من المتوقع أن يخطو بنك إنجلترا خطوة أولية مبدئية نحو خفض أسعار الفائدة من أعلى مستوى لها منذ ما يقرب من 16 عاما في اجتماعه في الأول من فبراير (شباط) بعد مؤشرات على أن أزمة التضخم آخذة في التراجع.
وكان محافظ المصرف المركزي البريطاني أندرو بيلي ومسؤولون كبار آخرون قضوا معظم أواخر عام 2023 في رفض التكهنات حول خفض أسعار الفائدة باعتبارها سابقة لأوانها والتحذير من مخاطر النمو القوي للأجور.
لكن خبراء اقتصاديين يقولون إن الوقت يقترب من أن يخفف بنك إنجلترا من خطه المتشدد بشأن تكاليف الاقتراض - وهو ما فعله الاحتياطي الفيدرالي والمصرف المركزي الأوروبي بالفعل - بعد أن جاءت البيانات الأخيرة عن التضخم الرئيسي والأجور والنمو الاقتصادي أضعف مما توقعه البنك المركزي.
ويأتي اجتماع بنك إنجلترا غداة اجتماع الاحتياطي الفيدرالي حيث يتوقع على نطاق واسع أن يبقي أسعار الفائدة بلا تغيير عند أعلى مستوياتها في 22 عاماً بين 5.25 في المائة و5.5 في المائة.
وأظهر استطلاع أجرته «رويترز» أن الاقتصاديين لا يرون أي فرصة لخفض سعر الفائدة في اجتماع بنك إنجلترا في الأول من فبراير، لكن أغلبية ضئيلة توقعت خفضاً واحداً قبل منتصف عام 2024.
وبحسب الاقتصاديين، فإن بنك إنجلترا سيحافظ على أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل، وأنه سيقوم بخفض سعر الفائدة في الربع الثاني من عام 2024.
وكان المستثمرون اندفعوا كثيراً حين راهنوا على أن بنك إنجلترا سيبدأ في خفض سعر الفائدة في وقت مبكر من شهر مايو (أيار)، مع ثلاثة تخفيضات أخرى خلال عام 2024 ليصل إلى 4.25 في المائة من 5.25 في المائة الآن.
وقال الاقتصاديون في «إتش إس بي سي» في مذكرة للعملاء: «لكي يتحقق هذا التوقع، نعتقد أن بنك إنجلترا يحتاج على الأقل إلى أن يبدو منفتحاً على الفكرة في فبراير».
وأضاف «إتش إس بي سي» أنه للمرة الأولى منذ سبتمبر (أيلول) 2021 «من المرجح ألا يصوت أي من أعضاء لجنة السياسة النقدية التسعة لرفع سعر الفائدة الأسبوع المقبل وقد يدعم أحدهم خفضه».
كما كان ينظر إلى لجنة السياسة النقدية على أنها من المرجح أن تتخلى عن رسالتها القائلة بأن تكاليف الاقتراض قد تحتاج إلى الارتفاع إذا اشتدت ضغوط التضخم، ويمكن أن تخفف من رأيها بأن أسعار الفائدة ربما يجب أن تظل «مقيدة لفترة طويلة من الزمن».
وتعرض بنك إنجلترا ومصارف مركزية أخرى لانتقادات لعدم تصرفهم بالسرعة الكافية عندما بدأ التضخم في الارتفاع، حتى قبل أن تتسبب الحرب الروسية على أوكرانيا في عام 2022 في ارتفاع أسعار الغاز.
وبلغ تضخم أسعار المستهلكين في بريطانيا أعلى مستوى في 41 عاما عند 11.1 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 - أكثر من خمسة أضعاف هدف بنك إنجلترا البالغ 2 في المائة - ثم انخفض بشكل طفيف فقط في الأشهر التالية، مما أدى إلى الضغط على الموارد المالية للأسر وزيادة المخاوف من ارتفاع الأسعار والأجور.
ولكن رغم الارتفاع الطفيف إلى 4 في المائة في ديسمبر (كانون الأول)، فمن المتوقع الآن أن ينخفض التضخم إلى 2 في المائة في الأشهر القليلة المقبلة، بعد انخفاض كبير في أسعار الغاز في الأسابيع الأخيرة.
وفي الآونة الأخيرة، كان بنك إنجلترا يتوقع أن التضخم لن يعود إلى هدفه حتى نهاية عام 2025.
قد يرسل بنك إنجلترا رسالة خلال اجتماعه للمستثمرين بأنهم يرفعون من رهاناتهم على خفض أسعار الفائدة، من خلال رفع توقعاته للتضخم في غضون عامين وثلاثة أعوام، والتي تستند إلى أسعار السوق الحالية.
عوامل أخرى تبقي بنك إنجلترا حذراً
وهناك عوامل أخرى من المرجح أن تبقي بنك إنجلترا حذرا بشأن خفض تكاليف الاقتراض.
فقد أظهر الاقتصاد البريطاني الراكد مؤخراً علامات على انتعاش طفيف. ومن المقرر أن تنخفض رسوم الطاقة التي يدفعها المستهلكون في أبريل، كما تنخفض تكاليف الرهن العقاري، مما يترك للناس المزيد من الأموال لإنفاقها.
وقبل الانتخابات المتوقعة في أواخر عام 2024، من المتوقع أن يخفض وزير المالية جيريمي هانت الضرائب في موازنة السادس من مارس (آذار).
وقال كيم كروفورد، مدير محفظة أسعار الفائدة العالمية في «جي بي مورغان» لإدارة الأصول: «كل شيء متساو، حتى الرفع المتواضع للنشاط في هذه المرحلة من المرجح أن يؤخر بدء تحول بنك إنجلترا بعيدا عن سياسته التقييدية ويبطئ وتيرة التخفيضات التي تم تسليمها».
عادة لا يفكر بنك إنجلترا في أي دفعة مالية للاقتصاد حتى يتم الإعلان عنها من قبل الحكومة.
وقال سانجاي راجا، الخبير الاقتصادي في «دويتشه بنك»، إن بنك إنجلترا سيبحث عن سلسلة من العوامل الأخرى لمنحه الثقة بشأن خفض أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة، بما في ذلك ارتفاع البطالة وانخفاض الأجور.