«بغداد السينمائي» يختتم دورته الأولى بطموح أكبر

مدير المهرجان أكد تغيير موعد النسخ المقبلة

الفائزون بجوائز مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في لقطة جماعية بحفل الختام (إدارة المهرجان)
الفائزون بجوائز مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في لقطة جماعية بحفل الختام (إدارة المهرجان)
TT

«بغداد السينمائي» يختتم دورته الأولى بطموح أكبر

الفائزون بجوائز مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في لقطة جماعية بحفل الختام (إدارة المهرجان)
الفائزون بجوائز مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في لقطة جماعية بحفل الختام (إدارة المهرجان)

اختتم «مهرجان بغداد السينمائي» دورته الأولى، مساء الأربعاء، بعد 5 أيام من العروض للأفلام العربية والعراقية التي شاركت في مسابقاته الأربع للأفلام «الروائية الطويلة»، و«الوثائقية»، و«الروائية القصيرة»، و«الرسوم المتحركة» إلى جانب مسابقة «فضاءات سينمائية جديدة» المختصة بعروض أفلام عراقية قصيرة لشباب المخرجين أُنتجت بدعم من المهرجان، الذي شهد مشاركة 70 فيلماً.

وأُقيم حفل الختام بالمسرح الوطني ببغداد، ووجه جبار جودي نقيب الفنانين العراقيين ورئيس المهرجان الشكرَ لرعاية رئيس الوزراء محمد شياع السوداني المهرجان، كما وجّه الشكرَ للجان التنفيذية التي عملت على تنظيمه.

واكتفى المهرجان في دورته الأولى بعروض الأفلام دون أي فعاليات أخرى، كما أصدر 3 كتب هي «الفيلموغرافيا العربية» للناقد مهدي عباس، و«جواهر سينمائية» للناقد عبد العليم البناء، و«مذكرات مدير إنتاج سينمائي» لضياء البياتي، كما أصدر نشرة يومية.

د. جبار جودي ود.حكمت البيضاني رئيس ومدير المهرجان يسلمان جائزة لأحد الفائزين (إدارة المهرجان)

وعبّر د.حكمت البيضاني، مدير المهرجان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، عن سعادته بإقامة الدورة الأولى بحضور نخبة من فناني الوطن العربي والصحافيين والنقاد.

وحول مدى تحقيق الدورة لأهداف المهرجان قال: «نستطيع أن نقول إننا حققنا جانباً مهماً من أهدافه، تَمثّل في حضور السينما العربية والعراقية، وإعادة المواطن العراقي لمشاهدة الأفلام التي تم انتقاؤها بعناية، وهي من أهم الإنتاجات العربية، لكن لدينا طموحات أكبر لنحقق الأفضل في الدورات المقبلة».

ولفت البيضاني إلى توجه المهرجان لتغيير موعد انعقاده بدءاً من الدورة المقبلة لإقامته في فترة مميزة، مشيراً إلى أنه أُقيم في فترة الإعداد للموسم الرمضاني، حيث ينشغل أغلب الفنانين بتصوير أعمالهم.

جوائز المهرجان

وتُوّج الفيلم السوداني «وداعاً جوليا» بجائزة أفضل فيلم في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة التي تَنافسَ بها 11 فيلماً، وكان قد أُقيم له عرض ثانٍ استثنائي نظراً للإقبال الجماهيري عليه، وحضر منتجه المخرج أمجد أبو العلا الذي اضطر للسفر قبل حفل الختام للمشاركة عضواً بلجنة تحكيم في مهرجان برلين.

وحظي الفيلم اليمني «المرهقون» للمخرج عمرو جمال بجائزة أفضل تصوير، في حين فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة الفيلم الأردني «إن شاء الله ولد» للمخرج أمجد الرشيد، وحصل فيلم «مطلقات الدار البيضاء» على جائزة أفضل إخراج لمحمد عهد بنسودة، ومنحت لجنة التحكيم التي ترأسّها المخرج السوري نجدت أنزور جائزة أفضل سيناريو للفيلم العراقي «آخر السعاة» لمخرجه سعد العصامي، وسيناريو ولاء المانع، كما فاز بطله الممثل العراقي رائد محسن بجائزة أفضل ممثل.

وقال محسن في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن جائزة مهرجان بغداد تعد الثالثة له عن الفيلم، بعدما فاز بجائزة التمثيل بمهرجان «جنيف للفيلم العربي» ومهرجان «سينمانا» بسلطنة عمان، مشيراً إلى أن «معظم الأفلام المشاركة بالمهرجان مَثلت بلادها بجوائز الأوسكار، لذلك فإن فوزه بجائزة التمثيل يضاعف من سعادته».

الفنان العراقي رائد محسن مبتهجاً بجائزة أفضل ممثل (إدارة المهرجان)

ويعد «آخر السعاة» هو أول أفلام محسن الطويلة، حيث إنه ممثل مسرحي بالأساس. كما نالت العراقية زهراء الغندور جائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم «ميسي بغداد». وفي مسابقة الأفلام الروائية القصيرة التي تَنافسَ بها 16 فيلماً عربياً منحت لجنة التحكيم برئاسة المخرج صلاح كرم، وعضوية عمار جمال كنعان، والفنانة المصرية منال سلامة، الجائزةَ الذهبيةَ مناصفة بين الفيلم العراقي «ترانزيت» للمخرج باقر الربيعي، والفيلم الفلسطيني «فلسطين 87»، للمخرج بلال الخطيب، كما منحت 3 تنويهات لأفلام «الحفرة» من لبنان، و«فوتوغراف» من سوريا، و«يد أمي» من العراق.

وفي مسابقة الأفلام الوثائقية، حصل الفيلم اليمني «سطل» على جائزة أفضل فيلم وثائقي. في حين منحت لجنة تحكيم مسابقة الرسوم المتحركة جائزة أفضل فيلم للعراقي «سكتش» وتنويهاً لفيلمَي «زوو» الأردني، و«طيف» العراقي.

المخرج اليمني عادل الحيمي حاز تنويهاً عن فيلمه الوثائقي «سطل» (إدارة المهرجان)

وتنافس في مسابقة «فضاءات سينمائية جديدة» 10 أفلام، وحاز فيلم «شعلة» للمخرج هاني القريشي، الجائزة الأولى، ونال فيلم «مظلة» للمخرج حيدر فهد حيدر الجائزة الثانية، وذهبت الجائزة الثالثة لفيلم «نصب الحرية» لحيدر موسى.

وعدّ الناقد العراقي كاظم سلوم إقامة المهرجان «إنجازاً»، مؤكداً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن الهرجان «خطوة جيدة لتحريك عجلة السينما العراقية، لا سيما على مستوى المهرجانات، وأنه نجح في استضافة عدد كبير من الفنانين العرب والإعلاميين، وهذا شيء طيب».

سعد العصامي مخرج فيلم «آخر السعاة» يحمل جائزته في لقطة تجمعه بفنانين عراقيين (إدارة المهرجان)

وعلل سلوم تفاوت مستوى الأفلام بأن «الميزانية ربما لم تسمح بعروض أولى»، متطلعاً لاستمراره، ومطالباً بتخصيص ميزانية سنوية دائمة له من الدولة، أسوة بالمهرجانات العربية الأخرى.

وحضر حفل الختام لفيف من الفنانين العرب، في مقدمتهم الفنان دريد لحام الذي انفرد المهرجان بالعرض العالمي الأول لأحدث أفلامه «يومين» للمخرج باسل الخطيب الذي عُرض خارج المسابقة.


مقالات ذات صلة

الوسط الفني بمصر يودّع السيناريست عاطف بشاي

يوميات الشرق السيناريست المصري عاطف بشاي (صفحته على «فيسبوك»)

الوسط الفني بمصر يودّع السيناريست عاطف بشاي

ودّع الوسط الفني بمصر المؤلف والسيناريست المصري عاطف بشاي، الذي رحل عن عالمنا، الجمعة، إثر تعرضه لأزمة صحية ألمت به قبل أيام.  

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق أنجلينا جولي في مهرجان ڤنيسيا (إ.ب.أ)

«الشرق الأوسط» بمهرجان «ڤنيسيا-4»... ماريا كالاس تعود في فيلم جديد عن آخر أيام حياتها

إذا ما كانت هناك ملاحظة أولى بالنسبة للأيام الثلاثة الأولى التي مرّت على أيام مهرجان ڤنيسيا فهي أن القدر الأكبر من التقدير والاحتفاء ذهب لممثلتين أميركيّتين.

محمد رُضا (فينيسيا)
يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» خلال مشاركتها في افتتاح مهرجان البندقية (الشرق الأوسط)

«البحر الأحمر السينمائي» تشارك في مهرجان البندقية بـ4 أفلام

تواصل «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» حضورها بالمهرجانات الدولية من خلال مشاركتها في الدورة الـ81 من مهرجان البندقية السينمائي بين 28 أغسطس و7 سبتمبر.

«الشرق الأوسط» (البندقية)
سينما جيمس ستيوارت في «انعطاف نهر» (يونيڤرسال)

كلاسيكيات السينما على شاشة «ڤينيسيا»

داوم مهرجان «ڤينيسيا» منذ سنوات بعيدة على الاحتفاء بالأفلام التي حفرت لنفسها مكانات تاريخية وفنية راسخة. ومنذ بضعة أعوام نظّمها في إطار برنامج مستقل

محمد رُضا‬ (ڤينيسيا)
سينما «بالرغم من» ‫(مهرجان ڤينيسيا السينمائي)

شاشة الناقد: فيلم افتتاح «ڤينيسيا» 81 مبهر وموحش

يختلف جمهور اليوم عن جمهور 1988 عندما خرج ما بات الآن الجزء الأول من هذا «بيتلجوس بيتلجوس». آنذاك كان الفيلم جديداً في الفكرة والشخصيات

محمد رُضا‬ (ڤينيسيا)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».