«إتس أوكِ» وثائقي عن إليسا حديدية لم تكسرها خيبات الأمل

تفتح قلبها وتكشف أسرارها وعن قصة حب تعيشها

تبهر إليسا مشاهدها بصلابتها (إنستغرام إليسا)
تبهر إليسا مشاهدها بصلابتها (إنستغرام إليسا)
TT
20

«إتس أوكِ» وثائقي عن إليسا حديدية لم تكسرها خيبات الأمل

تبهر إليسا مشاهدها بصلابتها (إنستغرام إليسا)
تبهر إليسا مشاهدها بصلابتها (إنستغرام إليسا)

«إتس أوكِ» وثائقي من إنتاج «ديفرنت برودكشن» لمازن اللحام، يسرد قصة حياة الفنانة اللبنانية إليسا، تُعرض حلقاته الثلاث حصرياً على منصة «نتفليكس» وتروي فيها إليسا مراحل من حياتها وأسرارٍ لم تتطرق إليها من قبل.

كل ما يخطر على بال محبيها من أسئلة ردت عليها بعفوية معروفة بها. تتحدث عن بداياتها مع مسرح الراحل وسيم طبارة الذي انتقلت من بعده إلى مسرح الساعة العاشرة. كانت في السادسة عشرة من عمرها عندما حملت المسؤولية وأسهمت في مصاريف منزلها العائلي. ومن ثم انتقلت للمشاركة في برنامج «استوديو الفن». تدخل غرفة الأغراض القديمة في منزلها بالأشرفية، وتبرز شهادة نجاحها فيه. يومها فازت بالميدالية الفضية عن فئة الغناء الفولكلوري. كان ذلك عام 1992. تبحث عن الميدالية بين صناديق كثيرة تحمل ذكرياتها فلا تجدها. وتعلق: «وقّعت يومها على اتفاق مع مخرج البرنامج سيمون أسمر يقضي بأن أعمل معه لعشر سنوات. ولكن بعد فترة فُسخ العقد لعدم اقتناعهم بموهبتي».

في كل إطلالة من إطلالاتها في الوثائقي توصل إليسا رسالة ما، وبكل شفافية وصدق وصراحة متناهية تعترف بما لها وما عليها. تقول: «لا أحد يستطيع مساعدتك للخروج من عزلتك. ابحث داخلك عن إيجابيات تسكنك تساعدك للوقوف من جديد».

خيبات كثيرة وإحباطات واجهتها إليسا. أصيبت بالسرطان وحاربته بالأمل. «أنا بطبعي إنسانية إيجابية، أرى الأمور من منظار التفاؤل. لذا كنت في كل مرة أقع ثم أقوم، لأنني لا أحب الاستسلام».

وثائقي «إتس أوكِ» عن الفنانة إليسا يعرض على «نتفليكس» (إنستغرام إليسا)
وثائقي «إتس أوكِ» عن الفنانة إليسا يعرض على «نتفليكس» (إنستغرام إليسا)

على الرغم من عقبات كثيرة واجهتها في بداياتها فنانة فإنها بقيت متمسكة بهدفها. «أدركت بأني أحب مهنة الغناء وقررت المضي نحوها مهما كلفني الأمر. لم تكن الطريق وردية أبداً فجاهدت وكافحت لأنجز ما أريد».

في واحدة من حلقات الوثائقي تأخذنا إليسا إلى ذكريات الطفولة وإلى دير للراهبات في بلدة فيطرون، حيث أدخلها والدها إلى مدرسة داخلية، وبقيت هناك من عمر 8 لغاية 16 عاماً، تتفقده مع شقيقتها التي رافقتها في إقامتها هناك. تمشي في ملعب الدير تمثل إنها تركل الكرة كما في الماضي. تسأل عن الأختين حنا وسميرة، الراهبتين اللتين تتذكرهما من مشوارها هناك. وتكتشف أن الأولى توفيت، فيما التقت بالثانية في دير آخر.

أكثر من مرة تأثرت إليسا ولم تحاول إخفاء دموعها عن المشاهد. أما أكثر المواقف التي أجهشت فيها بالبكاء فكانت عندما تذكرت والدها الراحل زكريا. كان سندها ومشجعها وكاتم أسرارها، وتخبر محدثتها: «كان كريم النفس معطاء إلى آخر حدود، مثقفاً وصاحب معلومات واسعة يدرّس الأدب العربي ويكتب الشعر». عبره رسمت صورة لرجل حياتها فحلمت به وبحثت عنه ولكنها لم توفق كما تقول.

في الحلقات الثلاث من «إتس أوكِ»، ورغم تحدّثها عن مسيرة حياتها وما صادفته من مشكلات وإحباطات، فإنها أيضاً تبهر المشاهد بصلابتها. امرأة فولاذية بامتياز، كانت تدرك في قرارة نفسها أن كل ما تتوخاه من هذه الحياة، ستحصل عليه بفعل إرادتها.

لعل المرة الوحيدة التي خانها فيها قدرها تمثلت في علاقة عاطفية وصفتها بـ«السامة»، فدمرتها وقضت على واحد من أهم أحلامها وهي أن ترزق بطفل وتصبح أماً. وتوضح بجرأة: «كانت علاقة مسمومة لا أعرف كيف تحملتها، أصابتني بالكآبة. كنت في تلك المرحلة مستعدة للزواج ولإنجاب أطفال. بيد أن تمنياتي كلّها ذهبت سدى عندما اكتشفت حقيقة هذا الشخص وخداعه وكذبه عليّ. بعدها مباشرة أصبت بمرض السرطان. ومع أول جرعة هرمونات ابتلعتها في علاجي، انتقلت إلى مرحلة (المينوبوز) (انقطاع الحيض) فكانت الرسالة واضحة بأن حلمي بأن أصبح أمّاً ذهب ولن يعود».

تدرك بأن الحياة لا يمكنها «أن تعطينا كل شيء». هي إليسار خوري التي تحوّلت إلى إليسا النجاح والشهرة. قهرت التنمر والانسلاخ عن الأسرة، استوقفها الحنين والموت. صمدت وتصدت ومضت بثقة في طريق مليء بالعقبات وصفعات القدر.

تعلن في «الوثائقي» عن قصة حب تعيشها (إنستغرام إليسا)
تعلن في «الوثائقي» عن قصة حب تعيشها (إنستغرام إليسا)

في الوثائقي تُدخل إليسا المشاهد بيتها وغرفة نومها. ونتعرف في الحلقة الأولى من الوثائقي على والدتها وشقيقتها وأولادها. وعن دور إليسا في حياتها ترد الوالدة «إنها فرحة البيت ومدبرته من ألفه إلى يائه، لطالما كانت مميزة بين أخوتها وأخواتها والجميع يحبها».

تعترف بأنها أدمنت في مرحلة ما على حِقَن «الفيلر» التجميلية. لكنها ما لبثت أن قررت التخلص من وجه كانت عندما تقف أمام المرآة لا تستطيع التعرف إليه.

«إتس أوكِ» هي عبارة بالإنجليزية اشتهرت بها إليسا في كل مرة سُئلت عن رد فعل أو موقف ينتقدها. وفي الوثائقي نكتشف أنها لا تلفظها محط كلام فقط، بل أنها تعني كل حرف منها. فهي لا تتوقف عند عقبة أو مطبٍّ، بل تكمل طريقها تصارع أمواج الحياة التي تتكسر عند أقدامها حين تقول «سأكمل الطريق It’s ok».

تعترف بأنها تحب مدينة باريس ونزور معها بيتها هناك مع من تعدّها ابنتها بالتبني أنجيلينا ساويرس. وتقول إنها هناك تشعر بالحرية والراحة فتتصرف على سجيتها كأي مواطنة عادية؛ «ولكن حبي الأول والأخير يبقى لبلدي لبنان، ولا أستطيع أن أعيش بعيدة عنه. ففيه أرتاح وأشعر أني عدت إلى الحياة من جديد. أشبه نفسي بأرض وطني الصلبة التي رغم كل الويلات التي مرت عليها بقيت صامدة».

كثيرة هي المحطات التي تمر عليها إليسا في هذا الوثائقي الذي قدمته كرسيَّ اعتراف تحكي فيه عن الحلو والمرّ في حياتها، وعن أخطاء اقترفتها وعن خيبات أمل عاشتها بحيث لا يستطيع المشاهد حصرها. لكن بعض المشاهد تبقى محفورة بالذاكرة وهي تلك التي تصورها موجوعة ومتألمة بسبب المرض. وفي أخرى نراها متوهجة في حفلاتها أو أثناء تصوير كليب لها. فالنكسة الصحية التي أصابتها أثّرت على أجزاء من جسدها بفعل العلاج. قدماها باتتا لا تتحملان حذاء الكعب العالي. أما ساعدها فتورم إثر ذيول انتفاخ الغدة الليمفاوية عندها. ولجأت مرات إلى إخفائه أثناء وقوفها على المسرح. «اليوم ما عاد يهمني هذا الأمر، وماذا يعني أن يراه الناس منتفخاً؟ (It’s ok) فالموضوع لا يستأهل كل هذا القلق. فأنا تجاوزت مرحلة الخطر وأشكر رب العالمين لأني اليوم بصحة جيدة».

يستخلص مشاهد الوثائقي عبراً كثيرة من تجارب ومواقف عاشتها إليسا، فتحقنه بجرعات من القوة والإرادة وحب الحياة، ويستنتج أن كل هذه القوة عندها تستمدها من إيمانها برب العالمين. فهي أشارت إلى ذلك في أكثر من مشهد ولقطة تصويرية وكلام صدر عنها.

وتركز إليسا على أهمية الحب الحقيقي المحاطة به من قبل عائلتها وأصدقاء مقربين منها لم يتركوها في أي محنة مرت بها. «كانوا بمثابة الداعم الأكبر لي من دون شك. فالحب بشكل عام جميل، فكيف إذا كان صادقاً؟».

وتكشف في الحلقة الأخيرة من الوثائقي عن علاقة حب تعيشها حالياً، وتعدّها الأنجح في حياتها العاطفية. نسمع صوته يكلمها عبر الهاتف فهو يعيش في أميركا وتمر أشهر طويلة من دون أن يلتقيا. «رغم هذا البعد، فهو قريب جداً مني أرتاح حينما يكلمني. فهو رجل بكل ما للكلمة من معنى». وتخبرنا أنه رجل لفّ الشيب شعر رأسه وبأنها تحبه كثيراً. «قد يكون الرجال الذين تعرفت إليهم من قبل قد خانوني. لكنني متأكدة أن حبيبي اليوم وفي لي وأنا بنظره أجمل نساء الدنيا».


مقالات ذات صلة

اللبنانية الأولى نعمت عون تأمل أن يكون للنساء حصّة وازنة في التعيينات المقبلة

يوميات الشرق السيدة اللبنانية الأولى نعمت عون تلقي كلمتها في الأمم المتحدة

اللبنانية الأولى نعمت عون تأمل أن يكون للنساء حصّة وازنة في التعيينات المقبلة

أملت اللبنانية الأولى نعمت عون أن يكون للمرأة حصّةٌ وازنة في التَّعيينات التي تتَّجه الحكومة اللبنانية إلى إقرارها في الأشهر المقبلة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق ماريا برانياس موريرا حملت لقب أكبر معمرة في العالم (موقع «غينيس» للأرقام القياسية)

دراسة: أكبر معمرة في العالم حظيت بجينات تبقي خلاياها «أصغر سناً»

قالت امرأة معمرة، ولدت في الولايات المتحدة وكانت أكبر معمرة في العالم، قبل وفاتها عن عمر يناهز 117 عاماً، إن طول عمرها يعود إلى «الحظ والجينات الوراثية الجيدة».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق اتركوا الحيوانات البرّية في حالها (غيتي)

جدل لخَطْف مؤثِّرة أميركية صغير «الومبت» من أمّه في أستراليا

تعرَّضت المؤثِّرة الأميركية سام جونز لانتقادات حادة بعد نشرها مقطع فيديو تظهر فيه وهي تخطف صغير حيوان «الومبت» البرّي من أمّه المذعورة في أستراليا...

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مرض الزوجة يؤثر سلباً على العلاقة الزوجية (رويترز)

دراسة: مرض الزوجة يزيد خطر الطلاق

أظهرت دراسة جديدة أن مرض الزوجة يؤثر سلباً على العلاقة الزوجية ويزيد من خطر الطلاق بشكل أكبر من تأثير مرض الزوج على هذه العلاقة.

«الشرق الأوسط» (روما)
يوميات الشرق تعابيرها الحيّة مخيفة (مطبعة جامعة كمبردج)

دمى «مُخيفة وتكاد تتحرّك» من 2400 عام في السلفادور

اكتشف علماء آثار في أميركا الوسطى دمى طينية غريبة يعود تاريخها إلى 2400 عام، خلال عمليات تنقيب في موقع غير متوقَّع.

«الشرق الأوسط» (لندن)

اللبنانية الأولى نعمت عون تأمل أن يكون للنساء حصّة وازنة في التعيينات المقبلة

السيدة اللبنانية الأولى نعمت عون تلقي كلمتها في الأمم المتحدة
السيدة اللبنانية الأولى نعمت عون تلقي كلمتها في الأمم المتحدة
TT
20

اللبنانية الأولى نعمت عون تأمل أن يكون للنساء حصّة وازنة في التعيينات المقبلة

السيدة اللبنانية الأولى نعمت عون تلقي كلمتها في الأمم المتحدة
السيدة اللبنانية الأولى نعمت عون تلقي كلمتها في الأمم المتحدة

أكَّدت اللبنانية الأولى نعمت عون الالتزام باستكمال ورشة الإصلاحات وحَملات التَّوعية فيما خص حقوق المرأة التي بدأتها الحكومة بتعيين 5 وزيرات لتولِّي حقائب وزارية.

وأملت أن يكون للمرأة حصّةٌ وازنة في التَّعيينات التي تتَّجه الحكومة إلى إقرارها في الأشهر المقبلة، ممَّا يشكِّلُ فرصة حقيقية لتعزيز موقعِها في مراكز القرار.

ودعت الأمم المتحدة إلى دعم جهود لبنان في إزالة العوائق التي تقفُ في وجه المرأة اللبنانية، مشدِّدة على طموحها في إعادة لبنان إلى دوره الريادي في المساواة بين الجنسين في منطقة الشرق الأوسط.

مواقف اللبنانية الأولى جاءت خلال كلمة ألقتها ليل أمس في الدورة الـ69 لمؤتمر «وضع المرأة» في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، في حضور الوفد اللبناني المرافق الذي ضمّ المستشارة الدِّبلوماسية لرئيس الجمهورية السفيرة جان مراد، ومديرة مكتب اللبنانية الأولى هلا عبيد، وعضوة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية ناتالي زعرور. كما حضر القائم بأعمال بعثة لبنان لدى الأمم المتحدة هادي هاشم.

وقالت نعمت عون في كلمتها: «إنَّ مشاركةَ الوفد اللبناني في الدورة الـ69 للجنة (وضع المرأة) تعكِسُ إيمان لبنان بمبادئ خطة عمل بيجينغ، وإصرارَه على تطبيقِها». كما لفتت إلى أن الرجل اللبناني «يَحرصُ على الدِّفاع عن شرف أمه وأخته وزوجته وابنته، وينسى أحياناً أن الحفاظ على هذا الشَّرف لا يكتمل إلّا بمنح المرأة حقوقها الكاملة، وليس أقلها التعليم والتفكير الحرّ والصحة والعمل».

وتابعت: «جِئتُكُم من لبنان ليس فقط كسيّدةٍ أولى ترأس الهيئة الوطنية لشؤون المرأة، بل كزوجة، وأمّ، وجدّة، وموظَّفة، وربَّة منزل، ضحَّت من أجل أسرتها وطموحها، كما تُضحِّي جميع نساء لبنان، على الرغم من عدم اكتمال الأطر اللازمة لحماية حقوق المرأة! ومع ذلك تَصمُد نساء بلادي حتى في وجه الحروب التي حصدت آخرُها أرواح آلاف النساء والأطفال، وتركت وراءها إعاقات جسدية ونفسية، دون أن تؤثر على إرادتِها في الحياة!»، وأكملت: «وتَصمدُ نساء بلادي في وجه الفقرِ الذي يطال شريحة كبيرة من الشَّعب، مع كل ما يتفرّعُ عنه من تحديات».

وشرحت السيدة الأولى أنه على الرغم من الصمود شبه المنفرد، تحقَّقت خطوات إصلاحية في الماضي. عددت منها تعزيز الضمانات الاجتماعيَّة، إلى مكافحة العنف الأُسري والتحرّش الجنسي، عبر قوانين دعمتها الهيئة الوطنيَّة بالتعاون مع الجهات المعنية. وأضافت: «واليوم، أُجدِّد الالتزام بإكمال ورشةِ الإصلاحات وحملات التَّوعية التي بدأتها الحكومة بتعيين 5 وزيرات لتولِّي حقائب وزارية تؤثر تأثيراً مباشراً على حياةِ المرأة، ومنها التربية والتعليم العالي والشؤون الاجتماعية والبيئة والشباب والرياضة، وحتى السياحة التي هي الشريان الاقتصادي الأول في لبناني».

وذكرت السيدة الأولى أن الحكومة تتجه في الأشهر المقبلة لإجراء تعيينات لأكثر من نصف المراكز القيادية في الدولة، ويؤمل أن يكون للمرأة حصّة وازنة فيها، مما يشكّل فرصة حقيقية لتعزيز موقعها في مراكز القرار.

ودعت عون الأمم المتحدة، ممثَّلة في الأمين العام أنطونيو غوتيريش، إلى دعم جهود لبنان في إزالة العوائق التي تقف في وجه المرأة اللبنانية. وتوجَّهت إلى جميع الوفود المشاركة، لتعزز التعاون وتبادل الخبرات مع لبنان.

وختمت قائلة: «لا سلام، ولا أمن، ولا ديمقراطية، ولا ازدهار، من دون مجتمع يعترف بحقوقِ نسائه». كما شرحت أن الانتخابات البلدية والنيابية التي اقتربت، «تشكّل فُرصة لاختيار مسؤولين ومسؤولات يُؤمنون بدور المرأة ويعملون من أجله، كما من أجل إعادة لبنان إلى دوره الريادي في المساواة بين الجنسين بمنطقةِ الشرقِ الأوسط، بما يكرِّس رسالتَه الحضارية في نشر السلام والدفاع عن كرامةِ الإنسان».