في جامعة نبراسكا لينكولن: «نجاح (SpaceMIRA) في الفضاء يظهر مدى فائدته لمرافق الرعاية الصحية على الأرض... إنها ليست فقط تحسين للجراحة، ولكنها أيضاً تقدم فرصاً جديدة لتوسيع نطاق الخدمات الطبية».

وأشاد تيد فولويانيس، من جامعة تكساس للأورام في هيوستن، بصغر حجم الروبوت، وأضاف: «إنها قفزة كبيرة في عالم الجراحة، حيث يمكن توظيفها للقيام بعمليات دقيقة ومعقدة في المناطق الصعبة الوصول. وبفضل صغر حجمها، من الأسهل التدريب عليه، وتوفير الخدمات في المجتمعات النائية والتي تفتقر إلى الخبرة الجراحية المتخصصة».


مقالات ذات صلة

اكتشاف يُشبه كعكة «دونات» ضخمة في قلب الأرض

يوميات الشرق كوكبنا... لغزٌ بلا نهاية (مواقع التواصل)

اكتشاف يُشبه كعكة «دونات» ضخمة في قلب الأرض

من خلال السفر إلى مركز الأرض عبر الموجات الزلزالية، اكتشف العلماء بنية تُشبه الحلقة داخل البركة الدوّامية من المعدن المنصهر المعروف باسم «اللبّ الخارجي».

«الشرق الأوسط» (سيدني)
الولايات المتحدة​ في هذه الصورة الثابتة المأخوذة من بث "بلو أوريجن"، ينطلق صاروخ "بلو شيبارد" مع طاقم مهمة NS-26 في 29 أغسطس 2024، من موقع الإطلاق الأول شمال فان هورن، تكساس، الولايات المتحدة (أ.ف.ب)

«بلو أوريجن» تنجح في إرسال ثامن رحلة سياحية فضائية

نقلت شركة «بلو أوريجن»، الخميس، 6 أشخاص إلى الفضاء في رحلة سياحية قصيرة ذهاباً وإياباً، من بينهم أصغر امرأة تصل إلى ارتفاع يتخطى 100 كيلومتر في الفضاء.

يوميات الشرق لحظة حدوث خلل في إطلاق صاروخ «فالكون 9» من مركز الفضاء في فلوريدا (أ.ب)

هيئة الطيران الأميركية تحقق في «خلل» إطلاق صاروخ «فالكون 9»

أعلنت هيئة الطيران الاتحادية الأميركية، أمس (الأربعاء)، أنها ستجري تحقيقاً في «خلل» وقع خلال إطلاق صاروخ «فالكون 9» من مركز الفضاء في كيب كانافيرال بفلوريدا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم الصاروخ «فالكون 9» في مركز «كينيدي للفضاء» بفلوريدا (رويترز)

«سبايس إكس» ترجئ لأجل غير مسمى أول رحلة خاصة للتجول في الفضاء

أعلنت شركة «سبايس إكس» أنها أرجأت إلى أجل غير مسمى مهمة «بولاريس دون» التي كان يُفترَض أن تنطلق من فلوريدا، وهي الأولى من تنظيم القطاع الخاص.

«الشرق الأوسط» (فلوريدا (الولايات المتحدة))
يوميات الشرق صاروخ فالكون 9 التابع لشركة «سبيس إكس» وعلى متنه كبسولة كرو دراغون ريزيليانس في مجمع الإطلاق 39A في مركز كينيدي للفضاء (أ.ف.ب)

تسرُّب هيليوم يؤجل إطلاق مهمة مأهولة لـ«سبيس إكس» إلى الفضاء

قالت شركة «سبيس إكس» إنها ستؤجل إطلاق مهمة «بولاريس دون» المكونة من أربعة أفراد يوماً واحداً على الأقل بسبب تسرب للهيليوم في المعدات الأرضية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».