«إتس أوكِ» وثائقي عن إليسا حديدية لم تكسرها خيبات الأمل

تفتح قلبها وتكشف أسرارها وعن قصة حب تعيشها

تبهر إليسا مشاهدها بصلابتها (إنستغرام إليسا)
تبهر إليسا مشاهدها بصلابتها (إنستغرام إليسا)
TT

«إتس أوكِ» وثائقي عن إليسا حديدية لم تكسرها خيبات الأمل

تبهر إليسا مشاهدها بصلابتها (إنستغرام إليسا)
تبهر إليسا مشاهدها بصلابتها (إنستغرام إليسا)

«إتس أوكِ» وثائقي من إنتاج «ديفرنت برودكشن» لمازن اللحام، يسرد قصة حياة الفنانة اللبنانية إليسا، تُعرض حلقاته الثلاث حصرياً على منصة «نتفليكس» وتروي فيها إليسا مراحل من حياتها وأسرارٍ لم تتطرق إليها من قبل.

كل ما يخطر على بال محبيها من أسئلة ردت عليها بعفوية معروفة بها. تتحدث عن بداياتها مع مسرح الراحل وسيم طبارة الذي انتقلت من بعده إلى مسرح الساعة العاشرة. كانت في السادسة عشرة من عمرها عندما حملت المسؤولية وأسهمت في مصاريف منزلها العائلي. ومن ثم انتقلت للمشاركة في برنامج «استوديو الفن». تدخل غرفة الأغراض القديمة في منزلها بالأشرفية، وتبرز شهادة نجاحها فيه. يومها فازت بالميدالية الفضية عن فئة الغناء الفولكلوري. كان ذلك عام 1992. تبحث عن الميدالية بين صناديق كثيرة تحمل ذكرياتها فلا تجدها. وتعلق: «وقّعت يومها على اتفاق مع مخرج البرنامج سيمون أسمر يقضي بأن أعمل معه لعشر سنوات. ولكن بعد فترة فُسخ العقد لعدم اقتناعهم بموهبتي».

في كل إطلالة من إطلالاتها في الوثائقي توصل إليسا رسالة ما، وبكل شفافية وصدق وصراحة متناهية تعترف بما لها وما عليها. تقول: «لا أحد يستطيع مساعدتك للخروج من عزلتك. ابحث داخلك عن إيجابيات تسكنك تساعدك للوقوف من جديد».

خيبات كثيرة وإحباطات واجهتها إليسا. أصيبت بالسرطان وحاربته بالأمل. «أنا بطبعي إنسانية إيجابية، أرى الأمور من منظار التفاؤل. لذا كنت في كل مرة أقع ثم أقوم، لأنني لا أحب الاستسلام».

وثائقي «إتس أوكِ» عن الفنانة إليسا يعرض على «نتفليكس» (إنستغرام إليسا)

على الرغم من عقبات كثيرة واجهتها في بداياتها فنانة فإنها بقيت متمسكة بهدفها. «أدركت بأني أحب مهنة الغناء وقررت المضي نحوها مهما كلفني الأمر. لم تكن الطريق وردية أبداً فجاهدت وكافحت لأنجز ما أريد».

في واحدة من حلقات الوثائقي تأخذنا إليسا إلى ذكريات الطفولة وإلى دير للراهبات في بلدة فيطرون، حيث أدخلها والدها إلى مدرسة داخلية، وبقيت هناك من عمر 8 لغاية 16 عاماً، تتفقده مع شقيقتها التي رافقتها في إقامتها هناك. تمشي في ملعب الدير تمثل إنها تركل الكرة كما في الماضي. تسأل عن الأختين حنا وسميرة، الراهبتين اللتين تتذكرهما من مشوارها هناك. وتكتشف أن الأولى توفيت، فيما التقت بالثانية في دير آخر.

أكثر من مرة تأثرت إليسا ولم تحاول إخفاء دموعها عن المشاهد. أما أكثر المواقف التي أجهشت فيها بالبكاء فكانت عندما تذكرت والدها الراحل زكريا. كان سندها ومشجعها وكاتم أسرارها، وتخبر محدثتها: «كان كريم النفس معطاء إلى آخر حدود، مثقفاً وصاحب معلومات واسعة يدرّس الأدب العربي ويكتب الشعر». عبره رسمت صورة لرجل حياتها فحلمت به وبحثت عنه ولكنها لم توفق كما تقول.

في الحلقات الثلاث من «إتس أوكِ»، ورغم تحدّثها عن مسيرة حياتها وما صادفته من مشكلات وإحباطات، فإنها أيضاً تبهر المشاهد بصلابتها. امرأة فولاذية بامتياز، كانت تدرك في قرارة نفسها أن كل ما تتوخاه من هذه الحياة، ستحصل عليه بفعل إرادتها.

لعل المرة الوحيدة التي خانها فيها قدرها تمثلت في علاقة عاطفية وصفتها بـ«السامة»، فدمرتها وقضت على واحد من أهم أحلامها وهي أن ترزق بطفل وتصبح أماً. وتوضح بجرأة: «كانت علاقة مسمومة لا أعرف كيف تحملتها، أصابتني بالكآبة. كنت في تلك المرحلة مستعدة للزواج ولإنجاب أطفال. بيد أن تمنياتي كلّها ذهبت سدى عندما اكتشفت حقيقة هذا الشخص وخداعه وكذبه عليّ. بعدها مباشرة أصبت بمرض السرطان. ومع أول جرعة هرمونات ابتلعتها في علاجي، انتقلت إلى مرحلة (المينوبوز) (انقطاع الحيض) فكانت الرسالة واضحة بأن حلمي بأن أصبح أمّاً ذهب ولن يعود».

تدرك بأن الحياة لا يمكنها «أن تعطينا كل شيء». هي إليسار خوري التي تحوّلت إلى إليسا النجاح والشهرة. قهرت التنمر والانسلاخ عن الأسرة، استوقفها الحنين والموت. صمدت وتصدت ومضت بثقة في طريق مليء بالعقبات وصفعات القدر.

تعلن في «الوثائقي» عن قصة حب تعيشها (إنستغرام إليسا)

في الوثائقي تُدخل إليسا المشاهد بيتها وغرفة نومها. ونتعرف في الحلقة الأولى من الوثائقي على والدتها وشقيقتها وأولادها. وعن دور إليسا في حياتها ترد الوالدة «إنها فرحة البيت ومدبرته من ألفه إلى يائه، لطالما كانت مميزة بين أخوتها وأخواتها والجميع يحبها».

تعترف بأنها أدمنت في مرحلة ما على حِقَن «الفيلر» التجميلية. لكنها ما لبثت أن قررت التخلص من وجه كانت عندما تقف أمام المرآة لا تستطيع التعرف إليه.

«إتس أوكِ» هي عبارة بالإنجليزية اشتهرت بها إليسا في كل مرة سُئلت عن رد فعل أو موقف ينتقدها. وفي الوثائقي نكتشف أنها لا تلفظها محط كلام فقط، بل أنها تعني كل حرف منها. فهي لا تتوقف عند عقبة أو مطبٍّ، بل تكمل طريقها تصارع أمواج الحياة التي تتكسر عند أقدامها حين تقول «سأكمل الطريق It’s ok».

تعترف بأنها تحب مدينة باريس ونزور معها بيتها هناك مع من تعدّها ابنتها بالتبني أنجيلينا ساويرس. وتقول إنها هناك تشعر بالحرية والراحة فتتصرف على سجيتها كأي مواطنة عادية؛ «ولكن حبي الأول والأخير يبقى لبلدي لبنان، ولا أستطيع أن أعيش بعيدة عنه. ففيه أرتاح وأشعر أني عدت إلى الحياة من جديد. أشبه نفسي بأرض وطني الصلبة التي رغم كل الويلات التي مرت عليها بقيت صامدة».

كثيرة هي المحطات التي تمر عليها إليسا في هذا الوثائقي الذي قدمته كرسيَّ اعتراف تحكي فيه عن الحلو والمرّ في حياتها، وعن أخطاء اقترفتها وعن خيبات أمل عاشتها بحيث لا يستطيع المشاهد حصرها. لكن بعض المشاهد تبقى محفورة بالذاكرة وهي تلك التي تصورها موجوعة ومتألمة بسبب المرض. وفي أخرى نراها متوهجة في حفلاتها أو أثناء تصوير كليب لها. فالنكسة الصحية التي أصابتها أثّرت على أجزاء من جسدها بفعل العلاج. قدماها باتتا لا تتحملان حذاء الكعب العالي. أما ساعدها فتورم إثر ذيول انتفاخ الغدة الليمفاوية عندها. ولجأت مرات إلى إخفائه أثناء وقوفها على المسرح. «اليوم ما عاد يهمني هذا الأمر، وماذا يعني أن يراه الناس منتفخاً؟ (It’s ok) فالموضوع لا يستأهل كل هذا القلق. فأنا تجاوزت مرحلة الخطر وأشكر رب العالمين لأني اليوم بصحة جيدة».

يستخلص مشاهد الوثائقي عبراً كثيرة من تجارب ومواقف عاشتها إليسا، فتحقنه بجرعات من القوة والإرادة وحب الحياة، ويستنتج أن كل هذه القوة عندها تستمدها من إيمانها برب العالمين. فهي أشارت إلى ذلك في أكثر من مشهد ولقطة تصويرية وكلام صدر عنها.

وتركز إليسا على أهمية الحب الحقيقي المحاطة به من قبل عائلتها وأصدقاء مقربين منها لم يتركوها في أي محنة مرت بها. «كانوا بمثابة الداعم الأكبر لي من دون شك. فالحب بشكل عام جميل، فكيف إذا كان صادقاً؟».

وتكشف في الحلقة الأخيرة من الوثائقي عن علاقة حب تعيشها حالياً، وتعدّها الأنجح في حياتها العاطفية. نسمع صوته يكلمها عبر الهاتف فهو يعيش في أميركا وتمر أشهر طويلة من دون أن يلتقيا. «رغم هذا البعد، فهو قريب جداً مني أرتاح حينما يكلمني. فهو رجل بكل ما للكلمة من معنى». وتخبرنا أنه رجل لفّ الشيب شعر رأسه وبأنها تحبه كثيراً. «قد يكون الرجال الذين تعرفت إليهم من قبل قد خانوني. لكنني متأكدة أن حبيبي اليوم وفي لي وأنا بنظره أجمل نساء الدنيا».


مقالات ذات صلة

ثلاثة أفلام تبحر في التاريخ غير البعيد

يوميات الشرق من اليسار فيصل بالطيور وأمير المصري ونسيم حميد بعد عرض «عملاق» في البحر الأحمر (أ.ف.ب)

ثلاثة أفلام تبحر في التاريخ غير البعيد

كلا الفيلمين يقدّمان مرآة لواقعٍ يطغى فيه اليأس على أحلام أبطاله، وسط سياق سياسي لا يتيح حياة طبيعية.

محمد رُضا (جدّة)
يوميات الشرق رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)

معرض «ديفا» حكايات الإبداع الإيطالي في تصميم المجوهرات

لا يشكّل معرض «ديفا» (رحلة في بريق المجوهرات الإيطالية) قصة عادية لفنانين مصمّمين، بل يروي حكاية شيّقة عن تاريخ هذا الفنّ اليدوي في إيطاليا.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)

أصغر تمثال في التاريخ... فنان بريطاني يصنع عملاً بحجم خلية دم

قال فنان متخصّص في الأعمال الميكروسكوبية إنه حطَّم رقمه القياسي العالمي السابق بعد ابتكار أصغر تمثال مصنوع يدوياً في التاريخ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تدور موضوعات لوحات بو فرح بين الخيال والواقع (الشرق الأوسط)

معرض «آي كلاود» لجولي بو فرح ريشة مغمسة بالحدس والعفوية

تستعير الفنانة التشكيلية جولي بو فرح في معرضها «آي كلاود» من الغيوم صورة شاعرية لأعمالها، فترسمها بريشة تتأرجح بين الواقع والخيال.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق روائح تحكُم قرارات الحياة والموت في عالم الحشرات (غيتي)

النمل يطلب موته بإرادته... اكتشاف رائحة «تعالوا واقتلوني» داخل المستعمرة

أكد علماء أنّ النمل الصغير المريض يُطلق رائحة معيّنة تستدعي النمل العامل للقضاء عليه من أجل حماية المستعمرة من العدوى...

«الشرق الأوسط» (لندن)

رقصة هندية تلهم الروبوتات تعلّم حركات اليد المعقدة

عرضٌ تجريبيٌّ في المختبر (جامعة ماريلاند)
عرضٌ تجريبيٌّ في المختبر (جامعة ماريلاند)
TT

رقصة هندية تلهم الروبوتات تعلّم حركات اليد المعقدة

عرضٌ تجريبيٌّ في المختبر (جامعة ماريلاند)
عرضٌ تجريبيٌّ في المختبر (جامعة ماريلاند)

استخلص باحثون في جامعة ماريلاند الأميركية بمقاطعة بالتيمور (UMBC) العناصر الأساسية لإيماءات اليد الدقيقة التي يستخدمها الراقصون في رقصة «بهاراتاناتيام» الهندية الكلاسيكية، ووجدوا «أبجدية» للحركة أغنى وأكثر ثراء مقارنةً بمسكات اليد الطبيعية.

ووفق دراستهم المنشورة في مجلة «ساينتفيك ريبورتس» (Scientific Reports)، يمكن لهذا العمل أن يُحسّن كيفية تعليم الروبوتات حركات اليد المعقدة، وأن يُوفر للبشر أدوات أفضل للعلاج الطبيعي.

ركّز رامانا فينجاموري، الأستاذ في جامعة ماريلاند بمقاطعة بالتيمور والباحث الرئيسي في هذا العمل، مختبره على فهم كيفية تحكم الدماغ في حركات اليد المعقدة.

ابتكر فينجاموري نهجاً جديداً لاستخلاص العناصر الأساسية من مجموعة واسعة من إيماءات اليد الدقيقة، المسماة «مودرا»، المستخدمة في الرقص الكلاسيكي الهندي لتعزيز عنصر سرد القصص في هذا الإطار الفني.

ويُطور الفريق البحثي حالياً تقنيات «لتعليم» الأيدي الروبوتية أبجديات الحركات وكيفية دمجها لإنشاء إيماءات يد جديدة، وهو ما يُمثل انحرافاً عن الأساليب التقليدية لتعليم الروبوتات تقليد إيماءات اليد، ويتجه نحو أسلوب جديد لكيفية عمل جسم الإنسان ودماغه معاً.

ويختبر الباحثون هذه التقنيات على يد روبوتية مستقلة وروبوت بشري، يعمل كل منهما بطريقة مختلفة ويتطلَّب نهجاً فريداً لترجمة التمثيلات الرياضية للتآزر إلى حركات جسدية.

يقول فينجاموري: «الأبجدية المُشتقة من مودرا أفضل بالتأكيد من أبجدية الفهم الطبيعي لأنها تُظهر قدراً أعلى من البراعة والمرونة».

وأضاف في بيان نُشر الخميس: «عندما بدأنا هذا النوع من الأبحاث قبل أكثر من 15 عاماً، تساءلنا: هل يُمكننا إيجاد أبجدية ذهبية يُمكن استخدامها لإعادة بناء أي شيء؟».

ووفق نتائج الدراسة يمكن استخدام هذا المفهوم لتفكيك تنوع مذهل من الحركات إلى عدد محدود من الوحدات الأساسية.

بحث الفريق عن العناصر الأساسية لحركات اليد وفهرستها (ساينتفيك ريبورتس)

وقبل أكثر من عقد من الزمان، بحث فينجاموري وشركاؤه عن العناصر الأساسية لحركات اليد وفهرستها، بالاعتماد على مفهوم يُسمى التآزر الحركي، إذ يُنسّق الدماغ حركات مفاصل متعددة باليد في آنٍ واحد لتبسيط الحركات المعقدة.

بدأ فينجاموري وطلابه بتحليل مجموعة بيانات تضم 30 مسكة يد طبيعية، تُستخدم لالتقاط أشياء تتراوح أحجامها بين زجاجات المياه الكبيرة وحبات الخرز الصغير.

اختبر الفريق بعد ذلك مدى قدرة التآزرات المستمدة من الإمساك الطبيعي على الجمع لإنشاء حركات يد غير مرتبطة مقارنةً بالتآزرات المستمدة من المودرا. وقد تفوقت التآزرات المستمدة من المودرا بشكل ملحوظ على تآزرات الإمساك الطبيعي باليد، وفق نتائج الدراسة.

يقول بارثان أوليكال، العضو المخضرم في مختبر فينجاموري الذي يسعى حالياً للحصول على درجة الدكتوراه في علوم الحاسوب: «عندما تعرَّفت على مفهوم التآزر، أصبح لدي فضول كبير لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا استخدامه لجعل اليد الروبوتية تستجيب وتعمل بطريقة اليد البشرية نفسها».

ويضيف: «لقد كان من دواعي سروري أن أُضيف عملي الخاص إلى جهود البحث، وأن أرى النتائج».

يستخدم الفريق كاميرا بسيطة ونظاماً برمجياً للتعرُّف على الحركات وتسجيلها وتحليلها، وهو ما يُسهم بشكل كبير في تطوير تقنيات فعالة من حيث التكلفة يمكن للناس استخدامها في منازلهم.

في نهاية المطاف، يتصوَّر فينجاموري ابتكار مكتبات من الأبجديات المُخصصة لمهام روبوتية مُحددة، يُمكن استخدامها حسب الاحتياجات، سواءَ كان ذلك إنجاز الأعمال المنزلية اليومية من بينها الطهي أو طيّ الملابس، أو أي شيء أكثر تعقيداً ودقة، مثل العزف على آلة موسيقية.


تكريم عمر خيرت في الدورة الأولى لـ«مهرجان الأوبرا» بقطر

الموسيقار المصري عمر خيرت (وزارة الثقافة المصرية)
الموسيقار المصري عمر خيرت (وزارة الثقافة المصرية)
TT

تكريم عمر خيرت في الدورة الأولى لـ«مهرجان الأوبرا» بقطر

الموسيقار المصري عمر خيرت (وزارة الثقافة المصرية)
الموسيقار المصري عمر خيرت (وزارة الثقافة المصرية)

يستهل «مهرجان الأوبرا العربية» فعاليات دورته الأولى في قطر بتكريم الموسيقار المصري عمر خيرت، وذلك برعاية وتنظيم «المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم» (الألكسو)، حيث اختيرت مصر ضيف شرف المهرجان بوصفها صاحبة أقدم دار أوبرا في العالم العربي.

وتنطلق الدورة الأولى للمهرجان بالتعاون مع المؤسسة العامة للحي الثقافي (كتارا) خلال الفترة من 8 حتى 10 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وقد تقرَّر تكريم عمر خيرت «تقديراً لعطائه وعرفاناً بدوره الرائد في إثراء ساحة الإبداع العربي»، وفق بيان لوزارة الثقافة المصرية. ويقدِّم «أوركسترا القاهرة السيمفوني» بقيادة المايسترو أحمد عاطف حفلاً يتضمن مجموعة من المؤلفات المصرية لكل من علي إسماعيل، وفؤاد الظاهري، ويوسف شوقي، وعمار الشريعي، وحسن أبو السعود، وعمر خيرت، وأندريا رايدر.

وعدَّ الدكتور علاء عبد السلام، رئيس «دار الأوبرا المصرية»، اختيار الأوبرا المصرية ضيف شرف الدورة الأولى «تأكيداً لأعرقيَّتها عربياً»، مشيراً إلى أن ذلك «يُبرز عمق العلاقات بين الأشقاء ويعكس التطلعات إلى مستقبل أكثر إشراقاً للفنون في المنطقة». وأضاف أن «احتضان دولة قطر للمهرجان خطوة ثقافية رائدة تعكس تقديرها للمسار الفني العربي، وتُبرز أهمية تلاقي التجارب والمؤسسات الفنية في فضاء واحد تُصاغ فيه مشروعات جديدة وتُفتح آفاق رحبة للتعاون والإبداع».

«دار الأوبرا المصرية» ضيف شرف «مهرجان الأوبرا» بقطر (وزارة الثقافة المصرية)

وقال الناقد الفني المصري أحمد السماحي إن «عمر خيرت يستحق هذا التكريم عن جدارة؛ فهو منذ بداياته يقدِّم نغمة مختلفة ومتجددة، وعمل على تطوير الموسيقى المصرية من خلال توزيعاته أولاً ثم من خلال مؤلفاته». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «خيرت من أوائل من ساهموا في تطوير التوزيع الموسيقي في الوطن العربي، ونجح في جذب أجيال واسعة، خصوصاً من الشباب، إلى الموسيقى، وقدّم ألبومات موسيقية خالصة بأسلوب متفرد حظيت بنجاح وانتشار كبيرين».

وقدّم عمر خيرت عدداً كبيراً من الألبومات والمقطوعات التي ارتبطت بالدراما والسينما، وغنَّى من أعماله نجوم الطرب في مصر والعالم العربي، مثل علي الحجار، ومحمد الحلو، ومدحت صالح، وحنان ماضي، ولطيفة. ومن أشهر مقطوعاته السينمائية «قضية عم أحمد»، و«إعدام ميت»، و«ليلة القبض على فاطمة»، و«عفواً أيها القانون»، ومن موسيقاه في الدراما «ضمير أبلة حكمت»، و«البخيل وأنا»، و«غوايش».

وكان مؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية، الذي عقد دورته الـ24 في الرباط (المغرب)، قد أقر إقامة «مهرجان الأوبرا العربية» في قطر، واختيرت «دار الأوبرا المصرية» ضيف شرف دورته الأولى بالنظر إلى أسبقيتها التاريخية، إذ أسَّست مصر أول دار أوبرا في الوطن العربي، وفق بيان وزارة الثقافة.

ويرى الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين أن «تكريم عمر خيرت في (مهرجان الأوبرا العربية) الأول يعكس القيمة الكبيرة التي يُمثِّلها في الموسيقى العربية، وليس المصرية فقط»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الاختيار موفَّق جداً، سواء في تكريم خيرت أو في اختيار (دار الأوبرا المصرية) ضيفَ شرفٍ بوصفها الأقدم عربياً».

أُنشئت «دار الأوبرا المصرية» عام 1869 على يد الخديو إسماعيل ضمن احتفالات افتتاح قناة السويس. وبعد أكثر من قرن كانت فيه الأوبرا الخديوية المنارة الثقافية الأبرز في الشرق الأوسط وأفريقيا؛ احترق مبناها في أكتوبر (تشرين الأول) 1971. ومن ثَمَّ اختيرت أرض الجزيرة مقراً للمبنى الجديد بالتنسيق مع هيئة التعاون الدولية اليابانية (JICA) والاتفاق على تصميم معماري إسلامي حديث، ليُفتتح المبنى الجديد في 10 أكتوبر 1988.


«حجر رشيد»... رحلة الأثر الذي فك طلاسم الحضارة المصرية

«حجر رشيد» فيلم وثائقي جديد بمكتبة الإسكندرية (مكتبة الإسكندرية)
«حجر رشيد» فيلم وثائقي جديد بمكتبة الإسكندرية (مكتبة الإسكندرية)
TT

«حجر رشيد»... رحلة الأثر الذي فك طلاسم الحضارة المصرية

«حجر رشيد» فيلم وثائقي جديد بمكتبة الإسكندرية (مكتبة الإسكندرية)
«حجر رشيد» فيلم وثائقي جديد بمكتبة الإسكندرية (مكتبة الإسكندرية)

تحت عنوان «حجر رشيد: مفتاح الحضارة المصرية»، أنتجت مكتبة الإسكندرية فيلماً وثائقياً جديداً هو الخمسون ضمن مشروع «عارف... أصلك مستقبلك» الذي يتناول موضوعات تاريخية وبيئية، ورموزاً في مجالات شتى، ويقدم رحلة بصرية شيقة تمزج بين دقة المعلومة التاريخية وسحر الحكاية.

الفيلم الأحدث بسلسلة الأفلام الوثائقية يتناول حجر رشيد؛ ليس كمجرد قطعة أثرية؛ بل كقصة حضارة خالدة ألهمت العالم أجمع، من خلال استعراض أن الحضارة المصرية قد بدأت قبل عملية التدوين.

يستعرض الفيلم تطور أنظمة الكتابة المصرية القديمة، عبر الخطوط الثلاثة المنقوشة على الحجر، وهي: الهيروغليفية (الرسم المقدس)، والهيراطيقية (خط الكهنة)، والديموطيقية (الخط الشعبي)، وصولاً إلى القبطية التي مثلت الجسر الصوتي للغة المصرية القديمة.

ويتتبع الفيلم رحلة الحجر الأثري، بدءاً من معبد «سايس» بمحافظة الغربية، ومروراً باستخدامه كحجر بناء في قلعة «قايتباي» ببرج رشيد خلال العصور الوسطى، حتى اكتشافه عام 1799 على يد الملازم الفرنسي بيار بوشار.

ويسرد الفيلم قصة الصراع اللاحق عليه بين القوات الفرنسية والإنجليزية، الذي انتهى بوجود الحجر في المتحف البريطاني حالياً.

ويُبرز الفيلم المعركة العلمية الطويلة التي دارت لفك طلاسم الحجر، مسلطاً الضوء على جهود العلماء الأوائل، مثل السويدي يوهان أكربلاد، والإنجليزي توماس يانغ. ويُظهر الوثائقي كيف نجح العبقري الفرنسي جان فرنسوا شامبليون في تحقيق الانتصار العلمي. ويكشف أن تفوق شامبليون جاء نتيجة إجادته للغة القبطية التي استخدمها لربط الصوت بالصورة في النصوص القديمة. ففي سبتمبر (أيلول) 1822، أعلن شامبليون نجاحه في فك أول رموز الكتابة المصرية القديمة. وبهذا الإنجاز، تحول حجر رشيد رسمياً من مجرد وثيقة ملكية قديمة للإعفاء من الضرائب إلى أيقونة عالمية، ومفتاح جوهري لفهم التراث الإنساني.

الكتابة المصرية القديمة ظلت لغزاً لزمن طويل (مكتبة الإسكندرية)

ووفق مدير مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي، بقطاع التواصل الثقافي في مكتبة الإسكندرية، الدكتور أيمن سليمان، فإن الاهتمام بإنتاج فيلم عن حجر رشيد يعود لأهمية هذا الحجر، ودوره في الكشف عن أسرار الحضارة المصرية القديمة، بعد فك طلاسم لغتها ومعرفة أبجديتها، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «فمن خلال لوحة تعود للعصر اليوناني– البطلمي عبارة عن مرسوم ملكي للإعفاء من الضرائب، وُضعت في كل المعابد تقريباً، نقل جزء منها لإعادة بناء قلعة قايتباي على نهر النيل بمدينة رشيد، استطاع العلماء فك رموز الكتابة المصرية»؛ لافتاً إلى أن عالم الآثار الفرنسي جان فرنسوا شامبليون (1790– 1832) استطاع أن يترجم ويكشف عن اللغة المصرية القديمة، نظراً لمعرفته اليونانية والقبطية، وبالمقارنة استطاع أن يترجم منطوق اللفظ والكلمة من الخط المصري القديم؛ سواء المقدس (الهيروغليفي) أو الخط الشعبي (الديموطيقي).

وقدمت سلسلة «عارف... أصلك مستقبلك» 49 فيلماً وثائقياً من قبل، من بينها أفلام: «وادي حيتان»، و«بورتريهات الفيوم»، و«أبو العباس المرسي»، و«الألعاب في مصر القديمة»، و«حديقة الزهرية»، و«توت عنخ آمون الملك الذهبي»، و«أمير الخرائط».