حميدتي يطلب تدخلاً إنسانياً عاجلاً في السودان

اتهم «قادة الجيش» بعرقلة وصول المساعدات وحذر من مجاعة وشيكة 

لاجئون سودانيون خلال زيارة لفريق من «أطباء بلا حدود» لمساعدة المصابين في مستشفى بتشاد (أرشيفية - أ.ف.ب)
لاجئون سودانيون خلال زيارة لفريق من «أطباء بلا حدود» لمساعدة المصابين في مستشفى بتشاد (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

حميدتي يطلب تدخلاً إنسانياً عاجلاً في السودان

لاجئون سودانيون خلال زيارة لفريق من «أطباء بلا حدود» لمساعدة المصابين في مستشفى بتشاد (أرشيفية - أ.ف.ب)
لاجئون سودانيون خلال زيارة لفريق من «أطباء بلا حدود» لمساعدة المصابين في مستشفى بتشاد (أرشيفية - أ.ف.ب)

ناشد قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) الخميس، المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لمواجهة الوضع الإنساني الكارثي في السودان، محذراً من مجاعة تلوح في الأفق بسبب الإجراءات المتعمدة من قادة الجيش السوداني، باحتجاز المساعدات الإنسانية وإعاقة وصولها إلى المتضررين في مناطق النزاعات بالبلاد.

وقال «حميدتي» في بيان على منصة «إكس»، إن نتيجة الحرب الدائرة في السودان، التي أوقدها فلول النظام البائد وعناصرهم في القوات المسلحة، كوارث عديدة، على رأسها الكارثة الإنسانية التي تفاقمت مع استمرار الحرب 10 أشهر وبلغت ذروتها الآن ببداية المجاعة في بعض مناطق البلاد.

أضاف: «يعيش المدنيون اليوم داخل السودان في أوضاع إنسانية مأساوية تستوجب تدخلاً عاجلاً من جميع منظمات الإغاثة الإقليمية والدولية لإنقاذهم من خطر الموت جوعاً».

ووجه قائد «الدعم السريع» نداءً للشركاء الدوليين، للوفاء بتعهداتهم وفق القانون الإنساني الدولي، وتنفيذ التدخلات الإنسانية العاجلة لإنقاذ أرواح المتضررين في المناطق الأكثر تأثراً، وزيادة المساعدات الإنسانية بصورة عاجلة لمواجهة الكارثة الماثلة.

وأكد استعداده الدخول في اتفاق ثنائي مع المنظمات والوكالات الدولية المختصة لإنقاذ المدنيين في مناطق سيطرته.

قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (أرشيفية - رويترز)

وحث حميدتي المجتمع الدولي والشركاء الإنسانيين على الضغط على قادة الجيش وسلطتهم في مدينة بورتسودان (شرق البلاد) للالتزام بالقانون الدولي الإنساني، وإعلان مبادئ «جدة» لحماية المدنيين، لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المتأثرين.

وجدد تأكيد التزام «قوات الدعم السريع» بتقديم كل الضمانات للسماح بمرور المساعدات الإنسانية إلى المتضررين في كل أنحاء البلاد من دون عوائق، وتوفير الحماية للعاملين في الحقل الإنساني.

واستند بيان قائد الدعم السريع إلى تقرير الأمم المتحدة، الذي أشار إلى التدهور المتسارع وحالة انعدام الأمن الغذائي في كل السودان، وعلى وجه الخصوص المناطق التي تقع تحت سيطرة قواته في ولايات الخرطوم والجزيرة وكردفان ودارفور، ويصل عدد سكانها إلى أكثر من 25 مليون نسمة.

بدوره، قال حزب «البعث العربي الاشتراكي - الأصل»، إن قطع خدمات الاتصالات الهاتفية والإنترنت يهدد حياة 3 ملايين شخص من العالقين في مناطق النزاع بالعاصمة الخرطوم ومناطق أخرى بالبلاد.

وأفاد مسؤول رفيع المستوى بالحزب في الخرطوم، بأن غالبية سكان العاصمة يعتمدون بشكل رئيسي على التحويلات المالية من خارج البلاد، التي تتم عبر خدمات الاتصالات والإنترنت.

وبحسب القيادي البعثي، الذي لم تذكر منصة الحزب على موقع «فيسبوك» اسمه، يتحمل الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» المسؤولية الكاملة على كل ما يترتب عن «جريمة» قطع الإنترنت وتجويع المدنيين لعدم قدرتهم على شراء الطعام والأدوية المنقذة للحياة.

وناشدت الأمم المتحدة وشركاؤها، الأربعاء، بضرورة جمع 4.1 مليار دولار أميركي لتلبية الاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحاً للمدنيين في السودان.

وقال مكتب الشؤون الإنسانية بالسودان إن نصف سكان السودان (نحو 25 مليون شخص) بحاجة إلى المساعدة الإنسانية والحماية، مضيفاً أن أكثر من 1.5 مليون شخص فروا إلى تشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان.

وكيل الأمين العام للأمم المتحدة مارتن غريفيث (يمين) والمفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي خلال إطلاق نداء لجمع مساعدات للسودان في مؤتمر صحافي الأربعاء في جنيف (رويترز)

وأفاد التقرير بأن اتساع نطاق القتال بين الجيش و«الدعم السريع»، تسبب في خلق واحدة من أكبر أزمات النزوح والحماية في العالم، وأدى إلى تفشي الجوع؛ حيث يواجه ما يقرب من 18 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد.

ووفق الأمم المتحدة، تستمر الأعمال العدائية المكثفة في إتلاف شبكات إمدادات المياه والبنى التحتية المدنية الحيوية في السودان، وأن ما يقرب من ثلاثة أرباع المرافق الصحية خارج الخدمة في الولايات المتضررة من النزاع.

وتشهد مدن السودان حالة من الفوضى والشلل مع انقطاع تام للاتصالات والإنترنت عن غالبية السكان. ويرسم هذا التعتيم سيناريوهات مخيفة في ظل استمرار المعارك بين طرفي النزاع في البلاد.

وبحسب موقع «نتبلوكس» الذي يرصد شبكات الاتصالات في العالم، خرجت الشركات الثلاث المزودة لخدمة الاتصال الهاتفي والإنترنت في السودان عن العمل.


مقالات ذات صلة

ألمانيا تصف حرب السودان بـ«أسوأ أزمة إنسانية في العالم»

أوروبا  وزيرة التنمية الألمانية ريم العبدلي رادوفان تتحدث في البرلمان الألماني (د.ب.أ) play-circle

ألمانيا تصف حرب السودان بـ«أسوأ أزمة إنسانية في العالم»

دعت وزيرة التنمية الألمانية ريم العبدلي رادوفان إلى تكثيف الجهود الدولية لإنهاء الصراع في السودان، واصفة إياه بأنه «أسوأ أزمة إنسانية في العالم».

«الشرق الأوسط» (برلين)
الرياضة صورة من حفل افتتاح كأس الأمم الأفريقية بالمغرب 21 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

اختبار البداية يبتسم للعرب في العرس الأفريقي بالمغرب

سجلت المنتخبات العربية حضوراً لافتاً في المباريات الافتتاحية مؤكدة أنها تدخل المنافسة برؤية واضحة وثقة فنية تعكس تطور كرة القدم العربية على الساحة القارية.

كوثر وكيل (الرباط)
شمال افريقيا لاجئون سودانيون من دارفور يجلسون على الأرض أثناء عاصفة رملية في مخيم طولوم على مشارف بلدة إيريبا شرق تشاد - ٣٠ نوفمبر (رويترز)

«قوات الدعم السريع» تعلن سيطرتها على مناطق قرب الحدود التشادية

أعلنت «قوات الدعم السريع» الأربعاء إكمال سيطرتها على مناطق على الحدود مع تشاد في ولاية شمال دارفور.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا نهر النيل عند قناطر إسنا جنوب مصر (الشرق الأوسط)

«سد النهضة»: مصر تجدد رفضها التفريط في «أي قطرة» من مياه النيل

جددت مصر رفضها «التفريط في (أي قطرة) من مياه نهر النيل». وأكدت أنها «لن تتهاون في صون حقوقها المائية».

وليد عبد الرحمن (القاهرة )
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (د.ب.أ)

وزير الخارجية الأميركي يبحث مع نظيره الفرنسي الحاجة المُلحة لوقف إطلاق النار في السودان

ذكرت وزارة الخارجية الأميركية أن الوزير ماركو روبيو أجرى، اليوم (الثلاثاء)، اتصالاً هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو بحثا خلاله العديد من القضايا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«الدعم السريع» تسيطر على مناطق حدودية مع تشاد

حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي (فيسبوك)
حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي (فيسبوك)
TT

«الدعم السريع» تسيطر على مناطق حدودية مع تشاد

حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي (فيسبوك)
حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي (فيسبوك)

أعلنت «قوات الدعم السريع» إكمال سيطرتها على مناطق حدودية مع تشاد، بينها أم قمرة وأم برو، ونشرت مقاطع مصورة تُظهر انتشار قواتها هناك، في وقت لم يصدر فيه تعليق رسمي من الجيش السوداني.

وقالت «الدعم السريع» إن العملية هدفت إلى إنهاء وجود ما وصفتها بالجيوب المسلحة، ووقف أعمال انتقام وفوضى تتهم الجيش السوداني و«القوة المشتركة» المتحالفة معه بتنفيذها ضد قيادات الإدارة الأهلية ومدنيين. وأكدت نشر قوات لتأمين المدنيين والطرقات والمرافق العامة في تلك المناطق لإعادة الاستقرار.

وفي تطور آخر، تأكد مقتل قائد «الفرقة 22 مشاة» التابعة للجيش السوداني في مدينة بابنوسة، اللواء معاوية حمد عبد الله، خلال هجوم شنته «الدعم السريع» على المدينة مطلع ديسمبر (كانون الأول) الحالي. ورغم عدم صدور بيان من الجيش بشأن مقتل قائده، أفاد موقع رسمي تابع لحكومة الولاية الشمالية بأن حاكمها العسكري، عبد الرحمن إبراهيم، قدّم واجب العزاء في الفقيد بمنطقة أنقري التابعة لمحلية البرقيق.


مقديشو تشهد أول انتخابات محلية مباشرة منذ عقود

مواطنة صومالية ترفع بطاقتها الانتخابية خلال تجمع لدعم إجراء الانتخابات المحلية (وكالة الأنباء الصومالية)
مواطنة صومالية ترفع بطاقتها الانتخابية خلال تجمع لدعم إجراء الانتخابات المحلية (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

مقديشو تشهد أول انتخابات محلية مباشرة منذ عقود

مواطنة صومالية ترفع بطاقتها الانتخابية خلال تجمع لدعم إجراء الانتخابات المحلية (وكالة الأنباء الصومالية)
مواطنة صومالية ترفع بطاقتها الانتخابية خلال تجمع لدعم إجراء الانتخابات المحلية (وكالة الأنباء الصومالية)

يشهد الصومال حالة من الزخم والترتيبات الواسعة استعداداً لأول انتخابات مباشرة منذ نحو ستة عقود، مع الاقتراع على أعضاء المجالس المحلية لإقليم بنادر الذي يضم العاصمة مقديشو، الخميس.

تلك الترتيبات والمساعي المكثفة حكومياً يُنظر لها، بحسب خبير في الشؤون الصومالية تحدث لـ«الشرق الأوسط»، على أنها توجُّه من الحكومة لدعم أكبر مشاركة تُحقق صحة موقفها من الانتخابات المباشرة، خاصة أن الاقتراع يُعد اختباراً جديداً لإمكانية عقد الانتخابات الرئاسية الصومالية عام 2026، في ظل تحفظات المعارضة.

وكان نظام التصويت المباشر قد أُلغي في الصومال بعد تولي الرئيس محمد سياد بري السلطة عام 1969. ومنذ سقوط حكومته في 1991، يقوم النظام السياسي في البلاد على هيكل قبلي.

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

وقد تأجلت الانتخابات التي ستُجرى، الخميس، بنظام «شخص واحد صوت واحد» ثلاث مرات هذا العام. ومن المتوقع تنظيم انتخابات رئاسية العام المقبل، مع انتهاء ولاية الرئيس حسن شيخ محمود.

ولفتت وكالة الأنباء الصومالية (صونا)، الأربعاء، إلى أن انتخابات الخميس ستُجرى في المديريات الست عشرة بمحافظة بنادر، حيث يتوجه المواطنون إلى مراكز الاقتراع لاختيار من يمثلهم في المجالس المحلية لأول مرة منذ 1969.

«محطة مفصلية»

وأعلنت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والحدود عن تسجيل مليون ناخب و20 من التنظيمات السياسية، لافتة إلى أن 1604 مرشحين يتنافسون في انتخابات المجالس المحلية.

وأوضح متحدث اللجنة عبد الفتاح فيصل حسين، الأربعاء، أن التصويت سيجري في 16 دائرة انتخابية موزعة على 213 مركز اقتراع و523 موقع تصويت.

وأعلنت هيئة الطيران المدني، الأربعاء، أن جميع الرحلات الجوية من مقديشو وإليها ستُعلّق الخميس خلال فترة الانتخابات، تزامناً مع تنفيذ خطة واسعة أعلنتها الأجهزة الأمنية الصومالية، تقضي بنشر نحو عشرة آلاف من عناصر الشرطة لتأمين الاقتراع، وفق ما أعلنه وزير الأمن الداخلي عبد الله شيخ إسماعيل، الأحد.

تجمع جماهيري يقوده رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري في مديرية كاران بمحافظة بنادر دعماً لإجراء الانتخابات المحلية المباشرة (وكالة الأنباء الصومالية)

وأعلن رئيس اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والحدود عبد الكريم حسن، الثلاثاء، أن اللجنة ستنشر نحو خمسة آلاف موظف في مراكز التصويت بالعاصمة للإشراف على الانتخابات التي وصفها بأنها «محطة مفصلية في مسار التحول الديمقراطي في الصومال».

وقاد رئيس الوزراء حمزة عبدي بري تجمعاً جماهيرياً، الاثنين، في مديرية كاران بمحافظة بنادر، دعماً لإجراء الانتخابات المحلية المباشرة، مشدداً على أهمية المشاركة الشعبية في تقرير المصير السياسي.

وكان قد تقرر تأجيل الانتخابات المحلية في مقديشو عن الموعد المقرر سابقاً في 30 نوفمبر (تشرين الثاني)، لتوفير «وقت إضافي لإعداد مرشحيها، واستكمال الترتيبات اللوجستية» قبل التصويت لضمان مشاركة أكبر، وفق ما أعلنه وقتها عبد الكريم حسن.

موقف المعارضة

ويرى الخبير في الشؤون الصومالية، عبد الولي جامع بري، أن ترتيبات الحكومة بشأن الانتخابات لها تأثيرات مهمة على الحشد الشعبي والمشاركة بعد عقود من الغياب الديمقراطي، خاصة أنها تأتي وسط تحفظات المعارضة التي قررت عدم المشاركة فيها.

وأعلن «مجلس مستقبل الصومال»، الذي يضم قوى سياسية معارضة، في ختام اجتماع عقده المجلس بمدينة كيسمايو الأسبوع الماضي رفضه الانتخابات المحلية، قائلاً إنها عملية «أحادية الاتجاه» تفتقر إلى التوافق الوطني. ومنح المجلس الرئيس حسن شيخ محمود مهلة لمدة شهر واحد لعقد حوار شامل لتجنب «فراغ دستوري محتمل وصراعات سياسية قد تهدد الاستقرار».

موظفون حكوميون بالصومال خلال توزيع بطاقات الاقتراع (وكالة الأنباء الصومالية)

وعقَّب الرئيس الصومالي، الثلاثاء، في فعالية انتخابية لحزب «العدالة والتضامن» الحاكم في مقديشو، قائلاً: «لقد استخلصنا نقطة واحدة من نتائج مؤتمر كيسمايو، وهي فتح باب الحوار والحوار مفتوح، وقد استجابت الحكومة رسمياً لهذا الطلب»، محذراً من مخاطر تحويل الخلافات السياسية إلى مواجهات مسلحة.

«اختبار حقيقي»

يتصاعد الجدل داخل الصومال بشأن الانتخابات المباشرة المرتقبة عام 2026، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع، والذي أُجري عام 1968، والتي تأتي بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي كانت تعتمد في الأساس على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، والتي جرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، وفي ظل سيطرة أربع عشائر كبرى هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

وعلى مدى عام تقريباً، تصاعدت الأزمة السياسية بقوة، وكانت العودة لاستكمال دستور 2012 المؤقت هي الشرارة الأبرز التي فاقمت الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وجوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر.

واشتدت الخلافات بين الرئيس الصومالي والمعارضة بعد تأسيسه حزب «العدالة والتضامن» في 13 مايو (أيار) الماضي، وتسميته مرشحاً للحزب في الانتخابات المباشرة المقبلة، وسط تحركات للمعارضة وتشكيل تحالفات.

ويرى خبير الشأن الصومالي جامع بري أن الانتخابات الحالية قد تفتح الطريق لتفاهمات حول الرئيس في المستقبل، لكن الواقع لا يزال معقداً، خاصة والمعارضة لديها تحفظات حقيقية.

وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «المعارضة ترى في المسار الحالي انتخابات غير متوازنة، وربما غير دستورية أو غير شاملة كلياً، مما قد يحدّ من مشاركة شرائح واسعة من المواطنين إذا شعرت بأن العملية ليست عادلة أو أنها تمثيلية».

وهو يعتقد أن النظام يراهن على تحول سياسي حقيقي نحو الديمقراطية عبر الانتخابات المباشرة التي تعد اختباراً حقيقياً لرئاسيات 2026، لكن المعارضة ستبقى لديها تحفظات عميقة على طريقة تنظيم الانتخابات ومسارها، وتبقى نتائج الحوار المنتظر هي الفيصل في تحديد المستقبل.


انتخابات «النواب» المصري تتواصل بانتظار مصير الطعون الجديدة

أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)
أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)
TT

انتخابات «النواب» المصري تتواصل بانتظار مصير الطعون الجديدة

أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)
أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)

تواصلت انتخابات مجلس النواب المصري، الأربعاء، ببدء جولة الإعادة بالخارج في 19 دائرة بالمرحلة الأولى، كانت الانتخابات قد أُلغيت فيها بقرارات من الهيئة الوطنية للانتخابات الشهر الماضي، في حين يترقب مرشحون نتائج الطعون الجديدة.

وتحسم «المحكمة الإدارية العليا» مصير 48 طعناً على نتائج 30 دائرة أُلغيت قضائياً ضمن المرحلة الأولى، الأربعاء، وسط توقعات بأن يتقدم بعض المرشحين بطعون أخرى في أعقاب الإعلان عن نتيجة جولة إعادة المرحلة الأولى، وكذلك بعد الإعلان عن نتائج إعادة المرحلة الثانية والمقررة الخميس، حسب «هيئة الانتخابات».

وخلال الأسابيع الماضية قبلت «الإدارية العليا» عدداً من الطعون التي أسفرت عن إلغاء نتائج 30 دائرة بالمرحلة الأولى، كما رفضت أخرى تنوعت أسبابها بين «التشكيك في سلامة إجراءات الفرز والتجميع، والاعتراض على الأرقام المعلنة، والادعاء بوجود أخطاء في المحاضر أو تجاوزات خلال عملية الاقتراع».

وتأثرت انتخابات البرلمان المصري سلباً بطول جدول الاقتراع مع إلغاء دوائر انتخابية وإعادتها، وانعكس ذلك على مؤشرات المشاركة المتراجعة عند جولة الإعادة.

ودعا مدير الجهاز التنفيذي بالهيئة الوطنية للانتخابات المستشار أحمد بنداري خلال مؤتمر صحافي عقده، مساء الثلاثاء، قبل بدء التصويت في الخارج الذي يستمر ليومين، المواطنين «لاستكمال طريق العمل الجماعي من أجل تعزيز الديمقراطية عبر المشاركة في هذه المحطة الانتخابية».

المستقلون والحزبيون

تجري الإعادة في 19 دائرة انتخابية بين 70 مرشحاً يتنافسون على 35 مقعداً موزعة على سبع من محافظات المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب، هي الجيزة وأسيوط وسوهاج وقنا والإسكندرية والبحيرة والفيوم، على أن تبدأ انتخابات الداخل السبت والأحد المقبلين، وفق «الهيئة الوطنية للانتخابات».

ويتفوق أعداد المستقلين المتنافسين في تلك الجولة على المرشحين الحزبيين، إذ يواجه 42 مستقلاً 28 مرشحاً حزبياً ينتمون إلى 9 أحزاب. ويعوّل المستقلون على تحقيق نتائج إيجابية أسوة بما أظهرته نتائج الحصر العددي للمرحلة الثانية بعد أن حصدوا 46 مقعداً من أصل 101 مقعد جرى التنافس عليها بنظام الفردي في 13 محافظة.

ناخبون يتوجهون للإدلاء بأصواتهم بجولة إعادة 19 دائرة ملغاة بالمرحلة الأولى من «النواب» بالسفارة المصرية في الرياض (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)

وقال المتحدث باسم حزب «حماة الوطن»، عمرو سليمان، إن حزبه نظم جولات دعم للمرشحين في المحافظات المختلفة قبل بدء جولة إعادة المرحلة الأولى، مشيراً إلى أن المنافسة مع المستقلين والأحزاب «صعبة».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الانتخابات شهدت تصويباً في مسارها... وهناك حرص على الالتزام بالمعايير الانتخابية».

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد حذَّر من الرشاوى الانتخابية، وما قد تؤدي إليه من تمكين «الجاهل أو الأحمق»، وذلك ضمن لقاء تفاعلي بأكاديمية الشرطة الشهر الماضي.

طول أمد الجدول الانتخابي

كان بنداري قد أعاد التأكيد خلال مؤتمر صحافي، الأسبوع الماضي، على «حرص هيئة الانتخابات على تلقي شكاوى وبلاغات جميع أطراف العملية الانتخابية إزاء أي مشكلة أو خروقات انتخابية قد تحدث، حتى يمكن التحقيق فيها والتعامل معها بصورة فورية وفق صحيح حكم القانون وإزالة أسبابها».

ونوَّه الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عمرو هاشم ربيع، بأن الخريطة الزمنية التي عدلتها «الهيئة الوطنية للانتخابات» تقضي بالإعلان النهائي عن النتائج في العاشر من يناير (كانون الثاني) المقبل، ومن ثم فمن المتوقع أن تفصل محكمة القضاء الإداري في الطعون قبل هذا الموعد.

وأضاف أنه في حال إرجائها، فمن الممكن إحالة بعض الطعون إلى محكمة النقض التي تفصل فيها مع بدء انعقاد البرلمان خلال مدة 60 يوماً.

واستطرد قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن انتخابات مجلس النواب الحالية «قد تكون الأقل من حيث مشاركة الناخبين مع تأثرها ببطلان ما يقرب من 70 في المائة من دوائر المرحلة الأولى وطول أمد الجدول الانتخابي».

وعقب انتهاء إعادة الدوائر التسع عشرة، من المقرر أن تجري جولة الإعادة في الدوائر الثلاثين بالخارج يومي 31 ديسمبر (كانون الأول) و1 يناير، بينما تُعقد داخل مصر يومي 3 و4 يناير، على أن تُعلن النتائج النهائية في العاشر من الشهر.