المعلمون اليمنيون... مواجهة مع القمع وقسوة المعيشة وتوقف الرواتب

مطالب بتحسين أوضاعهم في المناطق المحررة

لم تستجب الجماعة الحوثية لمطالب المعلمين اليمنيين منذ نحو نصف عام (إكس)
لم تستجب الجماعة الحوثية لمطالب المعلمين اليمنيين منذ نحو نصف عام (إكس)
TT

المعلمون اليمنيون... مواجهة مع القمع وقسوة المعيشة وتوقف الرواتب

لم تستجب الجماعة الحوثية لمطالب المعلمين اليمنيين منذ نحو نصف عام (إكس)
لم تستجب الجماعة الحوثية لمطالب المعلمين اليمنيين منذ نحو نصف عام (إكس)

يغبط المعلمون اليمنيون في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية زملاءهم في المحافظات المُحرّرة، الذين تحوّلت احتجاجاتهم من البحث عن زيادة الرواتب لتغطية متطلباتهم المعيشية في ظل الغلاء والتضخم؛ إلى المطالبة بانتظام صرف الرواتب، مُهدّدين بالإضراب خلال الأيام المقبلة، مع امتلاكهم الحرية للاحتجاج وتنظيم أنفسهم.

وبينما أبدت الحكومة اليمنية نواياها لمعالجة الأوضاع المعيشية للمعلمين والتربويين في المحافظات المحررة، والوقوف إلى جانبهم من خلال استمرار صرف رواتبهم باستمرار وانتظام، حتى لا يؤثر ذلك في سير العمل التربوي والتعليمي، تبدي الجماعة الحوثية تعنتاً متواصلاً في الاستجابة لمطالب المعلمين بصرف رواتبهم المتوقفة منذ أكثر من 7 أعوام.

حرمت الأوضاع المعيشية الصعبة وانقطاع رواتب المعلمين الطلاب اليمنيين من الحصول على خدمات تعليمية كافية (رويترز)

ويتداول المعلمون في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بغضب، واقعة سخرية من أوضاعهم المعيشية كان بطلها قيادي حوثي حضر للمشاركة في حفل زفاف شخصية اجتماعية. وتساءل الجميع حول سبب تقدم أعمار أعضاء فرقة الرقص المشارِكة في الحفل، فقال القيادي الحوثي إن الراقصين هم مِن المعلمين الذين لجأوا للرقص بعد أن أصبحوا بلا عمل أو رواتب.

وبحسب شهود عيان في حفل الزفاف، فإن القيادي الحوثي ناجي وازع نجاد، لاحظ استياء غالبية الحاضرين في الحفل من تهكمه على المعلمين، فحاول التغطية على سخريته بعبارة أخرى، مسيئة أكثر، طالب فيها بمساعدة المعلمين من خلال الصدقات، وليس بالسماح لهم بالعمل في مهن تتطلب قوة وحيوية لم تعد تتوفر فيهم بسبب كبر السن، والجوع.

وأثارت هذه الواقعة التي حدثت في مدينة إب (193 كيلومتراً جنوب العاصمة صنعاء) غضب عدد من المشاركين في الحفل، واستهجان قطاع واسع من المعلمين والتربويين الذين يعيشون أوضاعاً متردية؛ نتيجة انقطاع رواتبهم، واضطرار الآلاف منهم إلى العمل في مهن مختلفة مثل الفلاحة وأعمال النظافة والخدمة في المطاعم والمقاهي، وغيرها من الأعمال المسانِدة.

وبينما لا يزال رئيس نادي المعلمين اليمنيين عبد القوي الكميم قيد الاحتجاز والإخفاء القسري لدى الجماعة الحوثية منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أكد النادي أن المرتبات والأجور حق شرعي وقانوني كفله الدستور والقانون، وليس لأحد الحق في إيقافها أو مصادرتها أو التنصل من صرفها تحت أي مبرر.

معلم متطوع يقدم دروساً للأطفال في مدرسة مبنية بالقش في محافظة حجة شمال غربي اليمن (أ.ف.ب)

وأضاف النادي: «من المعروف أن مرتبات وأجور الموظفين المدنيين والعسكريين حقوق شرعية وقانونية مكتسبة يكفلها الدستور والقانون، ولا يحق لأحد إيقافها أو مصادرتها أو التنصل من صرفها لأصحابها نهاية كل شهر»، إلى جانب كونها مصدر الدخل الوحيد للغالبية من الموظفين وعائلاتهم.

تعنت حوثي

ترفض الجماعة الحوثية الإفراج عن الكميم رغم احتجاجات «قبائل الحدا» التي ينتمي إليها وقبائل أخرى مسانِدة لها، وقطاع واسع من المعلمين والتربويين.

وذكرت مصادر مطلعة في العاصمة، صنعاء، أن الجماعة الحوثية اشترطت من أجل الإفراج عن الكميم كتابة تعهد بعدم المطالبة بالرواتب، وإغلاق نادي المعلمين، والتوقف عن أي خطاب يتعلق بالرواتب أو أي مطالب حقوقية أخرى، وهو ما رفضته القبائل بوصف مطالبها تختص بالإفراج عن أحد أبنائها، وعدم وصايتها على المعلمين وناديهم.

ويقول وديع المقطري، وهو معلم كيمياء في مدرسة ثانوية في العاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إنه وزملاءه يشعرون بالاستغراب والغبطة معاً تجاه زملائهم في المحافظات المحررة الذي يطالبون بانتظام صرف رواتبهم وزيادتها.

وقفة احتجاجية للمعلمين في مدينة عدن (إعلام محلي)

وتابع المقطري: «نرغب في الهجرة الجماعية إلى المناطق المحررة للعمل هناك»، لكنه يبدي أسفه؛ لأن «ذلك غير ممكن بسبب أن الكثافة السكانية في المناطق المحررة أقل بكثير من مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وهو ما يعني مدارس أقل، وفرص وظيفية أقل بالتالي».

وينوه زميله طلال منصور، وهم اسم مستعار لمعلم رياضيات وقيادي نقابي في صنعاء، إلى أن زملاءهم في المناطق المحررة يملكون على الأقل حرية الاحتجاج والمطالبة بمستحقاتهم وتحسين أوضاعهم دون أن يواجهوا إجراءات قمعية أو تهماً بالخيانة والعمالة.

وأوضح أنه وزملاءه في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يتمنون الاستجابة لمطالب زملائهم في المناطق المُحرّرة؛ لأن تلك المطالب عادلة، ولكي يساعدهم ذلك نفسياً ومعنوياً على تنظيم أنفسهم لتصعيد مطالبهم أمام سلطات الانقلاب الحوثي.

احتجاجات متصاعدة

بدأ المعلمون في المناطق المُحرّرة تنفيذ احتجاجات متصاعدة؛ للمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية وانتظام الرواتب، وأعلن طارق العكبري وزير التربية والتعليم في الحكومة اليمنية مساعي حكومية لمعالجة الأوضاع المعيشية للمعلمين والتربويين في المحافظات المُحرّرة، والعمل على انتظام وديمومة صرف رواتبهم دون تأخير.

أبدت وزارة التعليم اليمنية استعدادها للتعاطي مع مطالب المعلمين في مناطق سيطرة الحكومة (إعلام حكومي)

وفي اجتماع مع قيادات الوزارة في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، برر العكبري تأخر صرف الرواتب بأزمة السيولة التي يواجهها البنك المركزي، مشيراً إلى أن الوزارة تعمل مع القطاعات المختصة في الحكومة والجهات المانحة لاتخاذ تدابير عاجلة عدة؛ لتقديم الدعم للمعلمين للقيام بواجبهم.

وبدأت نقابات عدة تمثل المعلمين والتربويين تنفيذ احتجاجات، من خلال رفع الشارات الحمراء؛ للمطالبة بحقوقهم وتحسين أوضاعهم المعيشية، على أن تشهد الأيام المقبلة تصعيداً متدرجاً في تلك الاحتجاجات.


مقالات ذات صلة

الحوثيون والكوارث الطبيعية يهجرون اليمنيين

العالم العربي 38 ألف أسرة تضررت جراء الفيضانات التي ضربت اليمن (إعلام حكومي)

الحوثيون والكوارث الطبيعية يهجرون اليمنيين

أظهرت بيانات مبادرة دولية معنية برصد الأزمات والنزوح والكوارث أن التغيرات المناخية باتت وكأنها تنافس الحوثيين في تهجير اليمنيين خلال العامين الأخيرين وفق ناشطين

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)

الحوثيون يزعمون قصف الحاملة «هاري ترومان» للمرة السادسة

زعم الحوثيون مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع الحربية المرافقة لها في شمالي البحر الأحمر، للمرة السادسة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أنصار الحوثيين يرددون شعارات ويرفعون أسلحتهم خلال احتجاج مناهض للولايات المتحدة وإسرائيل في صنعاء 10 يناير 2025 (إ.ب.أ)

الحوثيون يزعمون استهداف حاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر

أعلن الحوثيون تنفيذ عملية عسكرية مشتركة استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» وقطعاً بحرية تابعة لها شمال البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)

انقلابيو اليمن يحولون المدارس إلى ثكنات 

تعسفت الجماعة الحوثية مع موظفي قطاع التعليم وحرمتهم من صرف نصف راتب شهري تعهدت به سابقاً وأجبرت طلاب المدارس على المشاركة في دورات قتالية

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية ضابط إسرائيلي يزيل جزءاً من صاروخ أطلقه الحوثيون من اليمن بعد أن أصاب منزلاً في قرية ميفو بيتار الإسرائيلية 14 يناير 2025 (أ.ب)

الحوثيون يعلنون قصف أهداف إسرائيلية بطائرات مسيّرة وصاروخ

أعلنت جماعة الحوثي اليمنية، اليوم (الثلاثاء)، تنفيذ هجومين على أهداف في تل أبيب بوسط إسرائيل وإيلات في الجنوب، في خامس هجوم خلال يومين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

هل تعتزم مصر المطالبة بتسليمها أحمد المنصور؟

المصري المقبوض عليه في سوريا أحمد المنصور (إكس)
المصري المقبوض عليه في سوريا أحمد المنصور (إكس)
TT

هل تعتزم مصر المطالبة بتسليمها أحمد المنصور؟

المصري المقبوض عليه في سوريا أحمد المنصور (إكس)
المصري المقبوض عليه في سوريا أحمد المنصور (إكس)

قال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن هناك أمر ضبط وإحضار صادراً من السلطات القضائية بمصر ضد المصري أحمد المنصور الذي أطلق تهديدات لبلاده من سوريا، وأفادت الأنباء بالقبض عليه من جانب السلطات الأمنية بدمشق.

ونقلت وكالة «رويترز» للأنباء عن مصدر بوزارة الداخلية السورية، الأربعاء، أن السلطات الحاكمة الجديدة في سوريا ألقت القبض على المنصور عقب بثه تسجيلات هدد وأساء فيها للسلطات المصرية، ودعا لاحتجاجات.

وكان المنصور أثار جدلاً واسعاً بعد ظهوره في مقطع فيديو مصور وخلفه علم مصر القديم قبل ثورة «23 يوليو»، وبجواره شخصان ملثمان، معلناً تأسيس حركة مسلحة باسم «ثوار 25 يناير»، وهدد بإسقاط النظام المصري بقوة السلاح أسوة بما حدث في سوريا.

دعوة أحمد المنصور قوبلت بالرفض حتى من معارضين مصريين، الذين وصفوها بأنها تسيء لسلمية ثورة 25 يناير 2011.

ومن خلال بحث قامت به «الشرق الأوسط»، لم تتوصل لأحكام قضائية مسجلة ضد أحمد المنصور سواء بتهم إرهابية أو جنائية. فيما أوضح المصدر المصري المطلع أن سلطات التحقيق أصدرت أمر ضبط وإحضار للمنصور بتهمة الانضمام لجماعات إرهابية مسلحة والتحريض على قلب نظام الحكم بقوة السلاح وتهديد الأمن القومي المصري، ويجري تجهيز ملف لطلب تسلمه من السلطات في سوريا.

وبحسب المصدر فليس شرطاً وجود أحكام قضائية لطلب تسليم المنصور من سوريا، بل يكفي وجود قرارات بضبطه للتحقيق معه خاصة حينما يتعلق الأمر باتهامات جنائية وليست سياسية.

وفي تقدير البرلماني المصري مصطفى بكري، الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، فإن «السلطات السورية لن تسلم أحمد المنصور لمصر، هي فقط ألقت القبض عليه لمنعه من الإساءة للسلطات في مصر لأنها لا تريد صداماً مع القاهرة».

إلا أن الإعلامي والناشط السوري المقرب من الإدارة الجديدة بدمشق عبد الكريم العمر قال لـ«الشرق الأوسط» إن «السلطات السورية الحالية لديها حرص على عدم تحويل سوريا الجديدة كمنطلق تهديد لأي دولة، كما أنها حريصة على العلاقة مع مصر».

وأشار إلى «أنه لا يعلم ما إذا كانت هناك نية لدى الإدارة في سوريا لتسليم المنصور لمصر من عدمه، ولكن المؤكد أنها حريصة على التقارب مع القاهرة».

وبحسب تقارير إعلامية محلية فإن المنصور من مواليد محافظة الإسكندرية، لكنه يتحدر من محافظة سوهاج، وانضم إلى «حركة حازمون»، التي أسسها القيادي السلفي المسجون تنفيذاً لأحكام قضائية حازم صلاح أبو إسماعيل.

كما شارك أحمد المنصور في اعتصامي «رابعة» و«النهضة» لأنصار الرئيس «الإخواني» الراحل محمد مرسي عام 2013، وعقب سقوط «حكم الإخوان» فر من مصر وانضم إلى «جيش الفتح» و«هيئة تحرير الشام» في سوريا، وبعد سقوط نظام بشار الأسد بدأ في بث مقاطع فيديو يهاجم فيها الدولة المصرية.