غداة قرار «العدل الدولية»... القصف الإسرائيلي يشتدّ ومخاوف على مصير المدنيين بغزة

ارتفاع عدد القتلى في القطاع إلى 26 ألفاً و257

تتخذ دبابة تابعة للجيش الإسرائيلي موقعها مع وصول الفلسطينيين إلى مدينة رفح بجنوب غزة بعد فرارهم من هجوم بري وجوي إسرائيلي على مدينة خان يونس الجمعة (أ.ب)
تتخذ دبابة تابعة للجيش الإسرائيلي موقعها مع وصول الفلسطينيين إلى مدينة رفح بجنوب غزة بعد فرارهم من هجوم بري وجوي إسرائيلي على مدينة خان يونس الجمعة (أ.ب)
TT

غداة قرار «العدل الدولية»... القصف الإسرائيلي يشتدّ ومخاوف على مصير المدنيين بغزة

تتخذ دبابة تابعة للجيش الإسرائيلي موقعها مع وصول الفلسطينيين إلى مدينة رفح بجنوب غزة بعد فرارهم من هجوم بري وجوي إسرائيلي على مدينة خان يونس الجمعة (أ.ب)
تتخذ دبابة تابعة للجيش الإسرائيلي موقعها مع وصول الفلسطينيين إلى مدينة رفح بجنوب غزة بعد فرارهم من هجوم بري وجوي إسرائيلي على مدينة خان يونس الجمعة (أ.ب)

يبقى مصير المدنيين في غزة محل قلق بالغ اليوم (السبت)، غداة قرار لمحكمة العدل الدولية يدعو إسرائيل إلى منع ارتكاب أي عمل يحتمل أن يرقى إلى «إبادة جماعية» في القطاع، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتتركز هذه المخاوف على مدينة خان يونس الرئيسية في جنوب القطاع المحاصر والتي تشهد قصفا لا هوادة فيه وقتالا عنيفا بين القوات الإسرائيلية وحركة «حماس»، ما أدى إلى فرار آلاف المدنيين في الأيام الأخيرة وتقليص قدرة مستشفيي ناصر والأمل على العمل إلى حدها الأدنى.

فلسطينيون يصلون إلى مدينة رفح بجنوب قطاع غزة بعد فرارهم من هجوم بري وجوي إسرائيلي على مدينة خان يونس (أ.ب)

وأعلنت وزارة الصحة في غزة اليوم أن 174 فلسطينيا قتلوا جراء القصف الإسرائيلي على القطاع في الأربع والعشرين ساعة الماضية، ما يرفع إجمالي عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على غزة إلى 26 ألفا و257 قتيلا.

وقالت الوزارة في بيان إن 310 آخرين أصيبوا في القصف، ما يزيد عدد مصابي الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى 64 ألفا و797 مصابا.

كما أشار مكتب الإعلام الحكومي التابع لـ«حماس» اليوم، إلى حصول «قصف مدفعي مكثف» صباحا على مخيم خان يونس ومحيط مجمع ناصر الطبي، ما أدى «إلى انقطاع الكهرباء في هذا المستشفى وتوقف كثير من الخدمات وغرف العمليات».

وعبّرت منظّمة «أطباء بلا حدود» في بيان عن أسفها لأنّ «القدرة الجراحيّة لمستشفى ناصر» أصبحت «شبه معدومة»، مشيرة إلى أنّه «يتعيّن على أفراد الطاقم الطبّي القلائل الذين بقوا في المستشفى التعامل مع مخزونات منخفضة جدا من المعدّات الطبّية».

فلسطيني مصاب يصل إلى مدينة رفح بجنوب قطاع غزة بعد فراره من خان يونس (أ.ب)

بدوره، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس على منصة «إكس»: «مع اشتداد القتال حول مستشفى ناصر (...) فر مئات المرضى وأفراد الطاقم الطبي. ما زال هناك 350 مريضا وخمسة آلاف نازح (جراء القتال) في المستشفى».

وأضاف: «الوقود والغذاء والإمدادات في المستشفى تنفد». كما دعا إلى «وقف فوري لإطلاق النار».

وفي هذا الإطار، لفت الناطق باسم الدفاع المدني محمود بصل في حديث لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إلى أن «الأمطار الغزيرة تغرق آلاف الخيام للنازحين في رفح وخان يونس ومخيم النصيرات ودير البلح ومدينة غزة وشمال القطاع، وتزيد معاناة النازحين».

وقال: «عشرات الآلاف من الأطفال باتوا ليلتهم وسط الأمطار والبرد الشديد من دون غطاء كاف ولا تدفئة بسبب استمرار انقطاع الكهرباء (...) وعدم توفر الغاز، ما يزيد فرص انتشار الأمراض المعدية، ويفاقم من الوضع الإنساني الصعب».

وأفاد شهود عيان بوقوع اشتباكات عنيفة بين حركة «حماس» والجيش الإسرائيلي في محاور عدة من مدينة خان يونس.

رجل فلسطيني نازح يساعد امرأة في العثور على طريقها وسط الخيام التي غمرتها الأمطار الغزيرة (أ.ف.ب)

قرار تاريخي

وكانت محكمة العدل الدوليّة دعت الجمعة إسرائيل إلى منع ارتكاب أيّ عمل يُحتمل أن يرقى إلى «إبادة جماعيّة» في غزّة، فيما عدّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «تهمة مشينة».

وقالت المحكمة إنّ إسرائيل التي تتحكم بدخول المساعدات الدوليّة إلى قطاع غزّة الذي تفرض عليه حصارا مطبقا، يجب أن تتّخذ «خطوات فوريّة» لتمكين توفير «المساعدات الإنسانيّة التي يحتاج إليها الفلسطينيّون بشكل عاجل». إلا أن هذه الهيئة القضائيّة لا تملك أيّ وسيلة لتنفيذ قراراتها.

ويجتمع مجلس الأمن الدولي الأربعاء للنظر في قرار محكمة العدل الدوليّة بطلب من الجزائر الساعية إلى إعطاء الحكم «قوّة إلزاميّة».

لكنّ المحكمة ومقرّها في لاهاي لم تطلب وقف إطلاق النار في غزّة حيث يشنّ الجيش الإسرائيلي حملة مدمّرة ردّاً على هجوم غير مسبوق شنّته «حماس» في إسرائيل في 7 أكتوبر.

وأدّى هجوم «حماس» في 7 أكتوبر إلى خطف نحو 250 شخصا خلال الهجوم أطلِق سراح مائة منهم في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) خلال هدنة، في مقابل إطلاق سراح سجناء فلسطينيّين.

وردّاً على الهجوم، تعهّدت إسرائيل «القضاء» على «حماس» وباشرت عمليّة عسكريّة واسعة خلّفت 26083 قتيلا، غالبيّتهم العظمى من النساء والأطفال والفتية، حسب وزارة الصحّة التابعة لـ«حماس».

«تعاطف»

إلى ذلك، طلب الاتحاد الأوروبي التنفيذ «الفوري» لهذا القرار الذي قالت واشنطن إنه «لا أساس له»، فيما أكدت فرنسا أن جريمة الإبادة تتطلب «إثبات النية».

ودعت البرازيل عبر وزارة خارجيتها إلى «الاحترام الكامل والفوري» للقرار.

أشخاص يصلون على جثث ضحايا القصف في خان يونس (رويترز)

ولقي القرار ترحيبا من تركيا وإيران وإسبانيا وقطر، الوسيط الذي يستضيف قيادة «حماس». وطالبت السعودية بـ«محاسبة» إسرائيل على «انتهاكاتها» للقانون الدولي.

وقالت مها ياسين، وهي فلسطينية تبلغ 42 عاما: «هذه أول مرة يقول العالم لإسرائيل إنها تتجاوز الحدود. ما فعلته إسرائيل بنا في غزة على مدى أربعة أشهر لم يحدث أبدا في التاريخ».

وأضافت ياسين وهي واحدة من بين 1.7 مليون فلسطيني نزحوا بسبب القصف والمعارك بحسب تقديرات الأمم المتحدة: «على الأقل أشعر أن العالم بدأ يتعاطف معنا».

فلسطيني نازح يستخدم دلواً لإزالة المياه من خيمة غمرتها الأمطار الغزيرة في رفح (أ.ف.ب)

اجتماع في باريس

ورغم رفض إسرائيل قرار محكمة العدل الدولية ومعارضة لجوء جنوب أفريقيا إلى هذه المحكمة، تشارك الدولة العبرية في مباحثات تهدف للتوصل إلى «هدنة» في مقابل إطلاق سراح رهائن.

وكشف مصدر أمني لـ«الوكالة الفرنسية» أنّ اجتماعا سيُعقد في باريس في الأيّام المقبلة، يشارك فيه مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركيّة (سي آي إيه) ومسؤولون من مصر وإسرائيل وقطر.

وأمس، أعلن البيت الأبيض أنّ الرئيس جو بايدن ناقش مع أمير قطر «الأحداث الأخيرة في إسرائيل وغزة، بما في ذلك الجهود لإطلاق الرهائن الذين خطفتهم حماس»، مضيفا أنّه لن يكون هناك إعلان «وشيك» بشأن الرهائن.


مقالات ذات صلة

مقتل 15 فلسطينياً في غارتين إسرائيليتين على منزلين في غزة

المشرق العربي دخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على غزة (رويترز)

مقتل 15 فلسطينياً في غارتين إسرائيليتين على منزلين في غزة

قتل الجيش الاسرائيلي اليوم الخميس 15 فلسطينياً على الأقل في هجمتين جويتين على منزلين في مدينة غزة. 

«الشرق الأوسط» ( غزة )
المشرق العربي عمود من النيران في أعقاب ضربات على مدينة الحديدة الساحلية التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون 20 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

«حماس» تدين «العدوان» الإسرائيلي على الحوثيين في اليمن

أدانت حركة «حماس» الفلسطينية التي تخوض حرباً مع إسرائيل في قطاع غزة، الخميس، الضربات الإسرائيلية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي قذيفة مورتر أطلقها جنود إسرائيليون على غزة (رويترز) play-circle 03:06

تقرير: الجيش الإسرائيلي خفف قواعد الاشتباك مع بداية الحرب في غزة

ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، اليوم الخميس، أن الجيش الإسرائيلي خفف قواعد الاشتباك في بداية الحملة العسكرية بقطاع غزة؛ لتمكين القادة من إصدار أوامر بشن هجمات.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي يقف أفراد من الجيش اللبناني بالقرب من الأنقاض في قرية الخيام (رويترز)

توغل إسرائيلي يثير مخاوف لبنانية من تجدد الحرب

صعّدت تل أبيب بتوغلها، الخميس، في مناطق بعيدة عن الحدود، وبالتحديد في وادي الحجير الذي له رمزية بالنسبة لـ«حزب الله» وإسرائيل.

بولا أسطيح (بيروت)
العالم العربي قال مسعفون إن الصحافيين الخمسة كانوا ضمن 26 شخصاً على الأقل قتلوا في غارات جوية إسرائيلية قبل الفجر (إ.ب.أ) play-circle 00:37

مقتل 5 صحافيين بضربة إسرائيلية في غزة... وإسرائيل تقول إنها استهدفت مسلحين

قال مسؤولون في قطاع غزة إن غارة جوية إسرائيلية قتلت خمسة صحافيين فلسطينيين أمام مستشفى، اليوم الخميس.

«الشرق الأوسط» (غزة)

قصور «قرى الأسد»... أناقة دولة الجريمة المنظمة

شعار القيادة العامة للعمليات العسكرية في صالون منزل رئيس الاستخبارات العسكرية الهارب (الشرق الأوسط)
شعار القيادة العامة للعمليات العسكرية في صالون منزل رئيس الاستخبارات العسكرية الهارب (الشرق الأوسط)
TT

قصور «قرى الأسد»... أناقة دولة الجريمة المنظمة

شعار القيادة العامة للعمليات العسكرية في صالون منزل رئيس الاستخبارات العسكرية الهارب (الشرق الأوسط)
شعار القيادة العامة للعمليات العسكرية في صالون منزل رئيس الاستخبارات العسكرية الهارب (الشرق الأوسط)

لسنوات، ظلت قصور «قرى الأسد» ومنازلها الفاخرة أشبه بـ«محمية» للحلقة الضيقة حول الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد وزوجته أسماء من رجال أعمال وقادة أمنيين وعسكريين برتب رفيعة.

لكن بعد سقوط النظام، باتت المنطقة الواقعة غرب دمشق، في عهدة السلطة الجديدة التي نشرت فصائل مسلحة لحمايتها من السرقة أو محاولات إحراق الوثائق، كما جرى في قصر يسار إبراهيم الذي يوصف بأنه الذراع المالية للسيدة الأولى السابقة.

ولا تبدو على المسلحين المكلفين حراسة القصور أي علامات اهتمام بتفاصيلها الفاخرة من مسابح وصالات رياضة حديثة وأثاث مستورد. فكل ذلك بالنسبة إليهم دليل إضافي على حياة البذخ التي عاشها رجال السلطة على حسابهم.

ويقول أحدهم لـ«الشرق الأوسط»: «عندما يدخل جيشهم إلى منزلنا ومناطقنا لا يتركون أبواباً أو بلاطاً أو حديداً أو شرائط كهربائية داخل الجدران. يقومون بـ(التعفيش) المنهجي؛ فلا يبقى من بيوتنا إلا هياكل عظمية... هل كانوا فعلاً يحتاجون إلى ذلك؟».

وخلال جولة لـ«الشرق الأوسط» في المنطقة، رصدت عدداً من علامات الهروب المرتبك لقاطني هذه القصور. ففي منزل اللواء الركن كمال علي حسن، رئيس شعبة المخابرات العسكرية، على سبيل المثال، تنتصب شجرة ميلاد نصف مزينة وسط الصالون الكبير، توحي بأن العائلة رحلت على عجل قبل الانتهاء من مهمة التزيين.