رغم وجوده في السجن، فقد تمكن رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان يوم السبت الماضي من التحدث إلى أنصاره معلنا انتصاره في الانتخابات عبر مقطع فيديو تم إنتاجه بواسطة الذكاء الاصطناعي.
وحصل أنصار خان على أغلبية المقاعد بعد الانتخابات التشريعية التي جرت يوم الخميس. فرغم تعرّض حزبه، حركة الإنصاف الباكستانية، لقمع شديد، فإنّ أداء المرشحين المستقلين الذين دعمهم فاق التوقّعات. فقد حصل أولئك المستقلون على نحو 90 مقعداً من أصل 266 في البرلمان. ويؤكد مسؤولون في الحزب أنّهم كانوا سيفوزون بمقاعد أكثر لولا تزوير الأصوات.
وصباح السبت الماضي، نشر حزب حركة الإنصاف مقطع فيديو يظهر فيه خان وهو يقول، في صوت تم إنتاجه بواسطة الذكاء الاصطناعي: «أهنّئكم جميعاً بالفوز في انتخابات 2024. فوفقاً لمصادر مستقلّة، فقد فزنا بـ150 مقعداً في الجمعية الوطنية قبل أن يبدأ التلاعب بالانتخابات».
وأضاف خان في الفيديو الذي بلغت مدته دقيقة ونصفا، والذي استخدم صوراً ولقطات قديمة له: «كنت على ثقة تامة بأنكم ستخرجون جميعاً للتصويت، وقد أذهل إقبالكم الهائل الجميع».
وأُطيح بخان، نجم الكريكيت السابق من السلطة في عام 2022 وسُجن العام الماضي بتهمة تسريب أسرار الدولة من بين تهم أخرى. وقال هو وأنصاره إن قادة عسكريين دبروا عملية عزله.
وأمضى خان، مدة الحملة الانتخابية في البلاد في السجن، لكنه كان يحشد أنصاره في الأشهر الأخيرة، من خلف القضبان، بخطب تستخدم الذكاء الاصطناعي لتقليد صوته، كجزء من استراتيجية بارعة في التكنولوجيا نشرها حزبه للتحايل على حملة قمع يشنها الجيش، بحسب ما نقله تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.
وخلال الحملة الانتخابية، منع المسؤولون مرشحي حزب خان من القيام بحملاتهم الانتخابية وفرضوا رقابة على التغطية الإخبارية للحزب. ورداً على ذلك، توجهت حملة الحزب الانتخابية بأكملها إلى الإنترنت ونظم مسؤولو الحملة تجمعات انتخابية عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل «يوتيوب» و«تيك توك».
وفي ديسمبر (كانون الأول)، بدأ حزب خان في استخدام الذكاء الاصطناعي لنشر رسائله التي كان ينقلها إلى محاميه من السجن، وفقاً لتصريحات الحزب، من خلال مقاطع فيديو منتجة بالذكاء الاصطناعي.
وقال التقرير إن مقاطع الفيديو التي نشرها خان تثير المخاوف بشأن المخاطر المحتملة لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وإمكانية استخدامها في التضليل، لا سيما في الانتخابات.
وعلق توبي والش، الأستاذ بجامعة نيوساوث ويلز ومؤلف كتاب «التزييف: الذكاء الاصطناعي في العالم البشري» على هذا الأمر بقوله: «في حالة عمران خان، يعتبر استخدام الذكاء الاصطناعي بهذا الشكل أمرا جيدا قد ندعمه، حيث مكنت هذه التكنولوجيا شخصا مسجونا بتهم ملفقة بالفساد من التحدث لمؤيديه. لكن في الوقت نفسه، فإن ما حدث يقوض إيماننا بالأشياء التي نراها ونسمعها».
وهذه ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها الأحزاب السياسية الذكاء الاصطناعي. ففي كوريا الجنوبية، أنشأ حزب سلطة الشعب خلال انتخابات عام 2022 صورة رقمية (أفاتار) باستخدام نظام الذكاء الاصطناعي لمرشحه الرئاسي حينها، يون سوك يول، وقد تفاعلت افتراضياً مع الناخبين وتحدثت مع الشباب بلغتهم الدارجة ومزحت معهم، وذلك لجذب هذه الفئة السكانية. وقد نجح يول في الانتخابات في النهاية.
وفي الولايات المتحدة وكندا ونيوزيلندا، استخدم السياسيون الذكاء الاصطناعي للكشف عن قدرات التكنولوجيا التي يحتمل أن تكون خطرة، كما حدث على سبيل المثال في عام 2018، حين أظهر مقطع فيديو مزيف لباراك أوباما، الرئيس الأميركي الأسبق جالسا وخلفه العلم الأميركي، ويتحدث مستخدما ألفاظا نابية بحق دونالد ترمب، الذي كان يتولى الرئاسة حينها.
وصنع هذا الفيديو المزيف بواسطة الممثل والمخرج جوردان بيل بغرض توضيح مخاطر الفيديوهات ومقاطع الصوت المزيفة التي تصور أشخاصاً يقولون أو يفعلون أشياء لم يقولوها أو يفعلوها.
وقال سيف الدين أحمد، الأستاذ المساعد في كلية الاتصالات والمعلومات بجامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة إن دمج الذكاء الاصطناعي، وخاصة التزييف العميق، في الحملات السياسية ليس اتجاها عابرا، بل هو اتجاه سيستمر في التطور بمرور الوقت.