لماذا يشغل «الكمون» اهتمام المصريين؟

عقب ارتفاع قياسي لأسعار التوابل

أسعار التوابل في مصر سجلت زيادات قياسية خلال الأيام الأخيرة (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
أسعار التوابل في مصر سجلت زيادات قياسية خلال الأيام الأخيرة (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
TT

لماذا يشغل «الكمون» اهتمام المصريين؟

أسعار التوابل في مصر سجلت زيادات قياسية خلال الأيام الأخيرة (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
أسعار التوابل في مصر سجلت زيادات قياسية خلال الأيام الأخيرة (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

«الجنيه يفقد 70 في المائة من قيمته أمام الكمون»، إحدى «التغريدات» الساخرة التي شهدتها منصة «إكس» (تويتر سابقاً)، لتعكس في مضمونها مشهداً جديداً من مسلسل غلاء الأسعار في مصر، بعد أن أصابت التوابل زيادات قياسية في تسعيرها خلال الأيام الأخيرة، خصوصاً «الكمون»، الذي وصل سعره إلى 500 جنيه للكيلوغرام.

ويبلغ السعر الرسمي للدولار في مصر 30.9 جنيه مصري، بينما يتراوح في السوق الموازية ما بين 55 و60 جنيهاً، وذلك وفق وسائل إعلام محلية.

ووفق رئيس شعبة العطارة باتحاد الغرف التجارية في مصر، عبد الفتاح رجب العطار، فإن أقل سعر لكيلو الكمون يبلغ 500 جنيه. وأشار، في تصريحات تليفزيونية، الأحد، إلى أن مصر تستورد الكمون من الخارج، لسد الفجوة في الإنتاج المحلي، مبيناً أن الكمون المحلي (البلدي) والمستورد يُباعان بالسعر نفسه، مؤكداً أن ارتفاع الأسعار غير مرتبط بزيادة من التجار أو تخزين السلعة، لكنه مرتبط بعمليات «التنظيف والغربلة والنقل»، التي تسهم في زيادة السعر بصورة أكبر.

وسجل سعر كيلو الكمون المستورد نحو 170 جنيهاً في فبراير (شباط) 2023، بينما بلغ سعر كيلو الكمون البلدي 190 جنيهاً في الفترة نفسها، وفق بيانات شعبة العطارة.

وهو ما يعني زيادة سعره 3 أضعاف خلال عام، الأمر الذي يفسره الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادي ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لـ«الشرق الأوسط»، بقوله: «التوابل، وفي مقدمتها الكمون، من أكثر المنتجات مبيعاً وطلباً واستهلاكاً في مصر، فهي مُكون على مائدة المصريين بشكل يومي مثل الفول والفلافل (الطعمية)، وليس بشكل موسمي أو في أوقات معينة، فجميع التوابل دون استثناء تدخل في المأكولات والمشروبات، وهي عنصر أساسي في الطهي، كما يلجأ إليها كثيرون للاستفادة من خصائصها وفوائدها العلاجية، وبالتالي تأتي زيادة الطلب عليها في ظل وجود أزمة في الدولار، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها».

وشهدت مصر ارتفاعات متتالية في أسعار السلع على مدار شهور 2023، ومنذ بداية العام الحالي، خصوصاً أسعار السلع الحيوية، على رأسها الذهب، ومواد البناء، والأجهزة الكهربائية، والمواد الغذائية، ومنتجات الألبان، واللحوم والدواجن، وذلك بسبب انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار.

ومن جهة أخرى، سيطرت أسعار الكمون بشكل خاص والتوابل بشكل عام على أحاديث المصريين، وتركز كمّ كبير من تعليقات رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع زيادة أسعارها، التي تعاملوا معها معبّرين عن أسفهم تارة وسخريتهم تارة أخرى.

وعدّد حساب باسم «تامر أحمد» أسعار التوابل حالياً، بما يجعلها تنافس الذهب. بينما اعتبر حساب آخر أن الكمون أصبح يعامل مثل فواكه الأفاكادو والكيوي مرتفعة الثمن.

وتعد مصر من أكبر الدول المنتجة للكمون في العالم، ويجري إنتاجه في محافظات الوجه القبلي، ويبلغ متوسط إنتاج مصر من الكمون نحو 200 ألف طن سنوياً، حسبما ذكر الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، في آخر إحصائية له عام 2022.

ولفت حساب باسم «رضوان» رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى أهمية الكمون حالياً في ظل اهتمامهم بأسعار الذهب والدولار.

بينما رأت «سارة سمير» أن الكمون هو أفضل استثمار للأموال.

وفيما تساءل رواد «السوشيال ميديا» عن أسباب زيادة أسعار التوابل، يجيب الخبير الاقتصادي «الشرق الأوسط»: «المنتج المحلي من التوابل في مصر لا يكفي إلا 3 شهور فقط، ويجري تعويض الطلب من خلال الاستيراد، خصوصاً من الدول العربية مثل اليمن والسودان والسعودية والكويت، وبالتالي تأتي زيادة الأسعار أمراً طبيعياً لكون تلك المنتجات المستوردة ترتبط بسعر الدولار، فكلما ارتفع سعر الدولار زاد سعر السلعة».

كنوع من السخرية، استلهمت «السوشيال ميديا» مشاهد الأفلام السينمائية الشهيرة في «كوميكس» يتفاعل مع أسعار الكمون.

ويوضح رئيس «مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية»، أن التفاعل مع أسعار الكمون بشكل كبير خلال الأيام الماضية، يأتي لأنه كان سلعة من أرخص السلع ثمناً، فكان يمكن شراء نحو 100 غرام منه بجنيه واحد فقط فيما مضى، وبالتالي عندما يصل لهذه الأسعار القياسية وبشكل غير مبرر في الوقت الحالي، ترتب على ذلك أن يتحول لمادة للحديث والسخرية، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية الآنية، وارتفاع معدلات التضخم.

وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، نهاية الأسبوع الماضي، أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 29.8 في المائة في يناير (كانون الثاني) من 33.7 في المائة في ديسمبر (كانون الأول).


مقالات ذات صلة

 «صندوق النقد» يتوصل لاتفاق مع مصر بشأن المراجعة الرابعة

الاقتصاد أرشيفية لمواطن داخل أحد محلات الصرافة في القاهرة يستبدل الجنيه بالدولار (رويترز)

 «صندوق النقد» يتوصل لاتفاق مع مصر بشأن المراجعة الرابعة

توصل صندوق النقد الدولي إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن المراجعة الرابعة بموجب اتفاق تسهيل ممدد مع مصر، وهو ما قد يتيح صرف 1.2 مليار دولار بموجب البرنامج.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد حصَّادة تحصد القمح في حقل زراعي (رويترز)

روسيا تسعى لخفض التكاليف المتعلقة بمدفوعات القمح لمصر

قال رئيس اتحاد منتجي ومصدري الحبوب في روسيا إدوارد زرنين، إن مصدّري الحبوب الروس سيقترحون سبلاً لخفض تكاليف المعاملات المتعلقة بسداد أسعار تصدير القمح لمصر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد وزير البترول والثروة المعدنية المصري خلال استقباله بندر الخريف وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي والوفد المرافق له في القاهرة (الشرق الأوسط)

مصر للاستفادة من خبرات السعودية في قطاع التعدين

تسعى مصر لتعظيم الاستفادة من قطاع التعدين خلال الفترة المقبلة، وذلك عبر علاقتها الوطيدة بالسعودية التي تمتلك خبرة كبيرة في هذا القطاع.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

وقّعت مصر وشركة «إيميا باور» الإماراتية اتفاقين باستثمارات 600 مليون دولار، لتنفيذ مشروع محطة رياح، بقدرة 500 ميغاواط في خليج السويس.

الاقتصاد اجتماع وزير البترول  والثروة المعدنية المصري كريم بدوي بمسؤولي شركة «إكسون موبيل» (وزارة البترول والثروة المعدنية)

«إكسون موبيل» تستعد لحفر بئر جديدة للتنقيب عن الغاز في مصر

ستبدأ شركة «إكسون موبيل» المتخصصة في أعمال التنقيب عن البترول وصناعة البتروكيماويات يوم 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل بأنشطة الحفر البحري للتنقيب عن الغاز.

«الشرق الأوسط» (لندن )

نائب حمدوك يتمسك بـ«حكومة موازية» في السودان

حمدوك رئيس تنسيقية «تقدم» (فيسبوك)
حمدوك رئيس تنسيقية «تقدم» (فيسبوك)
TT

نائب حمدوك يتمسك بـ«حكومة موازية» في السودان

حمدوك رئيس تنسيقية «تقدم» (فيسبوك)
حمدوك رئيس تنسيقية «تقدم» (فيسبوك)

أعلن الهادي إدريس، نائب رئيس تحالف «تقدم» المدني الذي يرأسه عبد الله حمدوك رئيس الوزراء السوداني السابق، تمسكه بتشكيل «حكومة مدنية موازية» لكي تنتزع الشرعية من الحكومة التي تتخذ من بورتسودان عاصمة مؤقتة، والتي عيّنها قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان.

وأوضح إدريس أن الغرض من الحكومة المقترحة هو قطع الطريق «أمام خطط أنصار نظام الإسلاميين (النظام البائد بقيادة الرئيس المعزول عمر البشير) الرامية لتقسيم البلاد، وأيضاً لعدم ترك صوت السودان للجبهة الإسلامية لتتحدث باسمه، وأخيراً لإجبار الطرف الآخر (الجيش) على القبول بمفاوضات لوقف الحرب».

وأشار إدريس في الوقت ذاته، إلى تمسكه بوحدة الصف المدني؛ لأن تحالف «تقدم» يعدّ أعظم إنجاز للمدنيين منذ الانقلاب على حكومة الثورة المدنية في أكتوبر (تشرين الأول) 2021.